بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بمعجزات النبي والائمة عليهم‌السلام وكثير من أحكام الشريعة ، فيقطع على أنه مستدل عليه ، وهذا أصح. والادلة في أن الاول فعل الله أو فعل العباد قائمة كافية ، وإذا كان كذلك وجب التوقف ، وتجويز كل واحد منهما.

والخبر إذا لم يكن ما يجب وقوع العلم عنده ، واشتراك العقلاء فيه ، وجاز وقوع الشبهة عليه ، فهو أيضا صحيح على وجه ، وهو أن يرويه جماعة قد بلغت من الكثرة إلى حد لا يصح معه أن يتفق فيها ، وأن يعلم مضافا إلى ذلك أنه لم يجمعهم على الكذب جامع كالتواطئ أو ما يقوم مقامه ، ويعلم أيضا أن اللبس والشبهة زائلان عمار خبروا عنه.

هذا إذا كانت الجماعة تخبر بلا واسطة عن المخبر ، فان كان بينهما واسطة وجب اعتبار هذه الشروط في جميع من خبرت عنه من الجماعات حتى يقع الانتهاء إلى نفس المخبر ، وإذا صحت هذه الجملة في صحة الخبر الذي لابد أن يكون المخبر صادقا من طريق الاستدلال بنينا عليها صحة المعجزات وغيرها من أحكام الشرع.

فصل : وقد ذكرنا من قبل أنهم كثيرا ما يوردون السؤال علينا ، ويقولون : قد جاء في العالم حجر يجذب الحديد إلى نفسه ، فلم يجب اتباع من يجذب الشجر إلى نفسه ، كذلك ، إذ لا نأمن أن يكون معه شئ مما يفعل به ذلك ، ويؤكدون قولهم بأن المقرين لمعجزات الرسل لم يمتنحوا قوى الخلق ، ولم يعرفوا نهايته ولم يقعوا على طبائع العالم ، وكيف يستعان بها على الافعال ، ولم يحيطوا علما بأكثرهم ، ولم يأتهم في مظانهم ، ولا امتحنوا قواهم ، ومبالغ حيلهم ، ومخرقة أصحاب الخفة ، وأشكالهم.

الجواب عنه أن يقال : قد لزم النفس العلم لزوما لا يقدر على دفعه ، بأن ما ذكروا ليس في العالم ، كما لزمها العلم بأن ليس في العالم حجر إدا أمسكه الانسان عاش أبدا ، وإذا وضعه على الموات عاد حيوانا ، وإذا وضعه على العين العميا عادت صحيحة ، ولافيه ما يرد الرجل المقطوعة ، ولا ما به يزال الزمانة

١٦١

الحالة ، ولا فيه شئ يجتذب به الشمس والقمر من أما كنهما.

فلما لزم النفس على ما ذكرنا كذلك لزوم العلم للنفس بأن ليس في العالم حجر يجذب الشجر من أماكنها ، ويشق به البحور ، ويحيى به الاموات.

وأيضا فان حجر المقناطيس لما كان موجودا في العالم ، طلب دون الحاجة إليه حتى بدروا عليه ، لما فيه من الاعجوبة وخاصة لا رادة التلبث به ، واستخراج نصل السهم من البدن بذلك ، فلو كان فيه حجر أو شئ يجذب الشجر ، فانه كان أعز من حجر المقناطيس ، وكان سبيله سبيل الجواهر وغيرها ، لا يخفى على من في العالم خبرها.

كالجوهر الذي يقال له : الكبريت الاحمر ، ولعزته ضرب به المثل فقيل : أعز من الكبريت الاحمر ، وكانت الملوك أقدر على هذا الحجر ، كما هم أقدر على ما عز من الادوية وغيرها من الاشياء العزيزة ، فلما لم يكن من هذا أثر عندهم ولا خبر لكونه ، بطل أن يكون له كون أو وجود ، ولو كان ، كيف كان الرسل وأوصياؤهم عليه ، مع فقرهم وعجزهم في الدنيا وما فيها ، ويكون معروف المنشأ ولم يغب عنهم طويلا.

فصل : ثم إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما دعا الشجرة ، وكذا وصي من أوصيائه ، ردها إلى مكانها ، فان جذبها شئ وردها لا شئ ، كان ردها آية عظيمة ، وإن كان شئ كان معه فذلك محال ، من قبل أن ذلك الشئ يضاد ما جذبها ، فاذا كان الجذب به فامساكها وردها لم يجب أن يكون به ، أو معه فلا يرده ، لانه يوجب أن تكون مقبلة مدبرة ، وذلك محال.

