بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

مع : أبي ، عن محمد العطار ، عن الحسين بن إسحاق التاجر ، عن ابن مهزيار عن الحسن بن سعيد(١) عن محمد بن الفضيل مثله(٢).

١٧ ـ ب : ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن الرضا عليه‌السلام قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : من سره أن لا يكون بينه وبين الله حجاب حتى ينظر إلى الله وينظر الله إليه فليتوال آل محمد ويتبرأ من عدوهم ويأتم بالامام منهم ، فإنه إذا كان كذلك نظر الله إليه ، ونظر إلى الله(٣).

بيان : المراد بالنظر إلى الله النظر إلى رحمته وكرامته أو إلى أوليائه ، أو غاية معرفته بحسب وسع المرء وقابليته(٤).

١٨ ـ ن : بإسناد التميمي عن الرضا عليه‌السلام عن آبائه عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات وليس له إمام من ولدي مات ميتة جاهلية ، ويؤخذ بما عمل في الجاهلية والاسلام(٥).

١٩ ـ ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن الحسن بن علي بن بزيع عن قاسم ابن الضحاك ، عن مشير بن(٦) حوشب أخي العوام ، عن أبي سعيد الهمداني ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « إلا من تاب وآمن وعمل صالحا » قال : والله لو أنه تاب وآمن وعمل صالحا ولم يهتد إلى ولايتنا ومودتنا(٧) ومعرفة فضلنا ما أغنى عنه ذلك شيئا(٨).

بيان : أقول : قد ذكر شبيه ما ذكر هنا في مواضع من القرآن : أولها في

____________________

(١) في نسخة من المصدر : الحسين بن سعيد.

(٢) معانى الاخبار : ٣٧ راجعه.

(٣) قرب الاسناد : ١٥٣.

(٤) أو كناية عن تقرب العبد إلى الله تعالى.

(٥) عيون الاخبار : ٢١٩.

(٦) في المصدر والنسخة المخطوطة : منير بن حوشب.

(٧) في نسخة : ولايتنا ومحبتنا.

(٨) امالى ابن الشيخ ١٦٢.

٨١

سورة مريم هكذا : « إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فاولئك يدخلون الجنة(١) » وثانيها : في سورة طه هكذا : « وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالح ثم اهتدى(٢) » وثالثها في الفرقان هكذا : « إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فاولئك يبدل الله سيئآتهم حسنات(٣) ».

ورابعها في القصص هكذا : « فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين(٤) » ولا يناسب ما هنا إلا الاولى والثانية ، لكن يخدش الاولى أنه ليس فيه ذكر الاهتداء(٥) والثانية أنه لا توافق بين صدريهما ، والظاهر أنه كان [ لمن تاب ] فصحفه الرواة أو النساخ ، ويحتمل أن يكون عليه‌السلام ذكر الاولى إشارة إلى أن الاهتداء مطوي فيها أيضا.

٢٠ ـ ع : علي بن حاتم فيما كتب إلي عن القاسم بن محمد ، عن حمدان بن الحسين ، عن الحسين بن الوليد ، عن ابن بكير ، عن حنان بن سدير قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : لاي علة لم يسعنا إلا أن نعرف كل إمام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويسعنا أن لا نعرف كل إمام قبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : لاختلاف الشرائع(٦).

٢١ ـ مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن البرقي ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن أسلم(٧) عن الحسن بن محمد الهاشمي ، عن ابن اذينة ، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قلت له : ما أدنى ما يكون به الرجل ضالا؟ قال : أن لا يعرف من أمر الله بطاعته ، وفرض ولايته ، وجعله

____________________

(١) مريم : ٦٠.

(٢) طه : ٨٢.

(٣) الفرقان : ٧٠

(٤) القصص : ٦٧.

(٥) لا يحتاج إلى ذكر الاهتداء لان الظاهر ان الامام عليه‌السلام اراد ان الاية مقيدة بذلك ، فمن آمن وعمل صالحا ولم يهتد إلى ولايتهم لم ينفعه ذلك.

(٦) علل الشرائع : ٨١.

(٧) في المصدر : عن محمد بن مسلم.

٨٢

حجة في أرضه ، وشاهده على خلقه ، قلت : فمن هم يا أمير المؤمنين؟ فقال : الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه ، فقال : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » قال : فقبلت رأسه وقلت : أوضحت لي ، وفرجت عني وأذهبت كل شك كان في قلبي(١).

٢٢ ـ ع : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبيدالله ، عن ابن أبي عثمان ، عن عبدالكريم عن عبيدالله ، عن سلمة بن عطا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : خرج الحسين بن علي عليهما‌السلام على أصحابه فقال : أيها الناس إن الله عزوجل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه ، فإذا عرفوه عبدوه ، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه ، فقال له رجل : يا بن رسول الله بأبي أنت وأمي فما معرفة الله؟

قال : معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته.

قال الصدوق رحمة الله عليه : يعني بذلك أن يعلم أهل كل زمان(٢) زمان أن الله هو الذي لا يخليهم في كل زمان من إمام معصوم ، فمن عبد ربا لم يقم لهم الحجة فإنما عبد غير الله عزوجل(٣).

بيان : لعله عليه‌السلام إنما فسر معرفة الله بمعرفة الامام لبيان أن معرفة الله لا يحصل إلا من جهة الامام ، أو لاشتراط الانتفاع بمعرفته تعالى بمعرفته عليه‌السلام ، ولما ذكره الصدوق رحمه‌الله أيضا وجه.

