الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩
بيان : يكن أن يكون مبنيا على أن المراد بالامانة مطلق التكاليف ، و إنما خص الولاية بالذكر لانها عمدتها ، ويمكن أن يقرأ الولاية بالكسر بمعنى الامارة والخلافة ، فيكون حملها ادعاؤها بغير حق كما مر.
٢٤ ـ ير : أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن مفضل بن صالح عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تبارك وتعالى : « إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن » قال : الولاية أبين أن يحملنها كفرا بها(١) « وحملنا الانسان » والانسان الذي حملها أبوفلان(٢).
٢٥ ـ ير : أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد الحلبي عن أبي ـ
عبدالله عليهالسلام قال : إن الله عزوجل عرض ولايتنا على أهل الامصار فلم يقبلها إلا
أهل الكوفة(٣).
٢٦ ـ ير : ابن يزيد عن ابن سنان عن عتيبة بياع القصب عن أبي بصير قال : سمع أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إن ولايتنا عرضت على السماوات والارض والجبال والامصار ما قبلها قبول أهل الكوفة(٤).
٢٧ ـ قب : أبوبكر الشيرازي في نزول القرآن في شأن علي عليهالسلام بالاسناد عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن أمير المؤمنين عليهالسلام في قوله تعالى : « إنا عرضنا الامانة » عرض الله أمانتي على السماوات السبع بالثواب والعقاب فقلن : ربنا لا نحملنها(٥) بالثواب والعقاب ، لكنها نحملها بلا ثواب ولا عقاب ، وإن الله عرض أمانتي وولايتي على الطيور ، فأول من آمن بها البزاة البيض والقنابر ، وأول من جحدها البوم والعنقا ، فلعنهما الله تعالى من بين الطيور ، فأما البوم فلا تقدر أن تظهر
____________________
(١) في الصمدر : كفرا وعنادا بها.
(٢) بصائر الدرجات : ٢٢.
(٣) بصائر الدرجات : ٢٢.
(٤) بصائر الدرجات : ٢٢.
(٥) في المصدر : لا تحملنا.
بالنهار لبغض الطير لها ، وأما العنقاء فغابت في البحار لا ترى ، وإن الله عرض أمانتي على الارضين فكل بقعة آمنت بولايتي جعلها طيبة زكية ، وجعل نباتها وثمرتها حلوا عذبا ، وجعل ماؤها زلالا ، وكل بقعة جحدت إمامتي وأنكرت ولايتي جعلها سبخا(١) ، وجعل نباتها مرا علقما ، وجعل ثمرها العوسج والحنظل ، وجعل ماءها ملحا اجاجا ، ثم قال : « وحملها الانسان » يعني امتك يا محمد ولاية أمير المؤمنين وإمامته بما فيها من الثواب والعقاب « إنه كان ظلوما » لنفسه « جهولا » لامر ربه من لم يؤدها بحقها فهو ظلوم غشوم(٢).
٢٨ ـ فر : عبيد بن كثير معنعنا عن الشعبي عن قول الله تعالى : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » قال : أفولها ولا أخاف إلا الله ، هي والله ولاية علي بن أبي طالب عليهالسلام(٣).
٢٩ ـ فر : علي بن عتاب معنعنا عن فاطمة الزهراء عليهاالسلام قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لما عرج بي إلى السماء صرت إلى سدرة المنتهى فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأبصرته بقلبي ، ولم أره بعيني ، فسمعت أذانا مثنى مثنى ، وإقامة وترا وترا ، فسمعت مناديا ينادي : يا ملائكتي وسكان سماواتي وأرضي وحملة عرشي اشهدوا أني لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ، قالوا : شهدنا وأقررنا ، قال : اشهدوا لا ملائكتي وسكان سماواتي وأرضي وحملة عرشي أن محمدا عبدي ورسولي ، قالوا : شهدنا وأقررنا ، قال : اشهدوا يا ملائكتي وسكان سماواتي وأرضي وحملة عرشي أن عليا وليي وولي رسولي ، وولي المؤمنين بعد رسولي ، قالوا : شهدنا و أقررنا.
قال عباد بن صهيب : قال جعفر بن محمد ، قال أبوجعفر عليهالسلام : وكان ابن
____________________
(١) السبخة : ارض ذات نز وملح العلقم : الحنظل. وقيل ، إذا اشتدت مرارته ، و قيل : قثاء الحمار وكل شئ مر. العوسج : شجر الشوك له جناة حمراء.
(٢) مناقب آل أبى طالب ٢ : ١٤١ و ١٤٢.
(٣) تفسير فرات : ٣٠ و ٣١.
عباس إذا ذكر هذا الحديث فقال : أنا أجده(١) في كتاب الله : « إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا ».
قال : فقال ابن عباس رضياللهعنه : والله ما استودعهم دينارا ولا درهما ولا كنزا من كنوز الارض ، ولكنه أوحى إلى السماوات والارض والجبال من قبل أن يخلق آدم عليهالسلام أني مخلف فيك الذرية : ذرية محمد (ص) ، فما أنت فاعلة بهم؟ إذا دعوك فأجيبيهم وإذا آووك فآويهم ، وأوحى إلى الجبال : إذا دعوك فأجيبيهم وأطيعي على عدوهم(٢) فأشفقن منها السماوات والارض والجبال عما سأله الله من الطاعة فحملها بنو آدم فحملوها قال عباد : قال جعفر عليهالسلام : والله ما وفوا بما حملوا من طاعتهم(٣).
