بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

معهم ، لا يفارقونه حتى يردوا علي الحوض(١).

٣٨ ـ كا : في الروضة عن علي بن محمد عن على بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال في حديث طويل في قول الله عز وجل : « والنجم إذا هوى » قال : اقسم بقبر(٢) محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا قبض « ما ضل صاحبكم » بتفضيله أهل بيته « وما غوى * وما ينطق عن الهودى » يقول : ما يتكلم بفضل أهل بيته بهواه ، وهو قول الله عزوجل : « إن هو إلا وحي يوحى(٣) » و قال الله عزوجل لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الامر بيني وبينكم(٤) « قال : لو أني امرت أن اعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي فكان مثلكم كما قال الله عزوجل : « كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله(٥) » يقول : أضاءت الارض بنور محمد (ص) كما تضيئ الشمس ، فضرب الله مثل محمد الشمس ، ومثل الوصي القمر وهو قوله عن ذكره : « جعل الشمس ضياء والقمر نورا(٦) » وقوله : « وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون(٧) » وقوله عزوجل : « ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون(٨) » يعني قبض محمد فظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته ، وهو قوله عزوجل : « وإن تدعهم إلى الهدى لا يسمعوا تراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون(٩) » ثم إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وضع العلم الذي كان عنده عند

____________________

(١) كنز الفوائد : ٣٣٨ فيه : [ مثلهم كمثل نجوم السماء ] وفيه : لا يفارقهم ولا يفارقونه.

(٢) في المصدر : اقسم بقبص محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٣) النجم : ١ ـ ٤.

(٤) الانعام : ٥٨.

(٥ و ٨) البقرة : ١٧.

(٦) يونس : ٥.

(٧) يس : ٣٧.

(٩) الاعراف : ١٩٨. والصحيح : « وان تدعوهم » ولعل الوهم من النساخ.

٣٢١

الوصي وهو قول الله عزوجل : « الله نور السماوات والارض » يقول : أنا هادي السماوات والارض ، مثل العلم الذي اعطيته وهو نوري الذى يهتدى به مثل المشكاة فيها المصباح ، فالمشكاة قلب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمصباح النور الذي فيه العلم ، وقوله : « المصباح في زجاجة » يقول : إني اريد أن أقبضك فاجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة « كأنها كوكب دري » فأعلمهم فضل الوصي « توقد(١) من شجرة مباركة » فأصل الشجرة المباركة إبراهيم عليه‌السلام وهو قول الله عزوجل : « رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد(٢) » وهو قول الله عزوجل : « إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم(٣) ».

« لا شرقية ولا غربية » يقول : لستم بيهود فتصلوا قبل المغرب ، ولا نصارى فتصلوا قبل المشرق وأنتم على ملة إبراهيم صلى الله عليه وقد قال الله عزوجل : « ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين » (٤) وقوله عزوجل : يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء » يقول : مثل أولادكم الذين يولدون منكم مثل الزيت الذي يعصر من الزيتون « يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء » يقول : يكادون أن يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم ملك(٥).

٣٩ ـ نى : الكليني عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن عبدالعزيز العبدي عن ابن أبي يعفور قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إني اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتوالونكم ويتوالون فلانا وفلانا لهم أمانة و صدق ووفاء ، وأقوام يتوالونكم ليس لهم تلك الامانة ولا الوفاء ولا الصدق! قال :

____________________

(١) في المصحف الشريف : يوقد.

(٢) هود : ٧٣.

(٣) آل عمران : ٣٣ و ٣٤.

(٤) آل عمران : ٦٧.

(٥) روضة الكافى : ٣٧٩ ـ ٣٨١. فيه : كمثل الزيت.

٣٢٢

فاستوى أبوعبدالله عليه‌السلام جالسا وأقبل علي كالمغضب ثم قال : لا دين لمن دان بولاية إمام جائر ليس من الله ، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله ، قلت : لا دين لاولئك ، ولا عتب على هؤلاء(١)؟ ثم قال : ألا تسمع قول الله عزوجل « الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور » من ظلمات(٢) الذنوب إلى نور التوبة أو المغفرة لولايتهم كل إمام عادل ، من الله قال(٣) : والذين كفروا أولياءهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات « فأي نور يكون للكافر فيخرج منه؟ إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الاسلام ، فلما توالوا كل إمام جائر ليس من الله خرجوا بولايتهم إياهم من نور الاسلام إلى ظلمات الكفر ، فأوجب الله لهم النار مع الكفار فقال : اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون(٤).

بيان : العجب بالتحريك : التعجب ، والعتب بالفتح : الغضب ، والملامة.

وبالتحريك : الامر الكريه ، والشدة ، ولعل المعنى لا عتب عليهم يوجب خلودهم في النار ، أو العذاب الشديد ، أو عدم استحقاق المغفرة ، وربما يحمل المؤمنون على غير المصرين على الكبائر من ظلمات الذنوب ، كأنه عليه‌السلام استدل بأنه تعالى لما قال : « آمنوا » بصيغة الماضي و « يخرجهم » بصيغة المستقبل دل على أنه ليس المراد الخروج من الايمان. فإنه كان ثابتا ، ولما كان « الظلمات » جمعا معرفا باللام مفيدا للعموم يشمل الذنوب كما يشمل الجهالات ، فإما إن يوفقهم للتوبة فيتوب عليهم ، أو يغفر لهم بغير توبة إن ماتوا كذلك ، ويحتمل التخصيص بالاول ، لكنه بعيد عن السياق.