ولأن الحجر لو كان فيه ما ذكروا ، لكان فيه آية له ، لانه ليس في العالم مثله ، فهو خارج عن العرف كخروج مجئ الشجرة بدعائه ، وقد أنبع الله لموسى من الحجر الماء فانبجست من الحجر اثنتا عشرة عينا ، لكل سبط عين ، والحجارة يتفجر منها الانهار ، فلما كان حجر موسى خارجا عن عادات الناس ، كان دليلا على نبوته ، وليس في الحجر ما يمكن به نقل الجبال والمدن.

١٦٢

وأما قولهم إن المقرين بمعجزات الرسل لم يمتحنوا قوى الخلق إلى آخر الكلام ، إنه يقال لهم : ولم يمتحن أحد من الجاحدين للرسل طبايع العالم ولا عرفوا ما فيه فيعلموا أن جميع حيوانه يموت لعل حيوانا لا يموت ، يبقى على الدهر أبدا لا يتغير ، ولعل في العالم نارا لا تحرق إذا لوكان لم يمتحن قوى العالم ولا أحاط علمنا بخواصه وسرائره ، لزمه قلب أكثر الحقائق وبطلانها.

باب في مقالات المنكرين للنبوات والامامة عن قبل الله وجواباتها وبطلانها :

اعلم أن المنكرين للنبوات فرقتان : ملحدة ودهرية ، وموحدة البراهمة والفلاسفة عندنا من جملة الدهرية والملحدة أيضا ، وقد اجتمعوا على إبطال النبوات ، وإنكار المعجزات ، وإحالتها تصريحا وتلويحا ، وزعمت أن تصحيح أمرها يؤدي إلى نقض وجوب الطبايع ، وقد استقر أمرها على وجه لا يصح انتقاضها ، وكلهم يطعنون في معجزات الانبياء وأوصيائهم ، حتى قالوا : في القرآن تناقض وأخبار زعموا مخبراتها على اختلافها.

منها قوله : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) (١) ثم وجدنا كم تقولون أن يحيى بن زكريا قتله ملك من الملوك ، ونشر رأس والده زكريا بالمنشار ، معما لا يحصى من الخلق من المؤمنين الذين قتلهم الكفار.

وفي القرآن أيضا ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) (٢) وقد ينكح كثير فيبقى فقيرا أو يزداد فقره ، وقد قال لنبيه : ( والله يعصمك من الناس ) (٣) ثم وجدنا كسرت رباعيته وشج رأسه.

وفيه أيضا ( ادعوني أستجب لكم ) (٤) وإن الخلق يدعونه دائما فلا يجيبهم وفي القرآن ( فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) (٥) وهذا دليل على

____________________

(١) النساء : ١٤١.

(٢) النور : ٣٢.

(٣) المائدة : ٦٧.

(٤) غافر : ٦٠.

(٥) النحل : ٤٣ ، الانبياء : ٧.

١٦٣

أن محمدا لم يكن واثقا بما عنده ، لانه ردهم إلى قوم شهد عليهم بكتمان الحق وقول الباطل ، وهم عنده غير ثقات في الدعوى والخبر.

فصل : الجواب عما ذكروه أولا أن تأويل ماحكيتم على خلاف ما توهمتم لان الذي نفاه من كون سبيل الكفار على المؤمنين إنما هو من طريق قيام الحجة منهم على المسلمين في دينهم ، في إقامة دليل على فساد دينهم ، لم يرد بذلك المؤالبة والمغالبة ، وهو معنى قوله : ( ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) (١) أي بالدلالة والحجة ، لا بالمغالبة والعزة ، ويحيى بن زكريا لما قتل كانت حجته ثابتة على من قتله ، وكان هو الظاهر عليه بحقه وإن كان في ظاهر أمر الدنيا مغلوبا ، فاذا قهر بحق لم يدل ذلك على بطلان أمره ، وفساد طريقه.

وأما قوله : ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) ففيه جوابان : أحدهما أنه أراد إن كانوا فقراء إلى الجماع استغنوا بالنكاح ، والثاني أنه خرج على الاغلب من أحوالهم ، وقد قال تعالى بعد ما تزوج محمد عليه‌السلام خديجة : ( ووجدك عائلا فأغنى ) (٢) أي أغناك بمالها.

وأما قوله : ( والله يعصمك من الناس ) فالمعنى أنه يعصمك من قتلهم إياك.

وقوله : ( ادعوني أستجب لكم ) فيه أجوبة أحدها أن فيه إضمارا أي إن رأيت لكم مصلحة في الدين ، وقد صرح به في قوله : ( فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ) (٣).

والثاني أن الدعاء هو العبادة أي اعبدوني بالتوحيد آجركم عليه ، يدل على ذلك قوله : ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي ).

والثالث أن يكون اللفظ عموما والمراد به الخصوص ، وهذا في العرف كثير.