٢٣ ـ فس : أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن أبان بن تغلب قال : قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام : يا أبان إن الله لا يطلب من المشركين(٤) زكاة أموالهم وهم يشركون به حيث يقول : « وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون(٥) » قلت له : كيف ذاك جعلت

____________________

(١) معانى الاخبار : ١١٢ والاية في سورة النساء : ٥٩.

(٢) في المصدر : ان يعلم اهل كل زمان ان الله

(٣) علل الشرايع : ١٤.

(٤) في المصدر : يا ابان اترى ان الله طلب من المشركين.

(٥) فصلت : ٦ و ٧.

٨٣

فداك؟ فسره لي ، فقال : ويل للمشركين الذين أشركوا بالامام الاول ، وهم بالائمة الآخرين كافرون ، يا أبان إنما دعا الله العباد إلى الايمان به فإذا آمنوا بالله وبرسوله افترض عليهم الفرائض(١).

بيان : فسر عليه‌السلام المشرك بمن أشرك مع الامام الحق إماما آخر ، والآخرة بالائمة الآخرة ، وهذا بطن من بطون الآية ، ويدل الخبر على أن المشركين بالله غير مكلفين بالفروع ، والمخالفين مكلفون بها ، وهو خلاف المشهور بين الامامية ويمكن حمله على أن المراد أن تكليف الذين لا يعرفون الله ورسوله بالايمان بهما أهم وآكد من دعوتهم إلى الفروع ، لا أنهم غير مكلفين بها ، وهذه القدر كاف لتأييد كون المراد بالمشرك المعنى الذي ذكره عليه‌السلام.

٢٤ ـ ن : فيما كتب الرضا عليه‌السلام للمأمون من شرائع الدين : من مات لا يعرف أئمته مات ميتة جاهلية(٢).

٢٥ ـ ثو : أبي ، عن عبدالله بن الحسن ، عن أحمد بن علي ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله (ص) ذات يوم جالسا وعنده نفر من أصحابه فيهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام إذ قال : « من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة » فقال رجلان من أصحابه : فنحن نقول : لا إله إلا الله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما تقبل شهادة أن لا إله إلا الله من هذا ومن شيعته الذين أخذ ربنا ميثاقهم ، فقال الرجلان : فنحن نقول : لا إله إلا الله(٣) فوضع رسول الله يده على رأس علي عليه‌السلام ثم قال : علامة ذلك أن لا تحلا عقده ولا تجلسا مجلسه ، ولا تكذبا حديثه(٤).

____________________

(١) تفسير القمى : ٥٨٩.

(٢) عيون الاخبار : ٢٦٥. فيه : وان الارض لا تخلو من حجة الله تعالى على خلقه في كل عصر واوان ، وانهم العروة الوثقى « إلى أن قالى » ومن مات ولم يعرفهم مات ميتة جاهلية.

(٣) في المصدر : اخذ ربنا ميثاقهم فوضع.

(٤) ثواب الاعمال : ٧ و ٨.

٨٤

٢٦ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن عبدالعظيم الحسني ، عن محمد ابن عمر ، عن حماد بن عثمان ، عن عيسى بن السري قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية » قال أبوعبدالله عليه‌السلام : أحوج ما يكون إلى معرفته إذا بلغ نفسه هذه ، وأشار بيده إلى صدره فقال : لقد كنث على أمر حسن(١).

سن : عبدالعظيم الحسني مثله(٢).

بيان : « أحوج » مبتداء مضاف إلى « ما » وهي مصدرية ، و « يكون » تامة ونسبة الحاجة إلى المصدر مجاز والمقصود نسبتها إلى فاعل المصدر(٣) باعتبار بعض أحوال وجوده و « إلى معرفته » متعلق بأحوج ، و « إذا » ظرف وهو خبر أحوج.

٢٧ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن ابن مهران ، عن رجل ، عن أبي المغرا ، عن أبي ذريح(٤) ، عن أبي حمزة عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : منا الامام المفروض طاعته ، من جحده مات يهوديا أو نصرانيا ، والله ما ترك الله الارض منذ قبض الله عزوجل آدم إلا وفيها إمام يهتدى به إلى الله ، حجة على العباد ، ومن تركه هلك(٥) ومن لزمه نجا حقا على الله(٦).

سن : ابن مهران مثله(٧).

٢٨ ـ ير : ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور ، عن فضيل الاعور ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : كنا زمان أبي جعفر عليه‌السلام حين قبض نتردد كالغنم لا راعي

____________________

(١) ثواب الاعمال : ١٩٨.

(٢) محاسن البرقى : ٩٢ فيه : احوج ما يكون العبد.

(٣) لا يحتاج إلى ذلك بعدما عرفت من نسخة المحاسن.

(٤) في ثواب الاعمال والمحاسن ، عن ذريح.

(٥) في ثواب الاعمال والمحاسن : من تركه هلك.

(٦) ثواب الاعمال : ١٩٨.

(٧) محاسن البرقى : ٩٢.

٨٥

لها ، فلقينا سالم بن أبي خفصة فقال : يا با عبيدة من إمامك؟ قلت : أئمتي آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : هلكت وأهلكت ، أما سمعت أنا وأنت معي أنا جعفر عليه‌السلام وهو يقول : من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية؟ قلت : بلى لعمري فرزقني الله المعرفة قال : فقلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إن سالم بن أبي حفصة قال لي : كذا وكذا ، فقال لي : يا با عبيدة(١) إنه لم يمت منا ميت حتى يخلف من بعده من يعمل مثل عمله(٢) ويسير بمثل سيرته ، ويدعو إلى مثل الذي دعا إليه يا أبا عبيدة إنه لم يمنع(٣) ما أعطى داود أن أعطى سليمان ، قال : ثم قال : يا با ـ عبيدة إنه إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل الناس بينة(٤).