كانوا على نور الاسلام ، أي على فطرة الاسلام ، فإن كل مولود يولد على الفطرة ، أو الآية في قوم كانوا على الاسلام قبل وفات الرسول فارتد وابعده باتباع

____________________

(١) زاد في نسخة من المصدر : فقال : نعم لا دين لاولئك ولا عتب على هؤلاء ، ثم قال : الا سمعت :

(٢) يعنى من ظلمات الذنوب.

(٣) في المصدر : لولايتهم كل امام عادل ، ثم قال.

(٤) عيبة النعمانى : ٦٥.

٣٢٣

الطواغيت وأئمة الضلال ، وهذا هو الظاهر ، فاستدل عليه‌السلام على كونها نازلة فيهم بأنه لابد من أن يكون لهم نور حتى يخرجوهم منه ، والقول بأن الاخراج قد يستعمل بالمنع عن شئ وإن لم يدخلوا فيه تكلف ، فالآية نازلة فيهم كما اختاره مجاهد من المفسرين أيضا.

٤٠ ـ كنز : محمد بن العباس عن الحسين بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يونس قال : حدث أصحابنا أن أبا الحسن عليه‌السلام كتب إلى عبدالله بن جندب : قال لي علي بن الحسين(١) عليه‌السلام إن مثلنا في كتاب الله كمثل المشكاة ، والمشكاة في القنديل فنحن المشكاة « فيها مصباح » والمصباح محمد « المصباح في زجاجة » نحن الزجاجة « توقد(٢) من شجرة مباركة » علي « زيتونة » معروفة « لا شرقية ولا غربية » لا منكرة ولا دعية « يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور » القرآن « على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثال للناس والله بكل شئ عليم » بأن يهدي من أحب إلى ولايتنا(٣).

بيان : هذه الاخبار مبنية عن كون المراد بالمشكاة الانبوبة في وسط القنديل والمصباح الفتيلة المشتعلة.

٤١ ـ كنز : عن عمرو بن شمر عن جابر قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن هذه الآية فقال : « والذين كفروا » بنو امية « أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء » والظمآن نعثل ، فيطلق بهم فيقول : اوردكم الماء « حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب(٤) ».

٤٢ ـ كنز : عن محمد بن جمهور عن حماد عن حريز عن الحكم بن حمران قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قوله عزوجل : « أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج

____________________

(١) الصحيح كما في المصدر : قال : قال على بن الحسين عليه‌السلام.

(٢) هكذا في الكتاب ومصدره ، وفى المصحف الشريف : يوقد.

(٣) كنز جامع الفوائد : ١٨٤.

(٤) كنز جامع الفوائد : ١٨٦.

٣٢٤

من فوقه موج(١) » قال : أصحاب الجمل وصفين والنهروان » من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض » قال : بنو امية « إذا أخرج يده » يعني أمير المؤمنين في ظلماتهم « لم يكد يراها » أي إذا نطق بالحكمة بينهم لم يقبلها منه أحد إلا من أقر بولايته ثم بامامته : « ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور » أي من لم يجعل الله له إماما في الدنيا فماله في الآخرة من نور : إمام يرشده ويتبعه إلى الجنة(٢).

١٩

باب

*(رفعة بيوتهم المقدسة في حياتهم وبعد وفاتهم عليهم‌السلام)*

*(وانها المساجد المشرفة)*

١ ـ كنز : محمد بن العباس عن المنذر بن محمد القابوسي عن أبيه عن عمه عن أبيه عن أبان بن تغلب عن نفيع بن الحارث(٣) عن أنس بن مالك وعن بريدة قالا : قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله « في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال » فقام إليه رجل فقال : أي بيوت هذه يا رسول الله؟ فقال : بيوت الانبياء ، فقام إليه أبوبكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها؟ وأشار إلى بيت علي وفاطمة عليهما‌السلام قال : نعم من أفضلها(٤).

٢ ـ كنز : محمد بن العباس عن محمد بن الحسن بن علي عن أبيه عن جده عن محمد بن الحميد عن محمد بن الفضيل قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قول الله عزوجل

____________________

(١) هذا وامثاله أمثال كليات في القرآن ينطبق في كل عصر على افراد ، فكا ينطبق في آونة على اصحاب الجمل وصفين والنهروان ، وفى آونة اخرى على غيرهم ، فلا ينافى هذا ما تقدم من تطبيقه على غيرهم.

(٢) كنز جامع الفوائد : ١٨٦ و ١٨٧.

(٣) هو نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو الثقفى ابوبكرة صحابى مشهور بكنية ، اسلم بطائف ثم نزل البصرة ومات بها سنة احدى او اثنتين وخمسين.

(٤) كنز جامع الفوائد : ١٨٥.

٣٢٥

« في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه » قال : بيوت محمد رسول الله (ص) ، ثم بيوت علي عليه‌السلام منها(١).

٣ ـ فض : عن ابن عباس قال : كنت في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد قرأ القاري « في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه » الآية ، فقلت : يا رسول الله ما البيوت؟ فقال : بيوت الانبياء ، وأومأ بيده إلى منزل فاطمة عليها‌السلام(٢).

