بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وقال علي بن محمد عليه‌السلام : من لم يكن والدا دينه محمد وعلى أكرم عليه من والدي نسبه(١) فليس من الله في حل ولا حرام ولا قليل ولا كثير(٢).

وقال الحسين بن على عليهما‌السلام : من آثر طاعة أبوي دينه محمد وعلي على طاعة أبوي نسبه قال الله عزوجل له : لاؤثرنك كما آثرتني ، ولاشرفنك بحضرة أبوي دينك كما شرفت نفسك بايثار حبهما على حب أبوي نسبك.

وأما قوله عزوجل : « وذي القربى » فهم من قراباتك من أبيك وامك قيل لك : اعرف حقهم كما اخذ به العهد على بني إسرائيل ، واخذ عليكم معاشر امة محمد بمعرفة قرابات محمد (ص) الذين هم الائمة بعده ، ومن يليهم بعد من خيار أهل دينهم(٣).

قال الامام عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من رعى حق قرابات أبويه اعطي في الجنة ألف درجة بعدما بين كل درجتين حضر الفرس الجواد المضمر مائة سنة إحدى الدرجات من فضة ، والاخرى من ذهب والاخرى من لؤلؤ ، والاخرى من زمرد ، والاخرى من زبرجد ، والاخرى من مسك ، والاخرى من عنبر والاخرى من كافور ، وتلك الدرجات من هذه الاصناف ، ومن رعى حق قربى محمد وعلي اوتي من فضل(٤) الدرجات وزيادة المثوبات على قدر زيادة فضل محمد وعلي على أبوي نسبه.

وقالت فاطمة عليها‌السلام لبعض النساء : ارضي أبوي دينك محمدا وعليا بسخط أبوي نسبك ، ولا ترضي أبوي نسبك بسخط أبوي دينك ، فإن أبوي نسبك إن سخطا أرضاهما محمد وعلي بثواب جزء من ألف ألف جزء من ساعة من طاعاتهما ، وإن أبوي دينك إن سخطا لم يقدر أبوا نسبك أن يرضياهما ، لان ثواب طاعات أهل

____________________

(١) في المصدر : من والدى نفسه.

(٢) في المصدر : ولا بكثير ولا قليل.

(٣) في المصدر : ومن يليهم بعدهم من خيار اهل دينهم.

(٤) في نسخة : من فضائل.

٢٦١

الدنيا كلهم لا تفي بسخطهما.

وقال الحسن بن علي عليهما‌السلام : عليك بالاحسان إلى قرابات أبوي دينك محمد وعلي ، وإن أضعت قرابات أبوي نسبك ، وإياك وإضاعة قرابات أبوي دينك بتلافي قرابات(١) أبوي نسبك ، فإن شكر هؤلاء إلى أبوي دينك : محمد وعلي أثمر لك من شكر هؤلاء إلى أبوي نسبك ، إن قرابات أبوي دينك إذا شكروك عندهما بأقل قليل نظرهما لك(٢) يحط ذنوبك ، ولو كانت ملاما بين الثرى إلى العرش ، وإن قرابات أبوي نسبك إن شكروك عندهما وقد ضيعت قرابات أبوي دينك لم يغنيا عنك فتيلا.

وقال علي بن الحسين عليهما‌السلام : حق قرابات أبوي ديننا محمد وعلى وأوليائهما أحق من قرابات أبوي نسبنا ، إن أبوي ديننا يرضيان عنا أبوي نسبنا وأبوي نسبنا لا يقدران أن يرضيا عنا أبوي ديننا : محمد وعلي صلوات الله عليهما.

وقال محمد بن علي عليهما‌السلام : من كان أبوا دينه ، محمد وعلى عليهما‌السلام آثر لديه و قراباتهما أكرم من أبوي نسبه وقراباتهما قال الله عزوجل : فضلت الافضل لاجعلنك الافضل ، وآثرت الاولى بالايثار لاجعلنك بدار قراري ومنادمة أوليائي أولى.

وقال جعفر بن محمد عليه‌السلام. من ضاق عن قضاء حق قربات أبوي دينه وأبوي نسبه وقدح كل واحد منهما في الآخر فقدم قرابة أبوي دينه على قرابة أبوي نسبه قال الله عزوجل يوم القيامة : كما قدم قرابة أبوي دينه فقدموه إلى جناني فيزداد(٣) فوق ما كان أعد له من الدرجات ألف ألف ضعفها.

وقال موسى بن جعفر عليه‌السلام وقد قيل له : إن فلانا كان له ألف درهم عرضت عليه بضاعتان يشتهيهما(٤) لا يتسع بضاعته لهما ، فقال : أيهما أربح لي؟ فقيل له : هذا

____________________

(١) في المصدر : قرابات ابوى دينك محمد وعلى ، فانه يتلافى قرابات ابوى نسبك.

(٢) في المصدر : فنظرهما لك.

(٣) في نسخة : فيزاد.

(٤) في المصدر : يشتريهما.

٢٦٢

يفضل ربحه على هذا بألف ضعف ، قال : أليس يلزمه في عقله أن يؤثر الافضل؟ قالوا : بلى ، قال : فهكذا إيثار قرابة أبوي دينك : محمد وعلي أفضل ثوابا بأكثر من ذلك ، لان فضله على قدر فضل محمد وعلي على أبوي نسبه.

