بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الصعب الوعر المرتقى وعلى الشجر والعشب والشوك فينفرج ، وإذا أراد عبور نهر من الانهار بلا سفينة ضربها عليه فانفلق وبدا له طريق مهيع يمشي فيه ، وكان يشرب أحيانا من إحدى الشعبتين اللبن ومن الآخر العسل ، وكان إذا أعيا في طريقه يركبها فتحملها إلى أي موضع شاء من غير ركض ولا تحريك رجل ، وكانت تدله على الطريق وتقاتل أعداءه ، وإذا احتاج موسى إلى الطيب فاح منها الطيب حتى يتطيب ثوبه ، وإذا كان في طريق فيه لصوص تخشى الناس جانبهم تكلمه العصا وتقول له : خذ جانب كذا ، وكان يهش بها على غنمه ، ويدفع بها السباع والحيات والحشرات ، وإذا سافر وضعها على عاتقه وعلق عليها جهازه ومتاعه ومخلاته ومقلاعه وكساءه وطعامه وسقاءه.

قال مقاتل بن حيان : قال شعيب لموسى حين زوج ابنته وسلم إليه أغنامه يرعاها : اذهب بهذه الاغنام ، فإذا بلغت مفرق الطريق فخذ على يسارك ولا تأخذ على يمينك ، وإن كان الكلاء بها أكثر فإن هناك تنسينا عظيما أخشى عليك وعلى الاغنام منه ، فذهب موسى بالاغنام فلما بلغ مفرق الطريقين أخذت الاغنام ذات اليمين فاجتهد موسى على أن يصرفها إلى ذات الشمال فلم تطعه ، فنام موسى والاغنام ترعى ، فإذا بالتنين قد جاء فقامت عصا موسى فحاربته فقتلته ، وأتت فاستلقت على جنب موسى وهي دامية ، فلما استيقظ موسى عليه‌السلام رأى العصا دامية والتنين مقتولا ، فعلم أن في تلك العصا لله تعالى قدرة ، وعرف أن لها شأنا ، فهذه مآرب موسى فيها إذا كانت عصا ، فأما إذا ألقاها موسى فيرى أنها تنقلب حية كأعظم ما يكون من التنانين سوداء مدلهمة تدب على أربع قوائم ، تصير شعبتاها فمها ، وفيه اثنا عشر أنيابا وأضراسا ، لها صريف وصرير ، يخرج منها لهب النار ، فتصير محجنها عرفا لها كأمثال النيازك(١) تلتهب ، وعيناها تلمعان كما يلمع البرق ، تهب من فيها ريح السموم ، لا تصيب شيئا إلا أحرقته ، تمر بالصخرة مثل الناقة الكوماء(٢) فتبتلعها حتى أن الصخور في جوفها تتقعقع(٣) وتمر بالشجرة فتفطرها بأنيابها ثم تحطمها و

_________________

(١) جمع النيزك : شعلة ترى كالرمح ، وهو أحد أقسام الشهب المتساقطة.

(٢) الكوماء : البعير الضخم السنام.

(٣) تقعقع : صوت.

٦١

تبتلعها ، وجعلت تتلمظ وتترمرم كأنها تطلب شيئا تأكل وكان تكون في عظم الثعبان وخفة الجان ، ولى الحية ، وذلك موافق لنص القرآن حيث قال في موضع : « فإذا هي ثعبان مبين » وقال في موضع آخر : « كأنها جان » وقال في موضع آخر : « فإذا هي حية تسعى » قالوا : فلما ألقاها صارت شعبتاها فمها ، ومحجنها عرفا لها في ظهرها وهي تهتز لها أنياب وهي كما شاء الله أن يكون ، فرأى موسى أمرا فظيعا فولى مدبرا ولم يعقب ، فناداه ربه تعالى : أن يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين. قالوا : وكان على موسى جبة من صوف فلف كمه على يده وهو لها هائب فنودي : أن احسر عن يدك ، فحصر كمه عن يده ثم أدخل يده بين لحييها ، فلما قبض فإذا هو عصاه في يده ويده بين شعبتيها حيث كان يضعها ، ثم قال له : « أدخل يدك في جيبك » فأدخلها ثم أخرجها فإذا هي نور تلتهب يكل عنه البصر ، ثم ردها فخرجت كما كانت على لون يديه.

