الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩
بيان : أقول : ظهر من تلك الاخبار الضمائر راجعة إلى أهل البيت و سائر الذرية الطيبة ، والظالم : الفاسق منهم ، والمقتصد الصالح منهم ، والسابق بالخيرات : الامام ، ولا يدخل في تلك من لم تصح عقيدته منهم ، أو ادعى الامامة بغير حق ، أو الظالم : من لم تصح عقيدته ، والمقتصد : من صحت عقيدته ، ولم يأت بما يخرجه عن الايمان ، فعلى هذا قوله : « جنات عدن يدخلونها » الضمير فيه راجع إلى المقتصد والسابق ، لا الظالم ، وعلى التقديرين المراد بالاصطفاء أن الله اصطفى تلك الذرية الطيبة بأن جعل منهم أوصياء وأئمة ، لا أنه اصطفى كلا منهم ، وكذا المراد بايراث الكتاب أنه أورثه بعضهم ، وهذا شرف للكل إن لم يضيعوه.
٢٣ ـ كنز : عن شيخ الطائفة ، عن أبي جعفر القلانسي عن الحسين بن الحسن عن عمرو بن أبي المقدام عن يونس بن حباب عن الباقر عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما بال أقوام إذا ذكروا آل إبراهيم وآل عمران استبشروا ، و إذا ذكروا آل محمد اشمأزت قلوبهم؟ والذي نفس محمد بيده لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا يوم القيامة ما قبل الله منه حتى يوافي بولايتي وولاية على بن أبي طالب(١).
٢٤ ـ كنز : شيخ الطائفة باسناده عن إبراهيم بن النخعي عن ابن عباس قال : دخلت على أمير المؤمنين عليهالسلام فقلت : يا أبا الحسن أخبرني بما أوصى إليك رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : ساخبركم ، إن الله اصطفى لكم الدين وارتضاه ، وأتم نعمته عليكم ، وكنتم أحق بها وأهلها ، وإن الله أوحى إلى نبيه أن يوصي إلي فقال النبى صلىاللهعليهوآله : يا علي احفظ وصيتي ، وارع ذمامي(٢) وأوف بعهدي ، وأنجز عداتي ، واقض ديني ، وأحي سنتي ، وادع إلى ملتي ، لان الله تعالى اصطفاني و اختارني فذكرت دعوة أخي موسى فقلت : اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي كما جعلت هارون من موسى ، فأوحى الله عزوجل إلى : إن عليا وزيرك وناصرك والخليفة
____________________
(١) كنز جامع الفوائد : ٤٩.
(٢) في نسخة : وادفع ذمامى.
من بعدك ، ثم(١) يا علي أنت من أئمة الهدى ، وأولادك منك(٢) ، فأنتم قادة الهدى والتقى ، والشجرة التي أنا أصلها ، وأنتم فرعها ، فمن تمسك بها فقد نجا ومن تخلف عنها فقد هلك وهوى ، وأنتم الذين أوجب الله تعالى مودتكم وولايتكم والذين ذكرهم الله في كتابه ووصفهم لعباده فقال عزوجل من قائل : « إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم » فأنتم صفوة الله من آدم ونوح وآل ابراهيم وآل عمران. و أنتم الاسرة(٣) من إسماعيل ، والعترة الهادية من محمد صلىاللهعليهوآله عليه وعليهم(٤).
٢٥ ـ فس : قال العالم عليهالسلام : نزل « وآل إبراهيم وآل عمران و آل محمد على العالمين » فأسقطوا آل محمد من الكتاب(٥).
٢٦ ـ ما : الفحام عن محمد بن عيسى عن هارون عن أبي عبدالصمد إبراهيم عن أبيه عن جده إبراهيم بن عبدالصمد قال : سمعت جفعر بن محمد عليهالسلام يقرأ « إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين » قال : هكذا نزلت(٦).
٢٧ ـ فس : قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : « الحمد لله(٧) وسلام على عباده الذين اصطفى » قال : هم آل محمد صلىاللهعليهوآله(٨).
٢٨ ـ قب : الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : « ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا(٩) » نزلت في حقنا وحق ذرياتنا خاصة.
____________________
(١) في نسخة : ثم قال : يا على.
(٢) في المصدر : واولادى منك.
(٣) في نسخة : وانتم الاسوه.
(٤) كنز جامع الفوائد : ٥٠.
(٥) تفسير القمى : ٩١.
(٦) امالى ابن الشيخ : ١٨٨.
(٧) في المصدر : [ قل الحمد لله ] والاية في سورة النمل : ٥٩.
(٨) تفسير القمى : ٤٧٨.
(٩) فاطر : ٣٢.
٢٩ ـ وفي رواية عنه وعن أبيه عليهماالسلام هي لنا خاصة وإيانا عنى.
٣٠ ـ وفي رواية أبي الجارود عن الباقر عليهالسلام هم آل محمد صلىاللهعليهوآله.
٣١ ـ وعن زيد بن علي قال : نحن اولئك.
٣٢ ـ أبان بن الصلت سأل المأمون العلماء عن معنى هذه الآية فقالوا : أراد بذلك الامة كلها ، فقال للرضا عليهالسلام : ما تقول يا أبا الحسن؟ قال : أقول : أراد(١) بذلك العترة الطاهرة لا غيرهم.
٣٣ ـ زياد بن المنذر عن الباقر عليهالسلام هذه لآل محمد وشيعتهم.