٢٩ ـ سن : محمد بن علي بن محبوب ، عن العلا ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه بلا إمام عادل من الله فإن سعيه غير مقبول ، وهو ضال متحير ، ومثله كمثل شاة(٥) ضلت عن راعيها وقطيعها فتاهت ذاهبة وجائية يومها ، فلما أن جنها الليل(٦) بصرت بقطيع غنم مع راعيها فجاءت إليها ، فباتت معها في ربضها ، فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها ، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها ، فبصرت بسرح قطيع غنم آخر فعمدت نحوها وحنت إليها ، فصاح بها الراعي : الحقي بقطيعك ، فإنك

____________________

(١) في المصدر : بلى لعمرى لقد كان ذلك ، ثم قعد ذلك بثلاث او نحوها دخلنا على ابى عبدالله عليه‌السلام فرزق الله لنا المعرفة فدخلت عليه فقلت له : لقيت سالما فقال لى : كذا وكذا وقلت له : كذى وكذى ، فقال ابو عبدالله عليه‌السلام : يا ويل لسالم يا ويل لسالم. ثلاث مرات اما يدرى سالم ما منزلة الامام ، الامام اعظم مما يذهب إليه سالم والناس اجمعين ، يا عبيدة

(٢) في المصدر : من يعمل بمثل عمله.

(٣) في المصدر : لم يمنع الله.

(٤) بصائر الدرجات : ١٥٠ فيه بعد قوله : ما اعطى : ثم قال : هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب ، قال : قلت : ما اعطاه الله جعلت فداك؟ قال : نعم يا با عبيدة انه. اه.

(٥) في المصدر : كمثل شاة لا راعى لها ضلت.

(٦) في الغيبة : فلما جنها الليل.

٨٦

تائهة متحيرة ، قد ضللت عن راعيك وقطيعك ، فهجمت ذعرة متحيرة لا راعى لها يرشدها إلى مرعاها ، أو يردها ، فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها وهكذا يا محمد بن مسلم بن أصبح من هذه الامة لا إمام له من الله عادل أصبح تائها متحيرا إن مات على حاله تلك مات ميتة كفر ونفاق ، واعلم يا محمد إن أئمة الحق وأتباعهم على دين الله إلى آخره(١).

٣٠ ـ نى : ابن عقدة ، عن محمد بن الفضيل بن إبراهيم(٢) وسعدان بن إسحاق وأحمد بن الحسين بن عبدالله ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني جميعا ، عن ابن محبوب(٣) مثله ، وفيه : اعلم يا محمد إن أئمة الحق وأتباعهم هم الذين على دين الله ، وإن أئمة الجور لمعزولون عن دين الله والحق فقد ضلوا وأضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد(٤).

نى : علي بن أحمد ، عن عبدالله بن موسى ، عن محمد بن أحمد القلانسي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن بكير وجميل معا ، عن محمد بن مسلم مثله(٥).

بيان : في الكافي بعد قوله : متحير : « والله شانئ لاعماله(٦) » الشنأة : البغض والقطيع : طائفة من البقر والغنم ونحوها. وهجم على الشئ : أتاه بغتة. والحنين : الشوق. وربض الغنم بالتحريك : مأواها ، والسرح : المال السائم. قوله : ضيعتها

____________________

(١) محاسن البرقى : ٩٢ و ٩٣.

(٢) في نسخة من المصدر : [ محمد بن المفضل بن ابراهيم ] وهو الصحيح ، والرجل هو محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمانة أبوجعفر الاشعرى من ثقات اصحابنا الكوفيين.

(٣) فيه : الحسن بن محبوب الزراد عن على بن رئاب عن محمد بن مسلم.

(٤) غيبة النعمانى : ٦٢ و ٦٣ وفيه : اختلافات لفظية راجعه.

(٥) غيبة النعمانى : ٦٣.

(٦) اصول الكافى : ١ : ٣٧٤ و ٣٧٥ راجعه.

٨٧

الضمير إما راجع إلى الذئب ، أي مالها ومتاعها ، أو إلى القطيع ، أي التى ضاعت منها ، أو إلى الشاة ، فالضيعة مصدر ، أي اغتنم ضياعها وكونها بلا راع وحافظ و هو أظهر ، ووجه التمثيل ظاهر ، فإن من كان له إمام من أئمة الهدى ثم ضل وتحير عن إمامه واتبع غيرهم فكلما أتى إماما من أئمة الجور ورأى منه خلاف ما كان يراه من أئمة الحق نفر منه وأتى غيره ، وكلما رأى إمام الجور منه خلاف ما في يده من الباطل يزجره ويطرده لئلا يفسد عليه أتباعه ، فهو كذلك حتى يستولي عليه الشيطان فيخرجه من الدين رأسا ، أو يدخله متابعة واحد من أئمة الجور

٣١ ـ ك : أبي وابن الوليد معا ، عن سعد والحميري معا ، عن اليقطيني وابن يزيد وابن هاشم جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن ابن اذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي أنه سمع من سلمان ومن أبي ذر ومن المقداد حديثا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : « من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية » ثم عرضه على جابر وابن عباس فقالا : صدقوا وبروا ، وقد شهدنا ذلك ، وسمعنا(١) من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إن سلمان قال : يا رسول الله إنك قلت : من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية ، من هذا الامام(٢)؟ قال : من أوصيائي يا سلمان ، فمن مات من امتي وليس له إمام منهم يعرفه فهي ميتة جاهلية(٣) فإن جهله وعاداه فهو مشرك ، وإن جلهه ولم يعاده ولم يوال له عدوا فهو جاهل وليس بمشرك(٤).