ثم قال له : « اذهب إلى فرعون إنه طغى » فقال موسى : « رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون * وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون » قال الله تعالى : « سنشد عضدك بأخيك » الآية ، وكان على موسى يومئذ مدرعة قد خلها بخلال وجبة من صوف ، وثياب من صوف ، وقلنسوة من صوف ، والله سبحانه يكلمه ويعهد إليه ويقول له : يا موسى انطلق برسالتي وأنت بعيني وسمعي ، ومعك قوتي و نصرتي ، بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي ، بطر من نعمتي وآمن مكري ، وغرته الدنيا حتى جحد حقي ، وأنكر ربوبيتى ، وزعم أنه لا يعرفني ، وعزتي وجلالي لولا الحجة والعذر اللذان جعلتهما بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار تغضب لغضبه السماوات والارض والبحار والجبال والشجر والدواب ، فلو أذنت للسماء لحصبته ، (١) أو للارض لابتلعته أو للجبال لدكدكته ، أو للبحار لغرقته ، ولكن هان علي وصغر عندي ووسعه حلمي ، وأنا الغني عنه وعن جميع خلقي ، وأنا خالق الغني والفقير ، لا غني إلا من أغنيته ، ولا فقير إلا من أفقرته ، فبلغه رسالتي وادعه إلى عبادتي وتوحيدي والاخلاص لي ، وحذره نقمتي وبأسي ، وذكره أيامي ، وأعلمه أنه لا يقوم لغضبي شئ وقل له فيما بين ذلك

_________________

(١) أى رمته بالحصباء.

٦٢

قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ، وكنه في خطابك(١) إياه ولا يرو عنك ما ألبسته من لباس الدنيا ، فإن ناصيته بيدي ، ولا يطرف ولا ينطق ولا يتنفس إلا بعلمي ، وأخبره بأني إلى العفو والمغفرة أسرع إلى الغضب والعقوبة ، وقل له : أجب ربك فإنه واسع المغفرة قد أمهلك طول هذه المدة وأنت في كلها تدعي الربوبية دونه ، وتصد عن عبادته ، وفي كل ذلك تمطر عليك السماء ، وتنبت لك الارض ، ويلبسك العافية ، ولو شاء لعاجلك بالنقمة ، ولسلبك ما أعطاك ، ولكنه ذو حلم عظيم. ثم امسك عن موسى سبعة أيام ، ثم قيل له بعد سبع ليال : أجب ربك يا موسى فيما كلمك. فقال : « رب اشرح لي صدري » الآية ، فلما رجع موسى شيعته الملائكة ، فكان قلب موسى مشتغلا بولده ، وأراد أن يختنه فأمر الله عزوجل ملكا فمد يده ولم يزل قدمه عن موضعها حتى جاء به ملففا في خرقته ، وتناوله موسى ، فأخذ حجرتين فحك أحدهما بالآخر حتى حدده كالسكين فختن بهما(٢) ابنه ، فتفل الملك عليه وبرئ من ساعته ، ثم رده الملك إلى موضعه ، ولم يزل أهل موسى في ذلك الموضع حتى مر راع من أهل مدين فعرفهم واحتملهم وردهم إلى مدين ، وكانوا عند شعيب حتى بلغهم خبر موسى عليه‌السلام بعدما فلق البحر وجاوزه بنو إسرائيل ، وغرق الله فرعون فبعثهم شعيب إلى موسى عليه‌السلام بمصر.(٣)

ايضاح : فتحز بالزاي المعجمة أي تقطع. والخصاص : كل خلل وخرق في باب وغيره. والفرضة بالضم من النهر : ثلمة يستقى منها ، ومن البحر محط السفن. وسخره كمنعه : كلفه مالا يريد وقهره. والزند : الذي يقدح به النار. وروي النار : اتقادها. و المحجن كمنبر : كل معطوف معوج. وطريق مهيع : بين. والمقلاع : الذي يرمى به الحجر. وصريف ناب البعير : صوتها. وتلمظت الحية : أخرجت لسانها. وترمرم : تحرك للكلام ولم يتكلم.

_________________

(١) أى سمه بالكنية عند الخطاب. (٢) في المصدر : به. م

(٣) عرائس الثعلبى : ١٠٥ ـ ١١٤ ، وفد اختصره المصنف فاسقط منه كثيرا. م

٦٣

(باب ٣)

*(معنى قوله تعالى : « فاخلع نعليك » وقول موسى عليه السلام)*

*( « واحلل عقدة من لسانى » وانه لم سمى الجبل طور سيناء )*

١ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال الله عزوجل لموسى عليه‌السلام : « فاخلع نعليك » لانها كانت من جلد حمار ميت.(١)

مع : مرسلا مثله.(٢)

٢ ـ ع : محمد بن علي بن نصر النجاري ، عن أبي عبدالله الكوفي بإسناد متصل إلى الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال في قول الله عزوجل لموسى عليه‌السلام : « فاخلع نعليك » قال : يعني ارفع خوفيك ، يعني خوفه من ضياع أهله وقد خلفها بمخض ، (٣) وخوفه من فرعون.

قال الصدوق رحمه‌الله : وسمعت أبا جعفر محمد بن عبدالله بن طيفور الدامغاني الواعظ يقول في قول موسى عليه‌السلام : « واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي » قال : يقول : إني أستحيي أن اكلم بلساني الذي كلمتك به غيرك فيمنعني حيائي منك عن محاورة غيرك ، فصارت هذه الحال عقدة على لساني فاحللها بفضلك « واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي » معناه أنه سأل الله عزوجل أن يأذن له في أن يعبر عنه هارون فلا يحتاج أن يكلم فرعون بلسان كلم الله عزوجل به.(٤)

٣ ـ ع : محمد بن علي بن بشار القزويني ، عن المظفر بن أحمد ، عن الاسدي ، عن

_________________

(١) علل الشرائع : ٣٤. م

(٢) لم نجدها. م

(٣) المخاض : وجع الولادة وهو الطلق.

