بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الراحمين؟ ولكن أعلمهم أني عليم بذات الصدور ، يدعونني وقلوبهم غائبة عني ، مائلة إلى الدنيا ، (١)

٧٥ ـ عدة : يروى أن موسى عليه‌السلام قال يوما : يا رب إني جائع ، فقال تعالى : أنا أعلم بجوعك ، قال : رب أطعمني ، قال : إلى أن اريد.(٢)

٧٦ ـ وفيما أوحى الله إليه عليه‌السلام : يا موسى الفقير من ليس له مثلي كفيل ، والمريض من ليس له مثلي طبيب ، والغريب من ليس له مثلي مؤنس. وقال تعالى : يا موسى ارض بكسرة من شعير تسد بها جوعتك ، وبخرقة تواري بها عورتك ، واصبر على المصائب ، وإذا رأيت الدنيا مقبلة عليك فقل : إنا لله وإنا إليه راجعون ، عقوبة عجلت في الدنيا ، وإذا رأيت الدنيا مدبرة عنك فقل : مرحبا بشعار الصالحين ، يا موسى : لا تعجبن بما اوتي فرعون وما متع به ، (٣) فإنما هي زهرة الحياة الدنيا.(٤)

٧٧ ـ وروي أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه‌السلام : أن اصعد الجبل لمناجاتي ، و كان هناك جبال فتطاولت الجبال ، وطمع كل أن يكون هو المصعود عدا جبلا صغيرا احتقر نفسه وقال : أنا أقل من أن يصعدني نبي الله لمناجاة رب العالمين ، فأوحى الله إليه : أن اصعد ذلك الجبل فإنه لا يرى لنفسه مكانا.(٥)

٧٨ ـ وعن الصادق عن أبيه عليهما‌السلام قال : كان فيما أوحى الله إلى موسى بن عمران عليه‌السلام : كذب من زعم أنه يحبني فإذا جنه الليل نام ، يا ابن عمران لو رأيت الذين يصلون لي في الدجى وقد مثلت نفسي بين أعينهم يخاطبوني وقد جليت(٦) عن المشاهدة ، ويكلموني وقد عززت عن الحضور ، يا ابن عمران هب لي من عينيك الدموع ، ومن قلبك الخشوع ، ومن بدنك الخضوع ، ثم ادعني في ظلم الليالي تجدني قريبا مجيبا.(٦)

_________________

(١) فلاح السائل مخطوط.

(٢) عدة الداعى : ٨٦.

(٣) في نسخة : ومما متع به. وفى المصدر : وما تمتع به.

(٤) عدة الداعى : ٨٦.

(٥) عدة الداعى : ١٢٦.

(٦) كذا في النسخ ، والظاهر : جللت.

(٧) عدة الداعى : ١٤٨.

٣٦١

٧٩ ـ فر : عن سعيد بن الحسن معنعنا عن ابن عباس في قوله تعالى : « وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين » قال : قضى بخلافة يوشع ابن نون من بعده. ثم قال : لم أدع(١) نبيا من غير وصي ، وإني باعث نبيا عربيا ، وجاعل وصيه عليا ، فذلك قوله : « وما كنت بجانب الغربي ».(٢)

وعن علي بن أحمد بن علي بن حاتم(٣) معنعنا عن ابن عباس مثله وزاد فيه : في الوصاية وحدثه بما كان وما هو كائن.(٤)

٨٠ ـ وحدثني جعفر بن محمد الفزاري معنعنا عن أبي سعيد المدائني قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : ما معنى قوله : « وما كنت بجانب الطور إذ نادينا » قال : كتاب كتبه الله يا با سعيد في ورقة آس قبل أن يخلق الخلق بألفي عام ، ثم صيرها في عشره أو تحت عرشه فيها : يا شيعة آل محمد قد أعطيتكم قبل أن تسألوني ، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني ومن أتاني منكم بولاية محمد وآله أسكنته جنتي برحمتي.(٥)

_________________

(١) في المصدر : قال له : انى لم أدع.

(٢) تفسير الفرات : ١١٦ ، وفيه : اذ قضينا إلى موسى الامر.

(٣) في المصدر ، على بن أحمد بن حاتم.

(٤) تفسير الفرات : ١١٦ ، في ذيله : فقال ابن عباس : وقد حدث نبيه صم بما هو كائن ، و حدثه باختلاف هذه الامة من بعده ، فمن زعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله مات بغير وصية فقد كذب الله وجهل نبيه.

(٥) تفسير الفرات : ١١٧ وأقول : قد ذكر اليعقوبى في تاريخه كثيرا مما أوصى الله به موسى و ذكر العشر الايات فنذكرها تتميما للباب قال : أوحى الله عزوجل إلى موسى أن يكتب العشر الايات في لوحى زمرد فكتبها على ما أمره الله ، فهى هذه :

(١) قال الله : انى أنا الرب الذى أخرجتك من ارض بيت الرق والعبودية ولا يكون لك اله آخر دونى ، ولا تتخذ تمثالا ولا صنما مشتبها بى من فوق السماء ولا تحت الارض ، ولا تسجد لها ولا تعبدها ، من أجل أنا الرب الملك القاهر قاضى ديون الاباء عن الابناء. (٢) نقمى على الثلاث والرباع لمبغضى ، وأصنع نعمى لمحبى وحافظ وصيتى إلى الوف الالاف من المحبين لى الحافظين لوصيتى. (٣) لا تحلف باسم الرب كاذبا لان الله لا يزكى من حلف باسمه كاذبا (٤) واذكر يوم السبت لتطهره ، اعمل ستة أيام ، واسع في أعمالك كلها ، واليوم السابع سبت الرب إلهك لا تعمل *

٣٦٢

(باب ١٢)

*( وفاة موسى وهارون عليهما السلام وموضع قبرهما ، )*

*(وبعض أحوال يوشع بن نون عليه السلام)*

١ ـ فس : مات هارون وموسى عليهما‌السلام في التيه ، فروي(١) أن الذي حفر قبر موسى هو ملك الموت في صورة آدمي ، ولذلك لا يعرف بنو إسرائيل موضع قبر موسى عليه‌السلام وسئل النبي صلى الله عليه وآله عن قبره فقال : عند الطريق الاعظم ، عند الكثيب الاحمر. قال : وكان

_________________

* فيه شيئا من الاعمال أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك ونعمك وبهائمك والساكن في قراك ، لانه في ستة أيام خلق الله السماء والارض والنجوم وجميع ما فرع في السماء فلهذا بارك الله اليوم السابع وطهره (٥) وأكرم أباك وامك لتطول أيامك في الارض التى اعطاكها الرب إلهك (٦) ولا تقتل (٧) ولا تزن (٨) ولا تسرق (٩) ولا تشهد على صاحبك شهادة كاذبة (١٠) ولا تشته بيت صاحبك ولا زوجة صاحبك ولا عبده ولا امته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئا من مال صاحبك انتهى.