٣٢ ـ ك : العطار ، عن أبيه ، عن عبدالله بن محمد بن عيسى ، عن الخشاب ، عن غير واحد ، عن مروان بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الامام علم بين الله عز وجل وبين خلقه ، فمن عرفه كان مؤمنا ، ومن أنكره كان كافرا(٥).

٣٣ ـ ك : أبي وابن الوليد معا ، عن اليقطيني ، عن ابن فضال : عن ثعلبة

____________________

(١) في المصدر : وسمعناه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) في المصدر : من هذه الامام يا رسول الله؟

(٣) في المصدر : وليس له إمام يعرفة مات ميتة جاهلية.

(٤) إكمال الدين : ٢٣١.

(٥) اكمال الدين : ٢٣٠.

٨٨

عن محمد بن مروان ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ، ولا يعذر الناس حتى يعرفوا إمامهم(١).

أقول : أوردنا بعضها في كتاب الكفر والايمان في باب كفر المخالفين(٢).

٣٤ ـ نى : ابن عقدة ، عن محمد بن الفضيل ، وسعدان بن إسحاق وأحمد بن الحسين ومحمد بن أحمد القطواني جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : أرأيت من جحد إماما منكم ما حاله؟ قال : من جحد إماما من الله وبرئ منه ومن دينه فهو كافر مرتد عن الاسلام لان الامام من الله ، ودينه دين الله ، ومن برئ من دين الله فدمه مباح في تلك الحال إلا أن يرجع أو يتوب إلى الله مما قال(٣).

٣٥ ـ كش : جعفر بن أحمد ، عن صفوان ، عن أبي اليسع قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : حدثني عن دعائم الاسلام التي بني عليها ، ولا يسع أحدا من الناس تقصير في شئ منها التي من قصر عن معرفة شئ منها كتب عليه ذنبه(٤) ولم يقبل منه عمله ، ومن عرفها وعمل بها صلح دينه ، وقبل منه عمله ، ولم يضر به ما فيه بجهل شئ من الامور جهله ، قال : فقال : شهادة أن لا إله إلا الله ، والايمان برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والاقرار بما جاء به من عند الله ، ثم قال : الزكاة والولاية شئ دون شئ فضل(٥) يعرف لمن أخذ به ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من مات لا يعرف(٦) إمام زمانه مات ميتة جاهلية » وقال الله عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و

____________________

(١) اكمال الدين : ٢٣٠.

(٢) في نسخه : كفر المنافقين.

(٣) غيبة النعمانى : ٦٣.

(٤) في المصدر المطبوع : كبت عليه دينه.

(٥) في المصدر : والولاية لشئ دون شئ فصل يعرف لمن اخذ به.

(٦) في المصدر : ولم يعرف امام زمانه.

٨٩

أطيعوا الرسول واولي الامر منكم(١) » وكان علي عليه‌السلام(٢) ، وقال آخرون(٣) لا بل معاوية ، وكان حسن ، ثم كان حسين ، وقال آخرون(٤) : هو يزيد بن معاوية لا سواه(٥) ، ثم قال : أزيدكم؟ قال بعض القوم : زده جعلت فداك ، قال : ثم كان علي بن الحسين عليه‌السلام ، ثم كان أبوجعفر وكانت الشيعة قبله لا يعرفون ما يحتاجون إليه من حلال ولا حرام إلا ما تعلموا من الناس ، حتى كان(٦) أبوجعفر عليه‌السلام ففتح لهم وبين لهم وعليهم(٧) فصاروا يعلمون الناس بعدما كانوا يتعلمون منهم ، والامر هكذا يكون ، والارض لا تصلح إلا بامام ، ومن مات ولا يعرف(٨) إمامه مات ميتة جاهلية ، وأحوج ما تكون إلى هذا(٩) إذا بلغت نفسك هذا المكان ـ وأشار بيده إلى حلقه ـ وانقطعت من الدنيا تقول : لقد كنت على رأي حسن قال ابواليسع عيسى بن السري : وكان أبوحمزة وكان حاضر المجلس إنه قال فيما يقول : كان أبوجعفر عليه‌السلام إماما حق الامام(١٠).

____________________

(١) النساء : ٩٥.

(٢) ذكر في الكافى الاية اولا ثم بعدها الخبر وفيه : [ وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان عليا عليه‌السلام ] أقول : اى كان كل واحد من رسول الله صلى الله عليه آله وعلى عليه‌السلام في زمانهما اماما واولى الامر.

(٣ و ٤) في المصدر والكافى : وقال الاخرون.

(٥) في المصدر والنسخة المخطوطة : [ لاسواء ] وفى الكافى : [ وقال الاخرون : يزيد بن معاوية وحسين بن على ولا سواء ولا سواء ، قال : ثم سكت ثم قال : ازيدك؟ فقال له حكم الاعور : نعم جعلت فداك ] قوله : ولا سواء ولا سواء ، أى لا سواء على ومعاوية ، ولا الحسين ويزي (٦) في الكافى : وكانت الشيعة قبل ان يكون ابوجعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان.