٣٤ ـ وعنه(٢) عن الباقر عليهالسلام : أما الظالم لنفسه منا فمن عمل عملا صالحا وآخر سيئا ، وأما المقتصد فهو المتعبد المجتهد ، وأما السابق بالخيرات فعلي عليهالسلام والحسن والحسين عليهمالسلام ، ومن قتل من آل محمد شهيدا.
٣٥ ـ وفي رواية سالم عنه عليهالسلام : السابق بالخيرات الامام ، والمقتصد العارف للامام ، والظالم لنفسه الذي لا يعرف الامام(٣).
٣٦ ـ الباقر عليهالسلام في قول إبراهيم : « ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد » نحن بقية تلك العترة ، وقال : كانت دعوة إبراهيم لنا خاصة(٤).
٣٧ ـ كنز : محمد بن العباس عن محمد بن همام عن سهل(٥) عن محمد بن إسماعيل العلوي عن عيسى بن داود النجار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : « اولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمان خروا سجدا وبكيا » قال : نحن ذرية إبراهيم ، ونحن
____________________
(١) في المصدر : اراد الله.
(٢) في النسخة المخطوطة والمصدر : زياد بن المنذر.
(٣) مناقب آل أبى طالب ٣ : ٢٧٤.
(٤) مناقب آل ابوطالب ٣ : ٣١٤ ، والاية في سورة ابراهيم : ٣٤.
(٥) في المصدر : [ محمد بن همام بن سهل ] والظاهر ان الصحيح : محمد بن همام بن سهيل.
المحمولون مع نوح ، ونحن صفوة الله ، وأما قوله : « وممن هدينا واجتبينا » فهم والله شيعتنا الذين هداهم الله لمودتنا واجتباهم لديننا فحيوا عليه وماتوا عليه وصفهم الله بالعبادة والخشوع ورقة القلب ، فقال : « إذا تتلى عليهم آيات الرحمان خروا سجدا وبكيا » ثم قال عزوجل : « فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا » وهو جبل(١) من صفر يدور في وسط(٢) جهنم.
٣٨ ـ فر : محمد بن القاسم بإسناده عن ابن عباس في قول الله تعالى : « فاجعل أفئدة من الناس(٣) » قال. قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هي قلوب شيعتنا تهوي إلى محبتنا(٤).
٣٩ ـ فر : أحمد بن القاسم بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله يحكي قول إبراهيم خليل الله : « ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم » إلى آخر القصة فقال عليهالسلام ما قال : إليه ، يعني البيت ، ما قال إلا : إليهم(٥) أفترون أن الله فرض عليكم إتيان هذه الاحجار والتمسح بها ، ولم يفرض عليكم إتياننا وسؤالنا وحبنا أهل البيت؟ والله ما فرض عليكم غيره(٦).
٤٠ ـ شى : عن رجل عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله : « إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم » إلى قوله : « لعلهم يشكرون ، قال : فقال أبوجعفر عليهالسلام : نحن هم ، ونحن بقية تلك الذرية(٧).
٤١ ـ وفي رواية اخرى عن حنان بن سدير عنه عليهالسلام : ونحن بقية تلك العترة(٨).
____________________
(١) في المصدر : جيل من صفر.
(٢) كنز الفوائد : ١٥٢ و ١٥٣. والايتان في سورة مريم : ٥٨ و ٥٩.
(٣) في المصدر : « فاجعل افئدة من الناس تهوى اليهم « والاية في ابراهيم : ٣٤.
(٤) تفسير فرات : ٨١.
(٥) في قوله : تهوى الهيم.
(٦) تفسير فرات : ٨٠.
(٧ و ٨) تفسير العياشى ٢ : ٢٣١.
٤٢ ـ كا : الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشا عن المثنى عن عبدالله بن عجلان عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : « إن أولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا » هم الائمة ومن اتبعهم(١).
٤٣ ـ أقول : روى الطبرسي رحمهالله في مجمع البيان عن عمر بن يزيد قال : قال لي أبوعبدالله عليهالسلام : أنتم والله من آل محمد ، قلت : من أنفسهم جعلت فداك؟ قال : نعم ، والله من أنفسهم ، قالها ثلاثا ، ثم نظر إلي ونظرت إليه فقال : يا عمر أن الله عزوجل يقول في كتابه : « إن أولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين(٢) ».
٤٤ ـ شى : عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض » قال : نحن منهم ، ونحن بقية تلك العترة(٣).
٤٥ ـ شى : عن هشام بن سالم قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن قول الله : « إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم » فقال(٤) : هو آل إبراهيم وآل محمد « على العالمين » فوضعوا اسما مكان اسم(٥).
٤٦ ـ شى : عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : لما قضى محمد (ص) نبوته واستكملت أيامه أوحى الله : يا محمد قد قضيت نبوتك ، واستكملت أيامك ، فاجعل
____________________
(١) اصول الكافى ١ : ٤١٦. فيه : « قال : هم الائمة » والاية في سورة آل عمران : ٦٨.
(٢) مجمع البيان ٢ : ٤٥٨.
(٣) تفسير العياشى ١ : ١٦٨.
(٤) في المصدر : [ ان الله اصطفى ادم ونوحا ، فقال ] أقول : لعل المراد انه كان [ ال محمد ] مكان [ آل عمران ] فوضعوا هذا مكان ذاك ، والحديث ينافى ما ثبت صحته بالضرورة من المصحف الشريف واخبارا تقدم ويأتى مع انه من الاخبار الاحاد التى لا توجب علما ولا عملا ، وانه مرسل مروى من كتاب العياشى الذى لم يثبت سماعه من المشايخ ، نعم يأتى بعد ذلك قراءة ابن مسعود ولكنها لا تطابق ذلك.