٤ ـ كنز : محمد بن العباس عن محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل عن عيسى بن داود قال : حدثنا الامام موسى بن جعفر عن أبيه عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال » قال : بيوت آل محمد (ص) بيت علي وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر عليهم‌السلام قلت : « بالغدو والآصال » قال : الصلاة في أوقاتها ، قال : ثم وصفهم الله عزوجل وقال : « رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار » قال : هم الرجال لم يخلط الله معهم غيرهم ، ثم قال : « ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله » قال : ما اختصهم به من المودة والطاعة المفروضة وصير مأواهم الجنة « والله يرزق من يشاء بغير حساب(٣) ».

بيان : يحتمل أن يكون المراد بالبيوت في الآية البيوت المعنوية فانه شائع بين العرب والعجم التعبير عن الانساب الكريمة والاحساب الشريفة بالبيوت ، و أن يكون المراد بها البيوت الصورية كبيوتهم عليهم‌السلام في حياتهم وروضاتهم المنورة بعد وفاتهم ، والمراد بالرجال إما الائمة عليهم‌السلام أو خواص شيعتهم أو الاع قال الطبرسي رحمه‌الله « في بيوت أذن الله أن ترفع » : معناه هذه المشكاة في بيوت هذه صفتها وهي المساجد ، في قول ابن عباس وغيره ، ويعضده قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

____________________

(١) كنز جامع الفوائد : ١٨٥.

(٢) الروضة : ١٢٢. زاد في هامش : وقال : انه منها.

(٣) كنز جامع الفوائد : ١٨٥ و ١٨٦. والاية في سورة النور : ٣٦ ـ ٣٨.

٣٢٦

« المساجد بيوت الله في الارض وهي تضئ لاهل السماء كما تضئ النجوم لاهل الارض ».

وقيل : هي بيوت الانبياء ، ثم أيده بما مر من رواية أنس ، ثم قال : و يعضده قوله تعالى : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا(١) » وقوله : « رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت(٢) » فالاذن برفع بيوت الانبياء والاوصياء مطلق ، والمراد بالرفع التعظيم ورفع القذر من الارجاس و التطهير من المعاصي والادناس ، وقيل : المراد برفعها الحوائج فيها إلى الله تعالى « ويذكر فيها اسمه » أي يتلى فيها كتابه أو أسماؤه الحسنى « يسبح له فيها بالغدو والآصال » أي يصلي له فيها بالبلكر والعشايا ، وقيل : المراد بالتسبيح تنزيه الله سبحانه عما لا يجوز عليه ، ووصفه بالصفات التي يستحقها لذاته وأفعاله التي كلها حكمة وصواب ، ثم بين سبحانه المسبح فقال : « رجال لا تلهيهم » أي لا تشغلهم ولا تصرفهم « تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة ».

٥ ـ وروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام أنهم قوم إذا حضرت الصلاة تركوا التجارة وانطلقوا إلى الصلاة وهم أعظم أجرا ممن لم يتجر(٣).

٦ ـ فس : محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك عن القاسم بن الربيع عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن منخل عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : « في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه » قال : هي بيوت الانبياء وبيت علي عليه‌السلام منها(٤).

٧ ـ كا : محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن حنان عن سالم الحناط قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : « فأخرجنا من كان فيها من

____________________

(١) الاحزاب : ٣٣.

(٢) هود : ٧٣.

(٣) مجمع البيان ٧ : ١٤٤ و ١٤٥ فيه : ممن يتجر.

(٤) تفسير القمى : ٤٥٧.

٣٢٧

المؤمنين فما وجدنها فيها غير بيت من المسلمين(١) » فقال أبوجعفر عليه‌السلام : آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يبق فيها غيرهم(٢).

قب : عن سالم مثله(٣).

بيان : كأن الضمير على هذا التأويل راجع إلى المدينة ، وهو إشارة إلى خروج أمير المؤمنين وأهل بيته عليهم‌السلام منها إلى الكوفة ، أو المعنى أن المدينة وخروج علي عليه‌السلام منها كانت شبيهة بقرية لوط وخروجه منها ، إذ لما أراد الله إهلاكهم أخرجه منها ، فكذا لما أراد أن يشمل أهل المدينة بسخطه لكفرهم وضلالتهم أخرج أمير المؤمنين عليه‌السلام وأهل بيته منها ، فشملهم من البلايا الصورية والمعنوية أصنافها.

٨ ـ ل : ابن إدريس عن أبيه عن الاشعري عن أبي عبدالله الرازي عن ابن أبي ـ عثمان عن موسى بن بكر عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : إن الله تعالى اختار من البيوتات أربعة ، فقال عزوجل : « إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين » الخبر(٤).

٩ ـ ج : عن ابن نباته قال : كنت جالسا عند أمير المؤمنين عليه‌السلام فجاء ابن الكوا فقال : يا أمير المؤمنين قول الله عزوجل(٥) : « ليس البر بأن تأتو البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها » وقال عليه‌السلام(٦) : نحن البيوت التي أمر الله أن يؤتى من أبوابها ، ونحن باب الله وبيوته التي يؤتى منه ، فمن بايعنا(٧) وأقر بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها ، ومن خالفنا وفضل علينا غيرنا

____________________

(١) الذاريات : ٣٥ و ٣٦.