(٤) علل الشرائع : ٣٤. ولا يخفى بعد هذا التأويل.

٦٤

النخعي ، عن النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن سعيد بن جبير ، عن عبدالله بن عباس قال : إنما سمي الجبل الذي كان عليه موسى طور سيناء لانه جبل كان عليه شجر الزيتون ، وكل جبل يكون عليه ما ينتفع به من النبات والاشجار سمي طور سيناء وطور سينين ، وما لم يكن عليه ما ينتفع به من النبات أو الاشجار من الجبال سمي طور ، ولا يقال له طور سيناء ولا طور سينين : (١)

مع : مرسلا مثله.(٢)

٤ ـ ج : سأل سعد بن عبدالله القائم عليه‌السلام عن قول الله تعالى لنبيه موسى : « فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى » فإن فقهاء الفريقين يزعمون أنها كانت من إهاب(٣) الميتة ، فقال عليه‌السلام : من قال ذلك فقد افترى على موسى واستجهله في نبوته ، إنه ما خلا الامر فيها من خصلتين : إما أن كانت صلاة موسى فيها جائزة أو غير جائزة ، فإن كانت جائزة فيها فجاز لموسى أن يكون يلبسها في تلك البقعة وإن كانت مقدسة مطهرة ، وإن كانت صلاته غير جائزة فيها فقد أوجب أن موسى لم يعرف الحلال والحرام ، ولم يعلم ما جازت الصلاة فيه مما لم تجز وهذا كفر. قلت : فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما ، قال : إن موسى عليه‌السلام كان بالواد المقدس ، فقال : يا رب إني أخلصت لك المحبة مني ، وغسلت قلبي عمن سواك ـ وكان شديد الحب لاهله ـ فقال الله تبارك وتعالى : « اخلع نعليك » أي انزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة ، وقلبك من الميل إلى من سواي مشغولا ، الخبر(٤)

بيان : اعلم أن المفسرين اختلفوا في سبب الامر بخلع النعلين ومعناه على أقوال :

_________________

(١) علل الشرائع : ٣٤. م

(٢) لم نجدها. م

(٣) الاهاب : الجلد مطلقا أو ما لم يدبغ منه.

(٤) الاحتجاج : ٢٥٩. وفيه : إلى من سواى مغسولا. م

٦٥

الاول أنهما كانتا من جلد حمار ميت. والثاني أنه كان من جلد بقرة ذكية ، و لكنه امر بخلعهما ليباشر بقدميه الارض فتصيبه بركة الوادي المقدس. والثالث أن الحفا من علامة التواضع ، ولذلك كانت السلف تطوف حفاة. والرابع أن موسى عليه‌السلام إنما لبس النعل اتقاء من الانجاس وخوفا من الحشرات فآمنه الله مما يخاف وأعلمه بطهارة الموضع. والخامس أن المعنى : فرغ قلبك من حب الاهل والمال. والسادس أن المراد : فرغ قلبك عن ذكر الدارين.(١)

٥ ـ ع : في خبر ابن سلام أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله عن الواد المقدس لم سمي المقدس؟ قال : لانه قدست فيه الارواح ، واصطفيت فيه الملائكة ، وكلم الله عزوجل موسى تكليما.(٢)

_________________

(١) قال المسعودى في اثبات الوصية : وروى انه انما عنى بقوله : « اخلع نعليك » اردد صفورا على شعيب ، فرجع فردها.

(٢) علل الشرائع : ١٦١. م

٦٦

(باب ٤)

*(بعثة موسى وهارون صلوات الله عليهما على فرعون ، وأحوال)*

*(فرعون وأصحابه وغرقهم ، وما نزل عليهم من العذاب قبل)*

*(ذلك وايمان السحرة وأحوالهم)*

الايات ، البقرة « ٢ » وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم * وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ٤٩ ـ ٥٠.

الاعراف « ٧ » ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملائه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين * وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين * حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل * قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين * ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين * قال الملا من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون * قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين * يأتوك بكل ساحر عليم * وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم لمن المقربين * قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين * قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم * وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون * فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون * فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين * والقي السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون * قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون * لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لاصلبنكم أجمعين * قالوا إنا إلى ربنا منقلبون * وما تنقم منا

٦٧

إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين * وقال الملا من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الارض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون * قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين * قالوا اوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون * ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون * فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون * وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين * فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين * ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل * فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون * فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين * وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون ١٠٣ ـ ١٣٧.