(٥) تفسير العياشى ١ : ١٦٨.
العلم الذي عندك من الايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة ، في العقب من(١) ذريتك فإني لم أقطع العلم والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من بيوتات الانبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم(٢) وذلك قول الله : « إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم » وإن الله جل وتعالى لم يجعل العلم جهلا ، ولم يكل أمره إلى أحد من حلقه ، لا إلى ملك مقرب ، ولا إلى نبي مرسل ولكنه أرسل(٣) رسلا من ملائكته ، فقال له : كذا وكذا ، يأمرهم بما يجب ، وينهاهم(٤) عما يكره ، فقص عليه(٥) أمر خلقه بعلم ، فعلم ذلك العلم وعلم أنبياءه وأصفياءه من الانبياء والاعوان(٦) والذرية التي بعضها من بعض ، فذلك قوله : « فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما » فأما الكتاب فهو النبوة ، وأما الحكمة فهم الحكماء من الانبياء في الصفوة ، وأما الملك العظيم فهم الائمة الهداة في الصفوة ، وكل هؤلاء من الذرية التي بعضها من بعض التي جعل فيهم البقية وفيهم العاقبة وحفظ الميثاق حتى ينقضي الدنيا ، وللعلماء ولولاة الامر الاستنباط العلم والهداية(٧).
بيان : لم يجعل العلم(٨) جهلا ، أي لم يجعل مبنيا على الجهل بأن يكون أمر الحجة مجهولا ، أو لم يجعل العلم مخلوطا بالجهل ، بل لابد أن يكون الامام
____________________
(١) في نسخة : في اهل بيتك عند على بن ابى طالب فانى.
(٢) ههنا تم المنقول من الوحى وما بعده من كلام أبى جعفر عليهالسلام.
(٣) في نسخة : ارسل رسولا.
(٤) في المصدر : فأمرهم بما يجب ونهاهم عما يكره.
(٥) في المصدر : [ فقص عليه امر خلقه بعلمه ] اقول : الضمير في له وعليه : يرجع إلى الرسول من الملائكة.
(٦) في نسخة : [ من الاباء والاخوان ] وفى نسخة الكمبانى : من الابناء والاعوان.
(٧) تفسير العياشى ١ : ١٦٨ و ١٦٩ فيه : وبولاة الامر.
(٨) اى لم يجعله في موضع مجهول بل بين وعرف مواضعه التى يجب الاخذ عنها.
عالما بجميع ما يحتاج إليه الخلق ، ولا يكون اختيار مثله إلا منه تعالى ، أو لم يبن أحكامه بالظنون وإلا لكان جهلا. لانه قد لا يطابق الواقع ، ولم يكل أمره ، أي أمر خلافته ونصب حججه ، ويحتمل إرجاع الضمير إلى العلم.
٤٧ ـ شى : عن أبي عبدالرحمان عن أبي كلدة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الروح والراحة والرحمة والنصرة واليسر واليسار و الرضا والرضوان والمخرج والفلج(١) والقرب والمحبة من الله ومن رسوله لمن أحب عليا وائتم بالاوصياء من بعده حقا(٢) علي أن ادخلهم في شفاعتي ، و حق على ربي أن يستجيب لي فيهم ، لانهم أتباعي ، ومن تبعني فإنه مني ، مثل إبراهيم جرى في ، لانه مني وأنا منه ، ودينه ديني ، وديني دينه ، وسنته سنتي وسنتي سنته ، وفضلي فضله ، وأنا أفضل منه ، وفضلي له فضل ، وذلك تصديق قول ربي « ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم(٣) ».
٤٨ ـ عن أيوب(٤) قال : سمعني أبوعبدالله عليهالسلام وأنا أقرأ : « إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين » فقال لي : وآل محمد ، كانت ، فمحوها ، وتركوا آل إبراهيم وآل عمران(٥).
٤٩ ـ شى : عن أبي عمرو الزبيري(٦) عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قلت له : ما الحجة في كتاب الله أن آل محمد هم أهل بيته؟ قال : قول الله تبارك وتعالى : « إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد » هكذا نزلت
____________________
(١) الفلج : الفوز والغلبة
(٢) في المصدر : حق على.
(٣) تفسير العياشى ١ : ١٦٩ فيه : « جرى في ولايته منى وانا منه » وفيه تصحيف.
(٤) في اثبات الهداة : عن أبى ايوب.
(٥) تفسير العياشى ١ : ١٦٩.
(٦) ترجمه الممقانى في باب الكنى وقال : لم اقف على اسمه. اقول : الظاهر هو ابوعمرو محمد بن عمرو بن عبدالله بن مصعب بن الزبير الزبيرى المترجم في فهرست النجاشى : ١٥٣.
« على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم » ولا يكون الذرية من القوم إلا نسلهم من أصلابهم.
وقال : « اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور » وآل عمران و آل محمد(١).
٥٠ ـ كنز : محمد بن العباس عمن رواه عن محمد بن جمهور عن حماد عن حريز عن الفضيل عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : « ولقد اخترناهم على علم على العالمين(٢) » قال : الائمة من المؤمنين فضلناهم على من سواهم(٣).
٥١ ـ أقول : روى ابن بطريق في العمدة من تفسير الثعلبي باسناده عن الاعمش عن أبي وائل قال : قرأت مصحف(٤) عبدالله بن مسعود : ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين(٥).
