وألحق القطب الراوندي بالدماء الثلاثة دم نجس العين (١) ، ولم نقف له على ما يعتمد (٢) عليه.
وقد يخرّج له بأنّه بسبب ملاقاته لجسد نجس العين ، فلعلّه مبنيّ على أنّ عنوان ما دلّ على العفو عن الدم إنّما يفهم منه العفو عن نجاسة الدم من حيث إنّه دم ، نظير ما مرّ في وقوع الإنسان الكافر في البئر.
ولا ريب أنّ ما ذكره أحوط ، ولكن ابن إدريس نسبه إلى مخالفة الإجماع ، وقال : إنّه هدم وجرح لإجماع أصحابنا (٣).
ثمّ إنّهم اختلفوا في الدم المتفرّق على أقوال ، فالأكثر على وجوب إزالته إذا بلغ المجموع مقدار الدرهم على تقدير الاجتماع (٤).
واختار ابن إدريس (٥) والمحقّق في الشرائع (٦) عدم الوجوب.
وعن الشيخ في النهاية لا تجب إزالته ما لم يتفاحش (٧) ، وهو خيرة المعتبر (٨).
والأوّل أظهر ، لصحيحة عبد الله بن أبي يعفور (٩) ، فإنّ المتبادر منها هو أنّ الدم المسئول عنه إذا كان مقدار الدرهم حال كونه مقدّراً فيه الاجتماع تجب الإعادة.
وهذا ليس من باب الحال المقدّرة مثل قولهم : مررت برجل معه صقر صائداً به غداً ، حتّى يرد أنّه لا بدّ من مخالفة زمان الحال مع العامل فيها ، وما نحن فيه ليس
__________________
(١) نقله عنه في السرائر ١ : ١٧٧ ، والمختلف ١ : ٤٧٦ ، والتحرير ١ : ٢٤.
(٢) في «م» ، «ح» : نعتمد.
(٣) السرائر ١ : ١٧٧.
(٤) كابن حمزة في الوسيلة : ٧٧ ، والعلامة في المنتهي ١ : ١٧٣ ، والقواعد ١ : ١٩٣ ، والتحرير ١ : ٢٤.
(٥) السرائر ١ : ١٧٨.
(٦) الشرائع ١ : ٤٥.
(٧) النهاية : ٥٢.
(٨) المعتبر ١ : ٤٣١.
(٩) التهذيب ١ : ٢٥٥ ح ٧٤٠ ، الاستبصار ١ : ١٧٦ ح ٦١١ ، الوسائل ٢ : ١٠٢٦ أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ١.