قلت : ألفاظه كما ترى لا تخلو عن اضطراب ، قوله : ( سبت الرب ) أى استراح ، وذلك من خرافات اليهود والله أجل من أن يعرضه ضعف أو فتور أو تعب.

وقد ذكره الثعلبى في العرائس على صورة اخرى وهى هكذا : بسم الله الرحمن الرحيم : هذا كتاب من الله الملك الجبار العزيز القهار لعبده ورسوله موسى بن عمران أن سبحنى وقدسنى ، لا اله الا انا فاعبدنى ، ولا تشرك بى شيئا. واشكر لى ولوالديك إلى المصير ، أحيك حياة طيبة. ولا تقتل النفس التى حرم الله عليك فأضيق عليك السماء بأقطارها والارض برحبها. و لا تحلف باسمى كاذبا فانى لا اطهر ولا ازكى من لا يعظم باسمى ، ولا تشهد بما لا يعى سمعك ، ولا تنظره عينك ، ولا يقف عليه قلبك فانى اوقف أهل الشهادات على شهادتهم يوم القيامة وأسألهم عنها ، ولا تحسد الناس على ما آتيتهم من فضلى ورزقى فان الحاسد عدو نعمتى ، ساخط لقسمتى. ولا تزن ولا تسرق فأحجب عنك وجهى وأغلق دون دعوتك ابواب السماوات ، ولا تذبح لغيرى فانه لا يصعد إلى من قربان اهل الارض الا ما ذكر عليها اسمى. ولا تفجرن بحليلة جارك فانه اكبر مقتا عندى ، واحبب للناس ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك.

(١٠) في المصدر : وروى.

٣٦٣

بين موسى وبين داود خمسمائة سنة ، وبين داود وعيسى ألف سنة ومائة سنة.(١)

٢ ـ لى : ابن إدريس ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن أبي جميلة ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن موسى بن عمران عليه‌السلام قال : يا رب رضيت بما قضيت ، تميت الكبير وتبقي الطفل الصغير ، فقال الله جل جلاله : يا موسى أما ترضاني لهم رازقا وكفيلا؟ قال : بلى يا رب فنعم الوكيل أنت ، ونعم الكفيل.(٢) ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن أبي جميلة مثله.(٣)

٣ ـ كا : محمد بن الحسن وغيره عن سهل ، عن محمد بن عيسى ، ومحمد بن يحيى ، عن محمد ابن الحسين جميعا عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبدالكريم بن عمرو ، عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أوصى موسى إلى يوشع بن نون وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون ، ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى إن الله عزوجل له الخيرة ، يختار من يشاء ممن يشاء ، وبشر موسى ويوشع بالمسيح.(٤)

٤ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن محمد بن جمهور ، عن أبي معمر قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن الامام يغسله الامام؟ قال : سنة موسى بن عمران عليه‌السلام.(٥) بيان : أي حيث غسله وصيه يوشع ، أو المعصومون من الملائكة.

٥ ـ يب : ذكر أحمد بن محمد بن داود القمي رحمه‌الله في نوادره قال : روى محمد ابن عيسى ، عن أخيه جعفر بن عيسى ، عن خالد بن سدير أخي حنان بن سدير قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجل شق ثوبه على أبيه أو على امه أو على أخيه أو على قريب له ، فقال : لا بأس بشق الثوب قد شق موسى بن عمران على أخيه هارون عليه‌السلام.(٦)

_________________

(١) تفسير القمى : ١٥٣ ، وفيه : وبين عيسى.

(٢) امالى الصدوق : ١١٩.

(٣) مخطوط.

(٤) اصول الكافى ١ : ٢٩٣ ، والحديث طويل.

(٥) اصول الكافى ١ : ٣٨٥.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٣٩ وفيه : لا بأس بشق الثوب ( الجيوب خ ل ) وللحديث ذيل في بيان كفارة شق الثوب.

٣٦٤

٦ ـ يب : أخبرنى الشيخ عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : الغسل في سبعة عشر موطنا ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ : وليلة إحدى وعشرين ، أي من شهر رمضان ، وهي الليلة التي اصيب فيها أوصياء الانبياء ، وفيها رفع عيسى بن مريم عليه‌السلام وقبض موسى عليه‌السلام.(١)

٧ ـ أقول : قد مر في الباب الاول عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه كان وصي موسى بن عمران يوشع بن نون ، وهو فتاه الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه.

٨ ـ ك ، لى : القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن ابن عمارة ، عن أبيه قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام : أخبرني بوفاة موسى بن عمران عليه‌السلام ، فقال له : إنه لما أتاه أجله واستوفى مدته وانقطع أكله أتاه ملك الموت فقال له : السلام عليك يا كليم الله ، فقال موسى : وعليك السلام من أنت؟ قال : أنا ملك الموت ، قال : ما الذي جاء بك؟ قال : جئت لاقبض روحك ، فقال له موسى عليه‌السلام : من أين تقبض روحي؟ قال : من فمك ، قال له موسى عليه‌السلام : كيف وقد كلمت ربي جل جلاله؟ قال : فمن يديك ، قال : كيف وقد حملت بهما التوراة؟ قال : فمن رجليك ، قال : كيف وقد وطئت بهما طور سيناء؟ قال : فمن عينيك ، قال : كيف ولم تزل إلى ربي بالرجاء ممدودة؟ قال : فمن اذنيك ، قال : وكيف وقد سمعت بهما كلام ربي عزوجل؟ قال : فأوحى الله تبارك وتعالى إلى ملك الموت : لا تقبض روحه حتى يكون هو الذي يريد ذلك ، وخرج ملك الموت فمكث موسى ما شاء الله أن يمكث بعد ذلك ، ودعا يوشع بن نون فأوصى إليه وأمره بكتمان أمره وبأن يوصي بعده إلى من يقوم بالامر ، وغاب موسى عليه‌السلام عن قومه فمر في غيبته برجل وهو يحفر قبرا ، فقال له : ألا اعينك على حفر هذا القبر؟ فقال له الرجل : بلى ، فأعانه حتى حفر القبر وسوى اللحد ، ثم اضطجع فيه موسى بن عمران عليه‌السلام لينظر كيف هو ، فكشف له عن الغطاء فرأى مكانه من الجنة ، فقال : يا رب اقبضني إليك ، فقبض ملك الموت روحه مكانه ، ودفنه في القبر ، وسوى

_________________

(١) التهذيب : ١ : ٣٢.

٣٦٥

عليه التراب ، وكان الذي يحفر القبر ملك(١) في صورة آدمي ، وكان ذلك في التيه ، فصاح صائح من السماء : مات موسى كليم الله ، فأي نفس لا تموت؟

فحدثني أبي ، عن جدي ، عن أبيه عليهم‌السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عن قبر موسى عليه‌السلام أين هو؟ فقال : عند الطريق الاعظم ، عند الكثيب الاحمر.