١٣
باب
*(ان مودتهم أجر الرسالة ، وسائر ما نزل في مودتهم)*
الآيات :
الرعد « ١٣ » : ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية « ٣٨ ».
٦٤ ـ حم عسق « ٤٢ » : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور « ٢٣ ».
____________________
(١) تفسير العياشى ١ : ١٦٩ و ١٧٠ زاد في نسخة من المصدر بعد الحديث : رواية ابى خالد القماط عنه.
(٢) الدخان : ٣٢.
(٣) كنز جامع الفوائد : ٢٩٨. فيه : [ روى عمن رواه ] والظاهر انه لم يخرجه من كتاب محمد بن العباس.
(٤) في المصدر : قال : قرأت في مصحف عبدالله بن مسعود.
(٥) العمدة ٢٧ و ٢٨.
تفسير : قال الطبرسي رحمهالله في قوله تعالى : « ولقد أرسلنا » قال ابن عباس عيروا رسول الله صلىاللهعليهوآله بكثرة تزوج النساء ، وقالوا : لو كان نبيا لشغلته النبوة عن تزوج النساء فنزلت الآية.
وروي أن أبا عبدالله عليهالسلام قرأ هذه الآية ثم أومأ إلى صدره وقال : نحن والله ذرية رسول الله صلىاللهعليهوآله(١).
وقال رحمهالله في قوله تعالى : « قل لا أسألكم عليه أجرا » : اختلف في معناه على أقوال : أحدها لا أسألكم في تبليغ الرسالة أجرا إلا التواد والتحاب فيما يقرب إلى الله تعالى.
وثانيها : أن معناه إلا أن تودوني في قرابتي منكم وتحفظوني لها ، فهو لقريش خاصة.
وثالثها : أن معناه إلا أن تودوا قرابتي وعترتي وتحفظوني فيهم ، عن علي ابن الحسين عليهالسلام وسعيد بن جبير وعمرو بن شعيب وجماعة وهو المروي عن أبي ـ جعفر وأبي عبدالله عليهما الصلاة والسلام ، وأخبرنا ، السيد أبوالحمد مهدي بن نزار الحسيني عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني(٢) عن القاضي أبى بكر
____________________
(١) مجمع البيان ٦ : ٢٩٧.
(٢) منسوب إلى حسكان كغضبان : قرية من قرى نيسابور والرجل هو الحاكم ابوالقاسم عبيد الله بن عبدالله بن احمد بن محمد بن حمد بن محمد بن حسكان القرشى العامرى النيسابورى الحنفى يعرف بابن الحداد ، ترجمه الذهبى في تذكرة الحفاظ ووصفه بالقاضى المحدث ، وقال شيخ متقن ذو عناية تامة بعلم الحديث وهو من ذرية الامير عبدالله بن عامر بن كريز الذى افتتح خراسان زمن عثمان ، وكان معمرا عالى الاسناد ، صنف وجمع ، وحدث عن جده وابن ابى الحسن العلوى وابى عبدالله الحاكم وأبى طاهر بن محمش وأبى الحسن على بن السقا وأبى عبدالله ابن باكويه وخلق ، واختص بصحبة ابى بكر ابن الحارث الاصبهانى النحوى واخذ عنه ، واخذ ايضا عن الحافظ احمد بن على بن منجويه : وتفقه على القاضى ابى العلاء صاعد بن محمد وما زال يسمع ويجمع ويفيد ، وقد اكثر عنه المحدث عبد النافر بن اسماعيل الفارسى وذكره في تاريخه انتهى وترجمه ايضا ابن شهر آشوب في معالم العلماء وعد من تصانيفه شواهد التنزيل بقواعد.
الحيري(١) عن أبي العباس الضبعي عن الحسن بن زياد السري(٢) عن يحيى بن عبدالحميد الحماني عن حسين الاشتر(٣) عن قيس عن الاعمش عن ابن جبير عن ابن عباس قال : « لما نزلت قل لا أسألكم عليه أجرا » الاية ، قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين امرنا(٤) بمودتهم؟ قال : علي وفاطمة وولدهما.
وأخبرنا السيد أبوالحمد عن أبي القاسم بالاسناد المذكور في كتاب شواهد التنزيل مرفوعا إلى أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله تعالى خلق الانبياء من أشجار شتى ، وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة ، فأنا أصلها ، و علي فرعها(٥) ، والحسن والحسين ثمارها وأشياعنا أوراقنا(٦) فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ هوى(٧) ، ولو أن عبدا عبدالله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالي ، ثم لم يدرك محبتنا أكبه الله على منخريه في النار ، ثم تلا « قل لا أسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى ».
وروى زاذان عن علي عليهالسلام قال : فينا في آل حم آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن ، ثم قرأ هذه الآية.
وإلى هذا أشار الكميت في قوله :
____________________
التفضيل ، وخصائص على بن ابى طالب عليهالسلام في القرآن ، ومسألة في تصحيح رد الشمس وترغيم النواصب الشمس. توفى بعد سنة ٤٩٠.
(١) في نسخة : « الحائرى » وفى المصدر : الحميرى.
(٢) في المصدر : الحسن بن على بن زياد السرى
(٣) هكذا في الكتاب ومصدره ، والظاهر أن الصحيح الاشقر ، وهو الحسين بن الحسن الاشقر الفزارى الكوفى يروى عن قيس بن الربيع ، راجع تهذيب التهذيب ٢ : ٣٣٥ و ٣٣٦ وسيأتى في حديث عن تفسير فرات التصريح بذلك
(٤) في المصدر : امرنا الله بمودتهم.
