بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

آخر الدعاء ، وعفر خديه على الارض وقام فخرج فسألناه بم يعرف هذا المكان؟ فقال : إنه مقام الصالحين والانبياء والمرسلين ، قال : فاتبعناه وإذا به قد دخل إلى مسجد صغير بين يدي السهلة فصلى فيه ركعتين بسكينة ووقار كما صلى أول مرة ثم بسط كفيه وقال : « إلهي » إلى آخر الدعاء ، ثم بكى وعفر خديه وقال : « ارحم من أساء واقترف واستكان(١) واعترف » ثم قلب خده الايسر ودعا ثم خرج فاتبعته وقلت له : يا سيدي بم يعرف هذا المسجد؟ فقال : إنه مسجد زيد بن صوحان صاحب علي بن أبي طالب عليه‌السلام ثم غاب عنا ولم نره. فقال لي صاحبي : إنه الخضر عليه‌السلام.(٢)

٥٥ ـ وروى الديلمي في كتاب أعلام الدين عن أبي أمامة أن رسول الله (ص) قال ذات يوم لاصحابه : ألا احدثكم عن الخضر؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : بينا هو يمشي في سوق من أسواق بني إسرائيل إذ بصر به مسكين فقال : تصدق علي بارك الله فيك ، قال الخضر : آمنت بالله ، ما يقضي الله يكون ، ما عندي من شئ اعطيكه ، قال المسكين : بوجه الله لما تصدقت علي إني رأيت الخير في وجهك ورجوت الخير عندك ، قال الخضر : آمنت بالله إنك سألتني بأمر عظيم ما عندي من شئ اعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني ، قال المسكين : وهل يستقيم هذا؟ قال : الحق أقول لك إنك سألتني بأمر عظيم ، سألتني بوجه ربي عز وجل ، أما إني لا اخيبك في مسألتي بوجه ربي فبعني ، فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم ، فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شئ ، فقال الخضر عليه‌السلام : إنما ابتعتني التماس خدمتي فمرني بعمل ، قال : إني أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ، قال : لست تشق علي ، قال : فقم فانقل هذه الحجارة ـ قال : وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم ـ فقام فنقل الحجارة في ساعته فقال له : أحسنت وأجملت وأطقت ما لم يطقه أحد قال : ثم عرض للرجل سفر فقال : إني أحسبك أمينا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة ، وإني أكره أن أشق عليك ، قال : لست تشق علي ، قال : فاضرب من اللبن شيئا حتى أرجع إليك ، قال : فخرج الرجل لسفره ورجع وقد شيد بناءه ، فقال له الرجل : أسألك

_________________

(١) استكان : ذل وخضع.

(٢) المزار مخطوط.

٣٢١

بوجه الله ما حسبك وما أمرك؟ قال : إنك سألتني بأمر عظيم بوجه الله عزوجل ، ووجه الله عزوجل أوقعني في العبودية وساخبرك من أنا ، أنا الخضر الذي سمعت به ، سألني مسكين صدقة ولم يكن عندي شئ اعطيه ، فسألني بوجه الله عزوجل فأمكنته من رقبتي ، فباعني فاخبرك أنه من سئل بوجه الله عزوجل فرد سائله وهو قادر على ذلك وقف يوم القيامة ليس لوجهه جلد ولا لحم ولا دم إلا عظم يتقعقع ، (١) قال الرجل : شققت عليك ولم أعرفك قال : لا بأس أبقيت(٢) وأحسنت ، قال : بأبي أنت وامي احكم في أهلي ومالي بما أراك الله عزوجل ، أم اخيرك فاخلي سبيلك؟ قال : أحب إلي أن تخلي سبيلي فأ عبدالله على سبيله ، فقال الخضر عليه‌السلام : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية فأنجاني منها.(٣)

_________________

(١) قعقع السلاح : صوت تقعقع ، اضطرب وتحرك. صوت عند التحرك.

(٢) أى رحمت وشفقت على.

(٣) أعلام الدين مخطوط.

٣٢٢

(باب ١١)

*(ما ناجى به موسى عليه السلام ربه وما اوحى اليه من الحكم والمواعظ)*

*(وما جرى بينه وبين ابليس لعنه الله ، وفيه بعض النوادر)*

الايات ، النساء « ٤ » فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم و بصدهم عن سبيل الله كثيرا * وأخذهم الربوا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما ١٦٠ و ١٦١.

الانعام « ٦ » وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون ١٤٦ « وقال تعالى » : ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شئ وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون ١٥٤.

النحل « ١٦ » وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ١١٨.

الاسراء « ١٧ » وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ٢.

القصص « ٢٨ » وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين ٤٤ « وقال تعالى » : وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون ٤٦.

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله : « فبظلم من الذين هادوا » أي بما ظلم اليهود أنفسهم بارتكاب المعاصي التي تقدم ذكرها. وقوله : « حرمنا » عمل في الباء ، أي لما فعلوا ما فعلوا اقتضت المصلحة تحريم هذه الاشياء عليهم ، وقيل : حرم هذه الطيبات على الظالمين منهم

٣٢٣

عقوبة على فعلهم ، (١) وهي ما بين في قوله سبحانه : « وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر » الآية.(٢)

« كل ذي ظفر » قيل : هو كل ما ليس بمنفرج الاصابع كالابل والنعام والاوز والبط ، عن ابن عباس وغيره ، وقيل : هو الابل فقط ، وقيل : يدخل فيه كل السباع والكلاب والسنانير وما يصطاد بظفره ، وقيل : كل ذي مخلب من الطير ، وكل ذي حافر من الدواب « ومن البقر والغنم » أخبر سبحانه أنه كان حرم عليهم شحوم البقر والغنم من الثرب.(٣) وشحم الكلى وغير ذلك مما في أجوافها ، واستثنى من ذلك فقال : « إلا ما حملت ظهورهما » أي من الشحم وهو اللحم السمين ، فإنه لم يحرم عليهم « أو الحوايا » أي ما حملته الحوايا من الشحم ، والحوايا هي المباعر ، وقيل : هي بنات اللبن ، وقيل : الامعاء التي عليها الشحوم « أو ما اختلط بعظم » وهو شحم الجنب والالية لانه على العصعص ، (٤) وقيل : الالية لم تدخل في ذلك « ذلك جزيناهم ببغيهم » أي حرمنا ذلك عليهم عقوبة لهم بقتلهم الانبياء وأخذهم الربا واستحلالهم أموال الناس.(٥)

« تماما على الذي أحسن » أي تماما على إحسان موسى ، أي ليكمل إحسانه الذي يستحق به كمال ثوابه في الآخرة ، أو تماما على المحسنين أو تماما على إحسان الله إلى أنبيائه ، وقيل : أي تماما على الذي أحسن الله سبحانه إلى موسى بالنبوة وغيرها من الكرامة ، وقيل : تمامه للنعمة على إبراهيم ولجزائه على إحسانه في طاعة ربه ، وذلك من لسان الصدق الذي سأل الله سبحانه أن يجعله له « وتفصيلا لكل شئ » مما يحتاج إليه الخلق « وهدى » أي ودلالة على الحق والدين يهتدى بها في التوحيد(٦) والعدل والشرائع « ورحمة » أي

_________________

(١) في المصدر : عقوبة لهم على ظلمهم.

