إليه إشارة حسّيّة (١) أو عقليّة (٢) ، فالحسّي [كقوله (٣) : لدى أسد شاكى السّلاح] أي (٤) تامّ السّلاح [مقذف (٥) أي رجل شجاع] أي قذف به كثيرا إلى الوقايع ، وقيل قذف باللّحم ورمى به فصار له جسامة ونبالة ، فالأسد ههنا مستعار للرّجل الشّجاع ، وهو أمر متحقّق حسّا [وقوله] أي والعقلى كقوله [تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(١) (٦) أي الدّين الحقّ] وهو ملّة الإسلام ، وهذا أمر متحقّق عقلا.
________________________________________________________
(١) أي لكونه مدركا بإحدى الحواسّ الخمس.
(٢) أي لكونه له ثبوت في نفسه ، وإن كان غير مدرك بإحدى الحواسّ الخمس بل بالعقل.
(٣) أي قول زهير بن أبي سلمى لدى أسد شاكي السّلاح ، وهو بكسر السّين ما يقاتل به في الحرب ، ف «شاكي» صفة مشبّهة أضيفت إلى الفاعل ، والإضافة لفظيّة لا تفيد تعريفا ، فلذا وقع صفة للنّكرة ، وهو مأخوذ من الشّوكة ، وهي بمعنى شدّة البأس ، والمعنى أنا عند أسد ، أي رجل شجاع ، فشبّه الرّجل الشّجاع بالحيوان المفترس ، وادّعي أنّه فرد من أفراده ، واستعير اسم المشبّه به للمشبّه على طريق الاستعارة التّصريحيّة التّحقيقيّة ، لأنّ المستعار له وهو الرّجل الشّجاع محقّق حسّا لإدراكه بحاسة البصر.
(٤) أي تفسير لشاكي السّلاح ، لأنّ تمام السّلاح عبارة عن كونه أهلا للأضرار.
(٥) أي وهو اسم مفعول من قذفه ، رمى به ، وهو يحتمل معنيين :
أحدهما : أنّه قذف به في الحروب ورمى به فيها كثيرا حتّى صار عارفا بها ، فلا تهوله ، هذا ما أشار إليه بقوله : «أي قذف به كثيرا إلى الوقايع».
وثانيهما : أنّه قذف باللّحم ورمى به ، أي زيد في لحمه حتّى صار له جسامة ، أي سمن ونبالة ، أي غلظ فصارت جثّته عظيمة.
(٦) أي الصّراط المستقيم في الأصل هو الطّريق الّذي لا اعوجاج فيه ، واستعير لأمر عقلي ، أي الدّين الحقّ بعد تشبيهه به ، واستعارة تصريحيّة تحقيقيّة ، ووجه الشّبه هو التّوصل إلى المطلوب في كلّ ، وإنّما كانت تحقيقيّة ، لأنّ المستعار له وهو الدّين الحقّ محقّق عقلا ، لأنّ المراد بالدّين الحقّ ملّة الإسلام ، بمعنى الأحكام الشّرعيّة ، وهي لها تحقّق وثبوت في نفسها.
__________________
(١) سورة الحمد : ٦.