الانفال « ٨ » كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب ٥٢ « وقال تعالى » : كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين ٥٤.

يونس « ١٠ » ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملائه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين * فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين * قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون * قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الارض وما نحن لكما بمؤمنين * وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم * فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون * فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين * و

٦٨

يحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون * فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملائهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الارض وإنه لمن المسرفين * وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين * فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين * ونجنا برحمتك من القوم الكافرين * وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلوة وبشر المؤمنين * وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملاءه زينة وأموالا في الحيوة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم * قال قد اجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون * وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين * الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين * فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون * ولقد بوأنا لبني إسرائيل مبوء صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيمة فيما كانوا فيه يختلفون ٧٥ ـ ٩٢.

هود « ١٢ » ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وملائه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد * يقدم قومه يوم القيمة فأوردهم النار وبئس الورد المورود * واتبعوا في هذه لعنة ويوم القيمة بئس الرفد المرفود ٩٦ ـ ٩٩.

الاسراء « ١٧ » ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسئل بني إسرائيل * إذ جاءهم فقال له فرعون إني لاظنك يا موسى مسحورا * قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والارض بصائر وإني لاظنك يا فرعون مثبورا * فأراد أن يستفزهم من الارض فأغرقناه ومن معه جميعا * وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الارض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا ١٠١ ـ ١٠٤.

طه « ٢٠ » وهل أت؟ ك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لاهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى * فلما أتمها نودي يا موسى * إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى * وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى * إنني أنا

٦٩

الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلوة لذكري * إن الساعة آتية أكاد اخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى * فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هو؟ ه فتردى * وما تلك بيمينك يا موسى * قال هي عصاي أتوكؤ عليها وأهش بها على غنمي ولى فيها مآرب اخرى * قال ألقها يا موسى * فألقها فإذا هي حية تسعى * قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الاولى * واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية اخرى * لنريك من آياتنا الكبرى * اذهب إلى فرعون إنه طغى * قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا * قال قد اوتيت سؤلك يا موسى * ولقد مننا عليك مرة اخرى * إذ أوحينا إلى امك ما يوحى * أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني * إذ تمشي اختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى امك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا * فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى * واصطنعتك لنفسي * اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيافي ذكري * اذهبا إلى فرعون إنه طغى * فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى * قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى * قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى * فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى * إنا قد اوحي إلينا أن العذاب على من كذب و تولى * قال فمن ربكما يا موسى * قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى * قال فما بال القرون الاولى * قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى * الذي جعل لكم الارض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى * كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لاولي النهى * منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى * ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى * قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى * فلنأتينك بسحر مثله

٧٠

فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى * قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى * فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى * قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى * فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى * قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى * فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى * قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى * قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى * فأوجس في نفسه خيفة موسى * قلنا لا تخف إنك أنت الاعلى * وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى * فالقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى * قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولاصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى * قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحيوة الدنيا * إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى * إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى * ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فاولئك لهم الدرجات العلى * جنات عدن تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى * ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى * فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم وأضل فرعون قومه وما هدى ٩ ـ ٧٩.

المؤمنين « ٢٣ » ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وملائه فاستكبروا وكانوا قوما عالين * فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون * فكذبوهما فكانوا من الهالكين * ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون ٤٥ ـ ٤٩.

الشعراء « ٢٦ » وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين * قوم فرعون ألا يتقون * قال رب إني أخاف أن يكذبون * ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون * ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون * قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون * فأتيا

٧١

فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين * أن أرسل معنا بني إسرائيل * قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين * وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين * قال فعلتها إذا وأنا من الضالين * ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين * وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل * قال فرعون ومارب العالمين * قال رب السموات والارض وما بينهما إن كنتم موقنين * قال لمن حوله ألا تستمعون * قال ربكم ورب آبائكم الاولين * قال إن رسولكم الذي ارسل إليكم لمجنون * قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون * قال لئن اتخذت إلها غيري لاجعلنك من المسجونين * قال أولو جئتك بشئ مبين * قال فأت به إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين * ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين * قال للملا حوله إن هذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون * قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم * فجمع السحرة لميقات يوم معلوم * وقيل للناس هل أنتم مجتمعون * لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين * فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين * قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون * فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون * فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون * فالقي السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون * قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون * لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولاصلبنكم أجمعين * قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين * وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون * فأرسل فرعون في المدائن حاشرين * إن هؤلاء لشرذمة قليلون * وإنهم لنا لغائظون * وإنا لجميع حاذرون * فأخرجناهم من جنات وعيون * وكنوز ومقام كريم * كذلك وأورثناها بني إسرائيل * فأتبعوهم مشرقين * فلما تراء الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربى سيهدين * فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * وأزلفنا ثم الآخرين * وأنجينا موسى ومن معه أجمعين * ثم

٧٢

أغرقنا الآخرين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم ١٠ ـ ٦٨.