وقيل للرضا عليه‌السلام : ألا نخبرك بالخاسر المتخلف؟ قال : من هو؟ قالوا : فلان باع دنانيره بدراهم أخذها فرد ماله عن عشرة آلاف دينار ، إلى عشرة آلاف درهم قال : بدرة باعها(١) بألف درهم ألم يكن أعظم تخلفا وحسرة؟ قالوا : بلى قال ألا انبئكم بأعظم من هذا تخلفا وحسرة ، قالوا بلى ، قال : أرأيتم لو كان له ألف جبل من ذهب باعها بألف حبة من زيف ألم يكن أعظم تخلفا وأعظم من هذا حسرة؟ قالوا : بلى ، قال : أفلا أنبئكم بأشد(٢) من هذا تخلفا ، وأعظم من هذا حسرة؟ قالوا : بلى ، قال : من آثر في البر والمعروف قرابة أبوي نسبه على قرابة أبوي دينه : محمد وعلي ، لان فضل قرابات وعلي أبوي دينه على قرابات أبوي نسبه أفضل من فضل ألف جبل ذهب على ألف حبة زائف.

وقال محمد بن علي الرضا عليهما‌السلام : من اختار قرابات أبوي دينه محمد وعلي عليهما‌السلام على قرابات أبوي نسبه اختاره الله تعالى على رؤوس الاشهاد يوم التناد وشهره بخلع كراماته وشرفه بها على العباد إلا من ساواه في فضائله أو فضله. وقال علي بن محمد عليهما‌السلام : إن من إعظام جلال الله إيثار قرابة أبوي دينك : محمد وعلي عليهما‌السلام على قرابات أبوي نسبك ، وإن من التهاون بجلال الله إيثار قرابات أبوي نسبك على قرابات أبوي دينك : محمد وعلي عليهما‌السلام. وقال الحسن بن علي عليهما‌السلام : إن رجلا جاع عياله فخرج يبغي لهم ما يأكلون فكسب درهما فاشترى به خبزا وأدما(٣) فمر برجل وامرأة من قرابات محمد وعلي

____________________

(١) في نسخة : قال : [ ارأيت لو باعها ] وفى المصدر : قال : بدرة باعها بالف درهم زيف.

(٢) في المصدر : أفلا انبئكم بمن هو اشد.

(٣) في المصدر : واداما.

٢٦٣

عليهما‌السلام فوجدهما جائعين فقال : هؤلاء أحق من قراباتي فأعطاهما إياهما ولم يدر بماذا يحتج في منزله ، فجعل يمشي رويدا يتفكر فيما يتعذر(١) به عندهم ويقول لهم : ما فعل بالدرهم إذا لم يجئهم بشئ فبينما هو متحير في طريقه إذا بفيج يطلبه فدل عليه فأوصل إليه كتابا من مصر وخمسمائة دينار في صرة ، وقال : هذه بقية حملته إليك من مال ابن عمك مات بمصر ، وخلف مائة ألف دينار على تجار مكة والمدينة وعقارا كثيرا ومالا بمصر بأضعاف ذلك ، فأخذ الخمسمائة دينار ووضع على عياله(٢) ، ونام ليلته فرأى رسول الله (ص) وعليا صلى الله عليهما فقالا له : كيف ترى إغناءنا لك لما آثرت قرابتنا على قرابتك؟ ثم لم يبق بالمدينة ولا بمكة ممن عليه شئ من المائة ألف دينار إلا أتاه محمد وعلي في منامه وقالا له : إما بكرت بالغداة على فلان بحقه من ميراث ابن عمه وإلا بكر عليك بهلاكك واصطلامك وإزالة نعمك وإبانتك من حشمك ، فأصبحوا كلهم وحملوا إلى الرجل ما عليهم حتى حصل عنده مائة ألف دينار ، وما ترك أحد بمصر ممن له عنده مال إلا وأتاه محمد وعلي عليهما‌السلام في منانه وأمراه أمر تهدد بتعجيل مال الرجل أسرع ما يقدر عليه ، وأتى محمد وعلي هذا المؤثر لقرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في منامه فقالا له : كيف رأيت صنع الله لك(٣)؟

قد أمرنا من بمصر أن يعجل إليك مالك ، أفنأمر حاكمها بأن يبيع عقارك وأملاكك ويسفتج إليك بأثمانها لتشتري بدلها من المدينة؟ قال : بلى ، فأتى محمد وعلي عليهما‌السلام حاكم مصر في منامه فأمراه أن يبيع عقاره ، والسفتجة بثمنه إليه ، فحمل إليه من تلك الاثمان ثلاثمائة ألف دينار ، فصار أغنى من بالمدينة. ثم أتاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا عبدالله هذا جزاؤك في الدنيا على إيثار قرابتي على قرابتك ، ولاعطينك في الآخرة بدل كل حبة(٤) من هذا المال في الجنة ألف قصر أصغرها أكبر من

____________________

(١) في المصدر : يعتل.

(٢) في المصدر : ووسع على عياله.

(٣) في المصدر : صنع الله بك

(٤) في نسخة : بكل حبة.

٢٦٤

الدنيا : مغرز كل إبرة منها خير من الدنيا وما فيها(١)

بيان : الحضر بالضم : العدو ، وقال الفيروزآبادي : الفتيل : السحاة التي في شق النواة ، وما أغنى عنك فتيلا ولا فتيلة شيئا ، والزيف : الدرهم المغشوش. والفيج بالفتح معرب بيك. وفي القاموس : السفتجة كقرطعة : أن تعطي مالا لاحد وللآخذ مال في بلد المعطى فيوفيه إياه ثم : فيستفيد أمن الطريق ، وفعله السفتجة بالفتح.

