بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بسم الله الرحمن الرحيم

أبواب قصص موسى وهارون عليهما‌السلام

(باب ١)

*(نقش خاتمهما وعلل تسميتهما وفضائلهما وسننهما)*

*(وبعض أحوالهما)*

الايات ، البقرة « ٢ » ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل ٨٧. آل عمران « ٣ » وأنزل التوراة والانجيل * من قبل هدى للناس ٣ ـ ٤.

هود « ١١ » ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ١٧ « وقال » : ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب ١١٠. ابراهيم « ١٤ » ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ٥.

مريم « ١٩ » واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا * و ناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا * ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ٥١ ـ ٥٣

الانبياء « ٢١ » ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ٤٨ التنزيل « ٣٢ » ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى

١

لبني إسرائيل * وجعلنا منهم أئمه يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ٢٣ ـ ٢٤

الاحزاب « ٣٢ » يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها ٦٩

الصافات « ٣٧ » ولقد مننا على موسى وهارون ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم * ونصرناهم فكانوا هم الغالبين * وآتيناهما الكتاب المستبين * وهديناهما الصراط المستقيم * وتركنا عليهما في الآخرين * سلام على موسى وهارون * إنا كذلك نجزي المحسنين * إنهما من عبادنا المؤمنين ١١٤ ـ ١٢٢.

المؤمن « ٤٠ » ولقد آتينا موسى الهدى * وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى و ذكرى لاولي الالباب ٥٣ ـ ٥٤.

السجدة « ٤١ » ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ٤٥.

الاحقاف « ٤٦ » ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ١٢.

تفسير : قال الطبرسي قدس‌سره : « إماما » أي يؤتم به في امور الدين « ورحمة » أي نعمة من الله على عباده ، أو ذا رحمة أي سبب الرحمة لمن آمن به(١) « الكتاب » يعني التوراة « فاختلف فيه » أي قومه اختلفوا في صحته « ولولا كلمة سبقت » أي لولا خبر الله السابق بأنه يؤخر الجزاء إلى يوم القيامة للمصلحة « لقضي بينهم » أي لعجل الثواب والعقاب لاهله « وإنهم لفي شك منه ، أي من وعد الله ووعيده(٢) » بأيام الله « أي بوقائع الله في الامم الخالية وإهلاك من هلك منهم ، أو بنعم الله في سائر أيامه كما روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام أو الاعم منهما(٣) » في الكتاب « أي القرآن » إنه كان مخلصا « قرأ أهل الكوفة بفتح اللام أي أخلصه الله بالنبوة ، والباقون بكسرها أي أخلص العبادة لله ، أو نفسه لاداء الرسالة

_________________

(١) مجمع البيان ٥ : ١٥. م

(٢) مجمع البيان ٥ : ١٩٨. م

(٣) مجمع البيان ٦ : ٣٠٤. م

٢

« من جانب الطور » الطور : جبل بالشام ، ناداه الله من جانبه اليمين وهو يمين موسى ، و قيل : من الجانب الايمن من الطور ، يريد حيث أقبل من مدين ورأى النار في الشجرة ، وهو قوله : « يا موسى إني أنا الله رب العالمين ».

« وقربناه نجيا » أي مناجيا كليما ، قال ابن عباس : قربه الله وكلمه ، ومعنى هذا التقريب أنه أسمعه كلامه ، وقيل : قربه حتى سمع صرير القلم الذي كتبت به التوراة ، وقيل : « قربناه » أي رفعنا منزلته حتى صار محله منا في الكرامة محل من قربه مولاه في مجلس كرامته فهو تقريب كرامة واصطفاء لا تقريب مسافة وإدناء « ووهبنا له » أي أنعمنا عليه بأخيه هارون وأشركناه في أمره(١) « الفرقان » أي التوراة يفرق بين الحق والباطل ، وقيل : البرهان الذي يفرق به بين حق موسى وباطل فرعون ، وقيل : هو فلق البحر « وضياء »

هو من صفة التوراة أيضا ، أي استضاؤوا بها حتى اهتدوا في دينهم. (٢)

« فلا تكن في مرية من لقائه » أي في شك من لقائك موسى ليلة الاسراء بك إلى السماء ، عن ابن عباس ، وقد ورد في الحديث أنه قال : رأيت ليلة اسري بي موسى بن عمران رجلا آدم طوالا جعدا كأنه من رجال شبوة ، (٣) ورأيت عيسى بن مريم رجلا مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس. (٤) فعلى هذا فقد وعد صلى الله عليه وآله أنه سيلقى موسى عليه‌السلام قبل أن يموت ، وقيل : فلا تكن في مرية من لقاء موسى إياك في الآخرة ، وقيل :

_________________

(١) مجمع البيان ٦ : ٥١٨. م

(٢) مجمع البيان ٧ : ٥٠. م

(٣) هكذا في المطبوع ، وفى نسخة : شنوة ، والظاهر أن كلاهما مصحف والصحيح كما في المصدر : شنوءة ، قال الثعلبى في العرائس في ذكر حلية موسى عليه‌السلام : جعد طويل كانه من رجال أزد شنوءة. وقال الفيروز آبادى : الشنوءة : المتفزر والتفزر ، وأزد شنوءة وقد تشدد الواو : قبيلة سميت لشنآن بنهم وفى اللباب : الشنائى بفتح الشين والنون وكسر الهمزة هذه النسبة إلى ازد شنوءة والشنوى بفتح الشين والنون. وبعدها الواو نسبة إلى شنوءة ، ويقال : للازد أزد شنوءة.

(٤) المربوع : الوسيط القامة. والسبط : ضد الجعد.