النمل « ٢٧ » إذ قال موسى لاهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون * فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها و سبحان الله رب العالمين * يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم * وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون * إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم * وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين * فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين * وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ٧ ـ ١٤.

القصص « ٢٨ » فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين * وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده و من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون * وقال فرعون يا أيها الملا ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لاظنه من الكاذبين * واستكبر هو وجنوده في الارض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون * فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين * وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون * وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين ٣٦ ـ ٤٢ « وقال تعالى » : أولم يكفروا بما اوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون ٤٩.

ص « ٣٨ » كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الاوتاد ١٢.

المؤمن « ٤٠ » وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الاسباب * أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لاظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب ٣٦ ـ ٣٧.

الزخرف « ٤٣ » ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملائه فقال إني رسول

٧٣

رب العالمين * فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون * وما نريهم من آية إلا هي أكبر من اختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون * وقالوا يا أيه الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون * فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون * ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي أفلا تبصرون * أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين * فلولا القي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين * فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين * فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين * فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ٤٦ ـ ٥٦.

الدخان « ٤٤ » ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم * أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين * وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين * وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون * وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون * فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون * فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون * واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون * كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين * فما بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين * ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين * من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين * ولقد اخترناهم على علم على العالمين * وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين ١٧ ـ ٣٣.

الذاريات « ٥١ » وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين * فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون * فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم ٣٨ ـ ٤٠.

القمر « ٥٤ » ولقد جاء آل فرعون النذر * كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر ٤١ ـ ٤٢.

الصف « ٦١ » وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ٥.

المزمل « ٧٣ » إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا * فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا ١٥ ـ ١٦.

٧٤

النازعات « ٧٩ » هل أت؟ ك حديث موسى * إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى * اذهب إلى فرعون إنه طغى * فقل هل لك إلى أن تزكى * وأهديك إلى ربك فتخشى * فأراه الآية الكبرى * فكذب وعصى * ثم أدبر يسعى * فحشر فنادى * فقال أنا ربكم الاعلى * فأخذه الله نكال الآخرة والاولى * إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ١٥ ـ ٢٦.

الفجر « ٨٩ » وفرعون ذي الاوتاد ١٠.

تفسير : قال الطبرسي طيب الله رمسه : « من آل فرعون » أي من قومه وأهل دينه « يسومونكم » أي يكلفونكم ويذيقونكم « سوء العذاب » واختلفوا في هذا العذاب فقال قوم : ما ذكر بعده ، وقيل : ما كان يكلفونهم من الاعمال الشاقة فمنها أنهم جعلوهم أصنافا : فصنف يخدمونهم ، وصنف يحرسون لهم ، ومن لا يصلح منهم للعمل ضربوا الجزية عليهم ، وكانوا مع ذلك « يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم » أي يدعونهن أحياء ليستعبدن ، وينكحن على وجه الاسترقاق ، وهذا أشد من الذبح « وفي ذلكم » أي وفي سومكم العذاب وذبح الابناء « بلاء من ربكم عظيم » أي ابتلاء عظيم من ربكم لما خلا بينكم وبينه ، وقيل : أي وفي نجاتكم نعمة عظيمة من الله ، وكان السبب في قتل الابناء أن فرعون رأى في منامه أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقتها وأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل فهاله ذلك ودعا السحرة والكهنة والقافة فسألهم عن رؤياه فقالوا له : إنه يولد في بني إسرائيل غلام يكون على يده هلاكك وذهاب ملكك و تبديل دينك ، فأمر فرعون بقتل كل غلام يولد في بني إسرائيل وجمع القوابل من أهل مملكته فقال لهن : لا يسقط على أيديكن غلام من بني إسرائيل إلا قتل ، ولا جارية إلا تركت ، ووكل بهن فكن يفعلن ذلك ، فأسرع الموت في مشيخة بني إسرائيل ، فدخل رؤوس القبط على فرعون فقالوا له : إن الموت وقع على بني إسرائيل فتذبح صغارهم ويموت كبارهم ، فيوشك أن يقع العمل علينا ، فأمر فرعون أن يذبحوا سنة ويتركوا سنة ، فولد هارون في السنة التي لا يذبحون فيها فترك ، وولد موسى في السنة التي يذبحون فيها. واذكروا « إذ فرقنا بكم البحر » أي فرقنا بين المائين حتى مررتم فيه وكنتم فرقا بينهما تمرون في طريق يبس ، وقيل : فرقنا البحر بدخولكم إياه فوقع بين كل فرقتين

٧٥

من البحر طائفة منكم يسلكون طريقا يابسا فوقع الفرق بكم « وأغرقنا آل فرعون » لم يذكر فرعون لظهوره وذكره في مواضع ويجوز أن يريد بآل فرعون نفسه.

