ووجوب صلاة الجمعة في الجملة ممّا لا ريب فيه بالإجماع والكتاب (١) والسنّة المتواترة (٢) ، بل قد يُدّعى كونه بديهيّاً من الدّين.
والأمر والوجوب اللذان تضمّنتهما تلك الأدلّة وإن كان يتبادر منهما الواجب العينيّ المطلق ، ولكن جماعة من فقهائنا وهم عشرة على ما يحضرني الان ادّعوا الإجماع في مواضع عديدة من كلماتهم على كون وجوبها مشروطاً بحضور المعصوم أو نائبه الخاصّ (٣).
ويشير إليه قوله عليهالسلام في الصحيفة في دعاء يوم الأضحى ويوم الجمعة : «اللهم إنّ هذا المقام لخلفائك ..» (٤).
ومقتضى ذلك : عدم الجواز إذا لم يَحصل الشّرط ، لأنّ التحقيق أنّ انتفاء الفصل علّة لانتفاء الجنس ، ورفع الوجوب مستلزم لرفعِ الجواز ، إلّا أن يدّعى الإجماع على اشتراط العينيّة بذلك ؛ بحيث تدلّ تلك الدعوى على بقاء الجواز ، فيكون دليلاً جديداً ، وذلك غير معلوم من مدّعيه.
والقول بأنّ الإجماع على نفي العينيّة في صورة عدم الشّرط قرينة على أحد معنيي المشترك وهو التّخييري مدفوع بمنع الاشتراك أوّلاً كما مرّ ، وبعدم جواز استعمال المشترك في معنييه بالنّسبة إلى الواجد والفاقد كما هو التّحقيق ثانياً (٥).
__________________
(١) الجمعة : ٩.
(٢) انظر الوسائل ٥ : ١٢ أبواب صلاة الجمعة ب ٢ ، ٥.
(٣) منهم الشيخ في الخلاف ١ : ٦٢٦ مسألة ٣٩٧ ، وابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهية) : ٥٦٠ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٣٠٣ ، والمحقّق في المعتبر ٢ : ٢٧٩ ، والعلامة في المنتهي ١ : ٣١٧ ، والتحرير ١ : ٤٣ ، والشهيد في الذكرى : ٢٣٠ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٣٧١ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٨٥ ، والروضة البهية ١ : ٦٦٣ ، والمحقّق السبزواري في الذخيرة : ٢٩٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٢٤٢.
(٤) الصحيفة السجاديّة : ٣٥١.
(٥) انظر القوانين : ٦٧.