وربّما يرجح الأوّل لكونه تحقيقاً.
وربّما يرجح الثاني لأظهريّته من الأخبار (١) ، يعني أنّ بيان الفرسخ مجمل فيها.
وفيه : أنّه يرجع فيه إلى اللغة والعرف ، فلا إجمال كما بيّنا سابقاً.
والمعتبر في السير هو سير الإبل القطار والقوافل ، لحسنة الكاهلي (٢) ، وموثّقة عبد الرحمن بن الحجّاج (٣).
والمعتبر الأرض المتوسّطة والسير المتوسّط واليوم المتوسّط.
وعلى البناء على التقدير فلا فرق بين سرعة السير وبطئه ، فلو قطع راكب السفينة المسافة في ساعة يقصّر ، كما لو قطعها راكب الفرس في البرّ أربعة أيّام.
وأما لو قطع المسافة في سنة مثلاً فلا ، لخروجه عن اسم المسافر عرفاً كما ذكره في الذكرى ، وجعل من ذلك ما لو قارب بلده وتعمّد ترك الدخول وبقي في قرى تقاربه زماناً يخرج به عن اسم المسافر (٤).
الثاني : القصد إلى المسافة المعهودة سواء كان عالماً بمقدارها تفصيلاً أو علم مجرّد الغاية.
وتظهر الثمرة فيما لو علم في أواخر المسافة بكونها ثمانية فيقصّر ، وإن بقي منها أقلّ من المسافة المشروطة ، لما ذكرنا من أنّ حكم القصر معلّق في الأخبار على مسافة ثمانية فراسخ ومسيرة يوم ونحوهما ، والألفاظ أسامٍ للأُمور النفس الأمريّة ، غاية الأمر عدم وجوب القصر إلّا بعد العلم ، وذلك لا ينافي عدم اشتراط العلم التفصيلي في القصد.
والمراد بالقصد : هو القصد الجازم بإيقاع السفر ، لا بوقوعه ، كما في قصد
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٤٩٠ أبواب صلاة المسافر ب ١.
(٢) الفقيه ١ : ٢٧٩ ح ١٢٦٩ ، التهذيب ٤ : ٢٢٣ ح ٦٥٢ ، الوسائل ٥ : ٤٩١ أبواب صلاة المسافر ب ١ ح ٣.
(٣) التهذيب ٤ : ٢٢٢ ح ٦٤٩ ، الوسائل ٥ : ٤٩٣ أبواب صلاة المسافر ب ١ ح ١٥.
(٤) الذكرى : ٢٥٧