« وأنتم تنظرون » أي تشاهدون أنهم يغرقون ، وجملة القصة ما ذكره ابن عباس أن الله تعالى أوحى إلى موسى : أن أسر ببني إسرائيل من مصر ، فسرى موسى ببني إسرائيل ليلا فأتبعهم فرعون في ألف ألف حصان سوى الاناث ، وكان موسى في ستمائة ألف وعشرين ألفا ، فلما عاينهم فرعون قال : « إن هؤلاء لشرذمة قليلون » إلى قوله : « حاذرون » فسرى موسى ببني إسرائيل حتى هجموا على البحر فالتفتوا فإذا هم برهج(١) دواب فرعون ، فقالوا : يا موسى « اوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعدما جئتنا » هذا البحر أمامنا ، وهذا فرعون قد دهقنا(٢) بمن معه ، فقال موسى : « عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون » فقال له يوشع بن نون : بم امرت؟ قال : امرت أن أضرب بعصاي البحر ، قال : اضرب ، وكان الله أوحى إلى البحر : أن أطع موسى إذا ضربك ، قال : فبات البحر له أفكل(٣) أي رعدة لا يدري في أي جوانبه يضربه ، فضرب بعصاه البحر فانفلق وظهر اثنا عشر طريقا ، فكان لكل سبط منهم طريق يأخذون فيه ، فقالوا : إنا لا نسلك طريقا نديا ، فأرسل الله ريح الصبا حتى جففت الطريق كما قال : « فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا » فجروا ، فلما أخذوا في الطريق قال بعضهم لبعض : مالنا لا نرى أصحابنا؟ فقالوا لموسى : أين أصحابنا؟ فقال : في طريق مثل طريقكم ، فقالوا : لا نرضى حتى نراهم ، فقال موسى عليه‌السلام : اللهم أعني على أخلاقهم السيئة ، فأوحى الله إليه : أن قل بعصاك(٤) هكذا وهكذا يمينا وشمالا ، فأشار بعصاه يمينا وشمالا فظهر كالكو (٥) ينظر منها بعضهم إلى بعض ، فلما انتهى فرعون إلى ساحل البحر وكان

_________________

(١) الرهج : ما اثير من الغبار.

(٢) أى لحقنا ودنا منا.

(٣) في نسخة : فبان له البحر أفكل. والافكل : الرعدة يقال : أخذه أفكل ـ بالتنوين ـ : اذا اوتعد من خوف أو برد.

(٤) كذا في النسخة ، وفى المصدر : ان مل بعصاك.

(٥) الكو والكوة : الخرق في الحائط.

٧٦

على فرس حصان أدهم فهاب دخول الماء تمثل له جبرئيل على فرس انثى وديق(١) وتقحم البحر ، (٢) فلما رآها الحصان تقحم خلفها ، ثم تقحم قوم فرعون وميكائيل يسوقهم ، فلما خرج آخر من كان مع موسى من البحر ودخل آخر من كان مع فرعون البحر أطبق الله عليهم الماء فغرقوا جميعا ونجا موسى ومن معه.(٣)

« وملائه » أي أشراف قومه وذوي الامر منهم « فظلموا بها » أي ظلموا أنفسهم بجحدها ، وقيل : فظلموا بها بوضعها غير مواضعها فجعلوا بدل الايمان بها الكفر والجحود ، قال وهب : وكان اسم فرعون الوليد بن مصعب وهو فرعون يوسف ، (٤) وكان بين اليوم الذي دخل يوسف مصر واليوم الذي دخلها موسى رسولا أربعمائة عام « حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق » أي حقيق على ترك القول على الله إلا الحق ، وقال الفراء : « على » بمعنى الباء ، أي حقيق بأن لا أقول ، وقيل : أي حريص على أن لا أقول « ببينة » أي بحجة ومعجزة « فأرسل معي بني إسرائيل » أي فأطلق بني إسرائيل عن عقال التسخير ، وخلهم يرجعوا إلى الارض المقدسة « فإذا هي ثعبان مبين » أي حية عظيمة بين ظاهر أنه ثعبان بحيث لا يشتبه على الناس ، ولم يكن مما يخيل أنه حية وليس بحية.

وقيل : إن العصا لما صارت حية أخذت قبة فرعون بين فكيها وكان ما بينهما ثمانون ذراعا ، فتضرع فرعون إلى موسى بعد أن وثب من سريره وهرب منها وأحدث ، وهرب الناس ، ودخل فرعون البيت وصاح : يا موسى خذها وأنا اومن بك ، فأخذها موسى فعادت عصا ، عن ابن عباس والسدي ، وقيل : كان طولها ثمانين ذراعا « ونزع يده » قيل : إن فرعون قال له : هل معك آية اخرى؟ قال : نعم ، فأدخل يده في جيبه ـ وقيل : تحت إبطه ـ ثم نزعها أي أخرجها منه وأظهرها « فإذا هي بيضاء » أي لونها أبيض نوري ، ولها

_________________

(١) يقال لذوات الحافر اذا ارادت الفحل : ودق ، فهى وديق.