٣٠ ـ أقول : قال السيد ابن طاووس في كتاب سعد السعود : رأيت في تفسير منسوب إلى الباقر عليهالسلام في قوله تعالى : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » قال : هذه الآية في أمر الولاية أن تسلم إلى آل محمد صلىاللهعليهوآله(٤).
١٧
باب
*(وجوب طاعتهم ، وأنها المعنى بالملك العظيم ، وأنهم)*
*(اولو الامر ، وأنهم الناس المحسودون)*
الايات : النساء « ٤ » : أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا « ٥٤ و ٥٥ » ،
____________________
(١) في المصدر انى لاجده.
(٢) في المصدر : واطبقى على عدوهم.
(٣) تفسير فرات : ٣١.
(٤) سعد السعود : ١٢٢.
وقال تعالى : يا أيها الناس آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله وإلى الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا « ٥٩ ».
وقال تعالى : ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم « ٨٣ ».
تفسير : قوله تعالى : « أم يحسدون » قال الطبرسي رحمهالله : معناه بل يحسدون الناس؟ واختلف في معنى الناس هنا فقيل : أراد به النبي صلىاللهعليهوآله ، حسدوه على ما أعطاه الله من النبوة ، وإباحة تسعة نسوة وميله إليهن ، وقالوا : لو كان نبيا لشغلته النبوة عن ذلك ، فبين الله سبحانه أن النبوة ليست ببدع في آل إبراهيم.
وثانيها : إن المراد بالناس النبي وآله عليهالسلام عن أبي جعفر عليهالسلام ، والمراد بالفضل فيه النبوة ، وفي آله الامامة(١).
أقول : ثم روى عن تفسير العياشي بعض ما سيأتي من الاخبار في ذلك وقال في قوله تعالى : « واولي الامر منكم » : للمفسرين فيه قولان : أحدهما أنهم الامراء ، والآخر أنهم العلماء ، وأما أصحابنا فانهم رووا عن الباقر والصادق عليهماالسلام أن اولي الامر هم الائمة من آل محمد عليهمالسلام ، أوجب الله طاعتهم بالاطلاق ، كما أوجب طاعته وطاعة رسوله ، ولا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد على الاطلاق إلا من ثبتت عصمته ، وعلم أن باطنه كظاهره؟ وأمن منه الغلط والامر بالقبيح ، وليس ذلك بحاصل في الامراء ولا العلماء سواهم ، جل الله سبحانه عن أن يأمر بطاعة من يعصيه ، أو بالانقياد للمختلفين للقول والفعل ، لانه محال أن يطاع المختلفون ، كما أنه محال أن يجتمع ما اختلفوا فيه ، ومما يدل على ذلك أيضا أن الله سبحانه لم يقرن طاعة اولي الامر بطاعة رسوله كما قرن طاعة رسوله بطاعته إلا واولو الامر فوق الخلق جميعا ، كما أن الرسول فوق اولي الامر وفوق سائر
____________________
(١) مجمع البيان ٣ : ٦١ طبعة صيداء.
الخلق ، وهذه صفة أئمة الهدى من آل محمد عليهمالسلام الذين ثبتت إمامتهم وعصمتهم ، و اتفقت الامة على علو رتبهم وعدالتهم « فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول » أي فإن اختلفتم في شئ من امور دينكم فردوا المتنازع فيه إلى كتاب الله وسنة الرسول ، ونحن نقول : الرد إلى الائمة القائمين مقام رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد وفاته هو مثل الرد إلى الرسول في حياته ، لانهم الحافظون لشريعته ، وخلفاؤه في امته فجروا مجراه في(١).
قوله تعالى : « وأحسن تأويلا » أي أحمد عاقبة ، أو أحسن من تأويلكم لان الرد إلى الله ورسوله ومن يقوم مقامه من المعصومين أحسن لا محالة من تأويل بغير حجة(١). « ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم » قال أبوجعفر عليهالسلام : هم الائمة المعصومون « لعلمه الذين يستنبطونه منهم » الضمير يعود إلى اولي الامر وقيل : إلى الفرقة المذكورة من المنافقين أو الضعفة(٢).
١ ـ فس : علي بن الحسين عن البرقي عن أبيه عن يونس عن أبي جعفر الاحول عن حنان عن أبي عبدالله عليهالسلام قال. قلت قوله : « فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب » قال : النبوة ، قلت : « والحكمة » قال : الفهم والقضاء « وآتيناهم ملكا عظيما » قال : الطاعة المفروضة(٣).
٢ ـ فس : ثم فرض على الناس طاعتهم فقال : « يا أيها الناس آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » يعني أمير المؤمنين عليهالسلام ، حدثني أبي عن حماد عن حريز عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : نزل : « فان تنازعتم في شئ فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى اولي الامر منكم(٤) ».
بيان : يدل على أن في مصحفهم عليهمالسلام « فارجعوه » مكان « فردوه » ويحتمل
____________________
(١) مجمع البيان ٣ : ٦٤ و ٦٥.
