ويظهر مما ذكرنا حال المجنون ، فلا يعتدّ به أيضاً إجماعاً.
ويشترط الإسلام أيضاً ، فلا يعتدّ بأذان الكافر أيضاً ، للإجماع ، ولما سيجيء في اشتراط الإيمان.
ولا ينافي الكفر التلفّظ بالشهادتين ، لأنّ ما دلّ على ثبوت الإسلام بذلك إنّما هو إذا كان على وجه الإقرار وفهم ذلك منه ، لا مطلق التكلّم ، لاحتمال الحكاية والاستهزاء وعدم فهم المعنى وغير ذلك ، مع أنّه قبل التكلّم بالشهادتين كان كافراً جزماً ، فينقص الأذان عن وظيفته.
وممّا ذكرنا يظهر ضعف ما قيل : إنّه يحكم بالإسلام بمجرّد ذلك ، لقوله عليهالسلام : «أُمرت أن أُقاتل الناس حتّى يقولوا : لا إله إلّا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم» (١).
ولا فرق فيما ذكرنا في عدم الاعتداد بين الاعتداد في دخول الوقت لذوي الأعذار أو مطلقاً على القول به وبين الاعتداد في أذان الصلاة ، خصوصاً مع الأخبار الكثيرة الواردة «أنّ المؤذّنين أُمناء ، وأنّ المؤذّن مؤتمن» (٢) والمراد أنّه لا بدّ أن يكون أميناً حتّى يجعل مؤذّناً ، لا أن كونه مؤذّناً يوجب الأمانة.
والأصحّ اشتراط الإيمان أيضاً ، لأنّ الأقوى بطلان عبادة المخالف ، للأخبار المستفيضة (٣) ، وإن قلنا بسقوط القضاء عنه ولحوق الثواب إيّاهم لو فعلوها صحيحة عندهم بعد استبصارهم.
ولموثّقة عمّار عن الصادق عليهالسلام : «لا يجوز أن يؤذّن إلّا رجل مسلم عارف ، فإن علم الأذان وأذّن به ولم يكن عارفاً لم يجز أذانه ولا إقامته
__________________
(١) عوالي اللآلي ١ : ٢٣٨ ح ١٥٤ ، وج ٢ : ٢٢٤ ح ٣٧ ، صحيح مسلم ١ : ٨٠ ح ٣٢ ـ ٣٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٢٩٥ ح ٣٩٢٧ ، ٣٩٢٨.
(٢) الوسائل ٤ : ٦١٨ أبواب الأذان ب ٣.
(٣) الوسائل ١ : ٩٠ أبواب مقدّمة العبادات ب ٢٩.