٩ ـ فس : في قوله تعالى : « الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق * و الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل(٢) » الآية. حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : إن رحم آل محمد معلقة بالعرش يقول : اللهم صل من وصلني ، واقطع من قطعني ، وهي تجري في كل رحم ، ونزلت هذه الآية في آل محمد(٣).

١٠ ـ شى : عن محمد بن الفضيل قال : سمعت العبد الصالح عليه‌السلام يقول : « والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل » قال : إن رحم آل محمد. وذكر مثله إلى قوله : في كل رحم(٤).

١١ ـ مع : ابن البرقي عن أبيه عن جده ، عن محمد بن خلف عن يونس عن عمرو بن جميع قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام مع نفر من أصحابه فسمعته وهو يقول : إن رحم الائمة عليهم‌السلام من آل محمد (ص) ليتعلق بالعرش يوم القيامة وتتعلق بها أرحام المؤمنين يقول : يا رب صل من وصلنا ، واقطع من قطعنا ، قال : فيقول الله تبارك وتعالى : أنا الرحمن وأنت الرحم ، شققت اسمك من اسمي فمن وصلك وصلته ومن قطعك قطعته ، ولذلك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الرحم شجنة من الله عزوجل(٥).

____________________

(١) التفسير المنسوب إلى الامام العسكرى : ١٣٣ ـ ١٣٥.

(٢) الرعد : ٢٠ و ٢١.

(٣) تفسير القمى : ٣٤٠.

(٤) تفسير العياشى ٢ : ٢٠٨.

(٥) معانى الاخبار : ٨٧.

٢٦٥

ايضاح : قال الجزري : فيه الرحم شجنة من الرحمان ، أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق ، شبه بذلك مجازا ، وأصل الشجنة بالضم والكسر : شعبة من غصن من غصون الشجرة.

١٢ ـ م : قال : وتفسير قوله عزوجل : « الرحمان » إن قوله : الرحمان مشتق من الرحم(١).

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : قال الله عزوجل : أنا الرحمان وهي الرحم ، شققت لها اسما من اسمي ، من وصلها وصلته ، ومن قطعها قطعته.

ثم قال علي عليه‌السلام : أو تدري ما هذه الرحم التي من وصلها وصله الرحمان ومن قطعها قطعه الرحمان؟ فقيل : يا أمير المؤمنين حث بهذا كل قول على أن يكرموا أقرباءهم(٢) ويصلوا أرحامهم ، فقال لهم : أيحثهم على أن يصلوا أرحام الكافرين وأن يعظموا من حقره الله وأوجب احتقاره من الكافرين؟ قالوا : لا ، ولكنه يحثهم(٣) على صلة أرحامهم المؤمنين ، قال : فقال : أوجب حقوق أرحامهم لاتصالهم بآبائهم وامهاتهم؟ قلت : بلى يا أخا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : فهم إذا إنما يقضون فيهم حقوق الآباء والامهات؟ قلت : بلى يا أخا رسول الله ، قال : فآباؤهم وامهاتهم إنما غذوهم في الدنيا ، ووقوهم مكارهها وهي نعمة زائلة ومكروه ينقضي ، ورسول ربهم ساقهم إلى نعمة دائمة لا تنقضي ، ووقاهم مكروها مؤبدا لا يبيد ، فأي النعمتين أعظم؟ قلت : نعمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أجل وأعظم وأكبر ، قال : فكيف يجوز أن يحث على قضاء حق من صغر الله حقه ، ولا يحث على قضاء حق من كبر الله حقه؟ قلت : لا يجوز ذلك ، قال : فإذا حق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعظم من حق الوالدين وحق رحمه أيضا أعظم من حق رحمهما ، فرحم رسول الله (ص) أولى بالصلة ، وأعظم

____________________

(١) في المصدر : مشتق من الرحمة.

(٢) في نسخة : آباءهم.

(٣) في المصدر : لكنه حثهم.

٢٦٦

في القطيعة ، فالويل كل الويل لمن قطعها ، والويل كل الويل لمن لم يعظم حرمتها أو ما علمت أن حرمة رحم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حرمة رسول الله (ص)؟ وأن حرمة رسول الله حرمة الله؟ وأن الله أعظم حقا من كل منعم سواه ، فان كل منعم سواه إنما أنعم حيث قيضه له ذلك ربه ووفقه(١) أما علمت ما قال الله لموسى بن عمران؟ قلت : بأبي أنت وامي ما الذي قال له؟ قال عليه‌السلام؟ قال الله تعالى : يا موسى أو تدري ما بلغت رحمتي إياك؟ فقال موسى : أنت أرحم بي من امي(٢) ، قال الله يا موسى : وإنما رحمتك امك لفضل رحمتي ، أنا الذي رفقتها(٣) عليك ، وطيبت قلبها لتترك طيب وسنها لتربيتك ، ولو لم أفعل ذلك بها لكانت وسائر النساء سواء ، يا موسى أتدري أن عبدا من عبادي(٤) تكون له ذنوب وخطايا تبلغ أعنان السماء فأغفرها له ولا ابالي؟ قال : يا رب وكيف لا تبالي؟ قال تعالى : لخصلة شريفة تكون في عبدي احبها : يحب إخوانه المؤمنين(٥) ، ويتعاهدهم ويساوي نفسه بهم ولا يتكبر عليهم ، فاذا فعل ذلك غفرت له ذنوبه ولا ابالي.