(٧) في المصدر : وعلمهم.

(٨) في المصدر والكافى : لا يعرف.

(٩) في الكافى : واحوج ما تكون إلى ما انت عليه.

(١٠) رجال الكشى : ٢٦٦ و ٢٦٧ فيه : [ وكان ابوحمزة حاضر المجلس انه قال لك فما تقول ] ولعل الصحيح : وانه قال فيما يقول.

٩٠

بيان : قوله : « كتب عليه ذنبه » في بعض النسخ : « كبت عليه دينه » بتقديم الباء على التاء من الكبت ، وهو الصرف والاذلال ، وفي الكافي : « فسد عليه دينه » وهو أظهر ، قوله : « ثم قال : الزكاة » لعله سقط منه شئ ، وفي الكافى هكذا : « والاقرار بما جاء به من عند الله ، وحق في الاموال الزكاة والولاية التي أمر الله عزوجل بها ولاية آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : فقلت له : هل في الولاية شئ دون شئ فضل يعرف لمن أخذ به؟ قال : نعم ، قال الله عزوجل ».

فقوله : « وحق » إما مجرور بالعطف على قوله : « ما جاء » فيكون تخصيصا بعد التعميم لبيان مزيد الاهتمام ، أو مرفوع بالخبرية للزكاة ، أو بالعطف على الشهادة ، وفيه بعد معنى ، ويمكن أن يقرأ على صيغة الماضي المجهول. قوله : « شئ دون شئ » أي خصوصية وعلامة تعرف لمن أخذ بها ، أو دليل وبرهان يحتج به من ادعاها ، ولكل من الوجهين شواهد في الكلام كما لا يخفى ، ويمكن الجمع بين الوجهين بأن يكون « شئ دون شئ » إشارة إلى الدليل ، و « فضل » إشارة إلى شرائط الامامة ، وإن كان بعيدا ، وعلى التقادير الآخذ إما الامام ، أو الموالي له وحاصل الجواب أن الآية على وجوب طاعة اولي الامر فتجب طاعتهم ومعرفتهم ودل الخبر على أن لكل زمان إماما لابد من معرفته ومتابعته ، وكان الامر مرددا بين علي ومعاوية ، ثم بين الحسن وبنيه ، ثم بين الحسين وبنيه وبين يزيد والعقل يحكم بعدم المساواة بين الاولين والآخرين ، ولم يذكر الغاصبين الثلاثة تقية وإشعارا بأن القول بخلافتهم بالبيعة يستلزم القول بخلافة مثل معاوية ويزيد وبالجملة لما كان هذا أشنع والتقية فيه أقل خصه بالذكر ، مع أن بطلان خلافة معاوية يستلزم بطلان خلافتهم لاشتراك العلة ، وكلمة « كان » في المواضع تامة.

قوله عليه‌السلام : « وبين لهم وعليهم » في الكافي : وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعدما كانوا يحتاجون إلى الناس وهكذا كان الامر(١).

____________________

(١) اصول الكافى ٢ : ٢٠ فيه : [ وهكذا يكون الامر ] رواه الكلينى عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن صفوان : وعن ابى على الاشعرى عن محمد بن عبدالجبار عن صفوان.

٩١

قوله : « وكان أبوحمزة » لعله كان : « قال أبوحمزة » وعلى نسخة « كان » هي تامة ، أي كان في الحياة(١) والحاصل أن عيسى ذكر أن أبا حمزة ذكر هذه التتمة وأنا لم أسمعها.

٣٦ ـ ختص : عن عمر بن يزيد ، عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام قال : سمعته يقول : من مات بغير إمام ميتة جاهلية ، إمام حي يعرفه ، قلت : لم أسمع أباك يذكر هذا ، يعني إماما حيا ، فقال : قد والله قال ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات وليس له إمام يسمع له ويطيع مات ميتة جاهلية(٢).

٣٧ ـ ختص : عن محمد بن علي الحلبي قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : من مات وليس عليه إمام حي ظاهر مات ميتة جاهلية(٣).

٣٨ ـ ختص : عن أبي الجارود قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من مات وليس عليه إمام حي ظاهر مات ميتة جاهلية ، قال : قلت : إمام حي جعلت فداك؟ قال : إمام حي ، إمام حي(٤).

٣٩ ـ كنز الكراجكي : عن محمد بن أحمد بن شاذان القمي ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله بن عياش(٥) ، عن محمد بن عمر ، عن الحسن بن عبدالله بن محمد بن العباس الرازي ، عن أبيه(٦) ، عن علي بن موسى الرضا ، عن آبائه ، عليه وعليهم‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : من مات وليس له إمام من ولدي مات

____________________

(١) ذكرنا قبلا ان الموجود في المصدر : [ وكان أبوحمزة حاضر المجلس ] فعليه لا يحتاج إلى تكلف.

(٢) الاختصاص : ٢٦٨ و ٢٦٩.

(٣) الاختصاص : ٢٦٩.

(٤) الاختصاص : ٢٦٩.

(٥) في المصدر : [ احمد بن محمد بن عبدالله بن عباس ] والظاهر انه مصحف : [ عبيد الله ابن عياش ] وهو احمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عياش بن ابراهيم بن ايوب الجوهرى صاحب كتاب مقتضب الاثر ، يروى من جماعة منهم محمد بن عمر بن محمد الجعانى.