ثم إن يوشع بن نون قام بالامر بعد موسى صابرا من الطواغيت على اللاواء(٢) والضراء والجهد والبلاء حتى مضى منهم ثلاثة طواغيت فقوي بعدهم أمره ، فخرج عليه رجلان من منافقي قوم موسى بصفراء(٣) بنت شعيب امرأة موسى عليه‌السلام في مائة ألف رجل فقاتلوا يوشع بن نون فغلبهم وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وهزم الباقين بإذن الله تعالى ذكره وأسر صفراء بنت شعيب ، وقال لها : قد عفوت عنك في الدنيا إلى أن نلقى نبي الله موسى فأشكو (٤) ما لقيت منك ومن قومك ، فقالت صفراء : واويلاه ، والله لو ابيحت لي الجنة لاستحييت أن أرى فيها رسول الله وقد هتكت حجابه وخرجت على وصيه بعده.(٥)

أقول : لم يكن في « لي » ثم إن يوشع إلى آخر ما نقلنا ، ولكن نقلناه عن « ك » وله تتمة سيأتي في أبواب أحوال داود عليه‌السلام.

ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن ابن عمارة ، عن أبيه ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إن يوشع بن نون قام بالامر ، إلى آخر الخبر.(٦)

٩ ـ ع : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن ملك الموت أتى موسى بن عمران عليه‌السلام فسلم عليه ، فقال : من

_________________

(١) في كمال الدين : ملك الموت.

(٢) هكذا في النسخ ، ولعل الصحيح كما في كمال الدين : على الاذى.

(٣) هكذا في النسخ والمصدر ، وقد تقدم سابقا انها صفوراء.

(٤) في المصدر : إلى ان القى نبى الله موسى فاشكو اليه.

(٥) كمال الدين : ٩١ ـ ٩٢ ، امالى الصدوق : ١٤٠.

(٦) قصص الانبياء مخطوط.

٣٦٦

أنت؟ فقال : أنا ملك الموت ، قال : ما حاجتك؟ فقال له : جئت أقبض روحك ، فقال له موسى : من أين تقبض روحي؟ قال : من فمك ، قال له موسى : كيف وقد كلمت ربي عزوجل؟ قال : فمن يديك فقال له موسى : كيف وقد حملت بهما التوراة؟ فقال : من رجليك ، فقال : وكيف وقد وطئت بهما طور سيناء؟ قال : وعد أشياء غير هذا ، قال : فقال له ملك الموت : فإني امرت أن أتركك حتى تكون أنت الذي تريد ذلك ، فمكث موسى ما شاء الله ، ثم مر برجل وهو يحفر قبرا ، فقال له موسى : ألا اعينك على حفر هذا القبر؟ فقال له الرجل : بلى ، قال : فأعانه حتى حفر القبر ، ولحد اللحد ، فأراد الرجل أن يضطجع في اللحد(١) لينظر كيف هو فقال له موسى : أنا أضطجع فيه ، فاضطجع موسى فاري مكانه من الجنة ـ أو قال : منزله من الجنة ـ فقال : يا رب اقبضني إليك ، فقبض ملك الموت روحه ، ودفنه في القبر ، وسوى عليه التراب ، قال : وكان الذي يحفر القبر ملك الموت في صورة آدمي ، فلذلك لا يعرف قبر موسى.(٢)

١٠ ـ ك : علي بن أحمد الدقاق ، عن حمزة بن القاسم ، عن علي بن الجنيد الرازي ، عن أبي عوانة ، عن الحسين بن علي ، عن عبدالرزاق ، عن أبيه ، عن مينا(٣) مولى عبدالرحمن ابن عوف ، عن عبدالله بن مسعود قال : قلت للنبي صلى الله عليه وآله : يا رسول الله من يغس إذا مت؟

فقال : يغسل كل نبي وصيه ، قلت : فمن وصيك يا رسول الله؟ قال : علي بن أبي طالب ، فقلت : كم يعيش بعدك يا رسول الله؟ قال : ثلاثين سنة. فإن يوشع بن نون وصي موسى عاش من بعده ثلاثين سنة ، وخرجت عليه صفراء(٤) بنت شعيب زوج موسى فقالت : أنا أحق بالامر منك ، فقاتلها فقتل مقاتلتها(٥) وأسرها فأحسن أسرها ، وإن ابنة أبي بكر

_________________

(١) في نسخة من الكتاب والمصدر : أن يضطجع في القبر.

(٢) علل الشرائع : ٣٥.

(٣) في نسخة من الكتاب ونسخة من المصدر : ميثا ، وهو وهم والصحيح مينا ، قال ابن حجر في التقريب ص ٥١٨ : مينا بكسر الميم وسكون التحتانية ثم نون ابن أبى مينا الجزار مولى عبدالرحمن ابن عوف.

(٤) هكذا في النسخ وتقدم قبلا أنها الصفوراء.

(٥) في المصدر : مقاتليها.

٣٦٧

ستخرج على علي في كذا وكذا ألفا من امتي فيقاتلها فيقتل مقاتلتها(١) ويأسرها فيحسن أسرها ، وفيها أنزل الله تعالى : « وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى » يعني(٢) صفراء بنت شعيب.(٣)

١١ ـ كا : أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام ما منزلة الائمة؟ قال : كمنزلة ذي القرنين ، (٤) وكمنزلة يوشع ، وكمنزلة آصف صاحب سليمان.(٥)

١٢ ـ ص : بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : لما كانت الليلة التي قتل فيها علي عليه‌السلام لم يرفع عن وجه الارض حجر إلا وجد تحته دم عبيط حتى طلع الفجر ، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها يوشع بن نون. الخبر.(٦)

١٣ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال موسى عليه‌السلام لهارون عليه‌السلام : امض بنا إلى جبل

طور سيناء ، ثم خرجا فإذا بيت على بابه شجرة عليها ثوبان ، فقال موسى لهارون : اطرح ثيابك وادخل هذا البيت والبس هاتين الحلتين ونم على السرير ، ففعل هارون ، فلما أن نام على السرير قبضه الله إليه ، وارتفع البيت والشجرة ، ورجع موسى إلى بني إسرائيل فأعلمهم أن الله قبض هارون ورفعه إليه ، فقالوا : كذبت أنت قتلته ، فشكا موسى عليه‌السلام ذلك إلى ربه ، فأمرالله تعالى الملائكة فأنزلته على سرير بين السماء والارض حتى رأته بنو إسرائيل فعلموا أنه مات.(٧)

١٤ ـ ص : بهذا الاسناد عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام

_________________

(١) في المصدر : مقاتليها.

(٢) يعنى ولا تبرجن كما تبرج صفراء بنت شعيب في الجاهلية الاولى ، أو ولا تبرجن تبرج صفراء في الجاهلية الاولى.

(٣) كمال الدين : ١٧ ـ ١٨ وللحديث ذيل طويل.

(٤) في التمكن في الارض وتسلطه على الاسباب اسباب السماوات والارض وهو منزلة المهدى عليه‌السلام من الائمة ، قوله : ( كمنزلة يوشع ) أى في الوصاية ، و ( منزلة آصف ) في علمهم بالاسم الاعظم.

