بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

(باب ١٤)

*( قصة حزقيل عليه السلام (١) )*

الايات ، البقرة « ٢ » ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس. لا يشكرون ٢٤٣.

١ ـ فس : « ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم » الآية ، فإنه وقع الطاعون بالشام في بعض الكور فخرج منهم(٢) خلق كثير كما حكى الله تعالى هربا من الطاعون فصاروا إلى مفازة فماتوا في ليلة واحدة كلهم ، فبقوا حتى كانت عظامهم يمر بها المار فينحيها برجله عن الطريق ، ثم أحياهم الله وردهم إلى منازلهم فبقوا دهرا طويلا ثم ماتوا وتدافنوا.(٣)

٢ ـ خص : سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، (٤) عن أبي خالد القماط ، عن حمران ابن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : كان في بني إسرائيل شئ لا يكون ههنا مثله؟ فقال : لا ، فقلت : فحدثني عن قول الله عزوجل : « ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم » فهل أحياهم حتى نظر الناس إليهم ثم أماتهم من يومهم أو ردهم إلى الدنيا؟ فقال : بل ردهم إلى الدنيا حتى سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام ، ونكحوا النساء ، ولبثوا بذلك ما شاء الله ، ثم ماتوا بالآجال.(٥)

_________________

(١) قال الفيروزآبادى : حزقل أو حزقيل كزبرج وزنبيل اسم نبى من الانبياء. قلت : هو بالحاء المهملة فالزاى المعجمة ، وفى مواضع من النسخة والمصادر خرقيل بالخاء وهو وهم.

(٢) في نسخة : فخرج منه.

(٣) تفسير القمى : ٧٠.

(٤) في المصدر : محمد بن الحسين بن أبى الخطاب ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبى خالد القماط.

(٥) مختصر بصائر الدجات : ٢٣ و ٢٤.

٣٨١

شى : عن حمران مثله.(١)

٣ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : سأل عبدالاعلى مولى بني سام الصادق عليه‌السلام وأنا عنده : حديث يرويه الناس ، فقال : وما هو؟ قال : يروون أن الله تعالى عزوجل أوحى إلى حزقيل النبي عليه‌السلام : أن أخبر فلان الملك أني متوفيك يوم كذا ، فأتى حزقيل الملك فأخبره بذلك ، قال : فدعا الله وهو على سريره حتى سقط ما بين الحائط والسرير ، وقال : يا رب أخرني حتى يشب طفلي وأقضي أمري ، فأوحى الله إلى ذلك النبي أن ائت فلانا وقل إني أنسأت في عمره خمس عشر سنة ، فقال النبي : يا رب بعزتك إنك تعلم أني لم أكذب كذبة قط ، فأوحى الله إليه : إنما أنت عبد مأمور فأبلغه.(٢)

٤ ـ ص : الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد عنهما عليهما‌السلام في قوله تعالى : « ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم » قال : إن هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام من بني إسرائيل ، وكانوا سبعين ألف بيت ، وكان الطاعون يقع فيهم في كل أوان ، فكانوا إذا أحسوا به خرج من المدينة الاغنياء ، وبقي فيها الفقراء لضعفهم ، فكان الموت يكثر في الذين أقاموا ، ويقل في الذين خرجوا ، فصاروا رميما عظاما ، فمر بهم نبي من الانبياء يقال له حزقيل فرآهم وبكى وقال : يا رب لو شئت أحييتهم الساعة ، فأحياهم الله. وفي رواية أنه تعالى أوحى إليه : أن رش الماء عليهم ، ففعل فأحياهم.(٣)

بيان : السقط ظاهر في هذا الخبر ، كما سيظهر من رواية الكافي(٤) مع توافق آخر سنديهما.

_________________

(١) تفسير العياشى مخطوط ، وأخرجه البحرانى في البرهان ١ : ٢٣٣ من قوله : قلت فحدثنى وفيه. أوردهم إلى الدنيا حتى سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام ، ونكحوا النساء. وفيه : ومكثوا بذلك ما شاء الله ثم ماتوا بآجلهم.

(٢ و ٣) قصص الانبياء مخطوط.

(٤) الاتى تحت رقم ٦.

٣٨٢

٥ ـ سن : بعض أصحابنا ، عن رجل سمي ، (١) عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما خرج ملك القبط يريد هدم بيت المقدس اجتمع الناس إلى حزقيل النبي عليه‌السلام فشكوا ذلك إليه ، فقال : لعلي اناجي ربي الليلة ، فلما جنه الليل ناجى ربه ، فأوحى الله إليه : إني قد كفيتكهم(٢) وكانوا قد مضوا ، (٣) فأوحى الله إلى ملك الهواء : أن أمسك عليهم أنفاسهم فماتوا كلهم ، فأصيح حزقيل النبي وأخبر قومه بذلك فخرجوا فوجدوهم قد ماتوا ، ودخل حزقيل النبي العجب ، فقال في نفسه : ما فضل سليمان النبي علي وقد اعطيت مثل هذا؟ قال : فخرجت قرحة على كبده فآذته ، فخشع لله وتذلل وقعد على الرماد ، فأوحى الله إليه : أن خذ لبن التين فحكه على صدرك من خارج ، ففعل فسكن عنه ذلك.(٤)

ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده إلى الثمالي مثله.(٥)

قال الطبرسي قدس روحه في قوله تعالى : « الذين خرجوا من ديارهم » : قيل : هم قوم من بني إسرائيل فروا من طاعون وقع في أرضهم ، عن الحسن ، وقيل : فروا من الجهاد وقد كتب عليهم ، عن الضحاك ومقاتل ، واحتجا بقوله عقيب الآية « وقاتلوا في سبيل الله » وقيل : هم قوم حزقيل وهو ثالث خلفاء بني إسرائيل بعد موسى عليه‌السلام وذلك أن القيم بأمر بني إسرائيل بعد موسى كان يوشع بن نون ، ثم كالب بن يوفنا ، ثم حزقيل وقد كان يقال له ابن العجوز ، وذلك أن امه كانت عجوزا ، فسألت الله الولد وقد كبرت وعقمت فوهبه الله سبحانه لها ، وقال الحسن : هو ذو الكفل وإنما سمي حزقيل ذا الكفل لانه كفل سبعين نبيا نجاهم من القتل ، وقال لهم : اذهبوا فإني إن قتلت كان خيرا من

_________________

(١) في المصدر : عن رجل سماه.

(٢) في نسخة : قد كفيتكم.

(٣) وكانوا قد مضوا أى حزقيل وأصحابه خوفا من الملك ، أو الملك وأصحابه بقدرة الله ، و بعد المضى ماتوا في الطريق ، وكون المضى بمعنى اتيانهم بيت المقدس بعيد. منه رحمه‌الله.