(٢) اصول الكافى ١ : ٤٢٥.

(٣) مناقب آل ابى طالب ٣ : ٤٨٦.

(٤) الخصال ١ : ١٠٧. والاية في سورة آل عمران : ٣٣.

(٥) في المصدر : من البيوت في قول الله عزوجل؟

(٦) في المصدر : قال على عليه‌السلام.

(٧) في المصدر : فمن تابعنا.

٣٢٨

فقد أتى البيوت من ظهورها(١).

١٠ ـ كا : العدة عن البرقي عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أتى قتادة(٢) بن دعامة البصري أبا جعفر عليه‌السلام فقال عليه‌السلام له : أنت فقيه أهل البصرة؟ قال : نعم ، فقال له أبوجعفر عليه‌السلام : ويحك يا قتادة إن الله عزوجل خلق خلقا من خلقه فجعلهم حججا على خلقه ، فهم أوتاد في أرضه ، قوام بأمره ، نجباء في علمه ، اصطفاهم قبل خلقه أظلة عن يمين عرشه ، قال : فسكت قتادة طويلا ثم قال : أصلحك الله ، والله لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك ، فقال له أبوجعفر عليه‌السلام : أتدري أين أنت؟ بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، فأنت ثم ونحن اولئك ، فقال له قتادة : صدقت والله جعلني الله فداك والله ما هي بيوت حجارة ولا طين(٣).

أقول : الخبر طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، وتمامه في كتاب الاحتجاجات من هذا الكتاب.

١١ ـ فس : أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسن بن فضال عن أبي ـ جميلة عن محمد الحلبي عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : « رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا » إنما هي يعني الولاية ، من دخل فيها دخل بيوت الانبياء(٤).

بيان : لعل المعنى أن المراد بالبيت البيت المعنوي كما مر ، وبيوت الانبياء كلها بيت واحد هي بيت العز والشرف والكرامة والاسلام ، فمن تولاهم فقد دخل بيوتهم ولحق بهم ، فأهل الولاية من الشيعة داخلون في هذا البيت ، ويشملهم دعاء نوح عليه‌السلام.

____________________

(١) احتجاج الطبرسى : ١٢١. والاية في البقرة : ١٨١

(٢) احد الائمة الاعلام من اهل السنة ، احتج به ارباب الصحاح ، مات في ١١٧.

(٣) فروع الكافى ٢ : ١٥٤ فيه : ويحك اتدرى أين انت؟ انت بين يدى.

(٤) تفسير القمى : ٦٩٨ فيه : [ انما يعنى ] وفيه : دخل في بيوت الانبياء.

٣٢٩

وقال الطبرسي رحمه‌الله في قوله تعالى : « ولمن دخل بيتي » أي دخل داري وقيل : مسجدي ، وقيل : سفينتي ، وقيل : يريد بيت محمد (ص) « وللمؤمنين والمؤمنات » عامة ، وقيل : من امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله(١).

١٢ ـ كا : العدة عن ابن عيسى عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد الحلبي عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله عزوجل : « رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا » يعني الولاية ، من دخل في الولاية دخل في بيت الانبياء ، وقوله : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » يعني الائمة عليهم‌السلام وولايتهم من دخل فيها دخل في بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله(٢).

بيان : لعل المراد في تأويل الآية الثانية ذكر نظير لكون المراد بالبيت البيت المعنوي ، فإن المراد بها بيت الخلافة ، لا أن من دخل فيها يكون من أهل البيت ، فإنه فرق بين الداخل في البيت وبين من يكون من أهله ، على أنه يحتمل أن يكون هذا بطنا من بطون الآية ، وعلى هذا البطن يكون أهل هذا البيت منزهين عن رجس الكفر والشرك ، وإن كان بعضهم مخصوصين بالعصمة من سائر الذنوب. والله يعلم.

١٣ ـ كنز : محمد بن العباس عن الحسن بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يونس عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام في قوله عزوجل : « وأن المساجد لله » قال : هم الاوصياء(٣).

كا : العدة عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل مثله(٤).

١٤ ـ كنز : محمد بن العباس عن محمد بن أبي بكر عن محمد بن إسماعيل عن عيسى ابن داود النجار عن موسى بن جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : « وأن المساجد لله

____________________

(١) مجمع البيان ١٠ : ٣٦٥ والاية في سورة نوح : ٢٨.

(٢) اصول الكافى ١ : ٤٣٢ والاية الاولى في سورة نوح : ٢٨ والثانية في الاحزاب : ٣٣.

(٣) كنز الفوائد : ٣٥٦. والاية في سورة الجن : ١٨.

(٤) اصول الكافى ١ : ٤٢٥.

٣٣٠

فلا تدعوا مع الله أحدا » قال : سمعت أبي جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : هم الاوصياء والائمة منا واحدا فواحدا فلا تدعوا إلى غيرهم فتكونوا كمن دعا مع الله أحدا هكذا نزلت(١).

١٥ ـ فس : أبي عن الحسين بن خالد عن الرضا عليه‌السلام في قوله : « وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا » قال : المساجد الائمة صلوات الله عليهم(٢).