(٢) مجمع البيان ٣ : ١٣٨.

(٣) الثرب بالفتح : شحم رقيق يغشى الكرش والامعاء منه رحمه‌الله.

(٤) العصعص : عظم الذنب.

(٥) مجمع البيان ٤ : ٣٧٩. وفيه : اموال الناس بالباطل.

(٦) في نسخة : والذى يهتدى بها. وفى المصدر : والدين يهتدى بها إلى التوحيد.

٣٢٤

نعمة على سائر المكلفين « بلقاء ربهم » أي بجزائه. (١)

« ما قصصنا عليك » أي في سورة الانعام. (٢)

« أن تتخذوا من دوني وكيلا » أي أمرناهم أن لا تتخذوا من دوني معتمدا عليه ترجعون إليه في النوائب أو ربا تتوكلون عليه.(٣)

« وما كنت » يا محمد « بجانب الغربي » أي حاضرا بجانب الجبل الغربي أي في الجانب الغربي من الجبل الذي كلم الله فيه موسى ، وقيل : بجانب الوادي الغربي « إذ قضينا إلى موسى الامر » أي عهدنا إليه وأحكمنا الامر معه بالرسالة إلى فرعون وقومه ، وقيل : أي أخبرناه بأمرنا ونهينا ، وقيل : أراد كلامه معه في وصف نبينا صلى الله عليه وآله ونبوته « وما كنت من الشاهدين » أي الحاضرين لذلك الامر وبذلك المكان ، فتخبر قومك به عن مشاهدة وعيان ، ولكنا أخبرناك به ليكون معجزة لك « وما كنت بجانب الطور إذ نادينا » أي ولم تكن حاضرا بناحية الجبل الذي كلمنا عليه موسى وناديناه : يا موسى خذ الكتاب بقوة ، وقيل : أراد بذلك المرة الثانية التي كلم الله فيها موسى حين اختار من قومه سبعين رجلا ليسمعوا كلام الله « ولكن رحمة من ربك » أي ولكن الله أعلمك ذلك وعرفك إياه نعمة من ربك أنعم بها عليك ، وهو أن بعتك نبيا واختارك لايتاء العلم بذلك معجزة لك. (٤)

١ ـ فس : أبي ، عن ابن محبوب ، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من زرع حنطة في أرض فلم تزك أرضه وزرعه وخرج زرعه كثير الشعير فبظلم عمله في ملك رقبة الارض ، أو بظلم لمزارعه وأكرته ، لان الله يقول : « فبظلم من الذين هادوا

_________________

(١) مجمع البيان ٤ : ٣٨٥ و ٢٨٦ ، وفيه : فسمى الجزاء لقاء الله تفخيما لشأنه مع ما فيه من الايجاز والاختصار ، وقيل : معنى اللقاء الرجوع إلى ملكه وسلطانه يوم لا يملك أحد سواه شيئا.

(٢) مجمع البيان ٦ : ٢٩٠. وفيه بعد ذلك : من قوله: « وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر ».

(٣) مجمع البيان ٦ : ٣٩٦. وفيه : « ان لا يتخذوا » بصيغة الغائب وكذا فيما بعده.

(٤) مجمع البيان ٧ : ٢٥٦ ـ ٢٥٧.

٣٢٥

حرمنا عليهم طيبات احلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا « يعني لحوم الابل وشحوم البقر والغنم ، هكذا أنزلها الله فاقرؤوها هكذا ، وما كان الله ليحل شيئا في كتابه ثم يحرمه بعدما أحله ، ولا يحرم شيئا ثم يحله بعدما حرمه ، قلت : وكذلك أيضا قوله : « ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما »؟ قال : نعم ، قلت : فقوله : « إلا ما حرم إسرائيل على نفسه » قال : إن إسرائيل كان إذا أكل من لحم الابل هيج عليه وجع الخاصرة فحرم على نفسه لحم الابل ، وذلك من قبل أن تنزل التوراة فلما نزلت التوراة لم يحرمه ولم يأكله. (١)

بيان : لعله عليه‌السلام قرأ « حرمنا » بالتخفيف ، أي جعلناهم محرومين ، وتعديته بعلى لتضمين معنى السخط أو نحوه ، واستدل عليه‌السلام على ذلك بأن ظلم اليهود كان بعد موسى عليه‌السلام ولم ينسخ شريعته إلا بشريعة عيسى ، واليهود لم يؤمنوا به ، فلابد من أن يكون « حرمنا » بالتخفيف أي سلبنا عنهم التوفيق حتى ابتدعوا في دين الله ، وحرموا على أنفسهم الطيبات التي كانت حلالا عليهم افتراء على الله ، ولم أر تلك القراءة في الشواذ أيضا. قوله عليه‌السلام : ( ولم يأكله ) أي موسى للنزاهة أو لاشتراك العلة ، ويمكن أن يقرأ يؤكله على بناء التفعيل بأن يكون الضميران راجعين إلى الله تعالى أو بالتاء بإرجاعهما إلى التوراة ، وبالياء يحتمل ذلك أيضا ، وعلى التاء يمكن أن يقرأ الثاني بالتخفيف بإرجاعهما إلى بني إسرائيل.

٢ ـ فس : « تماما على الذي أحسن » يعني تم له الكتاب لما أحسن.(٢)

٣ ـ فس : « وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر » يعني اليهود حرم الله عليهم لحوم الطير ، وحرم عليهم الشحوم وكانوا يحبونها إلا ما كان على ظهور الغنم أو في جانبه خارجا من البطن ، وهو قوله : « حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا « يعني في الجنين » أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم » أي كان(٣) ملوك بني إسرائيل

_________________

(١) تفسير القمى : ١٤٦ ـ ١٤٧.