(٢) مجمع البيان : ٨٢ طبعة صيداء.
(٣) تفسير القمى : ١٢٨ و ١٢٩.
(٤) تفسير القمى : ١٢٩.
أن يكون تفسيرا له(١) ، ويدل على أنه كان فيه قول : « وإلى اولي الامر منكم » فيدل على أنه لا يدخل اولو الامر في المخاطبين بقوله : « إن تنازعتم » كما زعمه المفسرون من المخالفين.
٣ ـ ن : محمد بن أحمد بن الحسين البغدادي عن أحمد بن الفضل عن بكر بن أحمد بن محمد بن القصري عن أبي محمد العسكري عن آبائه عن الباقر عليهمالسلام قال : أوصى النبى صلىاللهعليهوآله إلى علي والحسن والحسين عليهمالسلام ، ثم قال في قول الله : « يا أيها الناس آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » قال : الائمة من ولد علي وفاطمة إلى أن تقوم الساعة(٢).
٤ ـ ما : أبوعمرو عن ابن عقدة عن أحمد بن موسى بن إسحاق ومحمد بن عبدالله ابن سليمان عن يحيى بن عبدالحميد عن قيس عن السدي عن عطا عن ابن عباس : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله » قال : نحن الناس ، دون الناس(٣).
٥ ـ ير : أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تعالى : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله » قال : نحن المحسودون(٤).
٦ ـ ير : أحمد بن الحسين عن القاسم بن محمد وفضالة عن أبان بن عثمان عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : يا أبا الصباح نحن الناس المحسودون وأشار بيده إلى صدره(٦).
____________________
(١) وهو الصحيح ، كما أن ما يأتى بعد ذلك أيضا تفسير للاية لا انه أوردها بالفاظها.
(٢) عيون الاخبار : ٢٧٢.
(٣) عيون الاخبار : ٢٧٢.
(٤) امالى ابن الشيخ : ١٧١. (٥) بصائر الدرجات : ١١.
(٦) بصائر الدرجات : ١١.
٧ ـ ير : ابن يزيد عن محمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن ابن اذينة عن بريد عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تبارك وتعالى : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله » فنحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الامامة دون خلق الله جميعا(١).
٨ ـ ير : أحمد بن محمد عن الاهوازي عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تعالى : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما » قال : الطاعة المفروضة(٢).
ير : عبدالله بن القاسم عن حماد مثله(٣).
ير : ابن يزيد عن ابن أبي عمير رفعه عن أبي جعفر عليهالسلام مثله(٤).
٩ ـ ير : محمد بن عيسى عن رجل هشام بن الحكم قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما « ما ذلك الملك العظيم؟ قال : فرض الطاعة ومن ذلك طاعة جهنم لهم يوم القيامة يا هشام(٥).
١٠ ـ ير : محمد بن الحسين وابن يزيد معا عن ابن أبي عمير عن ابن اذينة عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تبارك وتعالى : « فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما » فجعلنا منهم الرسل والانبياء والائمة فكيف يقرون في آل إبراهيم وينكرون في آل محمد صلىاللهعليهوآله؟ قلت : فما معنى قوله : « وآتيناهم ملكا عظيما » قال : الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة ، من أطاعهم أطاع الله ، ومن عصاهم عصى الله ، فهو الملك العظيم(٦).
____________________
(١) بصائر الدرجات : ١١. له يذكر فيه : لفظ » جميعا ».
(٢) بصائر الدرجات : ١١.
(٣) بصائر الدرجات : ١٥٠.
(٤) بصائر الدرجات : ١٥٠.
(٥) بصائر الدرجات : ١١.
(٦) بصائر الدرجات : ١١.
١١ ـ ير : أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن محمد الاحول عن عمران قال : قلت له : قول الله تبارك وتعالى : « فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب » فقال : النبوة ، فقلت : « والحكمة » قال : الفهم والقضاء قلت له : قول الله تبارك وتعالى : « وآتيناهم ملكا عظيما » قال : الطاعة(١).
١٢ ـ ير : أبومحمد عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن علي بن أسباط عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبدالله عليهالسلام في هذه الآية : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما » قال : نحن والله الناس الذين قال الله تعالى ، ونحن والله المحسودون ، ونحن أهل هذ الملك الذي يعود إلينا(٢).
١٣ ـ ك : أبي عن الحميري عن ابن أبي الخطاب عن الحجال عن حماد عن عثمان عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم(٣) » قال : الائمة من ولد علي وفاطمة عليهاالسلام إلى يوم القيامة(٤).
١٤ ـ ير : محمد بن عبدالحميد عن منصور بن يونس عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قلت له : « فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما » قال : قال : تعلم ملكا عظيما ما هو؟ قال : قلت : أنت أعلم جعلني الله فداك ، قال : طاعة(٥) الله مفروضة(٦).
١٥ ـ شى : عن داود بن فرقد قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : قول الله : « قل
____________________
(١) بصائر الدرجات : ١١.
(٢) بصائر الدرجات : ١١.
(٣) النساء : ٥٩.
(٤) اكمال الدين ص ١٢٨ فيه : إلى ان تقوم الساعة.