٣

من لقاء موسى الكتاب ، وقيل : من لقاء الاذى كما لقي موسى « وجعلناه » أي موسى أو الكتاب « وجعلنا منهم أئمة » أي رؤساء في الخير يقتدى بهم ، يهدون إلى أفعال الخير بإذن الله ، وقيل : هم الانبياء الذين كانوا فيهم « لما صبروا » أي لما صبروا جعلوا أئمة « وكانوا بآياتنا يوقنون » لا يشكون فيها. (١)

« ولقد مننا على موسى وهارون » أي بالنبوة والنجاة من فرعون وغيرهما من النعم الدنيوية والاخروية « من الكرب العظيم » من تسخير قوم فرعون إياهم واستعمالهم في الاعمال الشاقة ، وقيل : من الغرق « الكتاب المستبين » يعني التوراة الداعي إلى نفسه بما فيه من البيان « وتركنا عليهما » الثناء الجميل « في الآخرين » بأن قلنا : « سلام على موسى و هارون » (٢) موسى اسم مركب من اسمين بالقبطية فمو هو الماء ، وسى : الشجر ، وسمي بذلك لان التابوت الذي كان فيه موسى وجد عند الماء والشجر ، (٣) وجدته جواري آسية وقد خرجن ليغتسلن ، وهو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب عليه‌السلام.

وقال الثعلبي : هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب عليه‌السلام قال أهل العلم بأخبار الاولين وسير الماضين : ولد ليعقوب عليه‌السلام لاوي وقد مضى من عمره تسع وثمانون سنة ، ثم إن لاوي بن يعقوب نكح نابتة بنت ماوي بن يشجر(٤) فولدت له عرشون(٥) ومرزى ومردى وقاهث بن لاوي ، وولد للاوي قاهث بعد أن مضى من عمره

_________________

(١) مجمع البيان ٨ : ٣٣٢ ـ ٣٣٣. م

(٢) مجمع البيان ٨ : ٤٥٦. م

(٣) قال المسعودى في اثبات الوصية : روى لما وضعته امه في حجرها اشتد فرحها به ، فقال : فديتك يا موسى ، فسمع فرعون فاستشاط ، فأرسل الله عزوجل فنطق على لسانها فقالت : بلغنى انكم مشتموه من الماء ، فقلت : يا موشى ـ بالعبرانية ـ فقالت لها فرعون : صدقت من الماء مشناه و انا نسميه موشى.

(٤) في المصدر المطبوع بمصر : ماوى بن يشجب. وفى الطبرى : مارى بن يشخر.

(٥) في المصدر : غرسون ، وفى الطبرى : غرشون ولم يذكر ( مروى ) وفى قاموس التوراة والانجيل : جرشون ، قهات ، مرارى.

٤

ست وأربعون سنة ، فنكح قاهث بن لاوي قاهي(١) بنت مبنير بن بتويل(٢) بن إلياس فولدت له يصهر ، وتزوج يصهر شمبت بنت بتاويت بن بركيا بن يقشان بن إبراهيم(٣) فولدت له عمران(٤) وقد مضى من عمره ستون سنة ، وكان عمر يصهر مائة وسبعا وأربعين سنة ، فنكح عمران بن يصهر نخيب بنت إشموئيل بن بركيا بن يقشان(٥) بن إبراهيم فولدت له هارون وموسى ، واختلف في اسم امهما فقال محمد بن إسحاق : نخيب ، وقيل : أفاحية ، وقيل : بوخائيد(٦) وهو المشهور ، وكان عمر عمران مائة وسبعا وثلاثين سنة ، وولد له موسى وقد مضى من عمره سبعون سنة ، (٧) ونحوه ذكر ابن الاثير في الكامل. (٨)

١ ـ فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في خبر المعراج عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا فيها رجل كهل

عظيم العين ، لم أر كهلا أعظم منه ، حوله ثلاثة من امته ، (٩) فأعجبتني كثرتهم ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا المجيب لقومه(١٠) هارون بن عمران ، فسلمت عليه وسلم علي ، واستغفرت له واستغفر لي ، وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات

_________________

(١) في نسخة : قاضى ، وفى المصدر والطبرى : فاهى.

(٢) في المصدر : ميين بن تنويل. وفى الطبرى : مسين بن بتويل.

(٣) في المصدر : وتزوج يصهر سميت بنت يتادم بن بركيا بن يشعان. وفى الطبرى : شميث ابنة بتادين بن بركيا بن يقسان. وعد البغدادى في المحبر من أولاد ابراهيم يقشان بالشين.

(٤) في الطبرى : وقارون.

(٥) في المصدر : نجيب بنت شمويل بن بركيا بن يشعان ، وفى الطبرى ، يحيب ابنة شمويل ابن بركيا بن يقسان.

(٦) في المصدر : نجيب. وقيل : ناجية ، وفيل يوخابيل. وفى الطبرى ، امه يوخابد ، وقيل : اناحيد.

(٧) عرائس الثعلبى : ١٠٥. م

(٨) كامل التواريخ ١ : ٥٨. م

(٩) في نسخة : ثلة من امته. وفى المصدر : ثلاثة صفوف من امته.

(١٠) في نسخة : هذا المحبب لقومه.

٥

ثم صعدنا إلى السماء السادسة وإذا فيها رجل آدم طويل كأنه من شبوة ، (١) ولو أن عليه قميصين لنفذ شعره فيهما ، وسمعته يقول : يزعم بنو إسرائيل أني أكرم ولد آدم على الله ، وهذا رجل أكرم على الله مني ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال أخوك موسى ابن عمران ، فسلمت عليه وسلم علي ، واستغفرت له واستغفر لي ، وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات. (٢)

بيان : شبوة أبوقبيلة ، وموضع بالبادية ، وحصن باليمن ، أو واد بين مارب وحضرموت كذا ذكره الفيروز آبادي ، ولعله صلى الله عليه وآله شبهه بإحدى هذه الطوائف في الادمة و طول القامة.