(٤) محاسن البرقى : ٥٥٣ ـ ٥٥٤.

(٥) قصص الانبياء مخطوط.

٣٨٣

أن تقتلوا جميعا ، فلما جاء اليهود وسألوا حزقيل عن الانبياء السبعين قال : إنهم ذهبوا فلا أدري أين هم ، ومنع الله سبحانه ذا الكفل منهم.

« وهم الوف » أجمع أهل التفسير أن المراد بالوف هنا كثرة العدد إلا ابن زيد فإنه قال : معناه : خرجوا مؤتلفي القلوب لم يخرجوا عن تباغض. واختلف من قال : المراد به العدد الكثير فقيل : كانوا ثلاثة آلاف(١) عن عطاء ، وقيل : ثمانية آلاف ، عن مقاتل والكلبي ، وقيل : عشرة آلاف ، عن أبي روق ، (٢) وقيل : بضعة وثلاثين ألفا ، عن السدي ، وقيل : أربعين ألفا ، عن ابن عباس وابن جريح ، وقيل : سبعين ألفا ، عن عطاء بن أبي رياح ، وقيل : كانوا عددا كثيرا ، عن الضحاك.

« حذر الموت » أي من خوف الموت « فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم » قيل : أحياهم الله بدعاء نبيهم حزقيل ، عن ابن عباس ، وقيل : إنه شمعون نبي من أنبياء بني إسرائيل. ثم ذكر رحمه‌الله القصة فقال : قيل : إن اسم القرية التي خرجوا منها داوردان ، (٣) وقيل : واسط ، قال الكلبي والضحاك ومقاتل : إن ملكا من ملوك بني إسرائيل أمرهم أن يخرجوا إلى قتال عدوهم ، فخرجوا وعسكروا ثم جبنوا وكرهوا الموت فاعتلوا وقالوا : إن الارض التي نأتيها بها الوباء فلا نأتيها حتى ينقطع منها الوباء ، فأرسل الله عليهم الموت ، فلما رأو أن الموت كثر فيهم خرجوا من ديارهم فرارا من الموت ، فلما رأى الملك ذلك قال : اللهم رب يعقوب وإله موسى قد ترى معصية عبادك ، فأراهم آية في أنفسهم حتى يعلموا أنهم لا يستطيعون الفرار منك ، فأماتهم الله جميعا وأمات دوابهم وأتى عليهم ثمانية أيام حتى انتفخوا وأروحت أجسادهم ، (٤)

_________________

(١) نسب في المصدر ذلك إلى أبى روق ، وخلا هو عما نسب إلى مقاتل والكلبى ، وعن عشرة آلاف ، ولعلها سقطت عن الطبع.

(٢) بفتح الراء وسكون الواو ، هو عطية بن الحارث الهمدانى الكوفى صاحب التفسير. فما في المصدر من تصحيف أبى بابن فهو من الطابع.

(٣) بفتح الواو فالسكون ، قال ياقوت : من نواحى شرقى واسط ، بينهما فرسخ ، ثم ذكر الاية وتفسيرها وقصة من هرب من القرية ووقع به الطاعون مفصلا عن ابن عباس.

(٤) أى تغيرت ريحها.

٣٨٤

فخرج إليهم الناس فعجزوا عن دفنهم ، فحظروا عليهم حظيرة(١) دون السباع ، وتركوهم فيها ، قالوا : وأتى على ذلك مدة حتى بليت أجسادهم ، وعريت عظامهم ، وقطعت(٢) أوصالهم ، فمر عليهم حزقيل فجعل يتفكر فيهم متعجبا منهم ، فأوحى الله إليه : يا حزقيل تريد أن اريك آية؟ واريك كيف احيي الموتى؟ قال : نعم ، فأحياهم الله عزوجل ، وقيل : إنهم كانوا قوم حزقيل فأحياهم الله بعد ثمانية أيام ، وذلك أنه لما أصابهم ذلك خرج حزقيل في طلبهم فوجدهم موتى فبكى ، ثم قال : يا رب كنت في قوم يحمدونك ويسبحونك ويقدسونك ، فبقيت وحيدا لا قوم لي ، فأوحى الله تعالى إليه : قد جعلنا حياتهم إليك. فقال حزقيل : احيوا بإذن الله ، فعاشوا.(٣)

٦ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد وغيره عن بعضهم عن أبي عبدالله وبعضهم عن أبي جعفر عليهما‌السلام في قول الله عزوجل : « ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم » فقال : إن هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام ، وكانوا سبعين ألف بيت ، وكان الطاعون يقع فيهم في كل أوان ، فكانوا إذا أحسوا به خرج من المدينة الاغنياء لقوتهم ، وبقي فيها الفقراء لضعفهم ، فكان الموت يكثر في الذين أقاموا ويقل في الذين خرجوا فيقول الذين خرجوا : لو كنا أقمنا لكثر فينا الموت ، ويقول الذين أقاموا : لو كنا خرجنا لقل فينا الموت ، قال : فاجتمع رأيهم جميعا على أنه إذا وقع الطاعون وأحسوا به خرجوا كلهم من المدينة ، قلما أحسوا بالطاعون خرجوا جميعا وتنحوا عن الطاعون حذر الموت فصاروا في البلاد(٤) ما شاء الله ، ثم إنهم مروا بمدينة خربة قد جلا أهلها عنها وأفناهم الطاعون فنزلوا بها ، فلما حطوا رحالهم واطمأنوا قال لهم الله عزوجل : موتوا جميعا ، فماتوا من ساعتهم وصاروا رميما يلوح ، وكانوا على طريق المارة فكنستهم المارة فنحوهم وجمعوهم في موضع ، فمر

_______________

(١) أى فبنوا عليهم حظيرة ، وهى الموضع الذى يحاط عليه لتأوى اليه الماشية فيقيها البرد والريح والسباع.

(٢) في نسخة : انقطعت. وفى المصدر : تقطعت.

(٣) مجمع البيان ٢ : ٣٤٦ : ٣٤٧.

(٤) في المصدر : فساروا في البلاد.