(٦) المصدر وعيون الاخبار يخلوان عن قوله : عن ابيه.

٩٢

ميتة جاهلية ، يؤخذ بما عمل في الجاهلية والاسلام(١).

٤٠ ـ ومنه عن أبي الرجا محمد بن علي بن طالب البلدي ، عن عبدالواحد ابن عبدالله الموصلي ، عن محمد بن همام بن سهل(٢) ، عن عبدالله بن جعفر الحميري عن الحسن بن علي بن فضال عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي علي الخراساني ، عن عبدالكريم بن عبدالله ، عن سلمة بن عطا ، عن أبي عبدالله الامام الصادق عليه‌السلام قال : خرج الحسين بن علي عليه‌السلام ذات يوم على أصحابه فقال بعد الحمد لله جر وعز ، والصلاة على محمد رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أيها الناس إن الله والله ما خلق العباد إلا ليعرفوه ، فاذا عرفوه عبدوه ، فاذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه ، فقال له رجل : بأبي أنت وامي بابن رسول الله ما معرفة الله؟ قال : معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته(٣).

أقول : ثم قال الكراجكي قدس الله روحه : اعلم أنه لما كانت معرفة الله وطاعته لا ينفعان من لم يعرف الامام ، ومعرفة الامام وطاعته لا تقعان إلا بعد معرفة الله صح أن يقال : إن معرفة الله هي معرفة الامام وطاعته ، ولما كانت أيضا المعارف الدينية العقلية السمعية تحصل من جهة الامام ، وكان الامام آمرا بذلك وداعيا إليه صح القول بأن معرفة الامام وطاعته هي معرفة الله سبحانه ، كما تقول في المعرفة بالرسل وطاعته ، إنها معرفة بالله سبحانه ، قال الله عزوجل : « من يطع الرسول فقد أطاع الله(٤) » وما تضمنه قول الحسين عليه‌السلام من تقدم المعرفة على العبادة غاية في البيان والتنبيه.

____________________

(١) كنز الكراجى : ١٥١ ، ورواه الصدوق في عيون الاخبار : ٢١٩ باسناده عن محمد بن عمر بن محمد الجعابى وفيه : ويؤخذ.

(٢) هكذا في الكتاب ومصدره ، وهو مصحف ( سهيل ) والرجل هو محمد بن ابى بكر همام بن سهيل الكاتب الاسكافى من مشايخ أصحابنا ومتقدميهم ، ولد في سنة ٢٥٨ ومات سنة ٣٣٢ ( او ) ٣٣٦.

(٣) كنز الكراجكى ١٥١.

(٤) النساء : ٨٠.

٩٣

وجاء في الحديث من طريق العامة ، عن عبدالله بن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من مات وليس في عنقه بيعة الامام(١) ، أو ليس في عنقه عهد الامام مات ميتة جاهلية.

وروى كثير منهم أنه عليه‌السلام قال : من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.

وهذان الخبران يطابقان المعني في قول الله تعالى : « يوم ندعو كل اناس بامامهم فمن اوتي كتابه بيمينه فاولئك يقرؤن كتابه ولا يظلمون فتيلا(٢) ».

فإن قال الخصوم : إن الامام ههنا هو الكتاب ، قيل لهم : هذا انصراف عن ظاهر القرآن بغير حجة توجب ذلك ولا برهان ، لان ظاهر التلاوة يفيد أن الامام في الحقيقة هو المقدم في الفعل والمطاع في الامر والنهي ، وليس يوصف بهذا الكتاب ، إلا أن يكون على سبيل الاتساع والمجاز ، والمصير إلى الظاهر من حقيقة الكلام أولى إلا أن يدعو إلى الانصراف عنه الاضطرار وأيضا فان أحد الخبرين يتضمن ذكر البيعة والعهد للامام ، ونحن نعلم أنه لا بيعة للكتاب في أعناق الناس ولا معنى لان يكون له عهد في الرقاب ، فعلم أن قولكم في الامام : إنه الكتاب غير صواب.

فإن قالوا : ما تنكرون أن يكون الامام المذكور في الآية هو الرسول؟ قيل لهم : إن الرسول قد فارق الامة بالوفاة ، وفي أحد الخبرين أنه إمام الزمان ، و هذا يقضي أنه حي ناطق موجود في الزمان ، فأما من مضى بالوفاة فليس يقال : إنه إمام إلا على معنى وصفنا للكتاب بانه إمام ، ولولا أن الامر(٣) كما ذكرناه لكان إبراهيم الخليل عليه‌السلام إمام زماننا ، لانا عاملون بشرعه متعبدون بدينه ، وهذا فاسد إلا على الاستعارة والمجاز ، وظاهر قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من مات وهو لا يعرف

____________________

(١) في المصدر : بيعة الامام.

(٢) النساء : ٤٩.

(٣) في المصدر والنسخة المخطوطة : ولو أن الامر.

٩٤

إمام زمانه » يدل على أن لكل زمان إماما في الحقيقة يصح أن يتوجه منه الامر ويلزم له الاتباع ، وهذا واضح لمن طلب الصواب ، ومن ذلك ما أجمع عليه أهل الاسلام من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض » فأخبر أنه قد ترك في الناس من عترته من لا يفارق الكتاب وجوده وحكمته ، وإنه لا يزال وجودهم مقرونا بوجوده ، في هذا دليل على أن الزمان لا يخلو من إمام ، ومنه ما اشتهر بين الرواة من قوله : في كل خلف من امتي عدل من أهل بيتي ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وإن أئمتكم وفودكم إلى الله فانظروا من توفدون في دينكم(١).