٢ ـ فس : في خبر الحسن بن علي عليهما‌السلام مع ملك الروم أنه عرض على الحسن عليه‌السلام صور الانبياء فعرض عليه صنما ، قال عليه‌السلام : هذه صفة موسى بن عمران ، وكان عمره مائتين وأربعين سنة ، وكان بينه وبين إبراهيم خمسمائة سنة. (٣)

٣ ـ ل : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن ابن أبي عثمان ، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال : إن الله اختار من الانبياء أربعة للسيف : إبراهيم ، وداود ، وموسى ، وأنا ، واختار من البيوتات أربعة فقال عزوجل : « إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين » الخبر. (٤)

٤ ـ ن ، ع ، ل : سأل الشامي أمير المؤمنين عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « يوم يفر المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه » من هم؟ فقال عليه‌السلام : قابيل يفر من هابيل ،

_________________

(١) في طبعة من المصدر : من شعر ، وفى اخرى : ستوه ، وفى البرهان والصافى نقلا عن المصدر : من شعر ، وأحسن الكل ما في الكتاب ، ولعل الصحيح ما اخترناه آنفا وهو شنوءة. راجع ما تقدمناه.

(٢) تفسير القمى : ٤٣٧٣. م

(٣) تفسير القمى : ٥٩٧. م

(٤) الخصال ج ١ : ١٠٧. م

٦

والذي يفر من امه موسى ، والذي يفر من أبيه إبراهيم ، والذي يفر من صاحبته لوط ، والذي يفر من ابنه نوح يفر من ابنه كنعمان. (١)

قال الصدوق رحمه‌الله : إنما يفر موسى من امه خشية أن يكون قصر فيما وجب عليه من حقها. (٢)

بيان : يمكن أن يتجوز في الام كما ارتكب ذلك في الاب ، ويكون المراد بعض مربياته في بيت فرعون.

٥ ـ ل : في خبر أبي ذر قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أول نبي من بني إسرائيل موسى ، وآخرهم عيسى وستمائة نبي. (٣)

أقول : قد مر نقش خاتمه في نقوش خواتيم الانبياء.

٦ ـ ما : المفيد ، عن المظفر بن محمد الخراساني ، عن محمد بن جعفر العلوي ، عن الحسن ابن محمد بن جمهور العمي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أوحى الله إلى موسى بن عمران عليه‌السلام : أتدري يا موسى لم انتجبتك من خلقي واصطفيتك لكلامي؟ فقال : لا يا رب ، فأوحى الله إليه : إني اطلعت إلى الارض فلم أجد عليها أشد تواضعا لي منك ، فخر موسى ساجدا وعفر خديه في التراب تذللا منه لربه عزوجل ، فأوحى الله إليه : ارفع رأسك يا موسى ، وأمر يدك في موضع سجودك ، وامسح بها وجهك وما نالته من بدنك ، (٤) فإنه أمان من كل سقم وداء وآفة وعاهة. (٥)

٧ ـ ع : الطالقاني ، عن الحسن بن علي بن زكريا ، عن محمد بن جيلان قال : حدثني أبي ، عن أبيه وجده ، عن غياث بن اسيد قال : حدثني عمن سمع مقاتل بن سليمان يقول : إن الله تبارك وتعالى بارك على موسى بن عمران عليه‌السلام وهو في بطن امه بثلاث مائة وستين

_________________

(١) العيون : ١٣٦ ، علل الشرائع : ١٩٨ ، الخصال ج ١ : ١٥٤. م

(٢) هذا البيان من الصدوق ره في كتابه الخصال وقال : يفر ابراهيم من ابيه المربى لانه مشرك لا من الاب الوالد وهو التارخ. م

(٣) الخصال ج ٢ : ١٠٤. وأما يوسف فكان ابن اسرائيل ولم يكن من بنى اسرائيل.

(٤) في نسخة : وما يليه من بدنك.

(٥) امالى الشيخ : ١٠٣. م

٧

بركة ، فالتقطه فرعون من بين الماء والشجر وهو في التابوت ، فمن ثم سمي موسى ، وبلغة القبط الماء ( مو ) والشجر ( سى ) فسموه موسى لذلك. (١)

٨ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن يقطين ، عن رجل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أوحى الله عزوجل إلى موسى عليه‌السلام : أتدري لما اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ فقال موسى : لا يا رب ، فقال : يا موسى إني قلبت عبادي ظهر البطن(٢) فلم أجد فيهم أحدا أذل لي منك نفسا ، يا موسى إنك إذا صليت وضعت خديك على التراب. (٣)

ص : بإسناده إلى الصدوق عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير. (٤)

٩ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن موسى عليه‌السلام احتبس عنه الوحي أربعين أو ثلاثين صباحا ، قال : فصعد على جبل بالشام يقال له أريحا ، فقال : يا رب إن كنت حبست عني وحيك وكلامك لذنوب بني إسرائيل فغفر انك القديم ، قال : فأوحى الله عزوجل إليه : يا موسى بن عمران أتدري لما اصطفيتك لوحيي وكلامي دون خلقي؟ فقال : لا علم لي يا رب ، فقال : يا موسى إني اطلعت إلى خلقي اطلاعة فلم أجد في خلقي أشد تواضعا لي منك ، فمن ثم خصصتك بوحيي وكلامي من بين خلقي ، قال : وكان موسى عليه‌السلام إذا صلى لم ينفتل(٥) حتى يلصق خده الايمن بالارض والايسر. (٦)

١٠ ـ فس : أبي ، عن النضر ، عن صفوان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام إن بني إسرائيل كانوا يقولون : ليس لموسى ما للرجال ، وكان موسى إذا أراد الاغتسال ذهب إلى موضع لا يراه فيه أحد من الناس ، وكان يوما يغتسل على شط نهر وقد وضع ثيابه على صخرة ، فأمر الله الصخرة فتباعدت عنه حتى نظر بنو إسرائيل إليه ، فعلموا أنه ليس

_________________

(١ و ٣ و ٦) علل الشرائع : ٣٠. م

(٢) أى انى اختبرتهم.