(٢) اى دخلته بشدة ومشقة.

(٣) مجمع البيان ١ : ١٠٥ ـ ١٠٧. م

(٤) قد ذكرنا سابقا ان فرعون يوسف اسمه الريان بن الوليد ، وقيل : ان فرعون يوسف كان جد فرعون موسى.

٧٧

شعاع يغلب نور الشمس ، وكان موسى آدم فيما يروى ، ثم أعاد اليد إلى كمه فعادت إلى لونها الاول ، عن ابن عباس والسدي ، واختلف في عصاه فقيل : أعطاه ملك حين توجه إلى مدين ، وقيل : إن عصا آدم كانت من آس الجنة حين اهبط فكانت تدور بين أولاده حتى انتهت النوبة إلى شعيب ، وكانت ميراثا مع أربعين عصا كانت لآبائه ، فلما استأجر شعيب موسى أمره بدخول بيت فيه العصي ، وقال له : خذ عصا من تلك العصي ، فوقع تلك العصا بيد موسى ، فاسترده شعيب وقال : خذ غيرها ، حتى فعل ذلك ثلاث مرات ، في كل مرة تقع يده عليها دون غيرها ، فتركها في يده في المرة الرابعة ، فلما خرج من عنده متوجها إلى مصر ورأى نارا وأتى الشجرة فناداه الله تعالى : « أن يا موسى إني أنا الله » وأمره بإلقائها فألقاها فصارت حية فولى هاربا ، فناداه الله سبحانه « خذها ولا تخف » فأدخل يده بين لحييها فعادت عصا ، فلما أتى فرعون ألقاها بين يديه على ما تقدم بيانه ، وقيل : كان الانبياء يأخذون العصا تجنبا من الخيلاء.(١)

« قال الملا من قوم فرعون » لمن دونهم من الحاضرين « إن هذا لساحر عليم » بالسحر « يريد أن يخرجكم من أرضكم » أي يريد أن يستميل بقلوب بني إسرائيل إلى نفسه و يتقوى بهم فيغلبكم بهم ويخرجوكم من بلدتكم « فماذا تأمرون » قيل : إن هذا قول الاشراف بعضهم لبعض على سبيل المشورة ، ويحتمل أن يكون قالوا ذلك لفرعون ، وإنما قالوا : « تأمرون » بلفظ الجمع على خطاب الملوك ، ويحتمل أيضا أن يكون قول فرعون لقومه فتقديره : قال فرعون لهم : فماذا تأمرون؟ « قالوا » أي لفرعون « أرجه وأخاه » أي أخره و أخاه هارون ، ولا تعجل بالحكم فيهما بشئ فتكون عجلتك حجة عليك ، وقيل : أخره أي احبسه ، والاول أصح « وأرسل في المدائن » التي حولك « حاشرين » أي جامعين للسحرة يحشرون من يعلمونه منهم : عن مجاهد والسدي ، وقيل : هم أصحاب الشرط أرسلهم في حشر السحرة وكانوا اثنين وسبعين رجلا ، عن ابن عباس « وجاء السحرة فرعون » وكانوا خمسة عشر ألفا ، وقيل : ثمانين ألفا ، وقيل : سبعين ألفا ، وقيل : بضعا وثلاثين ألفا ، وقيل : كانوا اثنين وسبعين ، اثنان من القبط وهما رئيسا القوم ، وسبعون من بني إسرائيل ،

_________________

(١) مجمع البيان ٤ : ٤٥٧ ـ ٤٥٨. م

٧٨

وقيل : كانوا سبعين « وإنكم لمن المقربين » أي وإنكم مع حصول الاجر لكم لمن المقربين ، إلى المنازل الجليلة.

« قالوا يا موسى » أي قالت السحرة لموسى : « إما أن تلقي » ما معك من العصا أولا « وإما أن نكون نحن الملقين » لما معنا من العصي والحبال أولا « قال ألقوا » هذا أمر تهديد وتقريع « سحروا أعين الناس » أي احتالوا في تحريك العصي والحبال بما جعلوا فيها من الزيبق حتى تحركت بحرارة الشمس وغير ذلك من الحيل وأنواع التمويه والتلبيس ، وخيل إلى الناس أنها تتحرك على ما تتحرك الحية « واسترهبوهم » أي استدعوا رهبتهم حتى رهبهم الناس « فإذا هي تلقف ما يأفكون » أي فألقاها فصارت ثعبانا فإذا هي تبتلغ ما يكذبون فيه أنها حيات « فوقع الحق » أي ظهر لانهم لما رأوا تلك الآيات الباهرة علموا أنه أمر سماوي لا يقدر عليه غير الله تعالى ، فمنها قلب العصا حية ، ومنها أكلها حبالهم وعصيهم مع كثرتها ، ومنها فناء حبالهم وعصيهم في بطنه إما بالتفرق وإما بالفناء عند من جوزه ، ومنها عودها عصا كما كانت من غير زيادة ولا نقصان ، وكل من هذه الامور يعلم كل عاقل أنه لا يدخل تحت مقدور البشر ، فاعترفوا بالتوحيد والنبوة وصار إسلامهم حجة على فرعون وقومه « فغلبوا هنالك » أي قهر فرعون وقومه عند ذلك المجمع ، وبهت فرعون وخلى سبيل موسى ومن تبعه « وانقلبوا صاغرين » أي انصرفوا أذلاء مقهورين « والقي السحرة ساجدين » ألهمهم الله ذلك.