٥

باب

*(ان من أنكر واحدا منهم فقد أنكر الجميع)*

١ ـ ك : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن ابن مسكان عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أنكر واحدا من الاحياء فقد أنكر الاموات(٢).

ك : ابن الوليد ، عن الصفار وابن متيل والحميري جميعا عن ابن أبي الخطاب وابن يزيد وابن هاشم جميعا ، عن ابن أبي عمير وصفوان معا ، عن ابن مسكان مثله(٣).

نى : الكليني ، عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن ابن جمهور عن صفوان مثله(٤).

____________________

(١) كنز الكراجكى : ١٥١ و ١٥٢.

(٢) إكمال الدين : ٢٢٨.

(٣) اكمال الدين : ٢٢٩.

(٤) غيبة النعمانى : ٦٣.

٩٥

نى : ابن عقدة ، عن يحيى بن زكريا ، عن علي بن سيف ، عن أبان ، عن حمران عنه عليه‌السلام مثله(١).

٢ ـ ك : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن عيسى ، عن إسماعيل بن مهران ، عن محمد بن سعيد ، عن أبان بن تغلب قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : من عرف الائمة ولم يعرف الامام الذي في زمانه أمؤمن هو؟ قال : لا ، قلت : أمسلم هو؟ قال : نعم. قال الصدوق رحمه‌الله : الاسلام هو الاقرار بالشهادتين ، وهو الذي به تحقن الدماء والاموال ، والثواب على الايمان ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد حقن ماله ودمه إلا بحقهما ، وحسابه على الله عزوجل(٢).

٣ ـ ك : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن عبدالرحمان بن أبي ليلي(٣) ، عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام في حديث طويل يقول في آخره : كيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم ينذر؟ اتبعوا قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأقروا بما نزل من عند الله عزوجل ، اتبعوا آثار الهدى ، فإنها علامات الامانة والتقى ، واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى بن مريم وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن ، اقصدوا الطريق بالتماس المنار ، والتمسوا من وراء الحجب الآثار تستكملوا من دينكم ، وتؤمنوا بالله ربكم(٤).

بيان : لعل المراد بآثار الهدى(٥) الائمة عليهم‌السلام ، أو علومهم وأخبارهم وسننهم وآدابهم. والمنار : الامام. قوله عليه‌السلام : « من وراء الحجب » يحتمل أن يكون

____________________

(١) غيبة النعمانى : ٦٣.

(٢) اكمال الدين : ٢٢٩.

(٣) في المصدر : محمد بن عبدالرحمن بن ابى ليلى عن أبيه عن أبى عبدالله الصادق عليه‌السلام.

(٤) اكمال الدين : ٢٢٩ و ٢٣٠ فيه : تستكملوا امر دينكم.

(٥) او كان ذلك مصحف [ آثار الهداة ] او اطلق الهدى على الائمة عليهم‌السلام من باب زيد عدل.

٩٦

المراد حجب الحق تعالى ، أي إنكم لما كنتم محجوبين عن الحق تعالى بالحجب النورانية والظلمانية فاطلبوا آثار أنوار الحق وهم الائمة عليهم‌السلام ، ويحتمل أن يكون المراد بالحجب الائمة عليهم‌السلام فانهم حجب الرب والوسائط بينه وبين الخلق فيرجع إلى المعنى الاول ، أو المراد التمسوا بعد غيبة الحجب عنكم آثارهم وأخبارهم.

٤ ـ ك : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن علي بن محمد ، عن عمران ابن محمد بن عبدالحميد(١) ، عن محمد بن الفضيل عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي أنت والائمة من ولدك بعدي حجج الله على خلقه ، وأعلامه في بريته ، فمن أنكر واحدا منهم(٢) فقد أنكرني ، ومن عصا واحدا منهم(٣) فقد عصاني ، ومن جفا واحدا منهم(٤) فقد جفاني ، ومن وصلكم فقد وصلني ومن أطاعكم فقد أطاعني ، ومن والاكم فقد والاني ، ومن عاداكم فقد عاداني لانكم مني ، خلقتم من طينتي ، وأنا منكم(٥).

٥ ـ نى : ابن عقدة ، عن الحسن بن حازم(٦) ، عن عبيس بن هشام(٧) عن عبدالله بن جبلة ، عن الحكم بن أيمن ، عن محمد بن تمام قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إن فلانا مولاك يقرئك السلام ويقول لك : اضمن لي الشفاعة

____________________

(١) في المصدر : [ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوى السمرقندى رحمه‌الله قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن ابيه عن محمد بن على قال : حدثنى عمران عن محمد بن عبدالحميد ] وفى نسخة مصححة : على بن محمد بدل [ محمد بن على ] وفيها نقل عن نسخة : [ عمران بن محمد ] والظاهر ان الصحيح : عمران عن محمد بن عبدالحميد ، وهو عمران بن موسى الخشاب الاشعرى الذى يروى عن محمد بن عبدالحميد.

(٢ ـ ٤) في المصدر : منكم.

(٥) اكمال الدين : ٢٣٠.

(٦) في المصدر : حدثنا القاسم بن محمد بن الحسين بن حازم ( ابومحمد الحسن بن حازم ، خ ص ).

(٧) في نسخة : [ عيسى بن هشام ] وفى اخرى : [ عبيس بن هاشم ] وكلاهما مصحفان والرجل هو عباس بن هشام الناشرى الاسدى قال النجاشى : كسر اسمه فقيل : عبيس.