(٥) في نسخة الكمبانى : « طاعة والله مفروضة « والمعنى على ما في المتن : ان الملك العظيم هو طاعتنا المفروضة من الله تعالى.
(٦) بصائر الدرجات : ١٥٠.
اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء(١) » فقد أتى الله بني امية الملك ، فقال : ليس حيث يذهب الناس إليه ، إن الله أتانا الملك وأخذه بنو اميه ، بمنزلة الرجل يكون له الثوب ويأخذه الآخر ، فليس هو للذي أخذه(٢).
١٦ ـ عم ، قب : جابر الجعفي في تفسيره عن جابر الانصاري قال : سألت النبي صلىاللهعليهوآله عن قوله : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول » عرفنا الله ورسوله ، فمن اولي الامر؟ قال : هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين بعدي أولهم علي بن أبي طالب عليهالسلام ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر فإذا لقية فاقرأه مني السلام. ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن علي ، ثم علي بن محمد ، ثم الحسن ابن علي ، ثم سميي وكنيي(٣) حجة الله في أرضه وبقيته في عباده ابن(٤) الحسن ابن علي الذي يفتح الله على يده مشارق الارض ومغاربها. ذاك الذي يغيب عن شيعته(٥) ، غيبة لا يثبت على القول في إمامته إلا من امتحن الله قلبه بالايمان(٦).
١٧ ـ شى : عن بريد بن معاوية قال : كنت عند أبي جعفر عليهالسلام فسألته عن قول الله : « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » قال : فكان جوابه أن قال : « ألم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت » فلان وفلان « ويقولن للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا(٧) » يقول :
____________________
(١) آل عمران : ٢٦.
(٢) تفسير العياشى ١ : ١٦٦.
(٣) في اعلام الورى : سميى وذو كنيتى
(٤) في اعلام الورى : محمد بن الحسن بن على.
(٥) في اعلام الورى : يغيب عن شيعته واوليائه غيبة لا يثبت فيها.
(٦) مناقب آل ابى طالب ج ١ ص ٢٤٢ اعلام الورى : ٣٧٥ و ٣٧٦ فيهما : لا يثبت على القول بامامته.
(٧) النساء : ٥١.
الائمة الضالة(١) والدعاة إلى النار هؤلاء أهدى من آل محمد صلىاللهعليهوآله وأوليائهم سبيلا « اولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا * أم لهم نصيب من الملك » يعني الامامة والخلافة « فإذا لا يؤتون الناس نقيرا » نحن الناس الذين عنى الله والنقير : النقطة التي رأيت في وسط(٢) النواة « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله » فنحن المحسودون(٣) على ما آتانا الله من الامامة دون خلق الله جميعا « فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما » يقول : فجعلنا(٤) منهم الرسل والانبياء والائمة فكيف يقرون بذلك في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد؟ « فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا » إلى قوله : « وندخلهم ظلا ظليلا » قال : قلت قوله في آل ابراهيم : « وآتيناهم ملكا عظيما » ما الملك العظيم؟ قال : أن جعل منهم أئمة ، من أطاعهم أطاع الله ، ومن عصاهم عصى الله ، فهو الملك العظيم ، قال : ثم قال : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها » إلى « سميعا بصيرا » قال : إيانا عنى ، أن يؤدي الاول منا إلى الامام الذي بعده الكتب والعلم والسلاح « وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل » الذي في أيديكم ، ثم قال للناس « يا أيها الذين آمنوا » فجمع المؤمنين إلى يوم القيامة(٥) « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » إيانا عنى خاصة « فإن خفتم تنازعا في الامر » فارجعوا إلى الله وإلى الرسول واولي الامر
____________________
(١) في نسخة : « يقول الائمة الضالة : الائمة الضالة والدعاة اه » وفى الكافى : يقولون الائمة الضالة.
(٢) في الكافى : النقطة التى في وسط النواة.
(٣) في الكافى : « نحن الناس المحسودون » وفيه : دون خلق الله اجمعين.
(٤) في الكافى : [ جعلنا ] وفيه : يقرون به.
(٥) يعنى هذا الحكم يشمل المؤمنين جميعا ، فهو اما بدخولهم في الخطاب ، حيث ان الخلق كلهم حاضرون عند الله علما ، واما باشتراك الحاضر في موطن الخطاب والغائب عنه في التكليف ، وفى الكافى : امر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا.
منكم « هكذا نزلت(١) وكيف(٢) يأمرهم بطاعة اولي الامر ويرخص لهم في منازعتهم ، إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم(٣).
١٨ ـ شى : بريد العجلي عن أبي جعفر عليهالسلام مثله سواء ، وزاد فيه « أن تحكموا بالعدل » إذا ظهرتم أن تحكموا بالعدل إذا بدت في أيديكم(٤).
أقول : روى الكليني الخبر بتمامه في الكافي عن بريد بأسانيد مفرقا له على الابواب(٥).
١٩ ـ قب ، شى : عن أبي الصباح الكناني قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : يا أبا الصباح نحن قوم فرض الله طاعتنا ، لنا الانفال ولنا صفو المال ، ونحن الراسخون في العلم ، ونحن المحسودون الذين قال الله في كتابه : أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله(٦).