٣٨٥

بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له حزقيل ، فلما رأى تلك العظام بكى واستعبر وقال : يا رب لو شئت لاحييتهم الساعة كما أمتهم فعمروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك من خلقك ، فأوحى الله إليه : أفتحب ذلك؟ قال : نعم يا رب فأحيهم ، فأوحى الله عزوجل : قل كذا وكذا ، فقال الذي أمره الله عزوجل أن يقوله ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : وهو الاسم الاعظم ، فلما قال حزقيل ذلك الكلام نظر إلى العظام يطير بعظها إلى بعض ، فعادوا أحياء ينظر بعضهم إلى بعض ، يسبحون الله عز ذكره و يكبرونه ويهللونه ، فقال حزقيل عند ذلك : اشهد أن الله على كل شئ قدير. قال عمر بن يزيد : فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : فيهم نزلت هذه الآية.(١)

٧ ـ أقول : روى الشيخ أحمد بن فهد في المهذب وغيره بأسانيدهم عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : يوم النيروز هو اليوم الذي أحيا الله فيه القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت ، فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ، وذلك أن نبيا من الانبياء سأل ربه أن يحيي القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فأماتهم الله ، فأوحى إليه : أن صب عليهم الماء في مضاجعهم ، فصب عليهم الماء في هذا اليوم فعاشوا وهم ثلاثون ألفا ، فصار صب الماء في يوم النيروز سنة ماضية لا يعرف سببها إلا الراسخون في العلم.(٢)

٨ ـ ج ، يد ، ن ، عن الحسن بن محمد النوفلي فيما احتج الرضا عليه‌السلام على أرباب الملل قال عليه‌السلام للجاثليق : فإن اليسع صنع مثل ما صنع عيسى فلم يتخذه امته ربا ، (٣) ولقد صنع حزقيل النبي عليه‌السلام مثل ما صنع عيسى بن مريم عليه‌السلام فأحيا خمسة وثلاثين ألف رجل من بعد موتهم بستين سنة. ثم التفت إلى رأس الجالوت فقال : أتجد هؤلاء في شباب بني إسرائيل في التوراة؟ اختارهم بخت نصر من سبى بني إسرائيل حين غزا بيت المقدس ، ثم انصرف بهم إلى بابل ، فأرسله الله عزوجل إليهم فأحياهم.(٤) ثم أقبل على النصراني

_________________

(١) روضة الكافى : ١٩٨ و ١٩٩.

(٢) المهذب مخطوط.

(٣) في المصدر : مشى على الماء وأحياء الموتى وأبرأ الاكمه والابرص فلم يتخذه امته ربا ، ولم يعبده أحد من دون الله عزوجل.

(٤) هنا زيادات في المصدر اسقطه للاختصار.

٣٨٦

فقال : يا نصراني أفهؤلاء كانوا قبل عيسى أم عيسى كان قبلهم؟ قال : بل كانوا قبله ، فقال عليه‌السلام : فمتى اتخذتم عيسى ربا جاز لكم أن تتخذوا اليسع وحزقيل ، (١) لانهما قد صنعا مثل ما صنع عيسى من إحياء الموتى وغيره ، إن قوما من بني إسرائيل هربوا من بلادهم من الطاعون وهم الوف حذر الموت فأماتهم الله في ساعة واحدة ، فعمد أهل تلك القرية فحظروا عليهم حظيرة ، فلم يزالوا فيها حتى نخرت عظامهم وصاروا رميما ، فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل فتعجب منهم ومن كثرة العظام البالية ، فأوحى الله عزوجل إليه : أتحب أن احييهم لك فتنذرهم؟ قال : نعم يا رب ، فأوحى الله إليه : أن نادهم ، فقال : أيتها العظام البالية قومي بإذن الله عزوجل ، فقاموا أحياء أجمعون ينفضون التراب عن رؤوسهم.(٢)

٩ ـ ج : في حديث الزنديق الذي سأل الصادق عليه‌السلام عن مسائل قال عليه‌السلام : أحيا الله قوما خرجوا عن أوطانهم هاربين من الطاعون لا يحصى عددهم ، فأماتهم الله دهرا طويلا حتى بليت عظامهم وتقطعت أوصالهم وصاروا ترابا ، فبعث الله في وقت أحب أن يري خلقه قدرته نبيا يقال له حزقيل ، فدعاهم فاجتمعت أبدانهم ، ورجعت فيها أرواحهم ، وقاموا كهيئة يوم ماتوا لا يفقدون من أعدادهم رجلا فعاشوا بعد ذلك دهرا طويلا.(٣)

أقول : إنما أوردنا قصة حزقيل عليه‌السلام ههنا تبعا للمشهور بين المفسرين والمؤرخين ، والظاهر من بعض الروايات(٤) تأخره عن تلك المرتبة.

_________________

(١) في العيون : أن تتخذوا اليسع وحزقيل وبين.

(٢) احتجاج الطبرسى : ٢٢٨ و ٢٢٩ توحيد الصدوق : ٤٣٤ و ٤٣٦ ، عيون الاخبار : ٩٠ ـ ٩١ والحديث طويل ذكره المصنف في كتاب الاحتجاجات ، راجع ج ١٠ : ٢٩٩ ـ ٣١٨.

(٣) احتجاج الطبرسى : ١٨٨ ، والحديث طويل أخرجه المصنف في كتاب الاحتجاجات ، راجع ج ١٠ : ١٦٤ ـ ١٨٨. قلت : قوله : فدعاهم كما قبله لا ينافى حديث المعلى ، إذ من الجائز أن صب عليهم الماء ثم دعاهم.

(٤) كالرواية الخامسة الدالة على أنه كان بعد سليمان عليه‌السلام أو في عصره.

٣٨٧

(باب ١٥)

*(قصص اسماعيل الذى سماه الله صادق الوعد)*

*(وبيان أنه غير اسماعيل بن ابراهيم)*

قال الله تعالى في سورة مريم « ١٩ » واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا * وكان يأمر أهله بالصلوة والزكوة وكان عند ربه مرضيا ٥٤ و ٥٥.

١ ـ ن ، ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أشيم ، عن الجعفري ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : أتدري لم سمي إسماعيل صادق الوعد؟ قلت : لا أدري ، قال : وعد رجلا فجلس له حولا ينتظره.(١)

مع : مرسلا مثله.(٢)

٢ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن سنان ، عمن ذكراه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن إسماعيل الذي قال الله عزوجل في كتابه : « واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا » لم يكن إسماعيل ابن إبراهيم ، بل كان نبيا من الانبياء بعثه الله عزوجل إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة(٣) رأسه ووجهه ، فأتاه ملك فقال : إن الله جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت ، فقال : لي اسوة بما يصنع بالحسين عليه‌السلام.(٤)

مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، وابن أبي الخطاب وابن يزيد جميعا ، عن محمد ابن سنان مثله.(٥)

_________________

(١) عيون الاخبار : ٢٣٣ ، علل الشرائع : ٣٧.

(٢) معانى الاخبار : ١٩. والحديث طويل في معنى أسماء الانبياء ، لفظه هكذا : ومعنى تسمية الله عزوجل لاسماعيل بن حزقيل صادق الوعد أنه وعد إه.

(٣) الفروة. جلدة الرأس بشعرها.