بيان : اختلف في المساجد المذكورة في الآية الكريمة فقيل : المراد بها المواضع التي بنيت للعبادة ، وقد دل عليه بعض أخبارنا ، وقيل : هي المساجد السبعة كما روي عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام وغيره ، وقيل : هي الصلوات ، وأما التأويل الوارد في تلك الاخبار فيحتمل وجهين : الاول أن يكون المراد بها بيوتهم ومشاهدهم فإن الله تعالى جعلها محلا للسجود ، أي الخضوع والتذلل والاطاعة ، فيقدر مضاف في الاخبار ، وعلى هذا الوجه يحتمل التعميم بحيث يشمل سائر البقاع المشرفة ويكون ذكر هذا الفرد لبيان أشرف أفرادها ، والثاني أن يكون المراد بها الائمة بأن يكون المراد بالبيوت البيوت المعنوية كما مر ، أو لكونهم أهل المساجد حقيقة على تقدير مضاف في الآية والاول أظهر(٣).

١٦ ـ شى : عن الحسين بن مهران عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : « وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد » قال : يعني الائمة(٤).

بيان : يحتمل أن يكون المعنى أن المرد بالمسجد بيوت الائمة ويكون أمرا بإتيانهم وإطاعتهم ، أو أن المراد بالمسجد الائمة ، لانهم أهل المساجد حقيقة ، أو

____________________

(١) كنز الفوائد : ٣٥٦ قوله : هكذا نزلت ، أى أراد الله ذلك من الاية ، ومنه ومما تقدم في الباب السابق يعلم ان ذلك كان تعبيرا شائعا في لسان الائمة عليهم‌السلام ، فما توهم بعض اصحابنا الاخباريين من أن هذه الروايات تدل على التحريف توهم في غير محله.

(٢) تفسير القمى : ٧٠٠.

(٣) ولعل الثانى أظهر ، يؤيد ذلك قوله ، فلا تدعوا إلى غيرهم.

(٤) تفسير العياشى ٢ : ١٢. والاية في سورة الاعراف : ٢٩.

٣٣١

لانهم الذين أمر الله تعالى بالخضوع عندهم والانقياد لهم(١).

١٧ ـ شى : عن الحسين بن مهران عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : « خذوا زينتكم عند كل مسجد » قال : يعني الائمة عليهم‌السلام(٢).

بيان : أي ولايتهم زينة معنوية للروح لابد من اتخاذها في الصلاة ، ولا ينافي ذلك ما ورد من تفسيرها باللباس الفاخر وبالطيب والامتشاط عند كل صلاة ، لان المراد بالزينة ما يشمل كلا من الزينة الصورية والمعنوية ، وإنما ذكروا عليهم‌السلام في كل مقام ما يناسبه ، ويحتمل هذا الخبر وجهين آخرين : الاول أن يكون المراد تفسير المسجد ببيوتهم ومشاهدهم عليهم‌السلام ويشهد له بعض الاخبار ، والثاني أن يكون المعنى كون الخطاب متوجها إليهم عليهم‌السلام كما ورد أنه مختص بالجمعة والعيدين ، و وجوبها مختص بهم وبحضورهم على قول الاكثر ، أوهم الاولى بها عند حضورهم على قول الجميع.

١٨ ـ كا : حميد بن زياد عن أبي العباس عبيد الله بن أحمد الدهقان عن علي ابن الحسن الطاطري عن محمد بن زياد بياع السابري عن أبان عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « في بيوت أذن الله أن ترفع » قال : هي بيوت النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله(٣).

١٩ ـ مد : باسناده إلى الثعلبى من تفسيره عن المنذر بن محمد القابوسي عن الحسين بن سعيد عن أبيه عن أبان بن تغلب عن نسفيع(٤) بن الحارث عن أنس بن مالك وعن بريدة(٥) قالا : قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الآية : « في بيوت أذن الله أن

____________________

(١) ويحتمل ايضا ان يكون قوله : يعنى الائمة ، تفسير للوجوه ، وهو بتقدير المضاف أى ولايتهم.

(٢) تفسير العياشى ٢ : ١٣.

(٣) روضه الكافى : ٣٣١.

(٤) في نسخة : [ نقيع ] وفى المصدر : ( سقع ) والكل مصحف والصحيح : [ نفيع ] بالفاء وهو نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو الثقفى على ما تقدم.

(٥) في المصدر : انس بن مالك عن بريدة قال.

٣٣٢

ترفع » إلى قوله : « والابصار » فقام إليه رجل فقال : أي بيوت يا رسول الله هذا البيت منها لبيت أي بيت علي وفاطمة عليهما‌السلام ، قال : نعم من أفاضلها(١).

٢٠

باب

*(عرض الاعمال عليهم عليهم‌السلام وأنهم الشهداء على الخلق)*

الايات ، البقرة « ٢ » : وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ١٤٣.

النساء « ٤ » : فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ٤١.

التوبة « ٩ » : وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ٩٤.

وقال سبحانه : وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ١٠٥.

النحل « ١٦ » : ويوم نبعث من كل امة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون ٨٤.

وقال تعالى : ويوم نبعث في كل امة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ٨٩.

القصص « ٢٨ » : ونزعنا من كل امة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون ٧٥.

