ولو ان مسافرا دخل في صلاته ، بنيّة التقصير ، ثم نوى خلال ذلك الصلاة الإقامة ، أتم الصلاة ، فإن كان مقيما ، ودخل في الصلاة ، بنية الإتمام ، بعد ان كان صلّى صلاة على التمام ، ثم نوى السفر قبل فراغه منها ، لم يكن له القصر.
والروايات مختلفة ، فيمن دخل عليه وقت صلاة ، وهو حاضر فسافر ، أو دخل عليه الوقت ، وهو مسافر ، فحضر ، والأظهر بين محصلي أصحابنا ، أنّه يصلّى بحسب حاله وقت الأداء ، فيتم الحاضر ، ويقصّر المسافر ، ما دام في وقت من الصلاة ، وإن كان أخيرا ، فإن خرج الوقت لم يجز إلا قضاؤها بحسب حاله ، عند دخول أول وقتها.
وقال بعض أصحابنا في كتاب له : فإن خرج من منزله ، وقد دخل الوقت ، وجب عليه التمام ، إذا كان قد بقي من الوقت مقدار ما يصلّي فيه على التمام ، فإن تضيّق الوقت ، قصّر ولم يتمّم ، وإن دخل من سفره بعد دخول الوقت ، وكان قد بقي من الوقت ، مقدار ما يتمكن فيه من أداء الصلاة على التمام ، فليصل ، وليتمم ، وإن لم يكن قد بقي مقدار ذلك ، قصّر ، ذكر ذلك شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمهالله في نهايته (١) وهذا غير واضح ، ولا مستمر على أصول المذهب ، وانّما هو خبر أورده ، على جهة الإيراد لا الاعتقاد ، على ما اعتذرنا له فيما مضى.
وقد رجع عنه في مسائل خلافه فقال : مسألة : إذا خرج إلى السفر وقد دخل الوقت ، إلا أنّه مضى مقدار ما يصلّي الفرض أربع ركعات ، جاز له التقصير ، ويستحب له الإتمام ، وقال الشافعي : إن سافر بعد دخول الوقت ، فإن كان مضى مقدار ما يمكنه أن يصلّي فيه أربعا ، كان (٢) له التقصير ، قال : وهذا قولنا ، وقول الجماعة ، إلا المزني ، فإنّه قال : عليه الإتمام ، ولا يجوز
__________________
(١) النهاية : كتاب الصلاة ، باب الصلاة في السفر
(٢) ج : جاز له.