وأقول :
سبق هناك بيان ما في دعوى الاتّفاق على وقوع التكليف بما لا يطاق في المرتبة الأولى.
وحقّقنا أنّا لا نجوّزه بالمراتب كلّها ، وأنّهم يجوّزونه فيها جميعا.
وأوضحنا المقام في تكليف أبي لهب بالإيمان.
وذكرنا أنّ الله سبحانه لم يكلّف عندهم إلّا بما لا يطاق ؛ لأنّ أفعال العباد مخلوقة له ولا أثر للعبد فيها ، فكلّها لا تطاق للعبد ولا ممّا يسعه (١) ، ومع ذلك قد كلّفه الله سبحانه بها ، فيكون قوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها ) (٢) كاذبا على مذهبهم ، كما ذكره المصنّف ولم يجهله الخصم ، ولكنّه قصد بتكذيب المصنّف وإساءة الأدب معه والتجاهل بمذهبه ، التمويه وتلبيس الحقيقة.
* * *
__________________
(١) تقدّم في الصفحة ١٠١ ـ ١٠٤ من هذا الجزء.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٨٦.