يا موسى إن الفخر ردائي(٦). والكبرياء إزاري ، من نازعني في شئ منهما عذبته بناري.

يا موسى إن من إعظام جلالي إكرام عبدي الذي أنلته حظا من حطام الدنيا عبدا من عبادي مؤمنا قصرت يده في الدنيا ، فإن تكبر عليه فقد استخف بعظيم جلالي.

ثم قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن الرحم التي اشتقها الله عزوجل(٧).

____________________

(١) في المصدر : [ حيث قيضه لذلك ربه ووفقه له ] اقول : قيضه الله له كذا : قدره له.

(٢) في المصدر : انت ارحم بى من أبى وامى.

(٣) في نسخة : رققتها عليك.

(٤) في المصدر : ان عبدا من عبادى مؤمنا.

(٥) في نسخة : [ الفقراء ] وفى المصدر : احبها ، وهى ان يحب اخوانه الفقراء المؤمنين.

(٦) في المصدر : [ ان العظمة ردائى ] وفيه : فمن نازعنى.

(٧) في المصدر : اشتقها الله من رحمته.

٢٦٧

بقوله : أنا الرحمان ، هي رحم محمد (ص) ، وإن من إعظام الله إعظام محمد وإن من إعظام محمد إعظام رحم محمد ، وإن كل مؤمن ومؤمنة من شيعتنا هو من رحم محمد ، وإن إعظامهم من إعظام محمد ، فالويل لمن استخف بحرمة محمد ، وطوبى لمن عظم حرمته وأكرم رحمه ووصلها(١).

بيان : الوسن محركة : ثقلة النوم أو أوله والنعاس.

١٣ ـ شى : عن العلا بن الفضيل عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : الرحم معلقة بالعرش تقول : اللهم صل من وصلني ، واقطع من قطعني ، وهي رحم آل محمد ورحم كل مؤمن ، وهي قول الله : والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل(٢).

١٤ ـ شى : عن عمر بن مريم قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله : « والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل » قال : من ذلك صلة الرحم وغاية تأويلها صلتك إيانا(٣).

١٥ ـ شى : عن سعد بن أبي جعفر عليه‌السلام « إن الله يأمر بالعدل والاحسان » قال : يا سعد إن الله يأمر بالعدل وهو محمد ، والاحسان وهو علي « وإيتاء ذي القربى » وهو قرابتنا ، أمر الله العباد بمودتنا وإيتائنا ، ونهاهم عن الفحشاء والمنكر من بغى على أهل البيت ودعا إلى غيرنا(٤).

١٦ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن أحمد بن هوذة عن إبراهيم بن إسحاق عن عبدالله بن خضيرة(٥) عن عمرو بن شمر عن جابر قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « ووالد وما ولد » قال : يعني عليا ، وما ولد من الائمة عليهم‌السلام(٦).

____________________

(١) تفسير العسكرى : ١٢ و ١٣ فيه : لمن استخف بشئ من حرمة محمد.

(٢) تفسير العياشى : ٢ : ٢٠٨.

(٣) تفسير العياشى ٢ : ٢٠٨.

(٤) تفسير العياشى ٢ : ٢٦٧. والاية في سورة النحل : ٩٠.

(٥) في المصدر : عبدالله بن حصيرة.

(٦) كنز جامع الفوائد : ٣٨٧. والاية في سورة البلد : ٣.

٢٦٨

١٧ ـ كنز محمد بن العباس عن علي بن عبدالله عن إبراهيم بن محمد عن إبراهيم بن صالح الانماطي عن منصور عن رجل عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله تعالى : « وأنت حل بهذا البلد » قال : يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت : « ووالد وما ولد » قال : علي وما ولد(١).

١٨ ـ كنز : محمد بن العباس عن الحسين بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يونس بن يعقوب عن عبدالله بن محمد عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال : يا أبا بكر قول الله عزوجل : « ووالد وما ولد » هو علي بن أبي طالب عليه‌السلام وما ولد الحسن والحسين عليهم‌السلام(٢).

١٩ ـ فر : جعفر بن محمد بن سعيد باسناده عن الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : « واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا » قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام هما الوالدان « وبذي القربى » قال : الحسن والحسين عليهما‌السلام(٣).

٢٠ ـ فر : الحسن بن الحكم باسناده عن ابن عباس في قوله تعالى : « واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام » قال : نزلت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذوي أرحامه ، و ذلك أن كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا من كان سببه ونسبه « إن الله كان عليكم رقيبا » أي حفيظا(٤).

٢١ ـ كا : الحسين بن محمد عن المعلى(٥) عن أحمد بن محمد بن عبدالله رفعه في قوله تعالى : « لا اقسم بهذا البلد * وأنت حل بهذا البلد * ووالد وما ولد »

____________________

(١) كنز جامع الفوائد : ٣٨٧ والاية في سورة البلد : ٣.

(٢) كنز جامع الفوائد : ٣٨٧ و ٣٨٨.

(٣) تفسير فرات : ٣١. فيه : [ فرات قال : حدثنى جعفر بن محمد بن سعيد الاحمسى معنعنا عن ابى جعفر عليه‌السلام ] والاية في سورة النساء : ٣٦.

