إليه طريقا إلى الأحكام الشرعية ، من حيث كان القياس يوجب الظن ، ولا يفضي إلى العلم. ألا ترى إنّا نظنّ بحمل الفرع في التحريم على أصل محرّم بشبه يجمع بينهما انّه محرّم مثل أصله ، ولا يعلم من حيث ظننا انّه يشبه المحرّم انّه محرّم ، ولذلك أبطلنا العمل في الشريعة بأخبار الآحاد ، لأنّها لا توجب علما ولا عملا ، وأوجبنا أن يكون العمل تابعا للعلم ، لأنّ خبر الواحد إذا كان عدلا فغاية ما يقتضيه الظن لصدقه ، ومن ظننت صدقه يجوز أن يكون كاذبا ، وإن ظننت به الصّدق ، فإنّ الظنّ لا يمنع من التجويز ، فعاد الأمر في العمل بأخبار الآحاد إلى أنّه إقدام على ما لا نأمن كونه فسادا وغير صلاح. قال : وقد تجاوز قوم من شيوخنا رحمهمالله في إبطال القياس في الشريعة ، والعمل فيها بأخبار الآحاد إلى أن قالوا : إنّه مستحيل من طريق العقول العبادة بالقياس في الأحكام ، وأحالوا أيضا من طريق العقول العبادة بالعمل بأخبار الآحاد ، وعوّلوا على أن العمل يجب أن يكون تابعا للعلم ، وإذا كان غير متيقن في القياس ، وأخبار الآحاد لم تجز العبادة بهما ، قال : والمذهب الصحيح هو غير هذا ، لأنّ العقل لا يمنع من العبادة بالقياس والعمل بخبر الواحد ، ولو تعبّد الله تعالى بذلك لشاع ولدخل في باب الصحة ، لأنّ عبادته تعالى بذلك توجب العلم الذي لا بدّ أن يكون العمل تابعا له ، فإنّه لا فرق بين أن يقول عليهالسلام : قد حرمت عليكم كذا وكذا فاجتنبوه ، وبين أن يقول : إذا أخبركم عني مخبر ، له صفة العدالة ، بتحريمه فحرّموه ، في صحة الطريق إلى العلم بتحريمه ، وكذلك إذا قال : لو غلب في ظنّكم شبه بعض الفروع ببعض الأصول في صفة ، يقتضي التحريم فحرّموه ، فقد حرّمته عليكم لكان هذا أيضا طريقا إلى العلم بتحريمه ، وارتفاع الشك والتجويز ، وليس متناول العلم هنا هو متناول الظن على ما يعتقده قوم لا يتأمّلون ، لأنّ متناول الظن هاهنا هو صدق الراوي إذا كان واحدا ، ومتناول العلم هو تحريم الفعل المخصوص الذي تضمّنه الخبر ، وما علمناه