(٥) اصول الكافى ١ : ٣٩٨.

(٦ و ٧) قصص الانبياء مخطوط.

٣٦٨

قال : إن ملك الموت أتى موسى فسلم عليه فقال : من أنت؟ فقال : أنا ملك الموت ، قال : فما جاء بك؟ قال : جئت لاقبض روحك ، وإني امرت أن أتركك حتى تكون أنت الذي تريد ، وخرج ملك الموت فمكث موسى ما شاء الله ، ثم دعا يوشع بن نون فأوصى إليه وأمره بكتمان أمره وبأن يوصي بعده إلى من يقوم بالامر ، وغاب موسى عليه‌السلام عن قومه فمر في غيبته ورأى ملائكة يحفرون قبرا ، قال : لمن تحفرون هذا القبر؟ قالوا : نحفره والله لعبد كريم على الله تعالى ، فقال : إن لهذا العبد من الله لمنزلة ، فإني ما رأيت مضجعا ولا مدخلا أحسن منه ، فسألت الملائكة : يا صفي الله أتحب أن تكون ذلك؟ قال : وددت ، قالوا : فادخل واضطجع فيه ثم توجه إلى ربك ، فاضطجع فيه موسى عليه‌السلام لينظر كيف هو ، فكشف له من الغطاء فرأى مكانه في الجنة فقال : يا رب اقبضني إليك ، فقبضه ملك الموت ودفنه ، وكانت الملائكة حثث عليه ، (١) فصاح صائح من السماء : مات موسى كليم الله وأي نفس لا تموت؟ فكان بنو إسرائيل لا يعرفون مكان قبره ، فسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن قبره قال : عند الطريق الاعظم ، عند الكثيب الاحمر.(٢)

١٥ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن ابن أبان ، عن ابن اورمة بإسناده إلى أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن امرأة موسى عليه‌السلام خرجت على يوشع ابن نون راكبة زرافة ، (٣) فكان لها أول النهار وله آخر النهار(٤) فظفر بها ، فأشار عليه بعض من حضره بما لا ينبغي فيها ، فقال : أبعد مضاجعة موسى لها؟ ولكن أحفظه فيها. (٥)

_________________

(١) أى صبوا التراب عليه.

(٢ و ٥) قصص الانبياء مخطوط.

(٣) بفتح الزاى وضمه وقد تشدد فاؤها : حيوان من ذوات الظلف في حجم البعير ، قصير الرجلين طويل اليدين ، جلده مبقع كجلد النمر ، وعنقه كعنق الفرس الا أنه أطول وأكثر انتصابا ، وله قرنان صغيران. فارسيتها « اشتر كاو بلنك » لان فيها تشابها من البعير والبقر والنمر ، قلت : ذكر قصتها كذلك المسعودى في اثبات الوصية أيضا وقال : وكان ظهر الزرافة كالسرج فلما حاربت حجة الله وظفرت بها ومن عليها صير الله ظهر تلك الزرافة كالزلاقة.

(٤) أى كانت الغلبة في أول النهار لها ، وفى آخره ليوشع.

٣٦٩

١٦ ـ كا : علي بن محمد ، عن ابن جمهور ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن إسماعيل ابن محمد ، عن محمد بن سنان قال : كنت عند الرضا عليه‌السلام فقال لي : يا محمد إنه كان في زمن بني إسرائيل أربعة نفر من المؤمنين فأتى واحد منهم الثلاثة وهم مجتمعون في منزل أحدهم في مناظرة بينهم ، فقرع الباب وخرج إليه الغلام فقال : أبن مولاك؟ فقال : ليس هو في البيت ، فرجع الرجل ودخل الغلام إلى مولاه فقال له : من كان الذي قرع الباب؟ قال : كان فلان فقلت له : لست في المنزل ، فسكت ولم يكترث(١) ولم يلم غلامه ولا اغتم أحد منهم لرجوعه عن الباب ، وأقبلوا في حديثهم ، فلما كان من الغد بكر(٢) إليهم الرجل فأصابهم وقد خرجوا يريدون ضيعة لبعضهم فسلم عليهم وقال : أنا معكم ، فقالوا نعم ، ولم يعتذروا إليه ، وكان الرجل محتاجا ضعيف الحال ، فلما كانوا في بعض الطريق إذا غمامة قد أظلتهم فظنوا أنه مطر فبادروا ، فلما استوت الغمامة على رؤوسهم إذا مناد ينادي من جوف الغمامة : أيتها النار خذيهم وأنا جبرئيل رسول الله ، فإذا نار من جوف الغمامة قد اختطفت الثلاثة نفر ، (٣) وبقي الآخر مرعوبا يعجب مما نزل بالقوم ولا يدري ما السبب ، فرجع إلى المدينة فلقي يوشع بن نون وأخبره الخبر وما رأى وما سمع ، فقال يوشع بن نون : أما علمت أن الله سخط عليهم بعد أن كان عنهم راضيا ، وذلك بفعلهم بك؟ قال : وما فعلهم بي؟ فحدثه يوشع ، فقال الرجل : فأنا أجعلهم في حل وأعفو عنهم ، قال : لو كان هذا قبل لنفعهم ، فأما الساعة فلا ، وعسى أن ينفعهم من بعد.(٤)

١٧ ـ ك : أبي ، عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى معا عن الاشعري ، عن محمد بن يوسف التميمي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال : عاش موسى مائة وستا وعشرين سنة ، وعاش هارون عليه‌السلام مائة وثلاثا وثلاثين سنة.(٥) بيان : يشكل الجمع بين هذا وما مر من كون هارون سبق موسى عليه‌السلام في الموت

_________________

(١) أى لم يعبأ به ولا يباليه.

(٢) أى أتاهم بكرة وغدوة.

(٣) أى اجتذبتهم وانتزعتهم فأحرقتهم.

(٤) اصول الكافى : ٢ ، ٣٦٤ ـ ٣٦٥ وللحديث صدر وذيل في أعمار الانبياء عليهم‌السلام.

(٥) كمال الدين : ٢٨٩.

٣٧٠

إلا بأن يقال : كان هارون أكبر منه وأزيد من سنة.(١)

١٨ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن الفضيل ، عن عبدالرحمن بن يزيد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : مات موسى كليم الله في التيه ، فصاح صائح من السماء : مات موسى ، وأي نفس لا تموت؟ (٢)

ين : محمد بن الحسين مثله.(٣)

١٩ ـ صفوة الصفات للكفعمي : روي عن الباقر عليه‌السلام أن يوشع بن نون وصي موسى عليه‌السلام لما حارب العماليق(٤) وكانوا في صور هائلة ضعفت نفوس بني إسرائيل عنهم ، فشكوا إلى الله عزوجل ، فأمر الله تعالى يوشع عليه‌السلام أن يأمر الخواص من بني إسرائيل أن يأخذ كل واحد منهم جرة من الخزف فارغة على كتفه الايسر باسم عمليق ، ويأخذ بيمينه قرنا مثقوبا من قرون الغنم ويقرأ كل واحد منهم في القرن هذا الدعاء ـ يعني دعاء السمات ـ لئلا يسترق السمع بعض شياطين الجن والانس فيتعلموه ، ثم يلقون الجرار في عسكر العماليق آخر الليل ويكسرونها ، ففعلوا ذلك فأصبح العماليق كأنهم أعجاز نخل خاوية منتفخي الاجواف ، موتى. الخبر.