(٤) تفسير فرات : ٣٢ فيه : [ بسببه ] وفيه : يعنى حفيظا.

(٥) في بعض نسخ المصدر : عن على بن محمد.

٢٦٩

قال : أمير المؤمنين وما ولد من الائمة عليهم‌السلام(١) ،

بيان : « لا اقسم » قيل : « لا » للنفي ، إذ الامر واضح ، أو المعنى اقسم ، و « لا » مزيدة للتأكيد ، أو لانا اقسم فحذف المبتداء واشبع فتحة لام الابتداء ، أو « لا » رد لكلام يخالف المقسم عليه « والبلد » مكة « وأنت حل » أي مستحل بعرضك فيه ، أو حلال لك أن تفعل فيه ما تريد ساعة من النهار ، فهو وعد بما أحل له عام الفتح.

وعن الصادق عليه‌السلام(٢) قال : كانت قريش تعظم البلد وتستحل محمدا (ص) فيه ، فقال : « لا اقسم بهذا البلد * وأنت حل بهذا البلد » يريد أنهم استحلوك فيه فكذبوك وشتموك. الحديث.

٢٢ ـ كا : الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن علي الحسين بن العبدي(٣) عن سعد الاسكاف عن الاصبغ بن نباته أنه سأل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن قوله تعالى : « أن اشكر لي ولوالديك ، إلي المصير » فقال : الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم وورثا الحكم وامر الناس بطاعتهما ، ثم قال الله : « إلي المصير » فمصير العباد إلى الله ، والدليل على ذلك الوالدان ، ثم عطف القول على ابن حنتمة وصاحبه فقال في الخاص والعام : وإن جاهداك على أن تشرك بي « يقول في الوصية وتعدل عمن امرت بطاعته فلا تطعهما » ولا تسمع قولهما ، ثم عطف القول على الوالدين فقال : « وصاحبهما في الدنيا معروفا » يقول : عرف الناس فضلهما وداع إلى سبيلهما ، وذلك قوله : واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم « فقال : إلى الله ثم إلينا ، فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين فان رضاهما رضا الله وسخطهما سخط الله.(٤) :

بيان : اللذين ولدا العلم ، أي صدر منهما علم الناس وميراثهما بعد

____________________

(١) اصول الكافى ١ : ٤١٤.

(٢) مجمع البيان : ١٠ : ٤٩٣.

(٣) في اسناد الحديث ضعف وجهالة.

(٤) اصول الكافى ١ : ٤٢٨ والايتان في سورة لقمان : ١٤ و ١٥.

٢٧٠

وفاتهما الحكمة ، فحقهما حق الحياة الروحانية ، فإن حياة الروح بالعلم والحكمة ، وحق والدي الجسم لمدخليتهما في الحياة الجسمانية منقضية بالموت ، وتلك باقية أبدية ، وميراث الاخيرين المال الذي لا ينتفع به إلا في الحياة الفانية ، وميراث الاولين العلم والحكمة الباقيان في ملك الابد ، فهما أولى بالذكر والشكر والطاعة ، والدليل على ذلك ، أي على أن المراد بالوالدين النبي والوصي صلى الله عليهما لفظ الوالدين ، فإن المجاز في التغليب ليس بأولى من المجاز في أصل الكلمة ، والمرجحات المذكورة ترجح الثاني ، فالحمل عليه أظهر ، و يحتمل إرجاع الاشارة إلى كون المصير إلى الله أو كيفية ، وعلى التقادير قوله : « حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين » يأبى عن هذا التأويل ، ويمكن أن يتكلف بوجوه :

الاول أن تكون جملة « حملته امه » معترضة لبيان أشدية حق الوالدين في العلم على والدي النسب بأن لهما مدخلية في التربية في زمان قليل في قوام البدن الفاني ، والوالدان الروحانيان حقوقهما باقية عليه ما بقي الدنيا وفي الآخرة أبدا.

والثاني أن يراد بالوالدين أولا المعنى الحقيقي ، وثانيا المعنى المجازي بتقدير عطف أو فعل ، بأن يكون الباء في « بوالديه » سببية لاصلة ، أي وصيناه بسبب رعاية والديه الجسمانيين ، ووجوب رعايتهما عقلا ونقلا الشكر لوالديه الروحانيين ، فإنهما أحرى بذلك ، ويؤيده ضم الشكر لله في الثاني دون الاول.

الثالث أن يكون ظهر الآية للوالدين الجسمانيين ، وبطنهما للروحانيين بتوسط أنهما أحق بذلك ، وهذا وجه قريب يجري في كثير من التأويلات الواردة في الآيات ، ثم عطف القول : أي صرف الكلام. ابن حنتمة : وهو عمر ، وصاحبه أبوبكر قال الفيروزآبادي : حنتمة بنت ذي الرمحين ام عمر بن الخطاب.

قوله عليه‌السلام : في الخاص والعام ، أي الخطاب متوجه إلى الرسول حيث جادلوه في الوصية إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ويعم الخطاب أيضا كل من كلفاه

٢٧١

الرجوع عن الولاية وأمراه بعدم قبولها ، أو في ظهر الآية الخطاب عام ، وفي بطنه خاص ، والاول أظهر ، فيكون ما ذكر بعده نشرا على ترتيب اللف ، فتدبر. وفي تفسير علي بن إبراهيم ليس قوله : والعام ، ولعله أظهر ، وبالجملة هذا من غرائب التأويل ، وعلى تقدير صدوره عنهم عليهم‌السلام من البطون العميقة البعيدة عن ظاهر اللفظ ، وعلمه عند من صدر عنه صلوات الله عليه(١).

