الأمر بالتمام لأجل التقيّة ؛ رواها الشيخ أيضاً بسند ضعيف (١).
وحمل أخبار التمام على التقية تأبى عنه ملاحظة نفس تلك الأخبار ، والتصريح بالتخيير في كثيرٍ منها ودلالة أكثرها على أنّ ذلك أمر مخصوص بتلك الأماكن ، ولا وجه لتخصيص التقيّة بها ، لأنّ العامّة يخيّرون بين القصر والإتمام مطلقاً من غير تفصيل ، مع تصريح رواية عبد الرحمن بن الحجّاج بأن ذلك ليس من أجل التقية ، بل لتحصيل الفضل (٢)
مع أنّه يمكن أن يقال : التقيّة في التقصير ، لأنّ ذلك الفرق من مذهب الشيعة أغرب من حتم القصر ، فهذه أيضاً مخالفة جديدة لهم ، والقصر كان معروفاً من مذهبهم ، فالتمام أولى بالتقيّة فيه.
مع أنّه يمكن أن يكون المراد في صحيحة معاوية بن وهب ردع الأصحاب عن تخلّفهم عن الناس في الصلاة ، لا عن مخالفتهم في القصر والإتمام.
وحمل الأخبار الكثيرة على صورة الإقامة أيضاً ممّا لا تقبله ملاحظة تلك الأخبار ، مع سهولة حمل أخبار الصدوق على الجواز ، أو على أنّ قصد الإقامة والإتمام مستحبّ آخر.
وبالجملة الأقوى أفضليّة التمام ، لأكثريّة رواياته وأصحيّتها وأوضحيّتها وموافقتها للأصحاب ، وإن كان الاحتياط في القصر ، سيّما ويظهر ممّا رواه في كامل الزيارات أنّ أجلّاء فقهاء الأصحاب كانوا يقصّرون (٣).
والأظهر اعتبار نيّة القصر والإتمام ، لتغاير ماهيّتهما ، وحكم جماعة من الأصحاب بعدمه (٤) ، وهو مشكل.
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٤٢٨ ح ١٤٨٥ ، والرواية ضعيفة بعبد الرّحمن فإنّه مشترك بين الضعيف والثّقة.
(٢) التهذيب ٥ : ٤٢٨ ح ١٤٨٦ ، الاستبصار ٢ : ٣٣٢ ح ١١٨٢ ، الوسائل ٥ : ٥٤٤ أبواب صلاة المسافر ب ٢٥ ح ٦.
(٣) كامل الزيارات : ٢٤٨ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٥٤٥ أبواب صلاة المسافر ب ١٨ ح ٣.
(٤) منهم المحقّق في المعتبر ٢ : ١٥٠ ، وصاحب المدارك ٤ : ٤٧٠.