(٢) تفسير القمى : ٢٠٩.

(٣) في المصدر : ذلك جزيناهم ببغيهم وانا لصادقون ، ومعنى قوله : ( جزيناهم ببغيهم وانا ) أى كان اه.

٣٢٦

يمنعون فقراءهم من أكل لحم الطير والشحوم فحرم الله ذلك عليهم ببغيهم على فقرائهم.(١) بيان : قال البيضاوي : « أو الحوايا » أو ما اشتمل على الامعاء « أو ما اختلط بعظم » هو شحم الالية لاتصالها بالعصعص انتهى.(٢)

قوله : (٣) ( يعني في الجنين ) هذا مخالف للمشهور لكن لا يبعد عن أصل المعنى اللغوي قال الزجاج : واحدها حاوية وحاويا وحوية وهي ما تحوى في البطن فاجتمع واستدار ، فالمراد استثناء الشحم المحيط بالجنين ، أو الذي في بطن الجنين ، وفي بعض النسخ « في الجنبين » وهو أبعد من المعنى اللغوي مما مر وإن ناسب سابقه في الجملة.

٤ ـ لى : الدقاق ، عن الاسدي ، عن سهل ، عن عبدالعظيم الحسني ، عن أبي الحسن العسكري عليه‌السلام(٤) قال : لما كلم الله عزوجل موسى بن عمران عليه‌السلام قال موسى : إلهي ما جزاء من شهد أني رسولك ونبيك وأنك كلمتني؟ قال : يا موسى تأتيه ملائكتي فتبشره بجنتي ، قال موسى : إلهي فما جزاء من قام بين يديك يصلي؟ قال : يا موسى اباهي به ملائكتي راكعا وساجدا وقائما وقاعدا ، ومن باهيت به ملائكتي لم اعذبه. قال موسى : إلهي فما جزاء من أطعم مسكينا ابتغاء وجهك؟ قال : يا موسى آمر مناديا ينادي يوم القيامة على رؤوس الخلائق أن فلان بن فلان من عتقاء الله من النار. قال موسى : إلهي فما جزاء من وصل رحمه؟ قال : يا موسى انسي له أجله واهون عليه سكرات الموت ويناديه خزنة الجنة : هلم إلينا فادخل من أي أبوابها شئت. قال موسى : إلهي فما جزاء من كف أذاه عن الناس وبذل معروفه لهم؟ قال يا موسى : يناديه النار يوم القيامة : لا سبيل لي عليك. قال : إلهي فما جزاء من ذكرك بلسانه وقلبه؟ قال : يا موسى اظله يوم القيامة بظل عرشي وأجعله في كنفي. قال : إلهي فما جزاء من تلا حكمتك سرا وجهرا؟ قال : يا موسى يمر على الصراط كالبرق. قال : إلهي فما جزاء من صبر على أذى الناس

_________________

(١) تفسير القمى : ٢٠٧ ـ ٢٠٨.

(٢) انوار التنزيل ١ : ١٥٧.

(٣) أى قول على بن ابراهيم ، قلت : الموجود في التفسير : الجنبين.

(٤) في المصدر : عن على بن محمد بن على بن موسى عليه‌السلام.

٣٢٧

وشتمهم فيك؟ قال : اعينه على أهوال يوم القيامة ، قال : إلهي فما جزاء من دمعت عيناه من خشيتك؟ قال : يا موسى أقي وجهه من حر النار ، واومنه يوم الفزع الاكبر. قال : إلهي فما جزاء من ترك الخيانة حياء منك؟ قال : يا موسى له الامان يوم القيامة. قال : إلهي فما جزاء من أحب أهل طاعتك؟ قال : يا موسى احرمه على ناري. قال : إلهي فما جزاء من قتل مؤمنا متعمدا؟ قال : لا أنظر إليه يوم القيامة ، ولا اقيل عثرته. قال : إلهي فما جزاء من دعا نفسا كافرة إلى الاسلام؟ قال : يا موسى آذن له في الشفاعة يوم القيامة لمن يريد ، قال : إلهي فما جزاء من صلى الصلوات لوقتها؟ قال : اعطيه سؤله وابيحه جنتي. قال : إلهي فما جزاء من أتم الوضوء من خشيتك؟ قال : أبعثه يوم القيامة وله نور بين عينيه يتلالا. قال : إلهي فما جزاء من صام شهر رمضان لك محتسبا؟ قال : يا موسى اقيمه يوم القيامة مقاما لا يخاف فيه. قال : إلهي فما جزاء من صام شهر رمضان يريد به الناس؟ قال : يا موسى ثوابه كثواب من لم يصمه.(١)

٥ ـ لى : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستاني ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : إن في التوراة مكتوبا : يا موسى إني خلقتك واصطنعتك(٢) وقويتك وأمرتك بطاعتي ونهيتك عن معصيتي ، فإن أطعتني أعنتك على طاعتي ، وإن عصيتني لم اعنك على معصيتي ، يا موسى ولي المنة عليك في طاعتك لي ، ولي الحجة عليك في معصيتك لي.(٣)

٦ ـ لى : حمزة العلوي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستاني ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : في التوراة مكتوب فيما ناجى الله عز وجل به موسى بن عمران عليه‌السلام : يا موسى خفني في سر أمرك أحفظك من وراء عورتك. واذكرني في خلواتك وعند سرور لذاتك أذكرك عند غفلاتك ، واملك غضبك عمن ملكتك

_________________

(١) امالى الصدوق : ١٢٥ ـ ١٢٦.

(٢) اصطنع شيئا : امر ان يصنع له. اصطنعه : ادبه وخرجه لنفسه. اى اختاره لنفسه. وفى نسخة : واصطفيتك.

(٣) امالى الصدوق : ١٨٥ ـ ١٨٦.