ثم قال : ولقد وجدت هذا الحديث بعينه مرويا عن الصادق عليه‌السلام إلا أنه ذكر أن محاربة العمالقة كانت مع موسى عليه‌السلام ، روى ذلك عنه عثمان بن سعيد العمري.(٥) أقول : قال صاحب الكامل : أوحى الله تعالى في التيه إلى موسى عليه‌السلام : إني متوف

_________________

(١) قد اختلف الاقوال في مدة عمر موسى وهارون عليهما‌السلام فقد روى الطبرى والثعلبى أنه كان عمر موسى مائة وعشرين سنة : عشرون منها في ملك افريدون ، ومائة سنة في ملك منوشهر. وبه قال أيضا اليعقوبى في تاريخه والبغدادى في المحبر ، وقال المسعودى في اثبات الوصية : كان مائة وستا وعشرين. وقال الثعلبى : مات هارون قبل موسى في التيه ، وقال اليعقوبى : كانت بين وفاة هارون إلى ان حضرت موسى الوفاة سبعة أشهر ، وكانت سنى هارون مائة وثلاثا وعشرين سنة ، وبه قال البغدادى ايضا في المحبر وقال : كان من ابراهيم إلى موسى خمسمائة وخمس وسبعون سنة ، ويقال : خمس وستون سنة.

(٢) فروع الكافى ١ : ٣١.

(٣) مخطوط.

(٤) جمع عمليق كقنديل : قوم تفرقوا في البلاد من ولد عمليق بن لاوذ بن ارم بن سام ابن نوح.

(٥) صفوة الصفات مخطوط.

٣٧١

هارون ، فانطلق به إلى جبل كذا وكذا ، فانطلقا نحوه فإذا هما بشجرة لم يريا مثلها ، وفيه بيت مبني ، وسرير عليه فرش ، وريح طيبة ، فلما رآه هارون أعجبه ، فقال : يا موسى إني احب(١) أن أنام على هذا السرير ، فقال له موسى : نم ، قال : إني أخاف رب هذا البيت أن يأتي فيغضب علي ، قال موسى : لا تخف أنا أكفيك ، (٢) قال : فنم معي ، فلما ناما أخذ هارون الموت فلما وجد حسه قال : يا موسى خدعتني(٣) فتوفي ورفع على السرير إلى السماء ، ورجع موسى إلى بني إسرائيل فقال له بنو إسرائيل : إنك قتلت هارون لحبنا إياه ، فقال : ويحكم أفتروني أن أقتل أخي؟ فلما أكثروا عليه صلى ودعا الله تعالى فنزل بالسرير حتى نظروا إليه ما بين السماء والارض ، فأخبرهم أنه مات و أن موسى لم يقتله ، فصدقوه فكان موته في التيه.

قال : وكان جميع عمر موسى مائة وعشرين سنة ، (٤) وقيل : بينما موسى عليه‌السلام يمشي ومعه يوشع بن نون فتاه إذا أقبلت ريح سوداء ، فلما نظر إليها يوشع ظن أنها الساعة فالتزم موسى وقال : لا تقوم الساعة(٥) وأنا ملتزم نبي الله ، فاستل(٦) موسى من تحت القميص ، وبقي القميص في يدي يوشع ، فلما جاء يوشع بالقميص اخذه بنو إسرائيل و قالوا : قتلت نبي الله ، فقال : ما قتلته ولكنه استل مني ، فلم يصدقوه ، قال : فإذا لم تصدقوني فأخروني ثلاثة أيام ، فوكلوا به من يحفظه ، فدعا الله فاتي كل رجل كان يحرسه في المنام فاخبر أن يوشع لم يقتل موسى ، وأنا رفعناه إلينا ، فتركوه ، وقيل : إنه مر منفردا برهط من الملائكة يحفرون قبرا. وذكرا نحوا مما مر في الاخبار. ثم قال : ولما توفي موسى عليه‌السلام بعث الله يوشع بن نون بن إفرائيم بن يوسف بن

_________________

(١) في نسخة إني اريد.

(٢) في نسخة : أنا أكفيكه.

(٣) هذا بعيد من هارون أن يخاطب موسى بمثله.

(٤) في المصدر هنا زيادة لم يذكرها المصنف اختصارا وهى هذه : من ذلك في ملك افريدون عشرون ، وفى ملك منوجهر مائة سنة ، وكان ابتداء أمره منذ بعثه الله إلى أن قبضه في ملك منوجهر ثم نبئ بعده يوشع بن نون ، فكان في زمن منوجهر عشرين سنة ، وفى زمن افراسياب سبع سنين.

(٥) في نسختين : تقوم الساعة؟

(٦) استل الشئ من الشئ : انتزعه وأخرجه برفق.

٣٧٢

يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم نبيا إلى بني إسرائيل ، وأمره بالمسير إلى أريحا مدينة الجبارين.

فاختلف العلماء في فتحها على يد من كان ، فقال ابن عباس : أما هارون وموسى توفيا في التيه ، (١) وتوفي فيه كل من دخله وقد جاوز العشرين سنة غير يوشع بن نون وكالب بن يوفنا ، فلما انقضى أربعون سنة أوحى الله تعالى إلى يوشع بن نون يأمره بالمسير إليها وفتحها ففتحها ، ومثله قال قتادة والسدي وعكرمة ، وقال آخرون : إن موسى عليه‌السلام عاش حتى خرج من التيه وسار إلى مدينة الجبارين ، وعلى مقدمته يوشع بن نون(٢) وكالب بن يوفنا وهو صهره على اخته مريم بنت عمران ، فلما بلغوها اجتمع الجبارون إلى بلعم بن باعورا وهو من ولد لوط فقالوا له : إن موسى قد جاء ليقتلنا ويخرجنا من ديارنا ، فادع الله عليهم ، وكان بلعم يعرف اسم الله الاعظم فقال لهم : كيف أدعو على نبي الله والمؤمنين ومعهم الملائكة؟ فراجعوه في ذلك وهو يمتنع عليهم ، فأتوا امرأته وأهدوا لها هدية فقبلتها وطلبوا إليها أن تحسن لزوجها أن يدعو على بني إسرائيل ، (٣) فقالت له في ذلك فامتنع فلم تزل به حتى قال : أستخير ربي ، فاستخار الله تعالى فنهاه في المنام فأخبرها بذلك ، فقالت : راجع ربك ، فعاود الاستخارة فلم يرد إليه جواب ، فقالت : لو أراد ربك لنهاك ، ولم تزل تخدعه حتى أجابهم ، فركب حمارا له متوجها إلى جبل يشرف على بني إسرائيل ليقف عليه ويدعو عليهم فما سار عليه إلا قليلا حتى ربض الحمار ، (٤) فنزل عنه فضربه حتى قام فركبه فسار به قليلا فربض ، (٥) فعل ذلك ثلاث مرات ، فلما اشتد ضربه في الثالثة أنطقه الله فقال له : ويحك يا بلعم أين تذهب؟ أما ترى الملائكة تردني؟ فلم يرجع ، فأطلق الله الحمار حينئذ فسار عليه حتى أشرف على بني إسرائيل ، فكان كلما أراد

_______________

(١) في المصدر : إن موسى وهارون توفيا في التيه.