(٤) مخطوط. م

(٥) أى لم ينصرف.

٨

كما قالوا فأنزل الله : « يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا » إلى قوله : « وجيها ». (١)

بيان : قال الشيخ الطبرسي رحمه‌الله : اختلفوا فيما اوذي به موسى على أقوال : أحدها : أن موسى وهارون صعدا الجبل فمات هارون فقالت بنو إسرائيل : أنت قتلته ، فأمر الله الملائكة فحملته حتى مروا به على بني إسرائيل وتكلمت الملائكة بموته حتى عرفوا أنه قد مات وبرأه الله من ذلك ، عن علي عليه‌السلام وابن عباس ، واختاره الجبائي.

وثانيها : أن موسى عليه‌السلام كان حييا يغتسل وحده ، فقالوا : ما يتستر منا إلا لعيب بجلده : إما برص وإما ادرة ، فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر فمر الحجر بثوبه فطلبه موسى فرآه بنو إسرائيل عريانا كأحسن الرجال خلقا ، فبرأه الله مما قالوا ، رواه أبوهريرة مرفوعا ، وقال قوم : إن ذلك لا يجوز لان فيها إشهار النبي وإبداء سوءته على رؤوس الاشهاد وذلك ينفر عنه.

وثالثها : أن قارون استأجر مومسة(٢) لتقذف موسى بنفسها على رؤوس الملا ، فعصمه الله تعالى من ذلك ، عن أبي العالية.

ورابعها : أنهم آذوه من حيث إنهم نسبوه إلى السحر والجنون والكذب بعدما رأوا الآيات ، عن أبي مسلم. انتهى. (٣)

والسيد قدس‌سره رد الثاني بأنه ليس يجوز أن يفعل الله تعالى بنبيه ما ذكروه من هتك العورة لتنزيهه من عاهة اخرى ، فإنه تعالى قادر على أن ينزهه مما قذفوه به على وجه لا يلحقه معه فضيحة اخرى ، وليس يرمي بذلك أنبياء الله من يعرف أقدارهم. ثم قال : والذي روي في ذلك من الصحيح معروف ، وهو أن بني إسرائيل لما مات هارون

_________________

(١) تفسير القمى : ٥٣٥. م

(٢) قال الفيروزآبادى : الماموسة : الحمقاء الخرقاء. وفى النهاية : المومسة : الفاجرة.

(٣) مجمع البيان ٨ : ٣٧٢. م

٩

عليه‌السلام قرفوه (١) بأنه قتله لانهم كانوا إلى هارون أميل ، (٢) فبرأه الله تعالى من ذلك بأن أمر الملائكة بأن حملت هارون ميتا ومرت به على محافل بني إسرائيل ناطقة بموته ، ومبرئة لموسى عليه‌السلام من قتله ، وهذا الوجه يروى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وروي أيضا أن موسى عليه‌السلام نادى أخاه هارون فخرج من قبره فسأله هل قتله؟ فقال : لا ، ثم عاد. انتهى. (٣)

أقول : بعد ورود الخبر الحسن كالصحيح لا يتجه الجزم ببطلانه ، إذ ليس فيه من الفضيحة بعد كونه لتبريه عما نسب إليه ما يلزم الحكم بنفيها ، والله يعلم.

١١ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن حماد ابن عيسى ، عن أبان ، عمن أخبره ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : لم سميت التلبية تلبية؟ قال : إجابة أجاب موسى عليه‌السلام ربه. (٤)

١٢ ـ ع : بهذا الاسناد عن حماد ، عن الحسين بن مختار ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : مر موسى بن عمران عليه‌السلام في سبعين نبيا على فجاج الروحاء عليهم العباء القطوانية يقول : لبيك عبدك وابن عبدك لبيك. (٥)

١٣ ـ ع : أبي ، عن الحميرى ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : مر موسى النبي عليه‌السلام بصفائح الروحاء على جمل أحمر ، خطامه من ليف عليه عبايتان قطوانيتان ، وهو يقول : لبيك يا كريم لبيك. الخبر.(٦)

بيان : الصفح من الجبل : مضطجعه ، والجمع صفاح. والصفائح : حجارة عراض رقاق. والروحاء : موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة. والقطوانية : عباءة بيضاء قصيرة الخمل منسوبة إلى قطوان محركة : موضع بالكوفة.

_________________

(١) أى اتهموه به ، وفى المصدر : قذفوه.

(٢) في المصدر : اميل ( اقرب خ ل ) م

(٣) تنزيه الانبياء : ٨٩ ـ ٩٠ وفيه : ثم عاد إلى قبره. م

(٤ ـ ٦) علل الشرائع : ١٤. م

١٠

١٤ ـ ع : أبي ، عن محمد العطار ، عن الحسين بن إسحاق التاجر ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، (١) عن عثمان بن عيسى ، وعلي بن الحكم ، عن المفضل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أحرم موسى عليه‌السلام من رملة مصر ، ومر بصفائح الروحاء محرما يقود ناقته بخطام من ليف فلبى تجيبه الجبال.(٢)

١٥ ـ ص : سئل الصادق عليه‌السلام : أيهما مات هارون مات قبل أم موسى صلوات الله عليهما؟ قال : هارون مات قبل موسى. وسئل : أيهما كان أكبر هارون أم موسى؟ قال : هارون ، قال : وكان اسم ابني هارون شبرا وشبيرا ، وتفسيرهما بالعربية الحسن والحسين. وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : رأيت إبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله عليهم ، فأما موسى فرجل طوال سبط يشبه رجال الزط(٣) ورجال أهل شبوة ، (٤) وأما عيسى فرجل أحمر جعد ربعة.(٥) قال : ثم سكت ، وقيل له : يا رسول الله فإبراهيم؟ قال : انظروا إلى صاحبكم يعني نفسه صلى الله عليه وآله.(٦)

١٦ ـ كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن البزنطي ، عن أبان ، عن زيد الشحام ، عمن رواه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : حج موسى بن عمران ومعه سبعون نبيا من بني إسرائيل ، خطم إبلهم من ليف يلبون وتجيبهم الجبال ، وعلى موسى عبايتان قطوانيتان يقول : لبيك عبدك ابن عبدك.(٧)

١٧ ـ كا : العدة ، عن أحمد ، عن الاهوازي ، عن ابن أبي البلاد ، عن أبي بلال المكي قال : رأيت أبا عبدالله عليه‌السلام دخل الحجر من ناحية الباب فقام يصلي على قدر ذراعين من البيت ، فقلت له : ما رأيت أحدا من أهل بيتك يصلي بحيال الميزاب ، فقال : هذا مصلى شبير وشرا بني هارون.(٨)

_________________

(١) في نسخة : عن الحسين بن سعيد.