٢٠ ـ شى : عن أبي سعيد المؤدب عن ابن عباس في قوله : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله » قال : نحن الناس وفضله النبوة(٧).
٢١ ـ شى : عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليهالسلام « ملكا عظيما » أن جعل فيهم أئمة من أطاعهم أطاع الله ، ومن عصاهم عصى الله ، فهذا ملك عظيم « وآتيناهم
____________________
(١) لعل ذلك استنباط من الراوى حيث سمع ان الامام عليهالسلام فسره بذلك فظن انه المنزل من عنده.
(٢) تعليل لخروج اولى الامر عن المتنازعين وحكمهم. وفى الكافى : وكيف يأمرهم الله بطاعة ولاة الامر.
(٣) تفسير العياشى ١ : ٢٤٦ و ٢٤٧.
(٤) تفسير العياشى ١ : ٢٤٧.
(٥) اصول الكافى ١ : ٢٠٥ و ٢٧٦ فيه : « تنازعا في امر فردوه إلى الله والى الرسول والى اولى الامر منكم » راجعه.
(٦) مناقب آل ابى طالب : ج ١ : ٢٤٥ تفسير العياشى ١ : ٢٤٧.
(٧) تفسير العياشى ١ : ٢٤٨.
ملكا عظيما(١) ».
٢٢ ـ وعنه في رواية اخرى قال : الطاعة المفروضة(٢).
٢٣ ـ شى : عمران(٣) عنه : « فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب » قال : النبوة « والحكمة » قال : الفهم والقضاء « وملكا عظيما » قال : الطاعة(٤).
٢٤ ـ شى : أبوحمزة عن أبي جعفر عليهالسلام « فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب » فهو النبوة « والحكمة » فهم الحكماء من الانبياء من الصفوة ، وأما الملك العظيم فهم الائمة الهداة من الصفوة(٥).
٢٥ ـ شى : عن داود بن فرقد قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام وعنده إسماعيل ابنه عليهالسلام يقول : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله » الآية قال : فقال : الملك العظيم : افتراض الطاعة ، قال : « فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه » قال : فقلت : أستغفر الله ، فقال لي إسماعيل : لم يا داود؟ قلت : لاني كثيرا قرأتها : « ومنهم من يؤمن به ومنهم من صد عنه » قال : فقال أبوعبدالله عليهالسلام : إنما هو (٦) فمن هؤلاء ولد إبراهيم من آمن بهذا ، ومنهم من صد عنه(٧).
بيان : لعل داود كان يقرأ هكذا سهوا ، أو على بعض القراءات الشاذة التي لم تنقل إلينا ، والمشهور في مرجع الضمير إما أهل الكتاب ، أو امة إبراهيم ، وعلى تفسيره عليهالسلام راجع إلى آل إبراهيم فالمراد بالآل جميع ذريته ، ولا ينافي إيتاءهم الكتاب والحكمة والملك العظيم صد بعضهم عن الحق ، إذ معلوم أنها لا تعمهم بل هي مخصوصة ببعضهم.
٢٦ ـ شى : عن أبان أنه دخل على أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : فسألته
____________________
(١ و ٢) تفسير العياشى ١ : ٢٤٨.
(٣) في المصدر : حمران.
(٤) تفسير العياشى ١ : ٢٤٨.
(٥) تفسير العياشى ١ : ٢٤٨.
(٦) أى الصحيح ما قرأته انا.
(٧) تفسير العياشى ١ : ٢٤٨.
عن قول الله : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم » فقال : ذلك علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، ثم سكت فلما طال سكوته(١) قلت : ثم من؟ قال : ثم الحسن عليهالسلام ، ثم سكت فلما طال سكوته قلت : ثم من؟ قال : الحسين قلت : ثم من؟ قال : ثم علي بن الحسين ، وسكت ، فلم يزل يسكت عن كل واحد حتى اعيد المسألة فيقول : حتى سماهم إلى آخرهم صلى الله عليهم(٢).
٢٧ ـ شى : عن عمران الحلبي قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إنكم أخذتم هذا الامر من جذوه ، يعني من أصله ، عن قول الله : « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » ومن قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : « ما إن تمسكتم به لن تضلوا » لا من قول فلان ، ولا من قول فلان(٣).
٢٨ ـ شى : عن عبدالله بن عجلان عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » قال : هي في علي وفي الائمة جعلهم الله مواضع الانبياء ، غير أنهم لا يحلون(٤) شيئا ولا يحرمونه(٥).
٢٩ ـ شى : عن حكيم قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : جعلت فداك أخبرني من اولي الامر الذين أمر الله بطاعتهم؟ فقال لي : اولئك علي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر : أنا ، عليهمالسلام فاحمدوا الله الذي عرفكم أئمتكم وقادتكم حين جحدهم الناس(٦).
٣٠ ـ شى : عن عمرو بن سعيد قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن قوله : « أطيعوا
____________________
(١) في المصدر : قال : فلما طال سكوته.
(٢) تفسير العياشى ١ : ٢٥١. فيه : فلم يزل يسكت عند كل واحد.
(٣) تفسير العياشى ١ : ٢٥١ و ٢٥٢.
