والجواب بأنّ العينيّة مرفوعة في حال الغيبة بالإجماع ، كما صرّح به بعض نقلته (١) يدير الكلام السابق ، لأنّ رفع الفصل يستلزم رفع الجنس. اللهم إلّا أن يجعل ذلك تتميم الاستدلال بالروايتين السابقتين ، فترتفع مؤنة دعوى عدم القول بالفصل.
ولو لا دعوى الإجماع على رفع العينيّة في حال الغيبة لقوي القول بها على ذلك ، لعدم منافاته للإجماع على أصل الاشتراط.
ولعلّ التتميم المذكور هو السّرّ في دعوى بعض المحقّقين الإجماع على اشتراط الجواز بالفقيه العادل (٢) ، ونسب دعوى الإجماع إلى جماعة من علمائنا (٣).
ولم نقف على تصريحهم بذلك ، وإن كان ليس أصل الدّعوى بذلك البعيد كما يظهر من تتبّع كلماتهم.
والإشكال والخلاف في موافقة الغائبين للحاضرين في الخطابات الشفاهيّة إنما هو في اشتراط الإمام أو نائبه وعدمه لا غير ، فمع ثبوت النيابة في الفقيه لا تبقى هذه المخالفة ، مع أنّها ليست بمنحصرة في خطاب المشافهة.
ولا بدّ أن يُحمل كلامه على الأعمّ من مباشرة الفقيه بنفسه كما يقتضيه عموم النيابة ، ويظهر من رُخصة الإمام عليهالسلام لزرارة بدون تعيين شخص معيّن أيضاً ، فتكفي رخصته لمن له أهليّة الإمامة. فحينئذٍ عدم اشتراط الفقيه مطلقاً خلاف الاحتياط.
وكيف كان ؛ فالاحتياط في الجمع بينهما ، لاشتغال الذمّة أوّل الظهر بأحدهما يقيناً ، خروجاً عن احتمال الوجوب عيناً ، كما ادّعاه جماعة من متأخّري
__________________
(١) جامع المقاصد ٢ : ٣٧٥.
(٢) رسالة صلاة الجمعة (رسائل المحقّق الكركي) ١ : ١٦٣ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٧٩.
(٣) جامع المقاصد ٢ : ٣٧٩.