٩٧

فقال : أمن موالينا؟ قلت : نعم ، قال : أمره أرفع من ذلك ، قال : قلت : إنه رجل يوالي عليا ولم يعرف من بعده من الاوصياء ، قال : ضال ، قلت : فأقر بالائمة جميعا وجحد الآخر ، قال : هو كمن أقر بعيسى وجحد بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو أقر بمحمد وجحد بعيسى(١) عليه‌السلام ، نعوذ بالله من جحد حجة من حججه.

قال النعماني رحمه‌الله : فليحذر من قرأ هذا الحديث وبلغه هذا الكتاب أن يجحد أحدا من الائمة ، أو يهلك نفسه بالدخول في حال يكون منزلته فيها منزلة من جحد محمدا أو عيسى صلى الله عليهما ـ نبوتهما(٢).

٦ ـ نى : الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن منصور بن يونس ، عن محمد بن مسلم قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : رجل قال لي : اعرف الاخير من الائمة ولا يضرك أن لا تعرف الاول ، قال : فقال : لعن الله هذا فاني أبغضه ولا أعرفه ، وهل يعرف الاخير إلا بالاول(٢).

بيان : قوله : « ولا أعرفه » إما جملة حالية ، أى مع أني لا أعرفه ابغضه بسبب هذا القول ، أو معطوف على « ابغضه » أي لا أعرفه من شيعتي.

____________________

(١) في المصدر : وحجد عيسى.

(٢) غيبة النعمانى : ٥٥.

(٣) غيبة النعمانى : ٦٤. فيه : وهل عرف الاخير.

٩٨

٦

باب

*(ان الناس لا يهتدون الا بهم ، وانهم الوسائل بين الخلق)*

*(وبين الله ، وانه لا يدخل الجنة الا من عرفهم)*

١ ـ لى : ابن مسرور(١) ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن محمد بن زياد الازدي عن المفضل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : بلية(٢) الناس عظيمة إن دعوناهم لم يجيبونا ، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا(٣).

٢ ـ ل : ابن الوليد ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحجال ، عن نصر ـ العطار عمن رفعه باسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : ثلاث اقسم أنهن حق : إنك والاوصياء من بعدك عرفاء(٤) لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتكم وعرفاء لا يدخل الجنة إلا من عرفكم وعرفتموه ، وعرفاء لا يدخل النار إلا من أنكركم وأنكرتموه(٥).

٣ ـ ع : الدقاق ، عن الكليني ، عن علي بن محمد ، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري أن العالم كتب إليه يعني الحسن بن علي عليهما‌السلام أن الله عزوجل بمنه ورحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض عليكم لحاجة منه إليه ، بل رحمة منه

____________________

(١) زاد في نسخة الكمبانى [ عن أبيه ] وهى زائدة.

(٢) في نسخة الكمبانى : [ بلية الله الناس ] والمصدر والنسخة المخطوطة يطابقان الصلب

(٣) امالى الصدوق : ٣٦٣ ( م ٨٩ ) ذيله : قال المفضل : وسمعت الصادق عليه‌السلام يقول لاصحابه : من وجد برد حبنا على قلبه فليكثر الدعاء لامه فانها لم تخن اباه.

(٤) العرفاء جمع عريف ، وهو القيم بامور القبيلة ، او الجماعة من الناس يلى امورهم ويتعرف الامير منه احوالهم. فعيل بمعنى فاعل.

(٥) الخصال ١ : ٧٣.

٩٩

إليكم(١) ، لا إله إلا هو ، ليميز الخبيث من الطيب وليبتلي ما في صدوركم ، و ليمحص ما في قلوبكم ، ولتتسابقوا إلى رحمته ولتتفاضل منازلكم في جنته ، ففرض عليكم الحج والعمرة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية ، وجعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرائض ، ومفتاحا إلى سبيله ، ولولا محمد ، والاوصياء من ولده كنتم حيارى كالبهائم ، لا تعرفون فرضا من الفرائض ، وهل يدخل قرية إلا من بابها؟ فلما من الله عليكم باقامة الاولياء بعد نبيكم قال الله عزوجل : « اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا(٢) » وفرض عليكم لاوليائه حقوقا أمركم بأدائها ، ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومأكلكم ومشربكم ، ويعرفكم بذلك البركة والنماء والثروة ، وليعلم من يطيعه منكم بالغيب ، وقال الله تبارك وتعالى : « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى(٣) » فاعلموا أن من بخل فانما يبخل عن نفسه(٤) ، إن الله هو الغني وأنتم الفقراء إليه ، لا إله إلا هو ، فاعلموا(٥) من بعد ما شئتم ، فسيرى الله عملكم ، ورسوله والمؤمنون ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون والعاقبة للمتقين. والحمد لله رب العالمين(٦).

٤ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم ، عن عبيدالله بن موسى العبسي ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : يا علي إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرئيل على الصراط ، ولم يجز أحد إلا من كان معه

____________________

(١) تخلو النسخة المخطوطة : عن كلمة : [ اليكم ] وفى المصدر : بل رحمة منه ( عليكم خ ).

(٢) المائدة : ٣.

(٣) الشورى : ٢٣.

(٤) في نسخة : فانما يبخل على نفسه.

(٥) الصحيح كما في المصدر : فاعملوا.

(٦) علل الشرايع : ٩٣ و ٩٤.

١٠٠