(٢) علل الشرئع : ١٤٥. م

(٣) قال الفيروزآبادى : الزط بالضم : جيل من الهند ، معرب جت بالفتح ، والقياس يقتضى فتح معربه أيضا.

(٤) تقدم الكلام فيه آنفا.

(٥) أى لا طويل ولا قصير.

(٦) مخطوط. م

(٧) فروع الكافى ١ : ٢٢٣. م

(٨) فروع الكافى ١ : ٢٢٤. م

١١

١٨ ـ صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن موسى بن عمران سأل ربه ورفع يديه فقال : يا رب أين ذهبت اوذيت ، فأوحى الله تعالى إليه : يا موسى إن في عسكرك غمازا ، فقال : يا رب دلني عليه ، فأوحى الله تعالى إليه : إني ابغض الغماز فكيف أغمز؟(١)

قال الثعلبي : قال كعب الاحبار : كان هارون بن عمران نبي الله رجلا فصيح اللسان بين الكلام ، وإذا تكلم تكلم بتؤدة وعلم ، وكان أطول من موسى وكان على أرنبته(٢) شامة ، وعلى طرف لسانه أيضا شامة ، وكان موسى بن عمران نبي الله رجلا آدم جعدا طويلا كأنه من رجال أزدشنوءة ، وكان بلسانه عقدة ثقل ، وكانت فيه سرعة وعجلة ، وكان أيضا على طرف لسانه شامة سوداء.(٣)

بيان : قال الفيروزآبادي : أزد شنوءة وقد تشدد الواو : قبيلة سميت لشنآن بينهم.

١٩ ـ فس : « وذكرهم بأيام الله » قال : أيام الله ثلاثة : يوم القائم ، ويوم الموت ، ويوم القيامة.(٤)

قوله : « يهدون بأمرنا لما صبروا » قال : كان في علم الله أنهم يصبرون على ما يصيبهم فجعلهم أئمة.(٥)

٢٠ ـ فس : « وكان عند الله وجيها » أي ذا جاه ، أخبرنا الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن أحمد بن النضر ، عن محمد بن مروان رفعه إليهم قالوا : يا أيها الذين آمنوا لا تؤذوا رسول الله في علي والائمة كما آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا.(٦)

_________________

(١) صحيفة الرضا : ١١. م

(٢) الارنبة : طرف الانف. والشامة : الخال أى بثرة سوداء في البدن حولها شعر.

(٣) عرائس الثعلبى ١٠٨. م

(٤) تفسير القمى : ٣٤٤. م

(٥) تفسير القمى : ٥١٣. م

(٦) تفسير القمى : ٥٣٥. م

١٢

(باب ٢)

*(أحوال موسى عليه السلام من حين ولادته إلى نبوته)*

الايات ، القصص « ٢٨ » نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون * إن فرعون علا في الارض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين * ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون * وأوحينا إلى ام موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين * فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين * وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون * وأصبح فؤاد ام موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين * وقالت لاخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون * وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون * فرددناه إلى امه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون * ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين*ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين*قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم * قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين* فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالامس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين*فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالامس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الارض وما تريد أن تكون من المصلحين* وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك

١٣

من الناصحين * فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين * ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل * ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير * فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير * فجاءته إحديهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين*قالت إحديهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الامين * قال إني اريد أن انكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما اريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين * قال ذلك بيني وبينك أيما الاجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل * فلما قضى موسى الاجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لاهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون * فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الايمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين * وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل و لا تخف إنك من الآمنين*اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملائه إنهم قوما فاسقين * قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون * وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون * قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ٣ ـ ٣٥

تفسير : قال الطبرسي نور الله ضريحه : « علا في الارض » أي بغى وتجبر في أرض مصر « وجعل أهلها شيعا » أي فرقا يكرم أقواما ويذل آخرين ، أو جعل بني إسرائيل أقوما في الخدمة والتسخير « يستضعف طائفة منهم » يعني بني إسرائيل « يذبح أبناءهم و يستحيي نساءهم » يقتل الابناء ويستبقي البنات ولا يقتلهن ، وذلك أن بعض الكهنة قال له :

إن مولودا يولد في بني إسرائيل يكون سبب ذهاب ملكك ، وقيل : رأى فرعون في منامه أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط وتركت بني

١٤

إسرائيل ، فسأل علماء قومه فقالوا : يخرج من هذا البلد رجل يكون هلاك مصر على يده « ونريد أن نمن على الذين استضعفوا » أي أن فرعون كان يريد إهلاك ـ بني إسرائيل و نحن نريد أن نمن عليهم « ونجعلهم أئمة » أي قادة ورؤساء في الخير « ونجعلهم الوارثين » لديار فرعون وقومه وأموالهم « ونمكن لهم في الارض » أي أرض مصر « منهم » أي من بني إسرائيل « ما كانوا يحذرون » من ذهاب الملك على يد رجل منهم ، قال الضحاك : عاش فرعون(١) أربعمائة سنة وكان قصيرا دميما ، (٢)وهو أول من خضب بالسواد ، وعاش موسى عليه‌السلام مائة وعشرين سنة.(٣)

« وأوحينا إلى ام موسى » أي ألهمناها وقذفناها في قلبها ، وليس بوحي نبوة ، وقيل : أتاها جبرئيل عليه‌السلام بذلك ، وقال : كان الوحي رؤيا منام عبر عنها من تثق به من علماء بني إسرائيل « أن أرضعيه » ما لم تخافي عليه الطلب « فإذا خفت عليه » القتل « فألقيه في اليم » أي في البحر وهو النيل « ولا تخافي » عليه الضيعة « ولا تحزني » عن فراقه « إنا رادوه إليك » سالما عن قريب.