(٥) زاد في المصدر : وفاطمة لقاحها.
(٦) في نسخة : [ ثمارنا والحسن والحسين اوراقنا ] وفى المصدر : ثمارها والحسن والحسين اوراقها.
(٧) في المصدر : ومن زاغ عنها هوى.
وجدنا لكم في آل حم آية |
|
تأولها منا تقى ومعرب(١) |
وعلى التقادير ففي المودة قولان : أحدهما أنه استثناء منقطع ، لان هذا مما يحب بالاسلام فلا يكون أجرا للنبوة ، والاخر أنه استثناء متصل ، والمعنى لا أسألكم أجرا إلا هذا ، فقد رضيت به أجرا ، كما أنك تسأل غيرك حاجة فيعرض المسئول عليك برا ، فتقول له : اجعل بري قضاء حاجتي ، وعلى هذا يجوز أن يكون المعنى لا أسألكم أجرا إلا هذا ونفعه أيضا عائد إليكم ، فكأني لا أسألكم أجرا(٢).
وذكر أبوحمزة الثمالي في تفسيره : حدثني عثمان بن عمير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس إن رسول الله صلىاللهعليهوآله حين قدم المدينة واستحكم الاسلام قالت الانصار فيما بينهم : يأتي رسول الله صلىاللهعليهوآله فنقول له : تعروك امور ، فهذه أموالنا فاحكم(٣) فيها غير حرج ولا محظور عليك ، فأتوه في ذلك فنزل(٤) قل : « لا أسألكم عليك أجرا إلا المودة في القربى » فقرأها عليهم ، فقال : تودون قرابتي من بعدي فخرجوا من عنده مسلمين لقوله ، فقال المنافقون : إن هذا لشئ افتراه في مجلسه ، أراد بذلك أن يذللنا لقرابته من بعده ، فنزلت : « أم يقولون افترى على الله كذبا » فأرسل إليهم فتلاها عليهم ، فبكوا واشتد عليهم ، فأنزل الله : « وهو الذي يقبل التوبة عن عباده » الآية ، فأرسل في أثرهم فبشرهم قال : « ويستجيب الذين آمنوا » وهم الذين سلموا لقوله ، ثم قال تعالى : « ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا » أي من فعل طاعة نزد له في تلك الطاعة حسنا بان نوجب له الثواب. وذكر أبوحمزة الثمالى عن السدي أنه قال : اقتراف الحسنة المودة لآل محمد صلىاللهعليهوآله.
____________________
(١) اى فسرها كل من كان تتقى وتخفى رأيه. ومن كان يسعه اظهار رأيه وافصاح بمذهبه.
(٢) في المصدر : لم اسألكم اجرا.
(٣) في المصدر : ان تعرك امور فهذه اموالنا تحكم.
(٤) في المصدر : فنزلت.
وصح عن الحسن بن على عليهالسلام أنه خطب الناس فقال في خطبته : أنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم ، فقال : « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا » واقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت.
وروى إسماعيل بن عبدالخالق عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : إنها نزلت فينا أهل البيت أصحاب الكساء ، انتهى كلامه اعلى الله مقامه(١).
وقال العلامة روح الله روحه في كتاب كشف الحق : روى الجمهور في الصحيحين وأحمد بن حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره عن ابن عباس قال : لما نزل : « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » قالوا : يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال : « علي وفاطمة وابناهما » ووجوب المودة يستلزم وجوب الطاعة انتهى(٢).
وقال البيضاوي : « قل لا أسألكم عليه » على ما أتعاطاه من التبليغ والبشارة « أجرا » نفعا منكم « إلا المودة في القربى » أن تودوني لقرابتي منكم ، أو تودوا قرابتي ، وقيل : الاستثناء منقطع ، والمعنى لا أسألكم أجرا فقط ، ولكن أسألكم المودة ، « وفي القربى » حال منها.
روي أنها لما نزلت قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء؟ قال : علي وفاطمة وابناهما ، ثم قال : « ومن يقترف حسنة » ومن يكتسب طاعة سيما حب آل الرسول صلىاللهعليهوآله(٣).
وقال الرازي في تفسيره الكبير : روى الكلبي عن ابن عباس قال : إن النبي لما قدم المدينة كانت تنوبه نوائب وحقوق وليس في يده سعة ، فقال الانصار : إن هذا الرجل قد هداكم الله على يده ، وهو ابن اختكم وجاركم في بلدكم
____________________
(١) مجمع البيان ٩ : ٢٨ و ٢٩.
(٢) احقاق الحق : ٣.
(٣) انوار التنزيل ٢ : ٣٩٧.
فاجمعوا له طائفة من أموالكم ففعلوا ، ثم أتوه به فرده عليهم ونزل قوله تعالى : « قل لا أسألكم عليه أجرا » أي على الايمان إلا أن تودوا أقاربي ، فحثهم على مودة أقاربه ، ثم قال : نقل صاحب الكشاف(١) عن النبى صلىاللهعليهوآله إنه قال : من مات على حب آل محمد مات شهيدا ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفورا له ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الايمان ، ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير ألا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها ألا ومن مات على حب آل محمد صلىاللهعليهوآله فتح له في قبره بابا إلى الجنة ، ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة ، ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه : آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة.