وأما قوله : ( فاسئلوا أهل الذكر ) فان الله لما احتج لنبيه بالبراهين

____________________

(١) براءة : ٣٣.

(٢) الضحى : ٧.

(٣) الانعام : ٤١.

١٦٤

المعجزة ، ورأى فريقا ممن حسده على نعمة الله عنده من عشيرته يميلون إلى أهل الكتاب ، ويعد لونهم عليه وعلى أنفسهم ، ويعتمدون في الاحتجاج لباطلهم على جحدهم إياه ، أراد أن يدلهم على صدقه باقرار عدوه ، ومن أعظم استدلالا من الذي استشهد عدوه ، ويحتج باقراره له ، وانقياده إياه ، ثم إن في التوراة والانجيل صفات محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وكل من أنصف منهم شهد له بذلك.

فصل : وقالوا : كيف يدعون أن كل أخبار محمد عن الغيب وقع صدقا وعدلا ، وقد وجدنا بعضها بخلافه ، لان محمدا قال : ( إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ) وقد وجدنا بعده قياصر كثيرة ، وأملاكهم ثابته ، وقال : ( شهرا عيد لا ينقصان ) وقد وجدنا الامر بخلاف ذلك كثيرا ، وقد قال : « ما ينقص مال من صدقة » وقد وجدنا نقص حسابها.

وقال : إن يوسف اعطي نصف حسن آدم ، ثم قال الله في قصة إخوته لما دخلوا عليه : ( فعرفهم وهم له منكرون ) (١) ومن كان في حسنه ثابتا بهذه البينونة العظمى ، كيف يخفى أمره ، وفي كتابكم أن عيسى ما قتل وما صلب ، وقد اجتمعت اليهود والنصارى على أنه قتل وصلب.

وفي كتابكم ( وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ) (٢) وقال نبيكم : إن في نسائكم أربع نبيات ، وفي كتابكم ( قال فرعون ياهامان ابن لي صرحا ) (٣) وكان فرعون قتل هامان بزمان طويل ، وفي كتابكم ( وما علمناه الشعر ) (٤) والشعر كلام موزون ، ونحن نجد في القرآن كلاما موزونا ، وهو الشعر في غير موضع ، فمنه ( وجفان كالجواب * وقدور راسيات ) (٥) ووزنه عند العروضيين :

فاعلاتن فاعلاتن

فاعلاتن فاعلاتن

____________________

(١) يوسف : ٥٨.

(٢) الانبياء : ٧ ، النحل : ٤٣.

(٣) غافر : ٣٦.

(٤) يس : ٦٩.

(٥) سبأ : ١٣.

١٦٥

ومنه قوله : ( ويخزهم وينصركم عليهم * ويشف صدور قوم مؤمنين ) (١) ووزنه قول الشاعر :

ألا حييت عنا ياردينا

نحييها وإن كرمت علينا

ومنه قوله : ( مسلمات مؤمنات قانتات * تائبات عابدات سائحات ) (٢) ورنه :

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

قالوا : ومنه موجود في كلام نبيكم معما روي أنه قال : ما ابالي مما أتيت إن أنا سويت ترياقا أو علفت بهيمة. وقال : الشعر من قبل نفسي ، ثم قال يوم حنين : ( أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبدالمطلب ) وقال يوم الخندق لما قال الانصاري :

نحن الذين بايعوا محمدا

( على الجهاد ما بغينا أبدا )

وقال أيضا :

غير الا له قط ما ندينا

ولو عبدنا غيره شقينا

[ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله ] ( فحبذا دينا وحب دينا )

وقال لما دميت أصبعه : هل أنت إلا أصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت.

فصل : الجواب عما قالوه أولا فهو من أدل الاعلام على صدقه ، فيما أخبر به عن الغيوب ، وذلك أنه لما أرسل إلى كسرى وهو ممزق كتابه عليه‌السلام قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مزق الله مملكته كما مزق كتابي ) فوقع ذلك كما دعا وأخبر به ولما كتب إلى قيصر لم يمزق كتابه قال : ثبت الله مملكته ، وكان يغلب على الشام وكان النبي خبرا بفتحها له فمعنى قله : ( ولا قيصر بعده ) يعني في كل أرض الشام.

وأما قوله : ( شهرا عيد لاينقصان ) ففيه أجوبة أحدها أن خرج على سنة بعينها أشار إليها ، وكان كذلك ، وهذا كما قال : ( يوم صومكم يوم نحركم ) لسنة بعينها ، وكما قال : ( الجالس في وسط القوم ملعون ) أشار إلى واحد كان يستمع الاخبار من وسط الحلقة ، والثاني أنهما لا ينقصان على الاجماع غالبا بل يكون أحدهما ناقصا والاخر تاما ، والثالث أن يكون معناه لا ينقص أجر من صامهما ، وإن كان في العدد نقصان ، لان الشهر الهلالي ربما كمل وربما نقص ، وعلى أي هذه

____________________

(١) براءة : ١٤.