وقيل : إن موسى وهارون سجدا لله شكرا له على ظهور الحق فاقتدوا بهما فسجدوا معهما ، وإنما قال : « القي » على ما لم يسم فاعله للاشارة إلى أنه ألقاهم مارأوا من عظيم الآيات حيث لم يتمالكوا أنفسهم عند ذلك أن وقعوا ساجدين « رب موسى وهارون » خصوهما لانهما دعوا إلى الايمان ولتفضيلهما ، أو لئلا يتوهم متوهم أنهم سجدوا لفرعون : لانه كان يدعي أنه رب العالمين « إن هذا لمكر » أراد به التلبيس على الناس وإيهامهم أن إيمان السحرة لم يكن عن علم ، ولكن لتواطؤ منهم ليذهبوا بأموالكم و ملككم « فسوف تعلمون » عاقبة أمركم « لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف » أي من كل شق طرفا ، قال الحسن : هو أن يقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى ، وقال غيره :

٧٩

وكذلك اليد اليسرى مع الرجل اليمنى ، قيل : أول من قطع الرجل وصلب فرعون صلبهم في جذوع النخل على شاطئ نهر مصر « إنا إلى ربنا منقلبون » راجعون إلى ربنا بالتوحيد والاخلاص ، والانقلاب إلى الله هو الانقلاب إلى جزائه ، وغرضهم التسلي في الصبر على الشدة لما فيه من المثوبة مع مقابلة وعيده بوعيد أشد منه وهو عقاب الله « وما تنقم منا » أي وما تطعن علينا وما تكره منا إلا إيماننا بالله وتصديقنا بآياته التي جاءتنا « ربنا أفرغ علينا صبرا » أي اصبب علينا الصبر عند القطع والصلب حتى لا نرجع كفارا « وتوفنا مسلمين » أي وفقنا للثبات على الاسلام إلى وقت الوفاة ، قالوا : فصلبهم فرعون من يومه فكانوا أول النهار كفارا سحرة ، وآخر النهار شهداء بررة ، وقيل أيضا : إنه لم يصل إليهم وعصمهم الله منه.

« وقال الملا من قوم فرعون » لما أسلم السحرة « أتذر موسى وقومه » أي أتتركهم أحياء ليظهروا خلافك ويدعوا الناس إلى مخالفتك ليغلبوا عليك فيفسد به ملكك ، وروي عن ابن عباس أنه لما آمن السحرة أسلم من بني إسرائيل ستة مائة ألف نفس واتبعوه « قال موسى لقومه » قال ابن عباس : كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل ، فلما كان من أمر موسى ما كان أمر بإعادة القتل عليهم ، فشكا ذلك بنو إسرائيل إلى موسى فعند ذلك قال : « استعينوا بالله » في دفع بلاء فرعون عنكم « واصبروا » على دينكم « يورثها من يشاء » أي ينقلها إلى من يشاء نقل المواريث « والعاقبة للمتقين » أي تمسكوا بالتقوى فإن حسن العاقبة في الدارين للمتقين « قالوا » أي بنو إسرائيل لموسى : « اوذينا من قبل أن تأتينا » أي عذبنا فرعون بقتل الابناء واستخدام النساء قبل أن تأتينا بالرسالة « ومن بعدما جئتنا » أيضا ، ويتوعدنا ويأخذ أموالنا ويكلفنا الاعمال الشاقة فلم ننتفع بمجيئك ، وهذا يدل على أنه جرى فيهم القتل والتعذيب مرتين. قال الحسن : كان فرعون يأخذ الجزية قبل مجئ موسى وبعده من بني إسرائيل ، وهذا كان استبطاء منهم لما وعدهم موسى من النجاة ، فجدد لهم عليه‌السلام الوعد « قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم » وعسى من الله موجب(١) « ويستخلفكم في الارض » أي يملككم ما كانوا يملكونه في الارض من بعدهم « فينظر كيف تعملون » شكرا لما منحكم.

_________________

(١) في المصدر : قال الزجاج : عسى من الله طمع واشفاق الا ما يطمع الله فيه فهو واجب.

٨٠