هذا هو الذي رواه صاحب الكشاف ، وأنا أقول : آل محمد هم الذين يؤل أمرهم إليه ، وكل من كان أول أمرهم إليه كانت أشد وأكمل كانوا هم الآل ، و لا شك أن فاطمة وعليا والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوآله أشد التعلقات ، وهذا كالمعلوم المتواتر ، فوجب أن يكونوا هم الآل ، وأيضا اختلف الناس في الآل فقيل : هم الاقارب ، وقيل : هم امته ، فإن حملناه على القرابة فهم الآل. وإن حملناه على الامة الذين قبلوا دعوته فهم أيضا آل ، فثبت أن على جميع التقديرات هم آل ، وما غيرهم هل يدخلون تحت لفظ الآل فمختلف فيه ، فثبت على جميع التقديرات أنهم آل محمد صلىاللهعليهوآله.
وروى صاحب الكشاف أنه لما نزلت هذه الآية قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ فقال : علي وفاطمة وابناهما(٢).
____________________
(١) يوجد في الكشاف ٤ : ١٧٣.
(٢) تفسير الكشاف ٤ : ١٧٢.
فثبت أن هؤلاء الاربعة أقارب النبي صلىاللهعليهوآله ، وإذا ثبت هذا وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد التعظيم ، ويدل عليه وجوه :
الاول قوله تعالى : « إلا المودة في القربى » ووجه الاستدلال به ما سبق. الثاني : لما ثبت أن النبي (ص) كان يحب(١) فاطمة ، قال صلىاللهعليهوآله : « فاطمة بضعة منى يؤذيني ما يؤذيها » وثبت بالنقل المتواتر عن محمد صلىاللهعليهوآله أنه كان يحب عليا والحسن والحسين عليهمالسلام ، وإذا ثبت ذلك وجب على كل الامة مثله ، لقوله تعالى : « فاتبعوه لعلكم تفلحون » (٢) ولقوله تعالى : « فليحذر الذين يخالفون عن أمره(٣) » ولقوله : « قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله(٤) » ولقوله سبحانه : « لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله(٥) ».
الثالث : أن الدعاء للآل منصب عظيم ، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلوات وهو قوله : اللهم صل على محمد وآل محمد ، وارحم محمدا وآل محمد ، وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل ، فكل ذلك يدل على أن حب آل محمد واجب.
وقال الشافعي :
يا راكبا قف بالمحصب من منى |
|
واهتف بساكن خيفها والناهض |
____________________
(١) ولم يكن حبه صلىاللهعليهوآله لها ولعلى عليهالسلام وابنيه حبا طبيعيا كحب الاباء الابناء والاصهار ، بل كان حبا ناشئا عن ميز خلقى ومزية شرعى فيهم ، ويكشف عن ذلك انه صلىاللهعليهوآله اطلق في حق فاطمة عليهاالسلام قوله : انه يؤذيه ما يؤذيها ، و قوله في حق على عليهالسلام : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله. وغير ذلك مما ورد في حقهم عليهمالسلام.
(٢) لم نجدها في المصحف الشريف بهذا اللفظ والموجود في سورة الاعراف : ١٥٨ : واتبعوه لعلكم تهتدون.
(٣) النور : ٦٣.
(٤) آل عمران : ٣١.
(٥) الاحزاب : ٢١.
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى |
فيضا كملتطم الفرات الفائض |
إن كان رفضا حب آل محمد |
فليشهد الثقلان أني رافضي |
انتهى(١).
وقال صاحب الكشاف زائدا على ما نقله عنه الرازي : روي عن علي عليهالسلام قال : شكوت إلى رسول الله (ص) حسد الناس لي فقال : « أما ترضى أن تكون رابع أربعة : أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين ، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا ، وذرياتنا خلف أزواجنا ».
وعن النبي صلىاللهعليهوآله حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي ومن اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبدالمطلب ولم يجازه عليها فأنا اجازيه عليها غدا إذا لقيني يوم القيامة.
وروي أن الانصار قالوا : فعلنا وفعلنا ، كأنهم افتخروا ، فقال عباس أو ابن عباس : لنا الفضل عليكم ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فأتاهم في مجالسهم فقال : يا معشر الانصار ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله بي؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : أفلا تجيبوني؟ قالوا : ما نقول يا رسول الله؟ قال : ألا تقولون : ألم يخرجك قومك فآويناك؟ أو لم يكذبوك فصدقناك؟ أولم يخذلوك فنصرناك؟ قال : فما زال يقول حتى جثوا على الركب وقالوا : أموالنا وما في أيدينا لله ولرسوله ، فنزلت الآية.
وقال في قوله تعالى : « ومن يقترف حسنة » : عن السدي أنها المودة في آل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، نزلت في أبي بكر الصديق ، ومودته فيهم ، والظاهر العموم في أي حسنة كانت إلا أنها لما ذكرت عقيب ذكر المودة في القربى دل ذلك على أنها تناولت المودة تناولا أوليا كأن سائر الحسنات لها توابع ، انتهى كلامه زاد الله في انتقامه(٢).
____________________
(١) مفاتيح الغيب ٧ :
(٢) تفسير الكشاف ٤ : ١٧٢ و ١٧٣.
ولقد أحسن معونة إمامه ، حيث ذكر بعد الاخبار المستفيضة المتفق عليها بين الفريقين الدالة على كفر إماميه وشقاوتهما ما يدل على براءته متفردا بذلك النقل ، ولا يخفى على المنصف ظهور مودته ومودة صاحبه أهل البيت عليهمالسلام في حياة الرسول صلىاللهعليهوآله وبعد وفاته لاسيما في أمر فدك وقتل فاطمة وولدها صلى الله عليها ، وتسليط بني امية عليهم ، وما جرى من الظلم بسببهما عليهم إلى ظهور صاحب العصر ، ولن يصلح العطار ما أفسد الدهر.