٣٢٨

عليه أكف عنك غضبي ، واكتم مكنون سري في سريرتك ، وأظهر في علانيتك المداراة عني لعدوي وعدوك من خلقي ، ولا تستسب(١) لي عندهم بإظهارك مكنون سري فتشرك عدوك وعدوي في سبي.(٢)

جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن ابن محبوب مثله.(٣)

ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب إلى قوله : من خلقي ، يا موسى إني خلقتك واصطفيتك وقويتك وأمرتك بطاعتي ، ونهيتك عن معصيتي ، فإن أنت أطعتني أعنتك على طاعتي ، وإن أنت عصيتني لم اعنك على معصيتي ولي عليك المنة في طاعتك ، ولي عليك الحجة في معصيتك إياي ، وقال : قال موسى : يا رب من يسكن حظيرة القدس؟ قال : الذين لم تر أعينهم الزنى ، ولم يخالط أموالهم الربى ، ولم يأخذوا في حكمهم الرشى ، وقد قال : يا موسى لا تستذل الفقير ، ولا تغبط الغني بالشئ اليسير.(٤)

بيان : قوله تعالى : (أحفظك من وراء عورتك) العورة : العيب وكل ما يستحيى منه ، أي أحفظك عن أن يصل الناس إلى عورتك ويطلعوا عليها ، أو من أن تصل إليك العورات ، أو بعد أن تكون متصفا بها أحفظك عن عقابها وأمثالها ، والاول أظهر. قوله : (عند غفلاتك) أي بالحفظ عن المعاصي ، أو بالمغفرة بعد صدورها. قوله تعالى : (ولا تستسب) أي لا تظهر عندهم أسراري فيسبوني وتكون أنت سببا لذلك.

٧ ـ لى : أبي عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل قال : سمعت مولاي الصادق عليه‌السلام يقول : كان فيما ناجى الله عزوجل به موسى بن عمران عليه‌السلام أن قال له : يا ابن عمران كذب من زعم أنه يحبني فإذا جنه الليل نام عني ، أليس كل محب يحب خلوة حبيبه؟ ها أنا ذا يا ابن عمران مطلع على أحبائي إذا جنهم الليل حولت

_________________

(١) استسب له : عرضه للسب وجره اليه.

(٢) اهالى الصدوق : ١٥٣ ـ ١٥٤.

(٣) مجالس المفيد : ١٢٢.

(٤) قصص الانبياء مخطوط.

٣٢٩

أبصارهم من قلوبهم ، ومثلت عقوبتي بين أعينهم ، يخاطبوني عن المشاهدة ، ويكلموني عن الحضور ، يا ابن عمران هب لي من قلبك الخشوع ومن بدنك الخضوع ، ومن عينيك الدموع(١) في ظلم الليل ، وادعني فإنك تجدني قريبا مجيبا.(٢)

ايضاح : حولت أبصارهم من قلوبهم أي جعلت قلوبهم مشغولة بذكري بحيث لا تشتغل بما رأته الابصار ، أو لا تنظر أبصارهم إلى ما تشتهيه قلوبهم ، ويحتمل أن يكون « من قلوبهم » صفة أو حالا لقوله : أبصارهم أي حولت أبصار قلوبهم عن النظر إلى غيري ، ويؤيده الفقرة الثانية.(٣)

٨ ـ يد ، لى : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن ابن محبوب ، عن مقاتل ابن سليمان قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : لما صعد موسى عليه‌السلام إلى الطور فناجى ربه عزو جل قال : يا رب أرني خزائنك ، قال : يا موسى إنما خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له : كن فيكون. (٤)

مع : أبي وابن الوليد ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب مثله.(٥)

٩ ـ لى : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن ابن أبان ، عن ابن اورمة ، عن عمرو بن عثمان الخزاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام قال : قال موسى بن عمران عليه‌السلام : يا رب أوصني ، قال : اوصيك بي ، فقال : يا رب أوصني ، قال : اوصيك بي ـ ثلاثا ـ فقال : يا رب أوصني قال : اوصيك بامك ، قال : يا رب أوصني ، قال : اوصيك بامك ، قال : أوصني ، قال : اوصيك بأبيك ، قال : فكان يقال لاجل

_________________

(١) في نسخة : ومن عينك الدموع.

(٢) امالى الصدوق : ٢١٤ ـ ٢١٥. في نسخة : وادعنى فانى قريب مجيب.

(٣) يمكن أن يقرأ الفعلان على بناء المعلوم والمجهول ، والاول أظهر لان التحويل والتمثيل إن كان من فعلهم فكان ذكر الفاعل أكمل وأدخل في مدحهم ، فكان الانسب : حولوا ومثلوا ، وإن كان من فعله تعالى فبيان الفاعل أتم في معرض الامتنان الا ان يقال : لما كان الغرض مدحهم أعرض تعالى عما فعل بهم من اللطف ، واكتفى ببيان ما يتعلق بكمالهم فتدبر منه رحمه‌الله.

(٤) توحيد الصدوق : ١٢٣ امالى الصدوق : ٣٠٥.

(٥) معانى الاخبار : ١١٤.

٣٣٠

ذلك : إن للام ثلثا البر ، (١) وللاب الثلث.(٢)

١٠ ـ لى : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن أبي عبدالله الخياط ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام قال : كان فيما أوحى الله عزوجل إلى موسى بن عمران عليه‌السلام : يا موسى كن خلق الثوب ، نقي القلب ، حلس البيت ، مصباح الليل ، تعرف في أهل السماء ، وتخفى على أهل الارض يا موسى إياك واللجاجة ، ولا تكن من المشائين في غير حاجة ، ولا تضحك من غير عجب ، وابك على خطيئتك يا ابن عمران.(٣)

توضيح : (٤) قال الفيروزآبادي : الحلس بالكسر : كساء على ظهر البعير تحت البرذعة ، (٥) ويبسط في البيت تحت حر(٦) الثياب ، وهو حلس بيته : إذا لم يبرح مكانه.(٧)

١١ ـ لى : بإسناده عن الحسن بن علي عليه‌السلام قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ـ وساق الحديث الطويل(٨) إلى أن قال ـ : قال اليهودي فأخبرني عن خمسة أشياء مكتوبات في التوراة ـ وساقه إلى أن قال ـ : فقال النبي صلى الله عليه وآله : أول ما في التوراة مكتوب : محمد رسول الله ، وهي بالعبرانية طاب ، (٩) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الآية :

_________________

(١) هكذا في النسخ والصحيح كما في المصدر : ثلثى البر.

(٢) امالى الصدوق : ٣٠٥ ـ ٣٠٦.

(٣) امالى الصدوق : ٣٠٦.

(٤) في نسخة : « بيان » بدل « توضيح ».

(٥) البردعة والبزدعة : كساء يلقى على ظهر الدابة

(٦) الحر بضم الحاء : خيار الشئ وأعتقه.