٢٣ ـ كنز : محمد بن العباس عن محمد بن همام عن عبدالله بن جعفر عن الخشاب(٢) عن إبراهيم بن يوسف العبدي عن إبراهيم بن صالح عن الحسين بن زيد عن آبائه عليهم‌السلام قال : نزل جبرئيل على النبي (ص) فقال : يا محمد إنه يولد لك مولود تقتله امتك من بعدك ، فقال : يا جبرئيل لا حاجة لي فيه ، فقال : يا محمد إن منه الائمة والاوصياء(٣) قال : وجاء النبي (ص) إلى فاطمة عليهما‌السلام فقال لها : إنك تلدين ولدا تقتله امتي من بعدي ، فقالت : لا حاجة لي فيه ، فخاطبها ثلاثا ، ثم قال لها : إن منه الائمة والاوصياء ، فقالت : نعم يا أبت ، فحملت بالحسين فحفظها الله وما في بطنها من إبليس فوضعته لستة أشهر ولم يسمع بمولود ولد لستة أشهر إلا الحسين ويحيى بن زكريا عليهما‌السلام ، فلما وضعته وضع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لسانه في فيه فمصه ، ولم يرضع الحسين عليه‌السلام من انثى حتى نبت لحمه ودمه من ريق رسول الله وهو قول الله عزوجل : ووصينا الانسان بوالديه إحسانا حملته امة كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا(٤).

____________________

(١) تفسير القمى : ٤٩٥.

(٢) في المصدر : الحسن بن موسى الخشاب.

(٣) في المصدر : فقال : نعم ، قال.

(٤) كنز جامع الفوائد : ٣٠١. والاية في سورة الاحقاف : ١٥.

٢٧٢

١٦

باب

*(ان الامانة في القرآن الامامة)*

الايات : النساء « ٤ » : إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا « ٥٨ ».

الاحزاب « ٣٣ » : إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا « ٧٢ ».

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله في قوله تعالى : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » : فيه أقوال : أحدها أنها في كل من اؤتمن أمانة من الامانات فأمانات الله تعالى أوامره ونواهيه ، وأمانات عباده ما يأتمن بعضهم بعضا من المال وغيره ، عن ابن عباس وغيره ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام وأبي عبدالله عليهما‌السلام.

وثانيها : أن المراد به ولاة الامر ، أمرهم الله سبحانه أن يقوموا برعاية الرعية ، وحملهم على موجب الدين والشريعة.

ورواه أصحابنا عن الباقر والصادق عليهما‌السلام قال : أمر الله سبحانه كل واحد من الائمة أن يسلم الامر إلى من بعده.

ويعضده أنه سبحانه أمر الرعية بعد هذا بطاعة ولاة الامر ، فروي عنهم عليهم‌السلام أنهم قالوا آيتان إحداهما لنا والاخرى لكم ، قال الله سبحانه : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى اهلها » الآية. وقال : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم(١) ».

وهذا القول داخل في القول الاول ، لانه من جملة ما ائتمن الله سبحانه عليه

____________________

(١) النساء : ٥٩.

٢٧٣

الائمة الصادقين ، ولذلك قال أبوجعفر عليه‌السلام : إن أداء الصلاة والزكاة والصوم والحج من الامانة ، ويكون من جملتها الامر لولاة الامر بقسمة الغنائم والصدقات وغير ذلك مما يتعلق به حق الرعية.

وثالثها : أنه خطاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله برد مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة حين قبض منه يوم الفتح ، وأراد أن يدفعه إلى العباس ، والمعول على ما تقدم.

« وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل » أمر الله الولاة والحكام أن يحكموا بالعدل والنصفة « إن الله نعما يعظكم به » أي نعم الشئ ما يعظكم به من الامر برد الامانة والحكم بالعدل(١).

وقال البيضاوي في قوله عز شأنه : « إنا عرضنا الامانة » تقرير للوعد السابق بتعظيم الطاعة ، أي في قوله : « ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما(٢) » و سماها أمانة من حيث أنها واجبة الاداء ، والمعنى أنها لعظمة شأنها بحيث لو عرضت على هذه الاجرام العظام فكانت ذات شعور وإدراك لابين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان مع ضعف بنيته ورخاوة قوته ، لا جرم فاز الراعي لها والقائم بحقوقه بخير الدارين « إنه كان ظلوما » حيث لم يف بها ولم يراع حقوقها « جهولا » بكنه عاقبتها ، وهذا وصف للجنس باعتبار الاغلب. وقيل : المراد بالامانة الطاعة التي تعم الطبيعية والاختيارية ، وبعرضها استدهاؤها الذي يعم طلب الفعل من المختار وإرادة صدوره من غيره ، وبحملها الخيانة فيها والامتناع عن أدائها ، ومنه قولهم : حامل الامانة ومحتملها ، لمن لا يؤديها ، فتبرأ ذمته ، فيكون الاباء عنه إتيانا بما يمكن أن يتأتى منه ، والظلم والجهالة : الخيانة والتقصير.