(٤) أى لا يأتون من عند الله بالحلال والحرام ، بل يقولون للناس ما قاله النبى صلى الله عليه وآله ، وبالجملة انهم يكونون في درجة الانبياء ومرتبتهم غير انه لا يوحى إليهم ، فحالهم حال جملة من الانبياء الماضية الذين كانوا يتبعون سنة نبى آخر ويروجونها بين الناس ويقيمونها فيهم.
(٥ و ٦) تفسير العياشى ١ : ٢٥٢.
الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » قال : قال : علي بن أبي طالب والاوصياء من بعده(١).
٣١ ـ شى : عن محمد بن مسلم قال : قال أبوجعفر عليهالسلام : فإن تنازعتم في شئ فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى اولي الامر منكم(٢).
٣٢ ـ شى : في رواية عامر بن سعيد الجهني عن جابر عنه عليهالسلام : وأولي الامر من آل محمد(٣).
٣٣ ـ شى : عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : ذروة الامر وسنامه ومفتاحه وباب الانبياء ورضي الرحمان الطاعة للامام(٤) بعد معرفته ، ثم قال : إن الله يقول : « من يطع الرسول فقد أطاع الله » إلى « حفيظا(٥) » أما لو أن رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله(٦) وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالة منه إليه(٧) ما كان له على الله حق في ثوابه ولا كان من أهل الايمان ، ثم قال : أولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضله ورحمته(٨).
جا : ابن قولويه عن الكليني عن علي عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عنه عليهالسلام مثله إلى قوله : حفيظا(٩).
بيان : ذروة(١٠) الامر أي أمر الدين ، أو كل الامور ، بعد معرفته
____________________
(١) تفسير العياشى ١ : ٢٥٣.
(٢) تفسير العياشى ١ : ٢٥٤.
(٣) تفسير العياشى ١ : ٢٥٤.
(٤) في المجالس : وباب الاشياء ، ورضا الرحمن طاعة للامام
(٥) النساء : ٨٠.
(٦) في المصدر : وتصدق جميع ماله.
(٧) في نسخة : بدلالته إليه.
(٨) تفسير العياشى ١ : ٢٥٩.
(٩) مجالس المفيد : ٤٢.
(١٠) الذروة بالكسر والضم : المكان المرتفع والعلو ، وأعلى الشئ
أي الامام ، وإرجاع الضمير إلى الله بعيد ، والاستشهاد بالآية بانضمام الآيات الدالة على مقارنة طاعة الرسول لاولي الامر ، أو بانضمام ما أوصى به الرسول من طاعتهم ، فطاعتهم طاعة الرسول ، أو مبني على أن الآية نزلت في ولايتهم ، كما يدل عليه بعض الاخبار ، أو على أنهم نوابه صلىاللهعليهوآله فحكمهم حكمه. قوله : اولئك ، إما إشارة إلى الشيعة ، أي المحسن من الشيعة أيضا إنما يدخل الجنة برحمة الله لا بعمله؟ أو إلى المخالفين أي المستضعفين منهم ، وسيأتي القول فيه في محله إنشاء الله.
٣٤ ـ شى : عن أبي إسحاق النحوي قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إن الله أدب نبيه على محبته فقال : « إنك لعلى خلق عظيم(١) » قال : ثم فوض إليه الامر فقال : « ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا(٢) » وقال : « من يطع الرسول فقط أطاع الله(٣) » وإن رسول الله صلى الله وآله فوض إلى علي عليهالسلام وائتمنه فسلمتم وجحد الناس. فو الله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا ، وإن تصمتوا إذا صمتنا ، ونحن فيما بينكم وبين الله ، والله ما جعل لاحد من خير في(٤) خلاف أمرنا(٥).
٣٥ ـ شى : عن عبدالله بن عجلان عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : « ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم » قال هم الائمة(٦).
٣٦ ـ شى : عن عبدالله بن جندب قال : كتب إلي أبوالحسن الرضا عليهالسلام : ذكرت رحمك الله هؤلاء القوم(٧) الذين وصفت أنهم كانوا بالامس لكم إخوانا ، و
____________________
(١) القلم : ٤.
(٢) الحشر : ٥٩.
(٣) أو عزنا سابقا إلى محل الاية.
(٤) في نسخة من الكتاب والمصدر : في خلاف امره.
(٥) تفسير العياشى ١ : ٢٥٩.
(٦) تفسير العياشى ١ : ٢٦٠.
(٧) اى الواقفية.
الذي صاروا إليه من الخلاف لكم والعداوة لكم ، والبراءة منكم والذي تأفكوا به من حياة أبي صلى الله عليه ورحمته ، وذكر في آخر الكتاب : إن هؤلاء القوم سنح(١) لهم شيطان اعترهم بالشبهة ، ولبس عليهم أمر دينهم ، وذلك لما ظهرت فريتهم ، و اتفقت كلمتهم ، ونقموا(٢) على عالمهم ، وأرادوا الهدى من تلقاء أنفسهم ، فقالوا : لم؟ ومن؟ وكيف؟ فأتاهم الهلك(٣) من مأمن احتياطهم وذلك بما كسبت أيدهيم وما ربك بظلام للعبيد ، ولم يكن ذلك لهم ولا عليهم ، بل كان الفرض عليهم ، و الواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحير ورد ما جهلوه من ذلك إلى عالمه ومستنبطه لان الله يقول في محكم كتابه « ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم » يعني آل محمد عليهمالسلام ، وهم الذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام ، وهم الحجة لله على خلقه(٤).