(٧) غير خفى أن السلام يرى الرهبنة والاعتزال والانفراد والتجنب عن الدخول فيما يحتاج إليه المجتمع وبه تقوم عمده من المكاسب والحرف والصنائع جريمة تهدم حقوق الانسانية وتضر ببقاء النوع الانسانى والمجتمع ، وهو يرى التجارة والزراعة والصناعة والتعاون فيما يحتاج إليه البشر وبه يكون قوامهم ومعاشهم من أهم الامور وأعظم الطاعات ، فقوله : حلس بيته إما يختص بالاديان السالغة أو كناية عن اجتناب الشهرة.

(٨) تقدم الحديث بتمامه مسندا في ج ٩ : ٢٩٤ ـ ٣٠٢.

(٩) في نسخة : وهو بالعبرانية طاب.

٣٣١

« يجدونه مكتوبا عندهم في التورية والانجيل ، ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد » وفي السطر الثاني اسم وصيي علي بن أبي طالب ، وفي الثالث والرابع سبطي الحسن و الحسين ، وفي السطر الخامس امهما فاطمة سيدة نساء العالمين ، وفي التوراة اسم وصيي إلياء ، واسم السبطين شبر وشبير وهما نورا فاطمة. قال اليهودي : صدقت يا محمد.(١)

١٢ ـ يه : بإسناده عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : اسم النبي صلى الله عليه وآله في توراة موسى الحاد وتأويله يحاد من حاد الله دينه قريبا كان أم بعيدا.

١٣ ـ ف : مناجاة الله عزوجل لموسى بن عمران عليه‌السلام : يا موسى لا تطل في الدنيا أملك فيقسو قلبك ، وقاسي القلب مني بعيد ، أمت قلبك بالخشية ، وكن خلق الثياب ، جديد القلب ، تخفى على أهل الارض وتعرف بين أهل السماء ، وصح إلي من كثرة الذنوب صياح الهارب من عدوه ، واستعن بي على ذلك فإني نعم المستعان. يا موسى إني أنا الله فوق العباد والعباد دوني وكل لي داخرون ، فاتهم نفسك على نفسك ، ولا تأمن(٢) ولدك على دينك إلا أن يكون ولدك مثلك يحب الصالحين. يا موسى اغسل واغتسل واقترب من عبادي الصالحين يا موسى كن إمامهم في صلاتهم وفيما يتشاجرون ، واحكم بينهم بالحق بما أنزلت عليك ، فقد أنزلته حكما بينا ، وبرهانا نيرا ، ونورا ينطق بما في الاولين وبما هو كائن في الآخرين. يا موسى اوصيك وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى بن مريم صاحب الاتان والبرنس والزيت والزيتون والمحراب ، (٣) ومن بعده بصاحب الجمل الاحمر الطيب الطاهر المطهر ، فمثله في كتابك أنه مؤمن مهيمن على الكتب ، (٤) وأنه راكع

_________________

(١) أمالى الصدوق : ١١٥ ـ ١١٦.

(٢) في المصدر وفى الروضه : ولا تأتمن.

(٣) قال المصنف في المرآت : الاتان بالفتح : الحمارة. والبرنس بالضم : قلنسوة طويلة ، وكان النساك يلبسونها في صدر الاسلام. والمراد بالزيتون والزيت : التمرة المعروفة ودهنها لانه عليه‌السلام كان يأكلها ، أو نزلتا له في المائدة من السماء ، أو المراد بالزيتون مسجد دمشق ، أو جبال الشام كما ذكره الفيروز آبادى ، أى أعطاه الله بلاد الشام. وبالزيت الدهن الذى روى أنه كان في بنى اسرائيل وكان غليانها من علامات النبوة ، والمحراب لزومه وكثرة العباد فيه. (٤) في الروضة : مهيمن على الكتب كلها. قلت : يحتمل أن يكون الصواب : وكتابه مهيمن على الكتب. والمهيمن من هيمن على كذا أى صار رقيبا عليه وحافظا.

٣٣٢

ساجد راغب راهب إخوانه المساكين ، وأنصاره قوم آخرون ، (١) وسيكون في زمانه أزل و زلازل(٢) وقتل ، اسمه أحمد ومحمد الامين من الباقين الاولين ، (٣) يؤمن بالكتب كلها ، ويصدق جميع المرسلين ، (٤) امته مرحومة مباركة ، (٥) لهم ساعات موقتات يؤذنون فيها بالصلوات ، فبه صدق فإنه أخوك.(٦) يا موسى إنه أميني(٧) وهو عبد مصدق مبارك له فيما وضع يده عليه ، ويبارك عليه ، (٨) كذلك كان في علمي ، وكذلك خلقته ، به أفتح الساعة ، وبامته أختم مفاتيح الدنيا ، (٩) فمر ظلمة بني إسرائيل أن لا يدرسوا اسمه ولا يخذلوه وإنهم لفاعلون ، وحبه لي حسنة ، وأنا معه وأنا من حزبه(١٠) وهو من حزبي وحزبي هم الغالبون. يا موسى أنت عبدي وأنا إلهك ، لا تستذل الحقير الفقير ، ولا تغبط الغني بشئ يسير ، وكن عند ذكري خاشعا ، وعند تلاوة رحمتي طامعا ، فأسمعني لذاذة التوراة بصوت خاشع حزين ، اطمئن عند ذكري ، واعبدني ولا تشرك بي ، إني أنا السيد الكبير ، إني خلقتك من نطفة من ماء مهين من طينة أخرجتها من أرض ذليلة ممسوحة(١١) فكانت

_________________

(١) اذ لم يكن أنصاره صلى الله عليه وآله من قريش ومن قومه فتأمل. منه رحمه‌الله.

(٢) الازل بالفتح مصدر أزل يأزل : وقع في ضيق وشدة ، أو بالكسر بمعنى الداهية. الزلازل الشدائد والاهوال.

(٣) في الروضة : من الباقين من ثلة الاولين الماضين.

(٤) أى يظهر صدقهم لانه يظهر صدق نفسه بالمعجزة ويخبر بصدقهم فيظهر صدقهم أيضا فتأمل منه ره.

(٥) في الروضة هنا زيادة وهى هذه : ما بقوا في الدين على حقائقه.

(٦) في الروضة : يؤدون فيها الصلوات أداء العبد إلى سيده نافلته ، فبه فصدق ، ومنهاجه فاتبع فانه أخوك.

(٧) في الروضة : انه امى. وفيه : ويبارك عليه.

(٨) في المصدر : نبارك عليه. وفى الروضة مثل المتن.

(٩) أى بامته ينقطع القتال والفتح أو فتح جميع الامور ، وعلى التقديرين كناية عن اتصال امته بالقيامة والله أعلم. منه رحمه‌الله.