وقيل : إنه تعالى لما خلق هذه الاجرام خلق فيها فهما ، وقال : إني فرضت فريضة وخلقت لمن أطاعني ، ونارا لمن عصاني ، فقلن : نحن مسخرات لما خلقتنا ، لا نحتمل فريضة ولا نبتغي ثوابا ولا عقابا ، ولما خلق آدم عرض عليه

____________________

(١) مجمع البيان ٣ : ٦٣.

(٢) الاحزاب : ٧١.

٢٧٤

مثل ذلك فحمله ، وكان ظلوما لنفسه بتحملها ما يشق عليها ، جهولا بوخاومة عاقبته ولعل المراد بالامانة العقل أو التكليف ، وبعرضها عليهن اعتبارها بالاضافة إلى استعدادهن ، وإبائهن الاباء الطبيعي هو عدم اللياقة والاستعداد ، وبحمل الانسان قابليته واستعداده لها ، وكونه ظلوما جهولا لما غلب عليه من القوة الغضبية والشهوية ، وعلى هذا يحسن أن يكون علة للحمل عليه ، فإن من فوائد العقل أن يكون مهيمنا على القوتين ، حافظا لهما عن التعدي ومجاوزة الحد ، ومعظم مقصود التكليف تعديلهما وكسر سورتهما(١).

١ ـ كنز : الحسين بن عامر عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله عزوجل : « إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض » الآية قال : يعني ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام(٢).

كا : محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين مثله(٣).

٢ ـ ير : ابن يزيد عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » قال : الامام إلى الامام ليس له أن يزويها عنه(٤).

٣ ـ ير : ابن معروف بن حماد بن عيسى عن ربعي عن الفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله(٥).

بيان : زواه عنه قبضه وصرفه.

٤ ـ ير : أحمد بن محمد عن الاهوازي عن محمد بن خالد عن ابن بكير عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله تعالى : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات

____________________

(١) انوار التنزيل.

(٢) كنز جامع الفوائد : ٢٤٥. فيه : يعنى بها.

(٣) اصول الكافى ١ : ٤١٣ فيه : اسحاق بن عمار عن رجل عن أبى عبدالله عليه‌السلام.

(٤) بصائر الدرجات : ١٤٠. قوله : يزويها اى يصرف الامامة والوصاية عن شخص عينه الله إلى الاخر.

(٥) بصائر الدرجات : ١٢٠.

٢٧٥

إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به » قال : فينا انزلت. والله المستعان(١).

٥ ـ ير : ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن ابن اذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله الله تعالى : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به » قال : إيانا عنى أن يؤدي الاول منا إلى الامام الذي يكون من بعده الكتب والسلاح « و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل » إذا ظهرتم أن تحكموا بالعدل الذي في أيديكم(٢).

٦ ـ ير : عباد بن سليمان عن سعد بن سعد وأحمد بن محمد عن الاهوازي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام في قول الله تعالى : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » قال : هم الائمة من آل محمد صلوات الله عليهم يؤدي الامانة إلى الامام من بعده ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه(٣).

ير : عمران بن موسى عن يعقوب بن يزيد عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل مثله(٤).

شى : عن محمد بن الفضيل مثله(٥).

٧ ـ ير : أحمد بن محمد عن ابن سنان عن إسحاق بن عمار عن ابن أبي يعفور عن معلى بن خنيس قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » قال : أمر الله الامام الاول أن يدفع إلى الامام بعده كل شئ عنده(٦).

٨ ـ ير : محمد بن عبدالحميد عن منصور بن يونس عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » قال : هو

____________________

(١ ـ ٤) بصائر الدرجات : ١٤٠.

(٥) تفسير العياشى ١ : ٢٤٩ فيه : يؤدى الامام الامامة إلى امام بعده.

(٦) بصائر الدرجات : ١٤٠.

٢٧٦

والله أداء الامانة إلى الامام والوصية(١).

ير : محمد بن عيسى عن صفوان عن منصور بن حازم عن أبي بصير مثله(٢).

٩ ـ ير : علي بن إسماعيل عن محمد بن عمرو عن يحيى بن مالك عن رجل من أصحابنا قال : سألته عن قول الله عزوجل : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » قال : الامام يؤدي إلى الامام ، قال : ثم قال : يا يحيى إنه والله ليس منه ، إنما هو أمر من الله(٣).

١٠ ـ ير : علي بن إسماعيل عن محمد البرقي عن علي بن داود بن مخلد البصري عن مالك الجهني قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل » فيمن نزلت؟ قلت : يقولون : في الناس ، قال : أفكل الناس يحكم بين الناس؟ اعقل فينا نزلت(٤).

١١ ـ ير : أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد الحلبي عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الامام يعرف بثلاث خصال : إنه أولى الناس بالذي قبله(٥) و عنده سلاح رسول الله ، وعنده الوصية ، وهو الذي قال الله تعالى : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » وقال : السلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل يدور الملك حيث دار السلاح ، كما كان يدور حيث دار التابوت(٦).

١٢ ـ شى : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام وأبي عبد الله عليه‌السلام مثله(٧).

____________________

(١ و ٢) بصائر الدرجات : ١٤٠.

(٣) بصائر الدرجات : ١٤٠ قوله : قال : « يا يحيى » لعل القائل هو الرجل الراوى عن الامام : او الامام عليه‌السلام نفسه. قوله : « ليس منه » اى ليس ذلك التأدية من عند نفسه بل هو بأمر من الله.