(٤) علل الشرائع : ٣٧.

(٥) كامل الزيارات : ٦٤.

٣٨٨

٣ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن محمد بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام إن إسماعيل كان رسولا نبيا ، سلط عليه قومه(١) فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه ، فأتاه رسول من رب العالمين فقال له : ربك يقرؤك السلام ويقول : قد رأيت ما صنع بك ، وقد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت ، فقال : يكون لي بالحسين بن علي عليه‌السلام اسوة.(٢)

مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى وابن أبي الخطاب وابن يزيد جميعا ، عن محمد ابن سنان مثله.(٣)

٤ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن التفليسي ، عن السمندي ، عن الصادق ، عن آبائه صلوات الله عليهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن أفضل الصدقة صدقة اللسان ، تحقن به الدماء ، وتدفع به الكريهة ، وتجر المنفعة إلى أخيك المسلم. ثم قال صلى الله عليه وآله : إن عابد بني إسرائيل الذي كان أعبدهم كان يسعى في حوائج الناس عند الملك ، وإنه لقي إسماعيل بن حزقيل فقال : لا تبرح حتى أرجع إليك يا إسماعيل ، فسها عنه عند الملك ، فبقي إسماعيل إلى الحول هناك ، فأنبت الله لاسماعيل عشبا فكان يأكل منه ، وأجرى له عينا وأظله بغمام ، فخرج الملك بعد ذلك إلى التنزه ومعه العابد فرأى إسماعيل فقال : إنك لههنا يا إسماعيل؟ فقال له : قلت : لا تبرح فلم أبرح ، فسمي صادق الوعد ، قال : وكان جبار مع الملك فقال : أيها الملك كذب هذا العبد ، قد مررت بهذه البرية فلم أره ههنا ، فقال له إسماعيل : إن كنت كاذبا فنزع الله صالح ما أعطاك ، قال : فتناثرت أسنان الجبار ، فقال الجبار : إني كذبت على هذا العبد الصالح ، فاطلب أن يدعو الله أن يرد علي أسناني فإني شيخ كبير ، فطلب إليه الملك فقال : إني أفعل ، قال : الساعة؟ قال : لا ، وأخره إلى السحر ثم دعا. ثم قال : يا فضل(٤) إن أفضل ما دعوتم الله بالاسحار ، قال الله تعالى : « وبالاسحار هم يستغفرون ».(٥)

_________________

(١) في كامل الزيارات : تسلط عليه قومه.

(٢) علل الشرائع : ٣٧.

(٣) كامل الزيارات : ٦٤ و ٦٥ ، وفيه : سماعة بن مهران ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام.

(٤) اسم للسمندى ، وهو فضل بن أبى قرة التميمى السمندى.

(٥) قصص الانبياء مخطوط.

٣٨٩

٥ ـ ص : بهذا الاسناد عن ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن ابن أبان ، عن ابن اورمة ، عن محمد بن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم ، عن شعيب العقرقوفي(١) قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن إسماعيل نبي الله وعد رجلا بالصفاح ، (٢) فمكث به سنة مقيما ، وأهل مكة يطلبونه لا يدرون أين هو حتى وقع عليه رجل فقال : يا نبي الله ضعفنا بعدك وهلكنا ، فقال : إن فلان الطائفي وعدني أن أكون ههنا ولن أبرح حتى يجئ ، قال : فخرجوا إليه حتى قالوا له : يا عدو الله وعدت النبي فأخلفته ، فجاء وهو يقول لاسماعيل عليه‌السلام : يا نبي الله ما ذكرت ولقد نسيت ميعادك ، فقال : أما والله لو لم تجئني لكان منه المحشر ، فأنزل الله : « واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد ».(٣)

٦ ـ مل : محمد بن جعفر الرزاز ، عن ابن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن فضال ، عن الحسن بن فضال ، عن مروان بن مسلم ، عن بريد العجلي قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : يا ابن رسول الله أخبرني عن إسماعيل الذي ذكره الله في كتابه حيث يقول : « واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا » أكان إسماعيل بن إبراهيم عليه‌السلام؟ فإن الناس يزعمون أنه إسماعيل بن إبراهيم ، فقال عليه‌السلام : إن إسماعيل مات قبل إبراهيم ، (٤) وإن إبراهيم كان حجة لله قائما(٥) صاحب شريعة ، فإلى من ارسل إسماعيل إذن؟ قلت : فمن كان جعلت فداك؟ قال : ذاك إسماعيل بن حزقيل النبي ، بعثه الله إلى قومه فكذبوه وقتلوه وسلخوا وجهه ، فغضب الله عليهم له فوجه إليه سطاطائيل(٦) ملك العذاب فقال له : يا إسماعيل أنا سطاطائيل ملك العذاب ، وجهني

_________________

(١) بفتح العين والقاف ثم السكون ينسب إلى عقرقوف ، قرية من نواحى دجيل أو من نواحى نهر عيسى ، بينه وبين بغداد أربعة فراسخ ، والى جانبها تل عظيم من تراب يرى من خمسة فراسخ ، كانه قلعة عظيمة ، قيل : هو مقبرة الملوك الكيانيين وذكر أن هذه القرية سميت بعقرقوف ابن طهمورث الملك.

(٢) الصفاح بالكسر ، وهو على ما في المعجم : موضع بين حنين وأنصاب الحرم على يسرة الداخل إلى مكة من مشاش.

(٣) قصص الانبياء مخطوط.

(٤) هذا مخالف لما مر من تقدم فوت ابراهيم على فوت اسماعيل عليه‌السلام في أبواب أحوالهما ولعل إحداهما محمول على التقية. منه رحمه‌الله.

(٥) في نسخة : كان حجة الله قائما.

(٦) في المصدر : اسطاطائيل ، وكذا فيما يأتى.

٣٩٠

رب العزة إليك لاعذب قومك بأنواع العذاب إن شئت ، فقال له إسماعيل : لا حاجة لي في ذلك يا سطاطائيل ، فأوحى الله إليه : فما حاجتك يا إسماعيل؟ فقال إسماعيل : يا رب إنك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية ، ولمحمد بالنبوة ، ولاوصيائه بالولاية ، وأخبرت خلقك(١) بما تفعل امته بالحسين بن علي من بعد نبيها ، وإنك وعدت الحسين أن تكره(٢) إلى الدنيا حتى ينتقم بنفسه ممن فعل ذلك به ، فحاجتي إليك يا رب أن تكرني إلى الدنيا حتى أنتقم ممن فعل ذلك بي ما فعل ، كما تكر الحسين ، فوعد الله إسماعيل بن حزقيل ذلك ، فهو يكر مع الحسين بن علي عليه‌السلام.(٣)

٧ ـ جا : الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن يحيى بن زكريا ، عن عثمان بن عيسى ، عن أحمد بن سليمان وعمران بن مروان ، عن سماعة قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن الذي قال الله في كتابه : « واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا » سلط عليه قومه فكشطوا وجهه(٤) وفروة رأسه ، فبعث الله إليه ملكا فقال له : إن رب العالمين يقرؤك السلام ويقول : قد رأيت ما صنع بك قومك فسلني ما شئت ، فقال : يا رب العالمين لي بالحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام اسوة. قال أبوعبدالله عليه‌السلام : ليس هو إسماعيل بن إبراهيم عليهما‌السلام.(٥)

بيان : المشهور بين العامة أنه إسماعيل بن إبراهيم عليه‌السلام ، وروى بعضهم نحوا مما ورد في تلك الاخبار.