____________________

(١) العمدة : ١٥٢ فيه : [ وقال : اى بيوت يا رسول الله؟ فقال : بيوت الانبياء عليهم السلام ، قال : فقام اليه أبوبكر رضى الله عنه فقال : يا رسول الله هذا البيت منها لبيت على و فاطمة عليهما‌السلام؟ قال : نعم من افاضلها ] وهو الصحيح وتقدم نحوه عن الكنز تحت رقم : ١ والظاهر ان نسخة المصنف كانت ناقصة ، او وقع التحريف والسقط من النساخ.

٣٣٣

تفسير : قال الطبرسي في قوله تعالى : « وكذلك جعلناكم امة وسطا » الوسط العدل ، وقيل : الخيار ، قال صاحب العين : الوسط من كل شئ أعدله وأفضله ، و متى قيل : إذا كان في الامة من ليست(١) هذه صفته فكيف وصف جماعتهم بذلك؟ فالجواب أن المراد به من كان بتلك الصفة لان كل عصر لا يخلو من جماعة هذه صفتهم. وروى بريد عن الباقر عليه‌السلام قال : نحن الامة الوسط ، ونحن شهداء الله على خلقه وحجته في أرضه.

وفي رواية اخرى : قال عليه‌السلام : إلينا يرجع الغالي ، وبنا يلحق المقصر. وروى الحاكم أبوالقاسم الحسكاني ، في كتاب شواهد التنزيل باسناده عن سليم بن قيس عن علي عليه‌السلام إن الله تعالى ، إيانا عنى بقوله : « لتكونوا شهداء على الناس » فرسول الله شاهد علينا. ونحن شهداء الله على خلقه ، وحجته في أرضه ، و نحن الذين قال الله : « وكذلك جعلناكم امة وسطا ».

وقوله : « لتكونوا شهداء على الناس » فيه ثلاثة أقوال : أحدها لتشهدوا على الناس بأعمالهم التي خالفوا فيها الحق في الدنيا والآخرة كما قال : « وجيئ بالنبيين والشهداء(٢) ».

والثاني : لتكونوا حجة على الناس فتبينوا لهم الحق والدين ويكون الرسول شهيدا عليكم مؤديا للذين إليكم.

والثالث : أنهم يشهدون للانبياء على اممهم المكذبين لهم بأنهم قد بلغوا ، و قوله : « ويكون الرسول عليكم شهيدا » أي شاهدا عليكم بما يكون من أعمالكم وقيل : حجة عليكم ، وقيل : شهيدا لكم بأنكم قد صدقتم يوم القيامة فيما تشهدون به ، ويكون « على » بمعنى اللام كقوله : « وما ذبح على النصب(٣) » أي للنصب(٤).

____________________

(١) في المصدر : من ليس.

(٢) الزمر : ٧.

(٣) المائدة : ٣.

(٤) مجمع البيان ٢ : ٢٢٤ و ٢٢٥.

٣٣٤

وقال رحمه‌الله في قوله تعالى : « فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد » : إن الله تعالى يستشهد يوم القيامة كل نبي على امته فيشهد لهم وعليهم ويستشهد نبينا على امته(١).

أقول : وقد مر في كتاب المعاد وسيأتي ما يدل على أن حجة كل زمان شهيد على أهل ذلك الزمان ، ونبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله شهيد على الشهداء.

وقال رحمه‌الله في قوله تعالى : « وقل اعملوا » أي اعملوا ما أمركم الله به عمل من يعلم أنه مجازى على فعله فإن الله سيرى عملكم ، وإنما أدخل سين الاستقبال لان ما لم يحدث لا يتعلق به الرؤية فكأنه قال : كل ما تعملونه يراه الله تعالى وقيل : أراد بالرؤية ههنا العلم الذي هو المعرفة ولذلك عداه إلى مفعول واحد أي يعلم الله تعالى ذلك فيجازيكم عليه ويراه رسوله ، أي يعلمه فيشهد لكم بذلك عند الله ويراه المؤمنون قيل : أراد بالمؤمنين الشهداء ، وقيل : أراد بهم الملائكة الذينهم الحفظة الذين يكتبون الاعمال.

وروى أصحابنا أن أعمال الامة تعرض على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في كل اثنين وخميس فيعرفها ، وكذلك تعرض على أئمة الهدى عليهم‌السلام فيعرفونها ، وهم المعنيون بقوله : « والمؤمنون » (٢).

وقال في قوله تعالى : « ونزعنا من كل امة شهيدا » أي وأخرجنا من كل امة من الامم رسولها الذي يشهد عليهم بالتبليغ وبما كان منهم ، وقيل : هم عدول الآخرة ولا يخلو كل زمان منهم يشهدون على الناس بما عملوا(٣).

١ ـ كا : علي بن محمد عن سهل عن ابن يزيد عن زياد القندي عن سماعة قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام في قوله الله عزوجل : « فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا » : قال : نزلت في امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة في كل قرن

____________________

(١) مجمع البيان : ٤٩.

(٢) مجمع البيان ٥ : ٦٩.

(٣) مجمع البيان : ٧ : ٢٦٣.

٣٣٥

منهم إمام منا شاهد عليهم ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله شاهد علينا(١).