١ ـ فس : في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : « قل ما سألتكم من أجر فهو لكم » وذلك أن رسول الله (ص) سأل قومه أن يودوا أقاربه ولا يؤذوهم ، وأما قوله : « فهو لكم » يقول : ثوابه لكم(١).
بيان : قال البيضاوي : « قل ما سألتكم من أجر » أي شئ سألتكم ما أجر الرسالة(٢) « فهو لكم » والمراد نفي السؤال ، فانه جعل التنبي مستلزما لاحد الامرين : إما الجنون ، وإما توقع نفع دنيوي عليه ، لانه إما أن يكون لغرض أو غيره ، وأيا ما كان يلزم أحدهما ، ثم نفى كلا منهما ، وقيل : « ما » موصولة مرادا بها ما سألهم بقوله : « ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا » وقوله : « لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » واتخاذ السبيل ينفعهم ، وقرباه قرباهم(٣).
٢ ـ ب : الطيالسي عن إسماعيل بن عبد الخلق قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام للاحول : أتيت البصرة؟ قال : نعم ، قال : كيف رأيت مسارعة الناس في هذا الامر ودخولهم فيه؟ فقال : والله إنهم لقليل ، ولقد فعلوا ذلك وإن ذلك لقليل ، فقال : عليك بالاحداث فإنهم أسرع إلى كل خير ، قال : ما يقول أهل البصرة في هذه الآية : « قل لا أسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » قال : جعلت فداك إنهم
____________________
(١) تفسير القمى : ٥٤١.
(٢) في نسخة : على الرسالة.
(٣) انوار التنزيل ٢ : ٢٩٤.
يقولون ، إنها لقرابة رسول الله صلىاللهعليهوآله ولاهل بيته ، قال : إنما نزلت فينا أهل البيت في الحسن والحسين وعلي وفاطمة أصحاب الكساء(١).
قب : عن إسماعيل مثله(٢).
كا : محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن ابن عبدالخالق مثله(٣).
٣ ـ ب : هارون عن ابن صدقة قال : حدثنا جعفر عن آبائه أنه ما نزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوآله : « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » قام رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : أيها الناس إن الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا ، فهل أنتم مؤدوه؟ قال : فلم يجبه أحد منهم ، فانصرف ، فلما كان من الغد قام فيهم فقال مثل ذلك ، ثم قال فيهم فقال مثل ذلك في اليوم الثالث ، فلم يتكلم أحد ، فقال : أيها الناس إنه ليس من ذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب ، قالوا : فألقه إذا ، قال : إن الله تبارك وتعالى أنزل علي : « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » فقالوا : أما هذه فنعم ، فقال أبوعبدالله عليهالسلام : فو الله ما وفى بها إلا سبعة نفر : سلمان وأبوذر وعمار والمقداد بن الاسود الكندي وجابر بن عبدالله الانصاري ومولى لرسول الله صلىاللهعليهوآله يقال له : الثبيت ، وزيد بن أرقم(٤).
٤ ـ ختص : جعفر بن الحسين عن محمد بن عبدالله الحميري عن أبيه عن هارون ابن مسلم عن أبي الحسن الليثي عنه عليهالسلام مثله(٥).
٥ ـ فس : أبي عن ابن أبي نجران عن ابن حميد عن محمد بن مسلم قال : سمعت
____________________
(١) قرب الاسناد : ٦٠ و ٦١.
(٢) مناقب آل أبى طالب.
(٣) روضة الكافى : ٩٣. فيه : قلت : جعلت فداك انهم يقولون : انها لاقارب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : كذبوا انما نزلت فينا خاصة في اهل البيت في على وفاطمة و الحسن والحسين اصحاب الكساء عليهمالسلام.
(٤) قرب الاسناد : ٣٨.
(٥) الاختصاص : ٦٣.
أبا جعفر عليهالسلام يقول في قول الله تعالى : « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » يعني في أهل بيته ، قال : جاءت الانصار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : إنا قد آوينا ونصرنا فخذ طائفة من أموالنا فاستعن به اعلى ما نابك ، فأنزل الله « قل لا أسألكم عليه أجرا » يعني على النبوة « إلا المودة في القربى » يعني في أهل بيته ، ثم قال : ألا ترى أن الرجل يكون له صديق ، وفي نفس ذلك الرجل شئ على أهل بيته فلا يسلم صدره ، فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله (ص) شئ على امته ، ففرض عليهم المودة في القربى ، فان أخذوا أخذوا مفروضا ، وإن تركوا تركوا مفروضا قال : فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول : عرضنا عليه أموالنا فقال : قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي ، وقالت طائفة : ما قال هذا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وجحدوه ، وقالوا كما حكى الله : « أم يقولون افترى على الله كذبا » فقال الله تعالى : « فإن يشأ الله يختم على قلبك » قال : لو افتريت « ويمح الله الباطل » يعني يبطله « ويحق الحق بكلماته » يعني بالائمة والقائم من آل محمد « إنه عليم بذات الصدور » ثم قال : وهو الذي يقبل التوبة عن عباده « إلى قوله : « ويزيدهم من فضله « يعني الذين قالوا القول ما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثم قال : « والكافرون لهم عذاب شديد(١) » وقال أيضا : « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » قال : أجر النبوة أن لا تؤذوهمم ولا تقطعوهم ولا تغضبوهم(٢) وتصلوهم ولا تنقضوا العهد فيهم لقوله : « والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل(٣) » قال : جاء الانصار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : إنا قد نصرنا وفعلنا فخذ من أموالنا ما شئت ، فأنزل الله : « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » يعني في أهل بيته ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد ذلك : من حبس أجيرا أجره فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدا ، وهو محبة آل محمد صلىاللهعليهوآله(٤) ، ثم قال : « ومن يقترف
____________________
(١) الشورى : ٢٤ ـ ٢٦.