قال وهب : لما حملت بموسى امه كتمت أمرها عن جميع الناس ، ولم يطلع على حملها أحد من خلق الله ، وذلك شئ ستره الله لما أراد أن يمن به على بني إسرائيل ، فلما كانت السنة التي تولد فيها موسى بعث فرعون القوابل وتقدم إليهن أن يفتشن النساء تفتيشا لم يفتشنه قبل ذلك ، وحملت ام موسى فلم ينتأ بطنها ، (٤) ولم يتغير لونها ولم

_________________

(١) قال البغدادى : هو الوليد بن مصعب بن أبى أهون بن الهلوات بن فاران بن عمرو بن عمليق بن يلمع ، وهو فرعون موسى ، قال : كان فرعون يوسف جد فرعون موسى واسمه برخوز. وقال الطبرى : كان فرعون مصر في أيامه قابوس بن مصعب بن معاوية صاحب يوسف الثانى فلما مات قام أخوه الوليد بن مصعب مكانه ، وكان أعتى من قابوس وأكفر وأفجر انتهى. وذكره الثعلبى في العرائس ثم نسبه هكذا : أبوالعباس الوليد بن مصعب بن الريان بن أراشة بن ثروان بن عمرو بن فاران ابن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح انتهى. وأما اليعقوبى فقال : فاختلف الرواة في نسبه فقالوا : رجل من لخم ، وقالوا من غيرها من قبائل اليمن ، وقالوا من العمالقة ، وقالوا من قبط مصر ، يقال له ظلما.

(٢) الدميم : الحقير والقبيح المنظر.

(٣) تقدم في الخبر الثانى من الباب الاول أن عمره كان مائتين وأربعين سنة ، وسيأتى بيان الخلاف في ذلك في باب وفاته عليه‌السلام.

(٤) أى فلم يرتفع ، وفى النسخة والمصدر : فلم ينب.

١٥

يظهر لبنها ، فكانت القوابل لا يعرضن لها ، فلما كانت الليلة التي ولد فيها موسى ولدته امه ولا رقيب عليها ولا قابلة ولم يطلع عليها أحد إلا اخته مريم ، وأوحى الله تعالى إليها « أن أرضعيه » الآية ، قال : وكتمته امه ثلاثة أشهر ترضعه في حجرها لا يبكي ولا يتحرك ، فلما خافت عليه عملت له تابوتا مطبقا ومهدت له فيه ثم ألقته في البحر ليلا كما أمرها الله تعالى.

« فالتقطه آل فرعون » أي أصابوه وأخذوه من غير طلب « ليكون لهم عدوا وحزنا » أي ليكون لهم في عاقبة أمره كذلك ، لا أنهم أخذوه لذلك ، وكانت القصة في ذلك أن النيل جاء بالتابوت إلى موضع فيه فرعون وامرأته على شط النيل ، فأمر فرعون به وفتحت آسية بنت مزاحم بابه ، فلما نظرت إليه ألقى الله في قلبها محبة موسى ، وكانت آسية بنت مزاحم امرأة من بني إسرائيل استنكحها فرعون ، وهي من خيار النساء ، ومن بنات الانبياء ، (١) وكانت اما للمؤمنين ترحمهم وتتصدق عليهم يدخلون عليها ، فلما نظر فرعون إلى موسى غاظه ذلك فقال : كيف أخطأ هذا الغلام الذبح؟! قالت آسية وهي قاعدة إلى جنبه : هذا الوليد أكبر من ابن سنة ، وإنما أمرت أن تذبح الولدان لهذه السنة فدعه يكن قرة عين لي ولك ، وإنما قالت ذلك لانه لم يكن له ولد فأطمعته في الولد « وهم لا يشعرون » أن هلاكهم على يديه « فارغا » أي خاليا من ذكر كل شئ إلا من ذكر موسى ، أو من الحزن سكونا إلى ما وعدها الله به ، أو من الوحي الذي اوحي إليها بنسيانها « إن كادت لتبدي به » أي أنها كادت تبدي بذكر موسى فتقول : يا ابناه من شدة الوجد ، أوهمت بأن تقول أنها امه لما رأته عند دعاء فرعون إياها للارضاع لشدة سرورها به « وقالت » أي ام موسى « لاخته » أي اخت موسى واسمها كليمة(٣) « قصيه »

_________________

(١) قال الثعلبى في العرائس : قد استنكح فرعون من بنى اسرائيل امرأة يقال لها آسية بنت مزاحم ، وبقال : هى آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد فرعون يوسف الاول ، ونص الطبرى أيضا انها كانت من بنى اسرائيل وكانت من خيار النساء المعدودات ، ويأتى في الخبر التاسع ايضا ذلك.

(٢) في نسخة : كلهمة ، وفى المصدر : كلثمة ، وتقدم قبل ذلك أن اخته تسمى مريم ، ولعلها اخت اخرى.