بيان : يمكن أن يكون المراد بها تخصيص الشاهد والمشهود عليهم جميعا بهذه الامة ، فيكون المراد بكل امة في الآية كل قرن من تلك الامة ويحتمل أيضا أن يكون المراد تخصيص الشاهد فقط ، أي يكون في كل قرن من هذه الامة واحد من الائمة عليهم‌السلام يكون شاهدا على من في عصرهم من هذه الائمة ، وعلى جميع من مضى من الامم ، والاول أظهر لفظا ، والثاني معنا ، وإن كان بحسب اللفظ يحتاج إلى تكلفات.

٢ ـ كا : الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشا عن ابن عائذ عن ابن اذينة عن بريد قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس » فقال عليه‌السلام : نحن الامة الوسطى ، ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه ، قلت : قول الله عزوجل : « ملة أبيكم إبراهيم » قال : إيانا عنى خاصة « هو سماكم المسلمين من قبل » في الكتب التي مضت « وفي هذا » القرآن « ليكون الرسول عليكم شهيدا » (٢) فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله عزوجل ، ونحن الشهداء على الناس ، فمن صدق صدقناه يوم القيامة ومن كذب كذبناه يوم القيامة(٣).

٣ ـ قب : عن الكاظم عليه‌السلام في قوله تعالى : « فاكتبنا مع الشاهدين » قال : نحن هم ، نشهد للرسل على اممها(٤).

٤ ـ قب : قيس بن أبي حازم عن ام سلمة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله : « اولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين » أنا « والصديقين » علي « والصالحين » حمزة « وحسن اولئك رفيقا » الائمة الاثنى عشر بعدي(٥).

____________________

(١) اصول الكافى ١ : ١٩٠

(٢) الحج : ٧٨.

(٣) اصول الكافى ١ : ١٩٠.

(٤) مناقب آل ابى طالب ٣ : ٤٠٣. والاية في آل عمران : ٥٣ ، والمائدة : ٨٣.

(٥) مناقب آل ابى طالب ١ : ٢٤٣.

٣٣٦

٥ ـ وعن الباقر عليه‌السلام : المراد بالنبيين المصطفى ، وبالصديقين المرتضى ، و بالشهداء الحسن والحسين عليهما‌السلام ، وبالصالحين تسعة من أولاد الحسين عليهم‌السلام ، و حسن اولئك رفيقا. المهدي عليه‌السلام(١).

بيان : لعل المراد أن المذكورين أفضل أفراد كل من الفقرات ، وقوله : والصالحين حمزة ، أي هو أيضا داخل فيهم ، وفي بيان معنى اسم الاشارة أشار إلى دخول بقية الائمة أيضا فيهم ، وإن كان ظاهره أن المقصودين باسم الاشارة غير غير المذكورين قبله لبعده عن سياق الآية ، وأما قوله : « وحسن اولئك رفيقا » فيحتمل أن يكون المراد أن أول وفاقتهم(٢) عليهم‌السلام في زمانه عليه‌السلام في الرجعة.

٦ ـ قب : عن عروة بن الزبير قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قوله : « وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون » فقال عليه‌السلام إيانا عنى(٣).

٧ ـ فر : الحسين بن العباس وجعفر بن محمد بن سعيد عن الحسن بن الحسين عن عمرو بن أبي المقدام عن ميمون البان مولى بني هاشم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى : « وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا » قال أبوجعفر عليه‌السلام : منا شهيد على كل زمان ، علي بن أبي طالب في زمانه ، والحسن عليه‌السلام في زمانه ، والحسين عليه‌السلام في زمانه ، وكل من يدعو منا إلى أمر الله(٤).

٨ ـ فر : بإسناده عن يريد قال : كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام فسألته عن قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون » إلى آخر السورة(٥) قال : إيانا عنى ، نحن المجتبون ، لم يجعل علينا في الدين

____________________

(١) مناقب آل ابى طالب ١ : ٢٤٣.

(٢) هكذا في الكتاب ، ولعله مصحف : رفاقتهم.

(٣) مناقب آل ابى طالب ٣ : ٥٠٤ فيه : عروة بن اذينة.

(٤) تفسير فرات : ٨.

(٥) اى إلى اخر سورة الحج.

٣٣٧

من ضيق ، والحرج أشد من الضيق « ملة أبيكم إبراهيم » إيانا عنى خاصة « هو سماكم المسلمين » سمانا المسلمين « من قبل » في الكتب التي مضت « وفي هذا » القرآن « ليكون الرسول شهيدا عليكم » فالرسول الشهيد علينا بما بلغنا عن الله ونحن الشهداء على الناس ، فمن صدق صدقناه يوم القيامة ، ومن كذب كذبناه يوم القيامة(١).

٩ ـ فر(٢) : أبوالقاسم بن شبل عن ظفر بن حمدون بن أحمد عن إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن عبدالحميد وعبدالله بن الصلت عن حنان بن سدير عن أبيه قال إبراهيم : وحدثني عبدالله بن حماد عن سدير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في نفر من أصحابه ، إن مقامي بين أظهركم خير لكم ، وإن مفارقتي إياكم خير لكم ، فقام إليه جابر بن عبدالله الانصاري وقال : يا رسول الله أما مقامك بين أظهرنا فهو خير لنا(٣) فكيف يكون مفارقتك إيانا خيرا لنا؟ قال عليه‌السلام : أما مقامي بين أظهركم فهو خير لكم لان الله عزوجل يقول : « وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون » يعني يعذبهم بالسيف ، فأما مفارقتي إياكم فهو خير لكم ، لان أعمالكم تعرض علي كل اثنين وخميس ، فما كان من حسن حمدت الله تعالى عليه ، وما كان من سيئ استغفرت لكم.