(٤) بصائر الدرجات : ١٤٠ فيه ، اعقل فيمن نزلت.

(٥) في المصدر : بالذى كان قبله.

(٦) بصائر الدرجات : ٤٩.

(٧) تفسير العياشى ١ : ٢٤٩ فيه : وهى التى قال الله تعالى في كتابه.

٢٧٧

١٣ ـ مع : ابن البرقي عن أبيه عن جده عن يونس قال : سألت موسى بن جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » فقال : هذه مخاطبة لنا خاصة ، أمر الله تبارك وتعالى كل إمام منا أن يؤدي إلى الامام الذي بعده ويوصي إليه ، ثم هي جارية في سائر الامانات ، ولقد حدثني أبي عن أبيه أن علي بن الحسين عليهم‌السلام قال لاصحابه : عليكم بأداء الامانة ، فلو أن قاتل أبي الحسين بن علي عليه‌السلام ائتمنني على السيف الذي قتله به لاديته إليه(١).

١٤ ـ شى : في رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل » قال : أمر الله الامام أن يدفع ما عنده إلى الامام الذي بعده ، وأمر الائمة أن يحكموا بالعدل ، وأمر الناس أن يطيعوهم(٢).

١٥ ـ شى : عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : « إن الله نعما يعظكم به » قال : فينا نزلت. والله المستعان(٣).

١٦ ـ نى : ابن عقدة عن يوسف بن يعقوب عن إسماعيل بن مهران عن ابن البطائني عن أبيه ووهب(٤) بن حفص معا عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات ألى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به » قال : هي الوصية ، يدفعها الرجل منا إلى الرجل(٥).

١٧ ـ نى : علي بن عبيد الله عن علي عن أبيه عن حماد بن عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : « إن الله يأمركم أن تؤدوا

____________________

(١) معانى الاخبار : ٣٧.

(٢ و ٣) تفسير العياشى ١ : ٢٤٩.

(٤) في النسخة المخطوطة : ووهيب بن حفص.

(٥) غيبة النعمانى : ٢٣ و ٢٤.

٢٧٨

الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل » قال : أمر الله الامام منا أن يؤدي الامانة إلى الامام بعده ، ليس له أن يزويها عنه ، ألا تسمع إلى قوله : « وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به » إنهم الحكام ، أو لا ترى أنه خاطب بها الحكام(١).

١٨ ـ فس : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » قال : فرض الله على الامام أن يؤدي الامانة إلى الذي أمره الله من بعده ، ثم فرض على الامام أن يحكم بين الناس بالعدل ، فقال : وإذا حكمتم بين الناس تحكموا بالعدل(٢).

١٩ ـ مع ، ن : الهمداني عن علي عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا » فقال : الامانة الولاية ، من ادعاها بغير حق فقد كفر(٣).

٢٠ ـ مع : ابن المتوكل عن الحميري عن ابن عيسى عن الحسن بن علي ابن فضال عن مروان بن مسلم عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا » قال : الامانة الولاية ، و الانسان أبوالشرور المنافق(٤).

بيان : على تأويلهم عليهم‌السلام يكون اللام في الانسان للعهد ، وهو أبوالشرور أي أبوبكر ، أو للجنس ومصداقه الاول في هذا الباب أبوبكر ، والمراد بالحمل الخيانة كما مر ، أو المراد بالولاية الخلافة وادعاؤها بغير حق ، فعرض ذلك على أهل السماوات والارض أو عليهما بأن بين لم عقوبة ذلك ، وقيل لهم : هل تحملون

____________________

(١) غيبة النعمانى : ٢٤ و ٢٥.

(٢) تفسير القمى : ١٢٩.

(٣) معانى الاخبار : ٣٨ ، عيون الاخبار : ١٧٠.

(٤) معانى الاخبار : ٣٨.

٢٧٩

ذلك؟ فأبوا إلا هذا المنافق وأضرابه ، حيث حملوا ذلك مع ما بين لهم من العقاب المترتب عليه.

أقول : سيأتي في ذلك خبر المفضل في باب إن دعاء الانبياء استجيب بالتوسل بهم.

٢١ ـ فس : قال علي بن إبراهيم في قوله عزوجل : « إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها » فقال : الامانة هي الامامة والامر والنهي ، والدليل على أن الامانة هي الامامة قوله عزوجل للائمة(١) : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » يعني الامامة ، والامانة الامامة(٢) عرضت على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها ، قال : أبين أن يدعوها أو يغصبوها أهلها « وأشفقن منها وحملها الانسان » أي الاول « إنه كان ظلوما جهولا » ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما(٣).

٢٢ ـ ير : محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن إسحاق بن عمار عن رجل عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : إن الله يقول : « إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا » قال : هي ولاية علي بن أبيطالب عليه‌السلام(٤).

كنز : محمد بن العباس عن الحسين بن عامر عن محمد بن الحسين مثله(٥).

كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين مثله(٦).

____________________

(١) في المصدر : في الائمة.

(٢) في المصدر : فالامامة هى الامانة.

(٣) تفسير القمى. ٥٣٥.

(٤) بصائر الدرجات : ٢٢.

(٥) كنز جامع الفوائد : ٢٤٥ [ لم يذكر فيه : عن رجل ] وفيه : قال : يعنى بها.

(٦) اصول الكافى ١ : ٤١٣.

٢٨٠