_________________

(١) هكذا في النسخ وفيه سقط ، وفى المصدر : خير خلقك.

(٢) أى ترجعه.

(٣) كامل الزيارات : ٦٥.

(٤) أى نزعوا جلد وجهه.

(٥) المجالس : ٢٤.

٣٩١

(باب ١٦)

*(قصة الياس واليا واليسع عليهم السلام)*

الايات ، الانعام « ٦ » وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين * و إسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ٨٥ و ٨٦.

الصافات « ٣٧ » وإن إلياس لمن المرسلين * إذ قال لقومه ألا تتقون * أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب آبائكم الاولين * فكذبوه فإنهم لمحضرون * إلا عباد الله المخلصين * وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إلياسين * إنا كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين ١٢٣ ـ ١٣٢.

ص « ٣٨ » واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الاخيار ٤٨.

تفسير : قيل : البعل : اسم صنم كان لاهل بك من الشام ، وهو البلد الذي يقال له الآن بعلبك ، وقيل : البعل : الرب بلغة اليمن. والمعنى : أتدعون بعض البعول « فإنهم لمحضرون » أي في العذاب « وإلياسين » قيل : لغة في إلياس ، وقيل : جمع له يراد به هو وأتباعه ، وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب على إضافة آل إلى ياسين ، فيكون ياسين أبا إلياس ، أو محمدا صلى الله عليه وآله ، وسيأتي الاخير في كتاب الامامة(١) في تفاسير أهل البيت عليهم‌السلام.

١ ـ كا : علي بن محمد ، ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن بكر بن صالح ، عن محمد بن سنان ، عن مفضل بن عمر قال : أتينا باب أبي عبدالله عليه‌السلام ونحن نريد الاذن عليه فسمعناه يتكلم بكلام ليس بالعربية ، فتوهمنا أنه بالسريانية ، ثم بكا فبكينا لبكائه ، ثم خرج إلينا الغلام فأذن لنا فدخلنا عليه ، فقلت : أصلحك الله أتيناك نريد الاذن عليك فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ثم بكيت فبكينا

_________________

(١) وهنا في الخبر العاشر.

٣٩٢

لبكائك ، فقال : نعم ذكرت إلياس النبي عليه‌السلام وكان من عباد أنبياء بني إسرائيل ، فقلت كما كان يقول في سجوده ، ثم اندفع فيه(١) بالسريانية فما رأينا والله قسا ولا جاثليقا(٢) أفصح لهجة منه به ، ثم فسره لنا بالعربية فقال : كان يقول في سجوده : « أتراك معذبي وقد أظمأت لك هو اجري؟ أتراك معذبي وقد عفرت لك في التراب وجهي؟ أتراك معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي؟ أتراك معذبي وقد أسهرت لك ليلي؟ » قال : فأوحى الله إليه : أن ارفع رأسك فإني غير معذبك قال : فقال : إن قلت : لا اعذبك ثم عذبتني ماذا؟ ألست عبدك وأنت ربي؟ فأوحى الله إليه : أن ارفع رأسك فإني غير معذبك ، فإني إذا وعدت وعدا وفيت به.(٣)

٢ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده عن وهب بن منبه ، عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه قال : إن يوشع بن نون بوأ بني إسرائيل الشام بعد موسى عليه‌السلام وقسمها بينهم فسار منهم سبط ببعلبك بأرضها ، وهو السبط الذي منه إلياس النبي ، فبعثه الله إليهم وعليهم يومئذ ملك(٤) فتنهم بعبادة صنم يقال له بعل ، وذلك قوله : « وإن إلياس لمن المرسلين * إذ قال لقومه ألا تتقون * أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب آبائكم الاولين * فكذبوه » وكان للملك زوجة فاجرة يستخلفها إذا غاب فتقضي بين الناس ، وكان لها كاتب حكيم قد خلص من يدها ثلاث مائة مؤمن كانت تريد قتلهم ، ولم يعلم على وجه الارض انثى أزنى منها ، وقد تزوجت سبعة ملوك من بني إسرائيل حتى ولدت تسعين ولدا سوى ولد ولدها ، وكان لزوجها جار صالح من بني إسرائيل ، وكان له بستان يعيش به إلى جانب قصر الملك ، وكان الملك يكرمه ، فسافر مرة فاغتنمت امرأته وقتلت العبد الصالح وأخذت بستانه غصبا من أهله وولده ، وكان ذلك سبب سخط الله عليهم ، فلما قدم زوجها أخبرته الخبر فقال لها : ما أصبت ، فبعث الله إلياس النبي يدعوهم إلى عبادة الله فكذبوه وطردوه وأهانوه وأخافوه ، وصبر عليهم واحتمل أذاهم و

_________________

(١) اندفع الرجل في الحديث : أفاض.

(٢) القس : من كان بين الاسقف والشماس. الجانليق : متقدم الاساقفة.

(٣) اصول الكافى ١ : ٢٢٧ و ٢٢٨.

(٤) في العرائس : اسمه لاجب.