(٢) في المصدر : وعلى مقدمته يوشع بن نون ففتحها. وهو قول ابن اسحاق ، قال ابن اسحاق : سار موسى بن عمران إلى ارض كنعان لقتال الجبارين ، فقدم يوشع بن نون وكالب بن يوفنا إه.

(٣) في المصدر وفى نسخة : على نبى بنى اسرائيل.

(٤) ربض الحمار بمعنى بركت الابل : استناخت وهى ان يلصق صدرها بالارض.

(٥) في المصدر : برك.

٣٧٣

أن يدعو عليهم ينصرف لسانه إلى الدعاء لهم ، وإذا أراد أن يدعو لقومه انقلب الدعاء عليهم ، فقالوا له في ذلك ، فقال : هذا شئ غلبنا الله عليه ، واندلع لسانه(١) فوقع على صدره فقال لهم : الآن قد ذهبت مني الدنيا والآخرة ، ولم يبق إلا المكر والحيلة ، وأمرهم أن يزينوا النساء ويعطوهن السلع(٢) للبيع ، ويرسلوهن إلى العسكر ، ولا تمنع امرأة نفسها ممن يريدها ، وقال : إن زنى منهم رجل واحد كفيتموهم ، ففعلوا ذلك ودخل النساء عسكر بني إسرائيل فأخذ زمري بن شلوم وهو رأس سبط شمعون بن يعقوب امرأة وأتى بها موسى فقال له : أظنك تقول : إن هذا حرام! فو الله لا نطيعك ، ثم أدخلها خيمته فوقع عليها ، فأنزل الله عليهم الطاعون ، وكان فنحاص بن العيزار بن هارون(٣) صاحب أمر عمه موسى غائبا ، فلما جاء رأى الطاعون قد استقر في بني إسرائيل واخبر الخبر وكان ذا قوة وبطش فقصد زمري فرآه وهو مضاجع المرأة فطعنهما بحربة بيده(٤) فانتظمهما ، ورفع الطاعون ، وقد هلك في تلك الساعة عشرون ألفا ، وقيل : سبعون ألفا ، فأنزل الله في بلعم : « واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ».

ثم إن موسى قدم يوشع بن نون إلى أريحا في بني إسرائيل فدخلها ، وقتل بها الجبارين ، وبقيت منهم بقية وقد قاربت الشمس الغروب ، فخشي أن يدركهم الليل فيعجزوه فدعا الله تعالى أن يحبس عليه الشمس ففعل وحبسها حتى استأصلهم ، ودخلها موسى ، فأقام بها ما شاء الله أن يقيم ، وقبضه الله تعالى إليه لا يعلم بقبره أحد من الخلق ، وأما من زعم أن موسى كان توفي(٥) قبل ذلك فقال : إن الله تعالى أمر يوشع بالمسير إلى مدينة الجبارين ، فسار ببني إسرائيل ففارقه رجل منهم يقال له بلعم بن باعور ، وكان يعرف الاسم الاعظم ، وساق من حديثه نحو ما تقدم ، فلما ظفر يوشع بالجبارين أدركه المساء ليلة السبت فدعا الله تعالى فرد الشمس عليه ، وزاد في النهار ساعة(٦) فهزم الجبارين ،

_________________

(١) اندلع لسانه : خرج من فمه.

(٢) السلع : المتاع وما يتاجر به.

(٣) في نسخة : صحاح بن العبراذ بن هارون.

(٤) في المصدر : بحربة في يده.

(٥) في المصدر : كان قد توف.

(٦) ذكر الثعلبى أيضا في العرائس حبس الشمس له ، ثم ذكر حبسها لامير المؤمنين على بن ابى طالب عليه‌السلام في حياة الرسول صلى الله عليه وآله.

٣٧٤

ودخل مدينتهم ، وجمع غنائمهم ليأخذها القربان ، (١) فلم تأت النار ، فقال يوشع : فيكم غلول ، (٢) فبايعوني ، فبايعوه فلصقت يده في يد من غل ، فأتاه برأس ثور من ذهب مكلل بالياقوت فجعله في القربان ، وجعل الرجل معه فجاءت النار وأكلتهما ، وقيل : بل حصرها ستة أشهر ، فلما كان السابع تقدموا إلى المديني فصاحوا صيحة واحدة فسقط السور فدخلوها وهزموا الجبارين أقبح هزيمة ، وقتلوا فيهم فأكثروا ، ثم اجتمع جماعة من ملوك الشام وقصدوا يوشع بن نون فقاتلهم وهزمهم وهرب الملوك إلى غار فأمر بهم يوشع فقتلوا وصلبوا. ثم ملك الشام جميعه فصار لبني إسرائيل وفرق فيه عما له ، ثم توفاه الله ، فاستخلف على بني إسرائيل كالب بن يوفنا ، وكان عمر يوشع مائة وستا وعشرين سنة ، وكان قيامه بالامر بعد موسى عليه‌السلام سبعا وعشرين سنة. انتهى.(٣)

وقال المسعودي : سار ملك الشام وهو السميدع بن هزبر(٤) بن مالك إلى يوشع ابن نون ، فكانت له معه حروب إلى أن قتله يوشع واحتوى على ملكه ، وألحق به غيره من الجبابرة والعماليق ، وشن الغارات(٥) بأرض الشام ، وكانت مدة يوشع بعد موسى تسعا وعشرين سنة ، وقد كان بقرية من قرى البلقاء من بلاد الشام رجل يقال له بلعم بن باعور ، وكان مستجاب الدعوة ، فحمله قومه على الدعاء على يوشع ، فلم يتأت له ذلك وعجز عنه ، فأشار إلى بعض ملوك العماليق أن يبرز الحسان من النساء نحو عساكر يوشع ، (٦) ففعلوا ذلك ، فزنوا بهم فوقع فيهم الطاعون فهلك منهم تسعون ألفا ، (٧) وقيل : أكثر من ذلك ، وقيل : إن يوشع قبض وهو ابن مائة وعشر سنين ، (٨) وقام في

_________________

(١) في نسخة : ليأخذها النار.

(٢) الغلول : الخيانة ونقض العهد.

(٣) الكامل ١ : ٦٨ ـ ٧٠.

(٤) في المصدر وفى تاريخ اليعقوبى : السميدع بن هوبر.

(٥) أى وجهها عليها من كل جهة.