بيان : تأفكوا به : تكلفوا الافك والكذب بسببه ، فقالوا : لم : أي لم حكمتم بموت الكاظم عليهالسلام؟ أو من الامام بعده؟ وكيف حكمتم بكون الرضا عليهالسلام إماما؟
٣٧ ـ قب : الامة على قولين في معنى « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول واولي الامر منكم » أحدهما أنها في أئمتنا ، والثانى أنها في امراء السرايا ، وإذا بطل أحد الامرين ثبت الآخر ، وإلا خرج الحق عن الامة والذي يدل على أنها في أئمتنا عليهمالسلام أن ظاهرها يقتضي عمون طاعة اولى الامر ، من حيث عطف الله تعالى الامر بطاعتهم على الامر بطاعته وطاعة رسوله ، ومن حيث أطلق الامر بطاعتهم ولم يخص شيئا من شئ لانه سبحانه لو أراد خاصا لبينه ، وفي فقد
____________________
(١) في نسخة. [ سخ ] اقول : سنح له رأى في الامر : عرض. وسنح الظبى والطير و غيرهما : مر من الياسر إلى الميامن.
(٢) في نسخة من المصدر : وكذبوا على عالمهم.
(٣) في النسخة المخطوطة : فاتاهم الهلاك.
(٤) تفسير العياشى ١ : ٢٦٠.
البيان منه تعالى دليل على إرادة الكل ، وإذا ثبت ذلك ثبتت إمامتهم ، لانه لا أحد تجب طاعته على ذلك الوجه بعد النبي إلا الامام ، وإذا اقتضت وجوب طاعة اولي الامر على العموم لم يكن بعد من عصمتهم ، وإلا أدى أن يكون(١) تعالى قد أمر بالقبيح ، لان من ليس بمعصوم لا يؤمن منه وقوع القبيح ، فإذا وقع كان الاقتداء به قبيحا ، وإذا ثبتت دلالة الآية على العصمة وعموم الطاعة بطل توجهها إلى امراء السرايا ، لارتفاع عصمتهم ، واختصاص طاعتهم(٢) وقال بعضهم : هم علماء الامة العامة ، وهم مختلفون(٣) وفي طاعة بعضهم عصيان بعض ، وإذا أطاع المؤمن بعضهم عصى الآخر ، والله تعالى لا يأمر بذلك ، ثم إن الله تعالى وصف اولي الامر بصفة تدل على العلم والامرة جميعا ، قوله تعالى : « وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم » (٤) فرد الامن أو الخوف للامراء ، والاستنباط للعلماء ، ولا يجتمعان إلا لامير عالم.
٣٨ ـ الشعبي : قال ابن عباس : هم امراء السرايا ، وعلى أولهم.
٣٩ ـ وسئل الحسن بن صالح بن حي جعفر الصادق عليهالسلام ذلك فقال : الائمة من أهل بيت رسول الله.
٤٠ ـ تفسير مجاهد : إنما نزلت في أمير المؤمنين عليهالسلام حين خلفه رسول الله صلىاللهعليهوآله بالمدينة فقال : يا رسول الله أتخلفني بين النساء والصبيان؟ فقال : يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، حين قال له. اخلفني في قومي وأصلح؟ فقال : بلى والله.
٤١ ـ واولي الامر منكم. قال علي بن أبي طالب عليهالسلام ولاه الله أمر الامة
____________________
(١) في المصدر : والا ادى إلى ان يكون.
(٢) اى واختصاص طاعتهم فيما لا يكون فيه محظور شرعا.
(٣) في نسخة : وهم يختلفون.
(٤) النساء : ٨٣.
بعد محمد صلىاللهعليهوآله حين خلفه رسول الله بالمدينة ، فأمر الله العباد بطاعته وترك خلافه.
٤٢ ـ وفي إبانة الفلكي إنها نزلت لما شكا أبوبردة من علي عليهالسلام الخبر(١).
٤٣ ـ جا : الجعابي عن إسحاق بن محمد عن زيد المعدل عن سيف بن عمر و عن محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : اسمعوا وأطيعوا لمن ولاه الله الامر فانه نظام الاسلام(٢).
٤٤ ـ فر : جعفر بن أحمد معنعنا عن بريدة قال : كنت عند أبي جعفر عليهالسلام فسألته عن قول الله تعالى : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله » قال : فنحن الناس ، ونحن المحسودون على ما آتانا الله من الامامة دون خلق الله جميعا « فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما » جعلنا منهم الرسل والانبياء والائمة عليهمالسلام ، فكيف يقرون بها في آل إبراهيم ، ويكذبون بها في آل محمد عليهمالسلام؟ « فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا(٣) ».
٤٥ ـ أقول : روى العلامة في كشف الحق في قوله تعالى : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله » قال الباقر عليهالسلام : نحن الناس(٤).
٤٦ ـ وروى ابن حجر في صواعقه قال : أخرج ابوالحسن المغازلي عن الباقر عليهالسلام أنه قال في هذه الآية : نحن الناس والله.