٣٩٣

دعاهم إلى الله تعالى فلم يزدهم إلا طغيانا ، فآلى الله(١) على نفسه أن يهلك الملك والزانية إن لم يتوبوا إليه ، وأخبرهما بذلك ، فاشتد غضبهم عليه وهموا بتعذيبه وقتله ، فهرب ، منهم فلحق بأصعب جبل فبقي فيه وحده سبع سنين ، يأكل من نبات الارض وثمار الشجر والله يخفي مكانه ، فأمرض الله ابنا للملك مرضا شديدا حتى يئس منه ، وكان أعز ولده إليه ، فاستشفعوا إلى عبدة الصنم ليستشفعوا له فلم ينفع ، (٢) فبعثوا الناس إلى حد الجبل الذي فيه إلياس عليه‌السلام فكانوا يقولون : اهبط إلينا واشفع لنا ، فنزل إلياس من الجبل و قال : إن الله أرسلني إليكم وإلى من ورائكم ، فاسمعوا رسالة ربكم ، يقول الله : ارجعوا إلى الملك فقولوا له : إني أنا الله لا إله إلا أنا إله بني إسرائيل الذي خلقهم ، وأنا الذي أرزقهم واحييهم واميتهم وأضرهم وأنفعهم ، وتطلب الشفاء لابنك من غيري؟ فلما صاروا إلى الملك وقصوا عليه القصة امتلا غيظا فقال : ما الذي منعكم أن تبطشوا به حين لقيتموه وتوثقوه وتأتوني به فإنه عدوي ، قالوا : لما صار معنا قذف في قلوبنا الرعب عنه ، فندب(٣) خمسين من قومه من ذوي البطش و أوصاهم بالاحتيال له وإطماعه في أنهم آمنوا به ليغتر بهم فيمكنهم من نفسه ، فانطلقوا حتى ارتقوا ذلك الجبل الذي فيه إلياس عليه‌السلام ثم تفرقوا فيه وهم ينادونه بأعلى صوتهم ويقولون : يا نبي الله ابرز لنا فإنا آمنا بك ، فلما سمع إلياس مقالتهم طمع في إيمانهم فكان في مغازة فقال : اللهم إن كانوا صادقين فيما يقولون فأذن لي في النزول إليهم ، وإن كانوا كاذبين فاكفنيهم وارمهم بنار تحرقهم ، فما استتم قوله حتى حصبوا بالنار من فوقهم فاحترقوا ، فبلغ الملك خبرهم فاشتد غيظه فانتدب كاتب امرأته المؤمن وبعث معه جماعة إلى الجبل وقال له : قد آن أن أتوب ، فانطلق لنا إليه حتى يرجع إلينا يأمرنا

_________________

(١) أى حلف.

(٢) في العرائس ما حاصله : فلما طال عليه المرض قالوا : إن في ناحية الشام آلهة اخرى فابعث اليها ولعلها أن تشفع لك إلى بعل فانه غضبان عليك ، ولولا غضبه عليك لكان قد أجابك وشفى مرض ابنك ، فقال لاجب : لاى شئ غضب على؟ قالوا : من أجل أنك لم تقتل الياس حتى نجا سالما وهو كافر بالهك.

(٣) أى وجه خمسين من قومه.

٣٩٤

وينهانا بما يرضى ربنا ، وأمر قومه فاعتزلوا الاصنام ، (١) فانطلق كاتبها والفئة الذين أنفذهم معه حتى علا الجبل الذي فيه إلياس ، ثم ناداه فعرف إلياس صوته فأوحى الله تعالى إليه : أن ابرز إلى أخيك الصالح وصافحه وحيه. فقال المؤمن : بعثني إليك هذا الطاغي وقومه ، وقص عليه ما قالوا ، ثم قال : وإني لخائف إن رجعت إليه ولست معي أن يقتلني ، فأوحى الله تعالى عزوجل إلى إلياس : (٢) إن كل شئ جاءك منهم خداع ليظفروا بك ، وإني أشغله عن هذا المؤمن بأن اميت ابنه ، (٣) فلما قدموا عليه شد الله الوجع على ابنه وأخذ الموت بكظمه ورجع إلياس سالما إلى مكانه ، فلما ذهب الجزع عن الملك بعد مدة سأل الكاتب على الذي جاء به ، فقال : ليس لي به علم.(٤) ثم إن إلياس عليه‌السلام نزل واستخفى عند ام يونس بن متى ستة أشهر ويونس مولود ، ثم عاد إلى مكانه فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات ابنها حين فطمته فعظمت مصيبتها فخرجت في طلب إلياس ورقت الجبال حتى وجدت إلياس فقالت : إني فجعت بموت ابني وألهمني الله تعالى عز وعلا الاستشفاع بك إليه ليحيي لي ابني فإني تركته بحاله ولم أدفنه وأخفيت مكانه ، فقال لها : ومتى مات ابنك؟ قالت : اليوم سبعة أيام ، فانطلق إلياس وسار سبعة أيام اخرى حتى انتهى إلى منزلها ، فرفع يديه بالدعاء واجتهد حتى أحيا الله تعالى جلت عظمته بقدرته يونس عليه‌السلام فلما عاش انصرف إلياس ، ولما صار(٥) ابن أربعين سنة أرسله الله إلى قومه كما قال : « وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ».

_________________

(١) خدعة ليغتر بذلك الكاتب فيحكى ذلك لالياس. راجع العرائس.

(٢) في بعض الكتب : أوحى الله إلى الياس عليه‌السلام إن كل ما جاءك عنه مكر وكذب ليظفر بك ، وان الملك إن أخبرته رسله أنك لقيت هذا الرجل ولم يأت بك اليه اتهمه وعرف أنه قد داهن في أمرك فلم يأمن أن يقتله فانطلق معه وانى ساشغله عنكما واضاعف على ابنه البلاء فاذا هو مات فارجع عنه ولا تقم عنده ، فذهب معه ورجع سالما. الخبر منه رحمه‌الله. قلت : ذكره كذلك الثعلبى في العرائس.

(٣) فيه سقط ظاهر ، يستفاد صحيحه مما حكى المصنف قبل ذلك في الهامش.

(٤) في العرائس بعد ذلك : وذلك لانه قد شغلنى عنه موت ابنك والجزع عليه ، ولم أكن أحسبك الا قد استوثقت منه فأطرق عنه لاجب وتركه.

(٥) أى يونس.

٣٩٥

ثم أوحى الله تعالى جل وعلا إلى إلياس بعد سبع سنين من يوم أحيا الله يونس سلني اعطك ، فقال : تميتني فتلحقني بآبائي فإني قد مللت بني إسرائيل وأبغضتهم فيك ، (١) فقال تعالى جلت قدرته : ما هذا باليوم الذي اعري منك الارض وأهلها ، و إنما قوامها بك ، ولكن سلني اعطك ، فقال إلياس : فأعطني ثاري من الذين أبغضوني فيك ، فلا تمطر عليهم سبع سنين قطرة إلا بشفاعتي ، (٢) فاشتد على بني إسرائيل الجوع وألح عليهم البلاء ، وأسرع الموت فيهم ، وعلموا أن ذلك من دعوة إلياس ، ففزعوا إليه وقالوا : نحن طوع يدك ، فهبط إلياس معهم ومعه تلميذ له اليسع وجاء إلى الملك فقال : أفنيت بني إسرائيل بالقحط ، فقال : قتلهم الذي أغواهم ، فقال : ادع ربك يسقيهم ، فلما جن الليل قام إلياس عليه‌السلام ودعا الله ، ثم قال لليسع : انظر في أكناف السماء ماذا ترى؟ فنظر فقال : أرى سحابة ، فقال : ابشروا بالسقاء ، فليحرزوا أنفسهم(٣) وأمتعتهم من الغرق ، فأمطر الله عليهم السماء وأنبتت لهم الارض ، فقام إلياس بين أطهرهم وهم صالحون ، ثم أدركهم الطغيان والبطر فجهدوا حقه وتمردوا ، فسلط الله عليهم عدوا قصدهم ولم يشعروا به حتى رهقهم ، (٤) فقتل الملك وزوجته وألقاهما في بستان الذي قتلته زوجة الملك ، ثم وصى إلياس إلى اليسع وأنبت الله لالياس الريش وألبسه النور ورفعه إلى السماء ، وقذف بكسائه من الجو على اليسع ، فنبأه الله على بني إسرائيل وأوحى إليه و أيده ، فكان بنو إسرائيل يعظمونه ويهتدون بهداه.(٥)