١٦

أي اتبعي أثره وتعرفي خبره » فبصرت به عن جنب « تقديره : فذهبت اخت موسى فوجدت آل فرعون أخرجوا موسى » فبصرت به عن جنب « أي عن بعد ، وقيل : عن جانب تنظر إليه وجعلت تدخل إليهم كأنها لا تريده » وهم لا يشعرون « أنها اخته أو جاءت متعرفة عن خبره » وحرمنا عليه المراضع « أي منعناهن منه وبغضناهن إليه فلا يؤتى بمرضع فيقبلها » من قبل » أي من قبل مجئ امه « فقالت هل أدلكم » وهذا يدل على أن الله تعالى ألقى محبته في قلب فرعون فلغاية شفقته عليه طلب له المراضع ، وكان موسى عليه‌السلام لا يقبل ثدي واحدة منهن بعد أن أتاه مرضع بعد مرضع ، فلما رأت اخته وجدهم به ورأفتهم عليه قالت لهم : « هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم » أي يقبلون هذا الولد ، ويبذلون النصح في أمره ، ويحسنون تربيته « وهم له ناصحون » يشفقون عليه ، قيل : إنها لما قالت ذلك قال هامان : إن هذه المرأة تعرف أن هذا الولد من أي أهل بيت هو ، فقالت هي : إنما عنيت أنهم ناصحون للملك فأمسكوا عنها.

« ورددناه إلى امه » فانطلقت اخت موسى إلى امها فجاءت بها إليهم ، فلما وجد موسى ريح امه قبل ثديها وسكن بكاؤه ، وقيل : إن فرعون قال لامه : كيف ارتضع منك ولم يرتضع من غيرك؟ قالت : لاني امرأة طيبة الريح ، طيبة اللبن ، لا أكاد اوتى بصبي إلا ارتضع مني ، فسر فرعون بذلك « ولكن أكثرهم لا يعلمون » أن وعد الله حق. « ولما بلغ أشده » أي ثلاثا وثلاثين سنة « واستوى » أي بلغ أربعين سنة « آتيناه حكما وعلما » أي فقها وعقلا وعلما بدينه ودين آبائه ، فعلم موسى وحكم قبل أن يبعث نبيا ، وقيل : نبوة وعلما « ودخل المدينة » يريد مصر ، وقيل : مدينة ميق(١) من أرض مصر ، وقيل : على فرسخين من مصر « على حين غفلة من أهلها » أراد به نصف النهار و

_________________

(١) الصحيح كما في المصدر : منف بالنون ثم الفاء. قال ياقوت : منف بالفتح ثم السكون وفاء : اسم مدينة فرعون بمصر ، أصلها بلغة قبط مافه فعربت فقيل « منف » قال عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالحكم باسناده : أول من سكن مصر بعد أن أغرق الله تعالى قوم نوح بيصر بن حام بن نوح ، فسكن « منف » وهى أول مدينة عمرت بعد الغرق هو وولده وهم ثلاثون نفسا فبذلك سميت « مافه » ومعنى مافه بلسان القبط ثلاثون ثم عربت فقيل « منف » وهى المرادة بقوله تعالى : « ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها » انتهى. وذكر أن بينها وبين الفسطاط ثلاثة فراسخ وبينها وبين عين شمس ستة فراسخ.

١٧

الناس قائلون ، (١) وقيل : بين العشائين ، وقيل : كان يوم عيد لهم وقد اشتغلوا بلعبهم ، و اختلفوا في سبب دخوله فقيل : إنه كان موسى حين كبر يركب في مواكب فرعون ، فلما كان ذات يوم قيل له : إن فرعون قد ركب فركب في أثره ، فلما كان وقت القائلة دخل المدينة ليقيل ، وقيل : إن بني إسرائيل كانوا يجتمعون إلى موسى ويسمعون كلامه ، و لما بلغ أشده خالف قوم فرعون فاشتهر ذلك منه ، وأخافوه فكان لا يدخل مصرا إلا خائفا « فدخلها على حين غفلة » وقيل : إن فرعون أمر بإخراجه من البلد فلم يدخل إلا الآن « يقتتلان » أي يختصمان في الدين ، وقيل : في أمر الدنيا « هذا من شيعته وهذا من عدوه » أي أحدهما إسرائيلي والآخر قبطي يسخر الاسرائيلي ليحمل حطبا إلى مطبخ فرعون ، و قيل : كان أحدهما مسلما والآخر كافرا « فاستغاثه الذي من شيعته » استنصره لينصره عليه. وروى أبوبصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال : ليهنئكم الاسم ، قال : وما الاسم؟ قال : الشيعة ، أما سمعت الله سبحانه يقول : « فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى » أي دفع في صدره بجمع كفه ، وقيل : ضربه بعصاه « فقضى عليه » أي فقتله وفرغ من أمره.

« قال رب إني ظلمت نفسي » يعني في هذا القتل فإنهم لو علموا بذلك لقتلوني « رب بما أنعمت علي » أي بنعمتك علي من المغفرة وصرف بلاء الاعداء عني « فلن أكون ظهيرا للمجرمين » أي فلك علي أن لا أكون مظاهرا ومعينا للمشركين « فأصبح » موسى في اليوم الثاني « في المدينة خائفا » من قتل القبطي « يترقب » أي ينتظر الاخبار ، يعني أنه خاف من فرعون وقومه أن يكونوا عرفوا أنه هو الذي قتل القبطي ، وكان يتجسس وينتظر الاخبار في شأنه « فإذا الذي استنصره بالامس يستصرخه » معناه أن الاسرائيلي الذي كان قد خلصه بالامس ووكز القبطي من أجله يستصرخ ويستعين به على رجل آخر من القبط خاصمه ، قال ابن عباس : لما فشا قتل القبطي قيل لفرعون : إن بني إسرائيل قتلوا رجلا منا ، قال : أتعرفون قاتله ومن يشهد عليه؟ قالوا : لا ، فأمرهم بطلبه فبينا هم يطوفون إذ مر موسى عليه‌السلام من الغد ورأى ذلك الاسرائيلي يطلب نصرته ويستغيث به

_________________

(١) أى نائمون في القائلة أى منتصف النهار.