(١٠) كناية عن النصرة. اى انى انصره واعينه.

(١١) هكذا في النسخ. وفى المصدر والروضة : « ممشوجة » اى مخطوطة من عناصر شتى وانواع مختلفة.

٣٣٣

بشرا فأنا صانعها خلقا ، فتبارك وجهي ، وتقدس صنعي ، ليس كمثلي شئ ، وأنا الحي الدائم لا أزول. يا موسى كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا ، وناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجل ، وأحي بتوراتي أيام الحياة ، وأعلم الجاهلين محامدي ، (١) وذكرهم آلائي ونعمي ، وقل لهم : لا يتمادون في غي ما هم فيه ، فإن أخذي أليم شديد.(٢)

يا موسى إن انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري ، فاعبدني وقم بين يدي مقام العبد الحقير ، ذم نفسك وهي أولى بالذم ، ولا تتطاول على بني إسرائيل بكتابي ، فكفى بهذا واعظا لقلبك ومنيرا ، وهو كلام رب العالمين جل وتعالى.

يا موسى ما دعوتني وجدتني ، فإني سأغفر لك على ما كان منك ، السماء تسبح لي وجلا ، والملائكة من مخافتي مشفقون ، وأرضي(٣) تسبح لي طمعا ، وكل الخلق يسبحون لي داخرين ، ثم عليك بالصلاة فإنها مني بمكان ، ولها عندي عهد وثيق ، و ألحق بها ما منها(٤) زكاة القربان من طيب المال والطعام فإني لا أقبل إلا الطيب يراد به وجهي ، اقرن مع ذلك صلة الارحام ، فإني أنا الله الرحمن الرحيم ، والرحم إني خلقتها فضلا من رحمتي ليتعاطف بها العباد ولها عندي سلطان في معاد الآخرة ، وأنا قاطع من قطعها ، وواصل من وصلها ، وكذلك أفعل بمن ضيع أمري.

يا موسى أكرم السائل إذا أتاك برد جميل أو إعطاء يسير ، فإنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ، ملائكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما أوليتك ، وكيف مواساتك فيما خولتك ، فاخشع لي بالتضرع ، واهتف بولولة(٥) الكتاب ، واعلم أني أدعوك دعاء السيد مملوكه ليبلغ(٦) به شرف المنازل ، وذلك من فضلي عليك وعلى آبائك الاولين. يا موسى لا تنسني على كل حال ، ولا تفرح بكثرة المال فإن نسياني يقسي القلوب

_________________

(١) في المصدر والروضة : وعلم الجهال محامدى.

(٢) هكذا في النسخ والروضة ، وفى المصدر : فان اخذى لهم شديد.

(٣) في المصدر والروضة : والارض.

(٤) في المصدر والروضة : ما هو منها.

(٥) الولولة بالفتح : رفع الصوت بالويل والبكاء والصياح.

(٦) في المصدر : لتبلغ.

٣٣٤

ومع كثرة المال كثرة الذنوب ، الارض مطيعة ، والسماء مطيعة ، والبحار مطيعة ، فمن عصاني شقي ، فأنا الرحمن رحمن كل زمان ، (١) آتي بالشدة بعد الرخاء ، وبالرخاء بعد الشدة ، وبالملوك بعد الملوك ، وملكي قائم دائم لا يزول ، ولا يخفى علي شئ في الارض ولا في السماء ، وكيف يخفى علي ما مني مبتدؤه؟! وكيف لا يكون همك فيما عندي وإلي ترجع لا محالة؟!

يا موسى اجعلني حرزك ، وضع عندي كنزل من الصالحات ، وخفني ولا تخف غيري إلي المصير.

يا موسى عجل التوبة ، وأخر الذنب ، وتأن في المكث بين يدي في الصلاة ، ولا ترج غيري ، اتخذني جنة للشدائد ، وحصنا لملمات الامور.(٢)

يا موسى نافس في الخير أهله ، فإن الخير كاسمه ، (٣) ودع الشر لكل مفتون.

يا موسى اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم ، وأكثر ذكري بالليل والنهار تغنم ، ولا تتبع الخطايا فتندم ، فإن الخطايا موعدها النار.

يا موسى أطب الكلام لاهل الترك للذنوب ، وكن لهم جليسا ، واتخذهم لغيبك إخوانا ، وجد معهم يجدون معك.(٤)

يا موسى ما اريد به وجهي فكثير قليله ، وما اريد به غيري فقليل كثيره ، وإن أصلح أيامك الذي هو أمامك ، فانظر أي يوم هو فأعد له الجواب فإنك موقوف و مسؤول ، وخذ موعظتك من الدهر وأهله فإن الدهر طويله قصير ، وقصيره طويل ، وكل شئ فان ، فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لكي يكون أطمع لك في الآخرة لا محالة ، فإن ما بقي من الدنيا كما ولى منها ، وكل عامل يعمل على بصيرة ومثال ، (٥) فكن مرتادا

_________________

(١) في نسخة من المصدر وفى الروضة : فانا الرحمن الرحيم ، رحمن كل زمان.

(٢) أى شدائدها ونوازل السوء من نوازل الدنيا.

(٣) سيأتى تفسيره من المصنف ذيل الخبر ٥٢.

(٤) هكذا في النسخ ، والظاهر أن الصواب كما في نسخة من الروضة : يجودون معك. من جاد يجود ، ويحتمل على بعد كونه من جد يجد : اجتهد. اهتم.

(٥) تقدم شرح تلك الجمل قبل ذلك.

٣٣٥

لنفسك. يا ابن عمران لعلك تفوز غدا يوم السؤال ، وهنالك يخسر المبطلون. يا موسى طب نفسا عن الدنيا وانطو عنها ، فإنها ليست لك ولست لها ، مالك ولدار الظالمين إلا لعامل فيها بخير(١) فإنها له نعم الدار.

يا موسى الدنيا وأهلها فتن بعضها لبعض ، فكل مزين(٢) له ما هو فيه ، والمؤمن زينت له الآخرة فهو ينظر إليها ما يفتر ، قد حالت شهوتها(٣) بينه وبين لذة العيش فأدلجته(٤) بالاسحار كفعل الراكب السابق(٥) إلى غايته ، يظل كئيبا ، ويمسي حزينا ، فطوبى له ، لو قد كشف الغطاء ماذا يعاين من السرور؟!