بيان : الكظم محركة : الحلق أو الفم أو مخرج النفس. وقال الطبرسي : اختلف

_________________

(١) في العرائس : فانى قد مللت بنى اسرائيل وملونى ، وأبغضتهم وابغضونى.

(٢) وفى بعض الروايات : ان الله لم يجبه إلى سبع سنين ، وقال : أنا أرحم بخلقى من ذلك فكان الياس ينقص إلى أن بلغ ثلاث سنين فأجابه إلى ذلك. منه رحمه‌الله. قلت : ذكره الثعلبى في العرائس.

(٣) أى فليحفظوا أنفسهم.

(٤) أى حتى لحقهم.

(٥) قصص الانبياء مخطوط ، والظاهر أن الحديث مختصر ، يوجد مفصله في العرائس ، وذكرنا منه قبلا بعض ما كان دخيلا في صحة المعنى ونظمه ، والحديث كما ترى من مرويات العامة و قصصهم ، أورده الصدوق باسناده عنهم في كتابه.

٣٩٦

في إلياس فقيل : هو إدريس ، عن ابن مسعود وقتادة ، وقيل : هو من أنبياء بني إسرائيل من ولد هارون بن عمران ابن عم اليسع ، وهو إلياس بن ياسين(١) بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران ، عن ابن عباس ومحمد بن إسحاق وغيرهما ، قالوا : إنه بعث بعد حزقيل لما عظمت الاحداث في بني إسرائيل ، وكان يوشع لما فتح الشام بوأها بني إسرائيل وقسمها بينهم ، فأحل سبطا منهم ببعلبك وهم سبط إلياس بعث فيهم نبيا إليهم فأجابه الملك ، ثم إن امرأته حملته على أن ارتد وخالف إلياس وطلبه ليقتله فهرب إلى الجبال والبراري ، وقيل : إنه استخلف اليسع على بني إسرائيل ورفعه الله تعالى من بين أظهرهم ، وقطع عنه لذة الطعام والشراب ، وكساه الريش فصار إنسيا ملكيا أرضيا سماويا ، وسلط الله على الملك وقومه عدوا لهم ، فقتل الملك وامرأته ، وبعث الله اليسع رسولا فآمنت به بنو إسرائيل وعظموه وانتهوا إلى أمره ، عن ابن عباس ، وقيل : إن إلياس صاحب البراري ، والخضر صاحب الجزائر ، ويجتمعان في كل يوم عرفة بعرفات ، وذكر وهب أنه ذو الكفل ، وقيل : هو الخضر عليه‌السلام ، وقال : اليسع هو ابن اخطوب بن العجوز.(٢)

٣ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن عيسى أو غيره ، عن قتيبة بن مهران ، عن حماد بن زكريا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : عليكم بالكرفس ، فإنه طعام إلياس واليسع ويوشع بن نون.(٣)

٤ ـ كا : محمد بن أبي عبدالله ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن الحسن بن العباس بن الجريش(٤) عن أبي جعفر الثاني قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : بينا أبي يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر(٥) قد قيض له(٦) فقطع عليه

_________________

(١) هكذا في نسخ ، وفى نسخة : إلياس بن يستر ، وهو وهم والصواب ما اخترناه في المتن ، على ما يوجد في الطبرى والعرائس والكامل ، وأما البغدادى في المحبر فقال : إلياس بن تشبين ابن العازر بن الكاهن بن هارون.

(٢) مجمع البيان ٨ : ٤٥٧.

(٣) فروع الكافى ٢ : ٢٨١.

(٤) في نسخة : الجريش الرازى.

(٥) الاعتجار هو أن يلف العمامة على رأسه ويرد طرفها على وجهه ، ولا يعمل شيئا تحت ذقنه.

(٦) أى جئ به من حيث لا يحتسب. والاسبوع : سبع مرات ، أى فقطع طوافه ولم يدعه حتى يطوف سبع مرات.

٣٩٧

اسبوعه حتى أدخله إلى دار جنب الصفا ، فأرسل إلي فكنا ثلاثة ، فقال : مرحبا يا ابن رسول الله ، ثم وضع يده على رأسي وقال : بارك الله فيك يا أمين الله بعد آبائه يا أبا جعفر. إن شئت فأخبرني وإن شئت فأخبرتك ، وإن شئت سلني وإن شئت سألتك ، وإن شئت فاصدقني وإن شئت صدقتك ، (١) قال : كل ذلك أشاء ، قال : فإياك أن ينطق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره ، (٢) قال : إنما يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه ، وإن الله عزوجل أبى أن يكون له علم فيه اختلاف ، قال : هذه مسألتي وقد فسرت طرفا منها ، أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف من يعلمه؟ قال : أما جملة العلم فعند الله جل ذكره ، وأما ما لابد للعباد منه فعند الاوصياء ، قال : ففتح الرجل عجرته(٣) واستوى جالسا وتهلل وجهه ، وقال : هذه أردت ولها أتيت ، زعمت أن علم مالا اختلاف فيه من العلم عند الاوصياء ، فكيف يعلمونه؟ قال : كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله يرى ، لانه كان نبيا وهم محدثون ، وإنه كان يفد إلى الله جل جلاله فيسمع الوحي وهم لا يسمعون ، فقال : صدقت يا ابن رسول الله سآتيك بمسألة صعبة ، أخبرني عن هذا العلم ماله لا يظهر كما كان يظهر مع رسول الله (ص)؟ قال : فضحك(٤) أبي عليه‌السلام وقال : أبى الله أن يطلع على علمه إلا ممتحنا للايمان به ، كما قضى على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصبر على أذى قومه ولا يجاهدهم إلا بأمره ، فكم من اكتتام قد اكتتم به حتى قيل له : « اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين » وأيم الله أن لو صدع قبل

_________________

(١) من صدق الحديث : أنبأه بصدق.