١٨

« قال له موسى إنك لغوي مبين » أي ظاهر الغواية ، قاتلت بالامس رجلا وتقاتل اليوم آخر ، ولم يرد الغواية في الدين ، والمراد أن من خاصم آل فرعون مع كثرتهم فإنه غوي أي خائب فيما يطلبه ، عادل عن الصواب فيما يقصده.

« فلما أراد أن يبطش » أي فلما أخذته الرقة على الاسرائيلي وأراد أن يدفع القبطي الذي هو عدو لموسى والاسرائيلي عنه ويبطش به ، أي يأخذه بشدة ظن الاسرائيلي أن موسى قصده لما قال له : « إنك لغوي مبين » فقال : « أتريد أن تقتلني » وقيل : هو من قول القبطي لانه قد اشتهر أمر القتل بالامس وأنه قتله بعض بني إسرائيل « إن تريد إلا أن تكون جبارا في الارض » أي ما تريد إلا أن تكون جبارا عاليا في الارض بالقتل والظلم ، ولما قال الاسرائيلي ذلك علم القبطي أن القاتل موسى ، فانطلق إلى فرعون فأخبره به ، فأمر فرعون بقتل موسى وبعث في طلبه.

« فخرج منها » أي من مدينة فرعون « خائفا » من أن يطلب فيقتل « يترقب » الطلب قال ابن عباس : خرج متوجها نحو مدين وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه ، و قيل : إنه خرج بغير زاد ولا حذاء ولا ظهر(١) وكان لا يأكل إلا من حشيش الصحراء حتى بلغ ماء مدين « ولما توجه تلقاء مدين » قال الزجاج : أي لما سلك في الطريق الذي يلقى مدين فيها ، وهي على مسيرة ثمانية أيام من مصر ، نحو ما بين الكوفة إلى البصرة ، ولم يكن له بالطريق علم ولذلك قال : « عسى ربي أن يهديني سواء السبيل » أي يرشدني قصد السبيل إلى مدين ، وقيل : إنه لم يقصد موضعا بعينه ولكنه أخذ في طريق مدين. وقال عكرمة : عرضت لموسى أربع طرق فلم يدر أيتها يسلك ، ولذلك قال : « عسى ربي أن يهديني » فلما دعا ربه استجاب له ودله على الطريق المستقيم إلى مدين ، وقيل : جاء ملك على فرس بيده عنزة(٢) فانطلق به إلى مدين ، وقيل : إنه خرج حافيا ولم يصل إلى مدين حتى وقع خف قدميه(٣) عن ابن جبير « فلما ورد ماء مدين » وهو بئر كانت لهم

_________________

(١) الظهر : الركاب التى تحمل الاثقال.

(٢) العنزة : أطول من العصا وأقصر من الرمح وفيه زج كزج الرمح.

(٣) الخف من الانسان : ما أصاب الارض من باطن قدمه.

١٩

« وجد عليه امة من الناس » أي جماعة من الرعاة يسقون مواشيهم الماء من البئر « تذودان » أي تحبسان وتمنعان غنمهما من الورود إلى الماء ، أو عن أن تختلط بأغنام الناس ، أو تذودان الناس عن مواشيهما « قال » موسى لهما : « ما خطبكما » أي ما شأنكما؟ ومالكما لا تسقيان مع الناس؟ « قالتا لا نسقي » عند المزاحمة مع الناس « حتى يصدر الرعاء » قرأ أبوجعفر وأبوعمرو وابن عامر يصدر بفتح الياء وضم الدال ، أي حتى يرجع الرعاء من سقيهم ، والباقون يصدر بضم الياء وكسر الدال ، أي حتى يصدروا مواشيهم عن وردهم فإذا انصرف الناس سقينا مواشينا من فضول الحوض « وأبونا شيخ كبير » لا يقدر أن تولى السقي بنفسه من الكبر ، ولذلك احتجنا ونحن نساء أن نسقي الغنم ، وإنما قالتا ذلك تعريضا للطلب من موسى أن يعينهما على السقي أو اعتذارا في الخروج بغير محرم « فسقى لهما » أي فسقى موسى غنمهما الماء لاجلهما ، وهو أنه زحم القوم على الماء حتى أخرجهم عنه ثم سقى لهما ، وقيل : رفع لاجلهما حجرا عن بئر كان لا يقدر على رفع ذلك الحجر إلا عشرة رجال وسألهم أن يعطوه دلوا فنالوه دلوا وقالوا له : انزح إن أمكنك ، وكان لا ينزحها إلا عشرة فنزحها وحده ، وسقى أغنامهما ولم يسق إلا ذنوبا واحدا حتى رويت الغنم « ثم تولى إلى الظل » أي ثم انصرف إلى ظل سمرة(١) فجلس تحتها من شدة الحر وهو جائع « فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير » قال ابن عباس : سأل نبي الله اكلة من خبز يقيم به صلبه ، وقال ابن إسحاق : فرجعتا إلى أبيهما في ساعة كانا لا ترجعان فيها فأنكر شأنهما وسألهما فأخبرتاه الخبر ، فقال لاحداهما : علي به ، فرجعت الكبرى إلى موسى لتدعوه فذلك قوله : « فجاءته إحديهما تمشي على استحياء » أي مستحيية معرضة عن عادة النساء الخفرات ، (٢) وقال : غطت وجهها بكم درعها « قالت إن أبي يدعوك ليجزيك » أي ليكافئك على سقيك لغنمنا.

وأكثر المفسرين على أن أباها شعيب عليه‌السلام ، وقال وهب وابن جبير : هو يثروب(٣)

_________________

(١) السمر : شجر من العضاه وليس في العضاه أجود خشبا منه.

(٢) خفرت الجارية : استحيت أشد الحياء ، فهى خفر وخفرة ومخفار.

(٣) كذا في النسخ والصحيح كما في المصدر : يثرون ، أو يترون على ما في الطبرى.

٢٠