يا موسى إذا رأيت الغنى مقبلا فقل : ذنب عجلت عقوبته ، وإذا رأيت الفقر مقبلا فقل : مرحبا بشعار الصالحين ، ولا تكن جبارا ظلوما ، ولا تكن للظالمين قرينا. يا موسى ما عمر وإن طال ما يذم آخره ، وما ضرك ما زوي عنك إذا حمدت مغبته.(٦) يا موسى صرخ الكتاب إليك صراخا(٧) بما أنت إليه صائر ، فكيف تقرد على هذا العيون أم كيف يجد قوم لذة العيش لولا التمادي في الغفلة والتتابع في الشهوات ، ومن دون هذا جزع الصديقون؟!

يا موسى مر عبادي يدعوني على ما كان بعد أن يقروا بي إني أرحم الراحمين ، اجيب المضطرين ، وأكشف السوء ، وابدل الزمان ، وآتي بالرخاء ، وأشكر اليسير ، واثيب

_________________

(١) في المصدر والروضة : بالخير.

(٢) في المصدر : فكل أمر مزين له ما هو فيه.

(٣) في نسخة : قد حالت شهوتها لذتها بينه اه.

(٤) قال المصنف في مرآت العقول : الادلاج : السير بالليل ، وظاهر العبارة انه استعمل هنا متعديا بمعنى التسيير بالليل ، ولم يأت فيما عندنا من كتب اللغة ، ويمكن ان يكون على الحذف و الايصال أى أدلجت الشهوة معه وسيرته بالاسحار كالراكب الذى يسابق قرنه إلى الغاية التى يتسابقان إليها. والغاية هنا : الجنة والفوز بالكرامة والقرب والحب والوصال ، أو الموت وهو أظهر.

(٥) في الروضة : السائق.

(٦) أى ما منعت وصرفت عنه. والمغبة بفتح الميم والغين وتشديد الباء : عاقبة الشئ.

(٧) في نسخة من المصدر : صرح الكتاب صراحا. وفى الروضة : صرح اليك الكتاب صراحا.

٣٣٦

الكثير ، (١) واغني الفقير ، وأنا الدائم العزيز القدير ، فمن لجأ إليك وانضوى إليك(٢) من الخاطئين فقل : أهلا وسهلا ، بأرحب الفناء نزلت ، بفناء رب العالمين ، (٣) واستغفر لهم وكن كأحدهم ، ولا تستطل عليهم بما أنا أعطيتك فضله ، وقل لهم : فليسألوني من فضلي و رحمتي فإنه لا يملكها أحد غيري ، وأنا ذو الفضل العظيم ، كهف الخاطئين ، وجليس المضطرين ، ومستغفر للمذنبين ، إنك مني بالمكان الرضي ، فادعني بالقلب النقي ، واللسان الصادق ، و كن كما أمرتك ، أطع أمري ، ولا تستطل على عبادي بما ليس منك مبتدؤه ، وتقرب إلي فإني منك قريب ، فإني لم أسألك ما يؤذيك ثقله ولا حمله ، إنما سألتك أن تدعوني فاجيبك وأن تسألني فاعطيك ، وأن تتقرب بما مني أخذت تأويله وعلي تمام تنزيله. يا موسى انظر إلى الارض فإنها عن قريب قبرك ، وارفع عينيك إلى السماء فإن فوقك فيها ملكا عظيما ، وابك على نفسك ما كنت في الدنيا ، وتخوف العطب(٤) والمهالك ولا تغرنك زينة الدنيا وزهرتها ، ولا ترض بالظلم ولا تكن ظالما فإني للظالم بمرصد حتى اديل منه المظلوم.(٥)

يا موسى إن الحسنة عشرة أضعاف ، ومن السيئة الواحدة الهلاك ، لا تشرك بي ، لا يحل لك أن تشرك بي ، قارب وسدد ، (٦) ادع دعاء الطامع الراغب فيما عندي ، النادم على ما قدمت يداه ، فإن سواد الليل يمحوه النهار ، كذلك السيئة تمحوها الحسنة ،

_________________

(١) في المصدر : واثيب بالكثير.

(٢) أى انضم اليك ومال.

(٣) في الكافى : أهلا وسهلا يا رحب الفناء بفناء رب العالمين. وقال المصنف في مرآت العقول : الرحب : الواسع. وفناء الدار ككساء : ما اتسع من أمامها ، أى يامن فناؤه للذى نزل به رحب. (٤) العطب : الهلاك.

(٥) في المجمع : في الحديث : ( قد أدال الله تعالى من فلان ) هو من الادالة : النصرة والغلبة يقال : اديل لنا على أعدائنا إلى نصرنا عليهم.

(٦) في النهاية : وفيه : قاربوا أى اقتصدوا في الامور كلها ، واتركوا العلو فيها والتقصير ، يقال قارب فلان في الامور : اذا اقتصد. وسددوا أى اطلبوا بأعمالكم السداد والاستقامة وهو القصد في الامر والعدل فيه.

٣٣٧

وعشوة(١) الليل تأتي على ضوء النهار ، وكذلك السيئة تأتي على الحسنة فتسودها.(٢)

كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن علي بن عيسى رفعه قال : إن موسى عليه‌السلام ناجاه الله تبارك وتعالى فقال في مناجاته : يا موسى لا تطول في الدنيا أملك وذكر نحوه مع زيادات(٣) ستأتي مع شرحها في كتاب الروضة.(٤)

١٤ ـ لى : العطار ، عن سعد ، عن الاصفهاني ، عن المنقري ، عن حفص قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : جاء إبليس إلى موسى بن عمران عليه‌السلام وهو يناجي ربه ، فقال له ملك من الملائكة : ما ترجو منه وهو في هذه الحال(٥) يناجي ربه؟ فقال : أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم وهو في الجنة.

وكان فيما ناجاه الله تعالى به أن قال له : يا موسى لا أقبل الصلاة إلا ممن تواضع لعظمتي ، وألزم قلبه خوفي ، وقطع نهاره بذكري ، ولم يبت مصرا على الخطيئة ، وعرف حق أوليائي وأحبائي. فقال موسى : رب تعني بأحبائك وأوليائك إبراهيم وإسحاق و يعقوب؟ فقال عزوجل : هم كذلك يا موسى إلا أني أردت من من أجله خلقت آدم وحواء ومن من أجله خلقت الجنة والنار ، فقال موسى عليه‌السلام : من هو يا رب؟ قال : محمد أحمد ، شققت اسمه من اسمي لاني أنا المحمود ، (٦) فقال موسى : يا رب اجعلنى من امته ، قال : أنت يا موسى من امته إذا عرفته وعرفت منزلته ومنزلة أهل بيته ، إن مثله ومثل أهل بيته فيمن خلقت كمثل الفردوس في الجنان ، لا ييبس ورقها ، (٧) ولا يتغير طعمها ، فمن عرفهم وعرف حقهم جعلت له عند الجهل علما ، وعند الظلمة نورا ، اجيبه قبل أن يدعوني ، واعطيه قبل أن يسألني.

