والسهم الثاني المذكور المضاف إلى الرسول عليهالسلام ، له بصريح الكلام ، وهذان السهمان معا للرسول عليهالسلام في حياته ، ولخليفته القائم مقامه بعده.
فأمّا المضاف إلى ذي القربى ، فإنّما عنى به ولي الأمر من بعده ، لأنّه القريب إليه ، الخصيص به.
والثلاثة أسهم الباقية ، ليتامى آل محمّد عليهمالسلام ومساكينهم ، وأبناء سبيلهم ، وهم بنو هاشم خاصة ، دون غيرهم.
وإذا غنم المسلمون شيئا من دار الكفر ، بالسيف ، قسمه الإمام على خمسة أسهم ، فجعل أربعة منها بين من قاتل عليه ، وجعل السهم الخامس على ستة أسهم ، وهي التي قدّمنا بيانها ، ثلاثة منها ، له عليهالسلام ، وثلاثة للثلاثة الأصناف من أهله ، من أيتامهم ، ومساكينهم ، وأبناء سبيلهم ، والحجة في ذلك إجماع الفرقة المحقة عليه ، وعملهم به.
فإن قيل : هذا تخصيص لعموم الكتاب ، لأنّ الله تعالى يقول ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) (١) فأطلق ، وعمّ ، وأنتم جعلتم المراد بذي القربى واحدا ، ثمّ قال ( وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) وهذا عموم ، فكيف خصّصتموه ببني هاشم خاصّة؟.
فالجواب عن ذلك ، أنّ العموم قد يخصّ بالدليل القاطع ، وإذا كانت الفرقة المحقة ، قد أجمعت على الحكم الذي ذكرناه خصّصنا بإجماعهم ، الذي هو غير محتمل الظاهر المحتمل ، على أنّه لا خلاف بين الأمّة ، في تخصيص هذه الظواهر ، لأنّ إطلاق قوله تعالى : « ذي القربى » يقتضي عمومه ، قرابة النبي عليهالسلام ، وغيره ، فإذا خصّ به قرابة النبيّ عليهالسلام ، فقد عدل عن الظاهر ، وكذلك
__________________
(١) الأنفال : ٤١.