(٢) أى لا تخبرنى بشئ يكون في علمك شئ آخر تلزمك لاجله القول بخلاف ما أخبرت كما في أكثر علوم أهل الضلال فانه يلزمهم أشياء لا يقولون بها ، وقيل : المراد : أخبرنى بعلم يقينى لا يكون عندك احتمال خلافه ، فقوله عليه‌السلام : علمان أى احتمالان متناقضان ، أو المراد : لا تكتم منى شيئا من الاسرار والله يعلم. منه طاب ثراه. قلت : أو المعنى : اخبرنى بما أردت ظاهره وما لم تهم فيه.

(٣) في نسخة. عجيرته ، أى طرف العمامة التى رد على وجهه. تهلل وجهه أى تلاتلا.

(٤) فضحك عليه‌السلام لما رأى أنه تجاهل عنها وهو عالم بها.

٣٩٨

ذلك لكان آمنا ، ولكنه إنما نظر في الطاعة وخاف الخلاف ، فلذلك كف ، (١) فوددت أن عينيك تكون مع مهدي هذه الامة والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والارض يعذب أرواح الكفرة من الاموات ، ويلحق بهم أرواح أشباههم من الاحياء ، ثم أخرج(٢) سيفا ثم قال : ها إن هذا منها؟ قال : فقال أبي : إي والذي اصطفى محمدا على البشر ، قال : فرد الرجل اعتجاره وقال : أنا إلياس ما سألتك عن أمرك ولي منه جهالة ، (٣) غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لاصحابك. وساق الحديث بطوله إلى أن قال : ثم قام الرجل وذهب فلم أره.(٤)

٥ ـ م : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لزيد بن أرقم : إذا أردت أن يؤمنك الله من الغرق والحرق والشرق(٥) فقل إذا أصبحت : « بسم الله ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله ، بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله ، بسم الله ما شاء الله ما يكون من نعمة فمن الله ، بسم الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، بسم الله ما شاء الله صلى الله على محمد وآله الطيبين » فإن من قالها ثلاثا إذا أصبح أمن من الحرق والغرق والشرق حتى يمسي ، و من قالها ثلاثا إذا أمسى أمن من الحرق والغرق والشرق حتى يصبح ، وإن الخضر و إلياس عليهما‌السلام يلتقيان في كل موسم فإذا تفرقا عن هذه الكلمات.(٦)

٦ ـ ص : الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق ، عن عمار ، عن الصادق عليه‌السلام قال : كان في زمان بني إسرائيل رجل يسمى إليا(٧)

_________________

(١) حاصل الجواب انه صلى الله عليه وآله لم يكن يظهر ما يعلمه دائما ، فانه كان في بعض الاحيان يكتم أمورا لم يكن في إظهارها مصلحة للامة. أو لم يكن يقتضيها مصلحة الظرف والوقت.

(٢) أى الرجل المعتجر.

(٣) في نسخة : ولى به جهالة. وفى المصدر : وبى منه جهالة.

(٤) اصول الكافى ١ : ٢٤٢ ـ ٢٤٤ و ٢٤٧ راجع فهرست النجاشى ترجمة الحسن بن العباس فان للنجاشى كلاما في الحديث.

(٥) الشرق : الشق. وفى المصدر : السرق. من السرقة.

(٦) تفسير الامام : ٦.

(٧) عد اليعقوبى في تاريخه رؤساء الاسباط وعدد المرؤوسين ، وعد منهم الباب بن حيلون وقال : وعدد من معه سبعة وخمسون ألفا وأربع مائة رجل. فيحتمل اتحادهما وأن أحدهما مصحف أو كما يأتى من المصنف اتحاده مع الياس.

٣٩٩

رئيس على أربع مائة من بني إسرائيل ، وكان ملك بني إسرائيل هوي امرأة من قوم يعبدون الاصنام من غير بني إسرائيل فخطبها ، فقالت : على أن أحمل الصنم فأعبده في بلدتك ، فأبى عليها ثم عاودها مرة بعد مرة حتى صار إلى ما أرادت فحولها إليه ومعها صنم ، وجاء معها ثمان مائة رجل يعبدونه ، فجاء إليا إلى الملك فقال : ملكك الله ومد لك في العمر فطغيت وبغيت! فلم يلتفت إليه فدعا الله إليا أن لا يسقيهم قطرة ، فنالهم قحط شديد ثاث سنين حتى ذبحوا دوابهم فلم يبق لهم من الدواب إلا برذون يركبه الملك ، وآخر يركبه الوزير ، وكان قد استتر عند الوزير أصحاب إليا يطعمهم في سرب ، فأوحى الله تعالى جل ذكره إلى إليا : تعرض للملك فإني اريد أن أتوب عليه ، فأتاه فقال : يا إليا ما صنعت بنا؟ قتلت بني إسرائيل ، فقال إليا : تطيعني فيما آمرك به؟ فأخذ عليه العهد ، فأخرج أصحابه وتقربوا إلى الله تعالى بثورين ، ثم دعا بالمرأة فذبحها وأحرق الصنم وتاب الملك توبة حسنة حتى لبس الشعر وارسل إليه المطر والخصب.(١)

٧ ـ ير : محمد بن الحسين ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن موسى النميري قال : جئت إلى باب أبي جعفر عليه‌السلام لاستأذن عليه ، فسمعنا صوتا حزينا يقرء بالعبرانية ، فبكينا حيث سمعنا الصوت ، وظننا أنه بعث إلى رجل من أهل الكتاب يستقرئه ، فأذن لنا فدخلنا عليه فلم نر عنده أحدا ، فقلنا : أصلحك الله سمعنا صوتا بالعبرانية فظننا أنك بعثت إلى رجل من أهل الكتاب تستقرئه ، قال : لا ، ولكن ذكرت مناجاة إليا لربه فبكيت من ذلك ، قال : قلنا : وما كان مناجاته جعلني الله فداك؟ قال : جعل يقول : يا رب أتراك معذبي بعد طول قيامي لك؟ أتراك معذبي بعد طول صلاتي لك » وجعل يعدد أعماله ، فأوحى الله إليه : إني لست اعذبك ، قال : فقال : يا رب وما يمنعك أن تقول لا بعد نعم وأنا عبدك وفي قبضتك؟ قال : فأوحى الله إليه : إني إذا قلت قولا وفيت به.(٢)

بيان : لا يبعد اتحاد إلياس وإليا لتشابه الاسمين والقصص المشتملة عليهما.

_________________

(١) قصص الانبياء مخطوط.

(٢) بصائر الدرجات : ٩٩.

٤٠٠