(٢) في المصدر : ولا تغصبوهم.
(٣) الرعد : ٢١.
(٤) في نسخة : آل رسول الله صلىاللهعليهوآله.
حسنة » وهي إقرار الامامة لهم والاحسان إليهم وبرهم وصلتهم « نزد له فيه حسنا » أي نكافئ على ذلك بالاحسان(١).
بيان : قوله وفي نفس ذلك الرجل شئ ، أقول يحتمل وجهين :
الاول : أن يكون المراد بالرجل الثاني هو الرجل الاول ، أي لا يسلم صدره بدون أن يظهر ما في صدره لاهل بيته عند صديقه ، وكان الرسول صلىاللهعليهوآله في صدره أن يكلفهم(٢) بمودة أهل بيته ، ولم يكن يظهر ذلك حياء ، فأراد الله تعالى أن لا يكون ذلك في نفسه فيكون نقصا للامة فأظهره الله تعالى.
والثانى : أن يكون المراد بالرجل ثانيا الصديق ، أي في نفس الصديق حقد على أهل بيته فلم يسلم صدر الرجل للصديق ، فأراد أن تطيب نفسه صلىاللهعليهوآله على امته فكلفهم بذلك ، ولعل الاول أظهر لفظا ، ولكن سيأتي ما يؤيد الثاني فلا تغفل. قوله : ما قال هذا رسول الله (ص) ، لعل الطائفة غير السامعين منه صلىاللهعليهوآله. وفي بعض النسخ : « قال » بدون « ما » وفي بعضها : ما قال هذا إلا رسول الله ، وعلى التقديرين المعنى أنه قال هذا من عند نفسه.
٦ ـ سن : أبي عمن حدثه عن إسحاق بن عمار عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إن الرجل ربما يحب الرجل ويبغض ولده فأبى الله عزوجل إلا أن يجعل حبنا مفترضا ، أخذه من أخذه ، وتركه من تركه واجبا ، فقال : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى(٣)
٧ ـ سن : ابن محبوب عن أبي جعفر الاحول عن سلام بن المستنير قال سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله : « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » فقال : هي والله فريضة من الله على العباد لمحمد صلىاللهعليهوآله في أهله بيته(٤).
____________________
(١) تفسير القمى : ٦٠١ و ٦٠٢ فيه : [ وهى الامامة لهم ] وفيه : نكافئ ذلك بالاحسان.
(٢) في نسخة : إن يكلمهم.
(٣) المحاسن : ١٤٤.
(٤) المحاسن : ١٤٤.
٨ ـ سن : الهيثم بن النهدي عن العباس بن عامر القصير عن حجاج الخشاب قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول لابي جعفر الاحول : ما يقول من عندكم في قول الله تبارك وتعالى : « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » فقال كان الحسن البصري يقول : في أقربائي من العرب ، فقال أبوعبدالله عليهالسلام : لكني أقول لقريش الذين عناد ههنا خاصة(١) ، فيقولون : هي لنا ولكم عامة ، فأقول : خبروني عن النبي صلىاللهعليهوآله إذا نزلت به شديدة من خص بها؟ أليس إيانا خص بها حين أراد أن يلاعن أهل نجران؟ أخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ، ويوم بدر قال لعلي عليهالسلام وحمزة وعبيدة بن الحارث ، قال : فأبوا يقرون لي أفلكم الحلو ولنا المر(٢).
بيان : قوله عليهالسلام : الذين عندنا ، أي نحن نقول لقريش : المراد بالقربى الجماعة الذين عندنا ، أي أهل البيت عليهمالسلام خاصة(٣) ، فيقولون أي قريش. قوله : فأبوا يقرون لي ، أي بعد إتمام الحجة عليهم في ذلك بما ذكرنا أبوا عن قبوله وفي بعض النسخ فأتوا بقرون لهم ، أي أتوا جمعا من المشركين ، وأتوا برؤوسهم ، أو القرون كناية عن شجعانهم ورؤسهائهم.
٩ ـ سن : الحسن بن علي الخزاز عن مثنى الحناط عن عبدالله بن عجلان قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله تعالى : « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » فقال : نعم هم الائمة الذين لا يأكلون الصدقة ولا تحل لهم(٤).
١٠ ـ فر : فرات بن إبراهيم الكوفي عن جعفر بن محمد بن يوسف الاودي عن علي بن أحمد عن إسحاق بن محمد بن عبيدالله عن القاسم بن محمد بن عقيل عن جابر رضياللهعنه قال : كنا مع رسول الله (ص) في حائط من حيطان بني حارثة إذ جاء جمل
____________________
(١) في المصدر : [ لكنى أقول الذين عندنا : هى لنا خاصة ] وهو الصحيح.
(٢) المحاسن : ١٤٤ و ١٤٥. أقول : ولعل الصحيح : فابوا يقولون لى : افلكم الحلو ولنا المر؟
(٣) والمعنى على ما ذكرته من المصدر واضع لا يحتاج إلى تجشم.
(٤) المحاسن : ١٤٥ فيه : هم الائمة.