(٦) في المصدر : عسكر يوشع.

(٧) في المصدر : سبعون ألفا.

(٨) في المصدر : وهو ابن مائة وعشرين سنة. قلت : قال اليعقوبى : وكانت أيام يوشع في بنى اسرائيل بعد موسى بن عمران سبعا وعشرين سنة.

٣٧٥

بني إسرائيل بعد يوشع كالب بن يوفنا.(١)

٢٠ ـ مهج : بإسنادنا إلى سعد بن عبدالله من كتابه رفعه قال : قال أبوالحسن الرضا عليه‌السلام : وجد رجل من أصحابه صحيفة أتى(٢) بها رسول الله ، فنادى : الصلاة جامعة ، فما تخلف أحد لا ذكر ولا انثى ، فرقي المنبر فقرأها فإذا كتاب(٣) يوشع بن نون وصي موسى عليه‌السلام فإذا فيها :

بسم الله الرحمن الرحيم إن ربكم بكم لرووف رحيم ، ألا إن خير عباد الله التقي الخفي ، وإن شر عباد الله المشار إليه بالاصابع ، فمن أحب أن يكتال بالمكيال الاوفى وأن يؤدي الحقوق التي أنعم الله بها عليه فليقل في كل يوم : سبحان الله كما ينبغي لله لا إله إلا الله كما ينبغي لله ، والحمد لله كما ينبغي لله ، (٤) ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وصلى الله على محمد وأهل بيته النبي العربي الهاشمي ، وصلى الله على جميع المرسلين والنبيين حتى يرضى الله.(٥)

دعوات الراوندي عنه عليه‌السلام مثله.(٦)

٢١ ـ ل : بإسناده عن حبيب بن عمرو قال : لما توفي أمير المؤمنين عليه‌السلام قام الحسين عليه‌السلام خطيبا فقال : أيها الناس في هذه الليلة رفع عيسى بن مريم ، وفي هذه الليلة قتل يوشع بن نون. الخبر.(٧)

٢٢ ـ د : في ليلة إحدى وعشرين من رمضان رفع عيسى بن مريم عليه‌السلام. وفيها من رمضان قبض موسى بن عمران عليه‌السلام وفي مثلها قبض وصيه يوشع بن نون عليه‌السلام.

أقول : قد مضى بعض أحوال يوشع ووفاة موسى وهارون عليهم‌السلام في باب التيه.

_________________

(١) مروج الذهب ٦٧ و ٦٨ هامش الكامل ، قلت : في المحبر : كولب بن يوفنا ، ولعله وهم.

(٢) في المصدر : وجد رجل من الصحابة صحيفة. فأتى.

(٣) في المصدر : فاذا هو بكتاب يوشع بن نون.

(٤) في المصدر : سبحان الله كما ينبغى لله ، والحمد لله كما ينبغى لله ، ولا اله الا الله كما ينبغى

لله ، والله أكبر كما ينبغى لله.

(٥) مهج الدعوات : ٣٧٩.

(٦) دعوات الراوندى مخطوط.

(٧) امالى الصدوق : ١٩٢.

٣٧٦

(باب ١٣)

*(تمام قصة بلعم بن باعور ، وقد مضى بعضها في الباب السابق)*

الايات ، الاعراف « ٧ » واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الارض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ١٧٥ و ١٧٦.

١ ـ فس : « واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين » فإنها نزلت في بلعم بن باعورا ، وكان من بني إسرائيل. وحدثني أبي ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أنه اعطي بلعم بن باعورا الاسم الاعظم ، وكان يدعو به فيستجيب له(١) فمال إلى فرعون ، فلما مر فرعون في طلب موسى وأصحابه قال فرعون(٢) لبلعم : ادع الله على موسى وأصحابه ليحبسه علينا ، فركب حمارته ليمر في طلب موسى فامتنعت عليه حمارته ، فأقبل يضربها فأنطقها الله عزوجل فقالت : ويلك على ماذا تضربني؟ أتريد أن أجئ معك لتدعو على نبي الله وقوم مؤمنين؟ فلم يزل يضربها حتى قتلها ، وانسلخ الاسم من لسانه ، وهو قوله : « فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من

_________________

(١) في نسخة : فيستجاب له.

(٢) الظاهر من الخبر الذى يأتى ومن بعض التواريخ أن القائل كان ملك قرية الجبارين لا فرعون وأن ذلك كان بعد موسى عليه‌السلام ، نعم قال اليعقوبى في تاريخه ١ ص ٢٨ : أذن الله تعالى لموسى ان ينتقم من أهل مدين فوجه باثنى عشر الف رجل من بنى اسرائيل فقتلوا جميع أهل مدين وقتلوا ملوكهم وكانوا خمسة ملوك : اوى ، ورقم ، وصور ، وحور ، وربع ، وقتل بلعام بن باعور في الحرب ، وكان أشار على ملك مدين ان يوجه بالنساء على عسكر بنى اسرائيل حتى يفسدوهم.

٣٧٧

الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الارض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث » وهو مثل ضربه.

فقال الرضا عليه‌السلام : فلا يدخل الجنة من البهائم إلا ثلاثة : حمارة بلعم ، وكلب أصحاب الكهف ، والذئب ، وكان سبب الذئب أنه بعث ملك ظالم رجلا شرطيا(١) ليحشر قوما من المؤمنين ويعذبهم ، وكان للشرطي ابن يحبه ، فجاء ذئب فأكل ابنه فحزن الشرطي عليه ، فأدخل الله ذلك الذئب الجنة لما أحزن الشرطي.(٢)

٢ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ومحمد العطار ، عن ابن عيسى عن البزنطي ، عن عبدالرحمن بن سيابة ، عن معاوية بن عمار رفعه قال : فتحت مدائن الشام على يوشع بن نون ، ففتحها مدينة مدينة حتى انتهى إلى البلقاء ، فلقوا فيها رجلا يقال له بالق ، (٣) فجعلوا يخرجون يقاتلونه لا يقتل منهم رجل ، فسأل عن ذلك فقيل : إن فيهم امرأة عندها علم ، (٤) ثم سألوا يوشع الصلح ، ثم انتهى إلى مدينة اخرى فحصرها وأرسل صاحب المدينة إلى بلعم ودعاه فركب حماره إلى الملك فعثر حماره تحته فقال : لم عثرت؟ فكلمه الله : لم لا أعثر وهذا جبرئيل بيده حربة ينهاك عنهم؟ وكان عندهم أن بلعم اوتي الاسم الاعظم ، فقال الملك : ادع عليهم ـ وهو المنافق الذي روي أن قوله تعالى : « واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها » نزل فيه ـ فقال لصاحب المدينة : ليس للدعاء عليهم سبيل ، ولكن اشير عليك أن تزين النساء وتأمرهن أن ياتين عسكرهم فيتعرضن للرجال ، فإن الزناء لم يظهر في قوم قط إلا بعث الله عليهم الموت

_______________

(١) واحد الشرط وهم طائفة من أعوان الولاة. سموا بذلك لانهم جعلوا لانفسهم علامة يعرفون بها. قوله : ليحشر أى ليجمع.