ير : محمد بن عبدالحميد عن حنان عن أبيه مثله(٤).

شى : عن حنان مثله(٥).

____________________

(١) تفسير فرات : ٩٧ و ٩٨.

(٢) هكذا في الكتاب ، ولم نجده في تفسير فرات ، واسناده لا يناسبه ، والصحيح : ( ما ) اى امالى ابن الشيخ ، ويؤيد ذلك قول المصنف بعد ذلك : ما : بالاسناد. والحديث يوجد في الامالى ص ٢٦٠.

(٣) في تفسير العياشى : فهو حير لنا فقد عرفنا.

(٤) بصائر الدرجات : ١٣١.

(٥) تفسير العياشى ٢ : ٥٤ و ٥٥. والاية في الانفال : ٣٣.

٣٣٨

بيان : قوله عليه‌السلام : يعني يعذبهم بالسيف ، لعل المعنى أنه لا يعذبهم بعذاب الاستيصال ما دمت فيهم ، بل يعذبهم بالسيف(١).

١٠ ـ ما : بالاسناد عن إبراهيم عن محمد بن الحسين(٢) ويعقوب بن يزيد وعبدلله بن الصلت والعباس بن معروف ومنصور وأيوب والقاسم ومحمد بن عيسى ومحمد ابن خالد وغيرهم عن ابن أبي عمير عن ابن اذينة قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فقلت له : جعلت فداك قوله عزوجل : « وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون » قال : إيانا عنى(٣).

١١ ـ ير : محمد بن الحسين ويعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن اذينة عن بريد العجلي عنه عليه‌السلام مثله(٤).

١٢ ـ ما : المفيد عن علي بن بلال عن علي بن سليمان عن أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد السياري عن محمد البرقي عن سعيد بن مسلم عن داود بن كثير الرقي قال : كنت جالسا عند أبي عبدالله عليه‌السلام إذ قال لي مبتدئا من قبل نفسه : يا داود لقد عرضت علي أعمالكم يوم الخميس ، فرأيت فيما عرض علي من عملك صلتك لابن عمك فلان فسرني ذلك ، إني علمت أن صلتك له أسرع لفناء عمره وقطع أجله قال داود : وكان لي ابن عم معاند خبيث بلغني عنه وعن عياله سوء حاله فصككت له نفقة قبل خروجي إلى مكة ، فلما صرت بالمدينة أخبرني أبوعبدالله عليه‌السلام بذلك(٥).

بيان : الصك : الكتاب الذي يكتب للعطايا والارزاق.

١٣ ـ فس : أبي عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : « وقل

____________________

(١) اولا يوجد الخلاف بينهم مادمت فيهم فيحارب بعضهم بعضا.

(٢) في المصدر : محمد بن الحسن.

(٣) امالى ابن الشيخ : ٢٦١.

(٤) بصائر الدرجات : ١٢٦.

(٥) امالى ابن الشيخ : ٢٦٤.

٣٣٩

اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون » المؤمنون ههنا الائمة الطاهرة عليهم‌السلام(١).

١٤ ـ وعن محمد بن الحسن الصفار عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن أعمال العباد تعرض على رسول الله (ص) كل صباح أبرارها وفجارها ، فاحذروا فليستحي أحدكم أن يعرض على نبيه العمل القبيح(٢).

١٥ ـ وعنه عليه‌السلام قال : ما من مؤمن يموت أو كافر يوضع في قبره حتى يعرض عمله على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى أمير المؤمنين صلوات الله عليهما ، وهلم جرا إلى آخر من فرض الله طاعته ، فذلك قوله : « وقل اعملوا فسيرى الله عملكم رسوله والمؤمنون(٣) »

١٦ ـ مع : أبي عن محمد العطار عن سهل عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إن أبا الخطاب كان يقول : إن رسول الله (ص) تعرض عليه أعمال امته كل خميس ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : ليس هكذا ، ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعرض عليه أعمال امته كل صباح أبرارها وفجارها فاحذروا وهو قول الله عزوجل : « وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون » وسكت ، قال أبوبصير : إنما عنى الائمة عليهم‌السلام(٤).

شى : عن أبي بصير مثله إلى قوله : والمؤمنون(٥).

١٧ ـ ب : هارون عن ابن زياد عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام عن النبي (ص) قال : مما أعطى الله امتي وفضلهم به على سائر الامم أن أعطاهم ثلاث خصال لم يعطها إلا نبي ، وذلك أن الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبيا قال له اجتهد في دينك ولا حرج عليك ، وإن الله تبارك وتعالى أعطى ذلك امتي حيث يقول : « وما جعل عليكم في الدين من حرج » يقول : من ضيق ، وكان إذا بعث نبيا قال له : إذا أحزنك أمر تكرهه فادعني أستجب لك ، وإن الله أعطى امتي ذلك ، حيث يقول : « ادعوني

____________________

(١ ـ ٣) تفسير القمى : ٢٧٩ و ٢٨٠.

(٤) معانى الاخبار : ١١١.

(٥) تفسير العياشى ٢ : ١٠٩ فيه : هو هكذا ولكن.

٣٤٠