ولا يذهب عليك أنّ ما جوّزه الشارع من القطع بسبب عروض عارض ، ومن ضرورة أو دفع ضرر ، قليلاً كان أو كثيراً ، أو مثل ذلك ؛ فقصده لا يضرّ مثل أن يقصد حال الصلاة أنّه لو أشرف الصبي على البئر فأقطع صلاتي فأُنقذه بالاتفاق ، لأنّه مما جوّزه الشارع ، وليس القطع هناك على وفق هواه.
وعندي أنّه لا فرق بين قصد الخروج وبين قصد فعل المنافي ، والمنقول عن المشهور أنّه لا يبطل إذا لم يفعل.
وربّما بُني هذا على تنافي إرادة الضدّين وعدمه ، وليس بشيء ، لأنّه لا شك في التنافي مع الاستشعار بالضديّة ، فقصد فعل المنافي يستلزم قصد الخروج ، فتنتفي الاستدامة الحكميّة ، فتبطل الصلاة.
وأما مع الغفلة فالظاهر عدم البطلان ما لم يفعل ، ولعلّه خارج عن موضوع المسألة. هذا كلّه فيما لو قصد الخروج أو فعل المنافي.
وأما لو قصد بجزء من أجزاء الصلاة غيره ، مثل أن يقصد بالتكبير التنبيه ، وبالركوع أخذ شيء ، أو أراد به الرياء ، فأطلق الحكم بالبطلان حينئذٍ جماعة من الأصحاب (١).
والحقّ أنّه إن قصد الصلاة به أيضاً ؛ فإن كان ركناً تبطل الصلاة مطلقاً لنقصان الركن لو لم يعد ، لأنّ المطلوب هو ما كان خالصاً لله ، وزيادته لو أعاد سواء كان ناسياً أو عامداً.
وإن لم يكن ركناً فيحتمل البطلان أيضاً مطلقاً ، لخروجه عن الموظّف ، وعدم المعهوديّة من الشرع ، وذلك كما إذا أراد من القراءة التنبيه أو الرّياء أو غير ذلك.
وتحتمل الصحّة لو أعاد إن لم يصر فعلاً كثيراً ، ولم نقل ببطلان الصلاة بتكرار الواجب ، أو بالزيادة على السورة ، ومثل ذلك ، وقلنا بأنّه يصدق عليه أنّه قرأ
__________________
(١) منهم العلامة في القواعد ١ : ٢٧٠ ، والكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٢٦.