(٢) تفسير القمى : ٢٣٠ و ٢٣١.

(٣) يظهر من سائر الكتب أن بالق كان اسم ملك هذه القرية وبه سميت القرية بلقاء. منه رحمه‌الله. قلت : ذكر اليعقوبى في تاريخه مثل الخبر فقال : ولقى رجلا يقال له بالق وبه سميت البلقاء ، ولكن الظاهر من المسعودى في اثبات الوصية ما أفاده المصنف حيث قال : قاتل فيها رجلا يقال له بالق ، وقال ياقوت في المعجم : البلقاء : كورة من اعمال دمشق بين الشام ووادى القرى ، قصبتها عمان وفيها قرى كثيرة ومزارع واسعة ، ذكر أنها سميت البلقاء لان بالق من بنى عمان ابن لوط عمرها ، ومن البلقاء قرية الجبارين التى أراد الله تعالى بقوله : « ان فيها قوما جبارين » وذكر بعض أهل السير أنها سميت ببلقاء بن سويدة من بنى عسل بن لوط.

(٤) ذكر قصتها اليعقوبى في تاريخه ١ : ٣٣ والمسعودى في اثبات الوصية : ٤٥ راجعهما.

٣٧٨

فلما دخل النساء العسكر وقع الرجال بالنساء ، فأوحى الله إلى يوشع : إن شئت سلطت عليهم العدو ، وإن شئت أهلكتهم بالسنين ، وإن شئت بموت حثيث(١) عجلان ، فقال : هم بنو إسرائيل لا احب أن يسلط الله عليهم عدوهم ، ولا أن يهلكهم بالسنين ، ولكن بموت حثيث عجلان ، قال : فمات في ثلاث ساعات من النهار سبعون ألفا بالطاعون.(٢)

٣ ـ شى : عن سليمان اللبان(٣) قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : أتدري ما مثل المغيرة بن سعيد؟(٤) قال : قلت : لا ، قال : مثله مثل بلعم الذي اوتي الاسم الاعظم الذي قال الله : « آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ».(٥) بيان : قال الشيخ الطبرسي رحمه‌الله : « آياتنا » أي حججنا وبيناتنا « فانسلخ منها » أي فخرج من العلم بها بالجهل كالشئ الذي ينسلخ من جلده « فأتبعه الشيطان » أي تبعه ، وقيل : معناه : لحقه الشيطان وأدركه حتى أضله « فكان من الغاوين » أي من الهالكين ، وقيل : من الخائبين ، واختلف في المعني به فقيل : هو بلعام بن باعور ، عن ابن عباس وابن مسعود ، وكان رجلا على دين موسى ، وكان في المدينة التي قصدها موسى عليه‌السلام وكانوا كفارا ، وكان عنده اسم الله الاعظم ، وكان إذا دعا الله تعالى به أجابه ، وقيل : هو بلعم بن باعورا من بني هاب بن لوط(٦) عن أبي حمزة الثمالي ومسروق ، قال

_________________

(١) أى سريع.

(٢) قصص الانبياء مخطوط ، وذكر القصة مفصلة اليعقوبى في تاريخه والمسعودى في اثبات الوصية.

(٣) هكذا في النسخ والبرهان ، وقال المامقانى في تنقيح المقال : سليمان اللبان لم أقف فيه الا على رواية العياشى في تفسيره عنه عن أبى جعفر محمد بن على عليه‌السلام خبرا يتضمن ذم المغيرة ابن سعيد وأن مثله مثل بلعم انتهى قلت : ذكر الكشى الحديث في رجاله : ١٤٨ باسناده عن سلمان الكنانى ، ويحتمل كونه مصحف الكناسى ، فلعله سلمان بن المتوكل الغزال الكناسى الكوفى أو سليمان على اختلاف من نسخ رجال الشيخ.

(٤) هو المغيرة بن سعيد مولى بجيلة المترجم في الخلاصة ورجال ابن داود ، وفيهما : خرج أبوجعفر عليه‌السلام فقال : إنه كان يكذب علينا وكان يدعو إلى محمد بن عبدالله بن الحسن في أول أمره إه وقد ذكر الكشى في رجاله روايات تدل على ذمه وانه كان يكذب على أبى جعفر عليه‌السلام وكان يدس أحاديث في كتب أصحابه.

(٥) العياشى مخطوط ، وأخرجه البحرانى ايضا في تفسير البرهان ٢ : ٥١.

(٦) قال البغدادى في المحبر ص ٣٨٩ : هو بلعم بن بعور ابن ستوم بن فواسيم بن ماب بن لوط ابن هاون بن تارخ بن ناحور.

٣٧٩

أبوحمزة : وبلغنا أيضا ـ والله أعلم ـ أنه امية بن أبي الصلت الثقفي ، وكان قد قرأ الكتب ، وعلم أنه سبحانه مرسل رسولا في ذلك الوقت ، فلما ارسل محمد صلى الله عليه وآله حسده ومر على قتل بدر فسأل عنهم فقيل : قتلهم محمد ، فقال : لو كان نبيا ما قتل أقرباءه ، وقيل : إنه أبوعامر الراهب الذي سماه النبي الفاسق ، (١) وقيل : المعني بن منافقو أهل الكتاب : وقال أبوجعفر عليه‌السلام : الاصل في ذلك بلعم ، ثم ضربه الله مثلا لكل مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة.

« ولو شئنا لرفعناه بها » أي بتلك الآيات ، أي ولو شئنا لرفعنا منزلته بإيمانه ومعرفته قبل أن يكفر ، ولكن بقيناه ليزداد الايمان فكفر ، وقيل : معناه : ولو شئنا لحلنا بينه وبين ما اختاره من المعصية « ولكنه أخلد إلى الارض » أي ركن إلى الدنيا « إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث » أي صفته كصفة الكلب ، إن طردته وشددت عليه يخرج لسانه من فمه ، وكذا إن تركته ولم تطرده ، و « تحمل عليه » من الحملة لا من الحمل والمعنى : إن وعظته فهو ضال وإن لم تعظه فهو ضال ، وقيل : إنما شبه بالكلب في الخسة وقصور الهمة ، ثم وصف الكلب باللهث على عادة العرب في تشبيههم الشئ بالشئ ثم يأخذون في وصف المشبه به وإن لم يكن ذلك في المشبه ، وقيل : شبهه بالكلب إذا أخرج لسانه ، لايذائه الناس بلسانه ، حملت عليه أو تركته ، يقال لمن آذى الناس بلسانه : فلان أخرج لسانه من الفم مثل الكلب ، ولهثه في هذا الموضع : صياحه ونباحه.(٢)

_________________

(١) الذى أسس مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المسلمين ، فامر الله نبيه بهدمه ، وسمى بعد ذلك المسجد الضرار.

(٢) مجمع البيان ٤ : ٤٩٩ ـ ٥٠١.

٣٨٠