_________________

(١) العشوة : الظلمة.

(٢) تحف العقول : ٤٩٠ ـ ٤٩٦. وفى نسخة : على الحسنة الجليلة.

(٣) ذكرنا بعضها للتبيين والايضاح.

(٤) ررضة الكافى : ٤٢ ـ ٤٩.

(٥) في التفسير : ويلك ما ترجو منه وهو على هذه الحال.

(٦) في التفسير : لانى انا المحمود وهو محمد.

(٧) في التفسير : لا ينتثر ورقها.

٣٣٨

يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل : مرحبا بشعار الصالحين ، وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل : ذنب عجلت عقوبته ، إن الدنيا(١) دار عقوبة عاقبت فيها آدم عند خطيئته ، وجعلتها ملعونة ملعونا ما فيها إلا ما كان فيها لي.(٢)

يا موسى إن عبادي الصالحين زهدوا فيها بقدر علمهم بي ، وسائرهم من خلقي رغبوا فيها بقدر جهلهم بي ، وما من أحد من خلقي عظمها فقرت عينه ، ولم يحقرها أحد إلا انتفع بها.(٣)

ثم قال الصادق عليه‌السلام : إن قدرتم أن لا تعرفوا(٤) فافعلوا ، وما عليك إن لم يثن عليك الناس ، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند الله محمودا ، إن عليا عليه‌السلام كان يقول : لا خير في الدنيا إلا لاحد رجلين : رجل يزداد كل يوم إحسانا ، و رجل يتدارك سيئته بالتوبة(٥) وأنى له بالتوبة؟ والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله منه إلا بولايتنا أهل البيت.(٦)

فس : أبي ، عن الاصفهاني مثله ، وفي آخره : ألا ومن عرف حقنا ورجا الثواب فينا رضي بقوته نصف مد كل يوم ، وما يستر عورته ، وما أكن رأسه ، وهم في ذلك والله خائفون وجلون.(٧)

مع : العطار ، عن سعد ، عن الاصفهاني إلى قوله : قبل أن يسألني.(٨)

_________________

(١) في التفسير : تعجلت عقوبته ، يا موسى ان الدنيا.

(٢) في التفسير : وجعلتها ملعونة ، ملعونة بمن فيها إلا ما كان منها لى. وفى الامالى : وملعونا.

(٣) في التفسير : وما من خلقى أحد عظمها فقرت عينيه ، ولم يحقرها أحد الا تمتع بها.

(٤) في التفسير : إن قدرتم أن لا تعرفنها فافعلوا.

(٥) في التفسير : ورجل يتدارك منيته بالتوبة. قلت : المنية بتشديد الياء : الموت. وبالتخفيف البغية وما يتمنى ، ولعل الثانى هو المراد هنا.

(٦) امالى الصدوق : ٣٩٥ ـ ٣٩٦.

(٧) تفسير القمى : ٢٢٥ وفيه : ما يستر به عورته وما يكن به رأسه. قلت : كن وأكن الشئ غطاه وصانه من الشمس

(٨) معانى الاخبار : ٢٠ ، وفيه : حدثنى ابى رضي‌الله‌عنه قال : حدثنى سعد بن عبدالله.

٣٣٩

١٥ ـ فس : إن في التوراة مكتوب : أولياء الله يتمنون الموت.(١)

١٦ ـ فس : أبي ، عن الاصفهاني ، عن المنقري ، عن حفص ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان في مناجاة الله تعالى لموسى عليه‌السلام : يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل : مرحبا بشعار الصالحين ، وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل : ذنب عجلت عقوبته ، فما فتح الله على أحد هذه الدنيا إلا بذنب لينسيه ذلك لذنب فلا يتوب فيكون إقبال الدنيا عليه عقوبة لذنوبه.(٢)

١٧ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن سدير قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن بني إسرائيل أتوا موسى عليه‌السلام فسألوه أن يسأل الله عزوجل أن يمطر السماء عليهم إذا أرادوا ، ويحبسها إذا أرادوا ، فسأل الله عز و جل ذلك لهم ، فقال الله عزوجل : ذلك لهم يا موسى ، فأخبرهم موسى فحرثوا ولم يتركوا شيئا إلا زرعوه ، ثم استنزلوا المطر على إرادتهم وحبسوه على إرادتهم ، فصارت زروعهم كأنها الجبال والآجام ، ثم حصدوا وداسوا وذروا(٣) فلم يجدوا شيئا ، فضجوا إلى موسى عليه‌السلام وقالوا : إنما سألناك أن تسأل الله أن يمطر السماء علينا إذا أردنا فأجابنا ، ثم صيرها علينا ضررا ، فقال : يا رب إن بني إسرائيل ضجوا مما صنعت بهم ، فقال : ومم ذاك يا موسى؟ قال : سألوني أن أسألك أن تمطر السماء إذا أرادوا ، وتحبسها إذا أرادوا فأجبتهم ، ثم صيرتها عليهم ضررا ، فقال : يا موسى أنا كنت المقدر لبني إسرائيل فلم يرضوا بتقديري فأجبتهم إلى إرادتهم فكان ما رأيت.(٤)

١٨ ـ ع ، ن : المفسر بإسناده(٥) إلى أبي محمد ، عن آبائه ، عن الرضا عليهم‌السلام قال : لما بعث الله عزوجل موسى بن عمران عليه‌السلام واصطفاه نجيا وفلق له البحر ونجى بني إسرائيل

_________________

(١) تفسير القمى : ٦٧٩ قلت : وإلى ذلك اشار سبحانه في كتابه الشريف : « قل يا ايها الذين هادوا ان زعمتم انكم أولياء لله فتمنوا الموت إن كنت صادقين ».

(٢) تفسير القمى : ١٨٧ ـ ١٨٨.

(٣) هكذا في النسخ والمصدر ، فهو من ذر الحب في الارض أى بذره.

(٤) فروع الكافى ١ : ٤٠٤.

(٥) تقدم اسناده في ج ١ ص ٥٢.

٣٤٠