٤٧ ـ فر : عبيد بن كثير معنعنا أنه سأل جعفر بن محمد(٥) عن قول الله تعالى « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم » قال : اولي الفقه والعلم ، قلنا : أخاص أم عام : قال : بل خاص لنا(٦).
٤٨ ـ فر : جعفر بن محمد الفزاري معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام عن قول الله
____________________
(١) مناقب آل ابى طالب ٣ : ٢١٨.
(٢) مجالس المفيد : ٧.
(٣) تفسير فرات : ٢٨.
(٤) احقاق الحق ٣ : ٤٥٧.
(٥) في المصدر معنعنا عن ابن جعفر عليهالسلام.
(٦) تفسير فرات : ٢٨.
تعالى : « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » قال : فاولي الامر في هذه الآية هم آل محمد صلىاللهعليهوآله(١).
٤٩ ـ فر : أحمد بن القاسم معنعنا عن أبي مريم قال : سألت جعفر بن محمد عليهالسلام عن قول اله تعالى : « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » كانت طاعة علي مفترضة؟ قال : كانت طاعة رسول الله صلىاللهعليهوآله خاصة مفترضة لقول الله تعالى : « من يطع الرسول فقد أطاع الله » وكانت طاعة علي بن أبي طالب عليهالسلام طاعة رسول الله صلىاللهعليهوآله(٢).
بيان : كانت طاعة علي مفترضة؟ أي في حياة الرسول(٣) فأجاب عليهالسلام بأن إمامته كانت بعد الرسول ، ولما كان أمر الله الناس بطاعة علي عليهالسلام كانت طاعته مفترضة من هذه الجهة ، وهذا مبني على أنه عليهالسلام لم يكن في حياته صلىاللهعليهوآله إماما كما ذهب إليه الاكثر ، وقيل : كان إماما في ذلك الوقت أيضا ، وسيأتي الكلام فيه إنشاء الله.
٥٠ ـ فر : علي بن محمد بن علي بن عمر الزهري معنعنا عن إبراهيم قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : جعلت فاداك ما تقول في هذه الآية : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما » قال : نحن الناس الذين قال الله ، ونحن المحسودون ، ونحن أهل الملك ونحن ورثنا النبيين ، وعندنا عصا موسى ، وإنا لخزان الله في الارض ، لسنا بخزان على ذهب ولا فضة(٤) وإن منا رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلي والحسن والحسين عليهمالسلام(٥).
____________________
(١) تفسير فرات : ٢٨.
(٢) تفسير فرات : ٢٨ و ٢٩ فيه : من طاعة رسول الله صلىاللهعليهوآله.
(٣) او مطلقا ، فاجاب بانها مفترضة لان طاعته من طاعة الرسول صلىاللهعليهوآله فما كان مفترضة اولا هو طاعة الرسول ثم طاعة على عليهالسلام لانها من طاعته صلىاللهعليهوآله.
(٤) في المصدر : لا بخزان على ذهب ولا فضة.
(٥) تفسير فرات : ٣٢.
٥١ ـ فر : إبراهيم بن سليمان معنعنا عن عيسى بن السري قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : أخبرني عن دعائم الاسلام التي لا يسع أحدا من الناس التقصير عن معرفة شئ منها التي من قصر عن معرفة شئ منها فسد عليه دينه ، ولم يقبل منه عمله ولم يضيق مما هو فيه بجهل شئ من الامور جهله(١) قال : شهادة أن لا إله إلا الله والايمان برسوله ، والاقرار بما جاء به من عند الله والزكاة ، والولاية التي أمر الله بها ولاية آل محمد(٢) قال : قلت له : هل في الولاية شئ دون شئ(٣) فضل يعرف لمن أخذ به؟ قال : نعم ، قال الله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » فكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام(٤).
كا : محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن صفوان بن يحيى عن عيسى مثله(٥).
٥٢ ـ شى : عن جابر الجعفي قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام هذه الآية : « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » قال : الاوصياء(٦).
٥٣ ـ ختص : ابن عيسى عن محمد البرقي عن الجوهري عن الحسين بن أبي العلا قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : الاوصياء طاعتهم مفترضة(٧)؟ فقال : هم الذين قال الله « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم » وهم الذين قال الله :
____________________
(١) في النسخة المخطوطة : [ ولم يضق مما هو فيه بجهل شئ جهله ] وفى المصدر : [ ولم يضيق ما هو فيه بجهل شئ جهله ] وفى الكافى : [ ولم يضق به مما هو فيه لجهل ] وفى بعض النسخ : ولم يضربه
(٢) في المصدر : [ ولاية محمد ] ولعل فيه سقط ، او المعنى ان ولاية الائمة التى امر الله بها من ولاية محمد وطاعته والايمان به.
(٣) ولعل المراد هل في الولاية دليل خاص يدل على لزومها فأجاب نعم ، فتمسك بالاية ، وتمسك ايضا في الكافى بقوله صلىاللهعليهوآله : من مات ولا يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية.
(٤) تفسير فرات : ٣٢.
(٥) اصول الكافى ٢ : ١٩ و ٢٠ فيه اختلافات وزيادات راجعه.
(٦) تفسير العياشى : ١ : ٢٤٩.
(٧) ظاهر الجواب انه سأل عن أعيانهم واشخاصهم لا عن وجوب طاعتهم.