(٢) التحريم : ٥.

١٦٦

الوجوه حملته لم يكن في خبره خلف ولا كذب.

وأما خبر الزكاة فهو كقوله في خبر آخر : ( أمتعوا أموال اليتامى لا يأكلها الزكاة ) فلان من تصرف فيه بالتجارة استفاد من ثوابه أكثر مما تصدق به وكأنه لم ينقص من المال شيئا ، ثم إن المال الذي يزكى منه يكون له بركة.

فأما تأويل خبر يوسف بعد قيل : أن الله أعطى يوسف نصف حسن آدم ، فلم يقع فيه التفاوت الشديد ، وقد كانوا فارقوه طفلا ورأوه كهلا ودفعوه أسيرا ذليلا وروأه ملكا عزيزا ، وبأقل هذه المدة ، واختلاف هذه الاحوال ، تتغير فيها الخلق ، وتختلف المناظر ، فما فيه تناقض.

على أن الله ربما يرى لمصالح تعمية شئ على إنسان فيعرفه جملة ولا يعلمه تفصيلا ويحتمل أن يكون بمعنى قوله : ( وهم له منكرون ) أي مظهرون لانكاره عارفون به.

وأما ما قالوا من قتل عيسى وصلبه ، قال نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله حين أخبر : أنه شبه عليهم ، ورأى القوم أنه قتل وصلب ، فقد جمعنا بين جزئين لان إسقاط أحدهما لا يصح ، واستعمالهما ممكن ، وهو أن نقلهم عن مشاهدة صلب مصلوب يشبه عيسى صحيح لاخلف فيه ، ولكن لما كان الصادق أخبرنا أن الذي رأوه كان جسما القي عليه شبه عيسى ، فقلنا نجمع بين تواترهم وخبر نبينا ، قد قامت دلالة صحتها فنقول : إن ما فعلوا عن مشاهدة الجسم الذي كان في صورة المسيح مصلوبا صحيح ، فأما أنهم ظنوا أنه المسيح ، وقد كان رجلا القي عليه شبه المسيح فلا ، لاجل خبر الصادق به ، على أن خبر النصارى يرجع إلى أربع نفر لا عصمة لهم.

وأما قوله : ( إن في نسائكم أربع نبيات ) وأنه تناقض قوله : ( وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ) فان معنى النبي غير الرسول ، فيجوز أن يكون نبيات غير مرسلات ، وقيل : المراد به سارة واخت موسى ومريم وآسية ، بعثهن الله لولادة البتول فاطمة إلى خديجة ليلين أمرها.

وأما هامان فلا ينكر أن يكون من اسمه هامان قبل فرعون ، وفي وقته

١٦٧

من يسمى بذلك.

والجواب عما ذكره ، خبر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعاف قول الشعر قد أمره الله تعالى بذلك لئلا يتوهم الكفار أن القرآن من قبله ، وليخلص قلبه ولسانه للقرآن ، ويصون الوحي عن صنعة الشعر ، لان المشركين كانوا يقولون في القرآن أنه شعر ، وهم يعلمون أنه ليس بشعر ، ولو كان معروفا بصنعة الشعر لنقموا عليه بذلك ، وعابوه ، وقد سئل أبوعبيدة عن ذلك فقال : هو كلام وافق وزنه وزن الشعر إلا أنه لم يقصد به الشعر ، ولا قار به بأمثاله ، والقليل من الكلام مما يتزن بوزن الشعر ، وروي ( أنا النبي لا كذب ) ( وهل أنت إلا أصبع دميت ) فقد اخرج عن وزن الشعر.

فصل : وربما قالوا : إذا كان أخبار المنجمين والكهنة قد تتفق مخبراتها كما أخبروا ، كذلك أخبار الانبياء والاوصياء ، فبما ذا يعرف الفرق بينهما؟

الجواب أن أخبار الانبياء والاوصياء وأوصياؤهم إنما كانت متعلقة مخبراتها على التفصيل دون الجملة ، من غير أن يكون قد اطلع عليها بتكلف معالجة واستعانة عليه بآلة وأداة ، ولا حدس ولا تخمين ، فيتفق في جميع ذلك أن يكون مخبراتها على حسب ما تعلق به الخبر ، من غير أن يقع به خلف أو كذب في شئ منها ، فأما أخبار المنجمين فانه يقع بحساب ، وبالنظر في كل طالع بحدس وتخمين ، ثم قد يتفق في بعضها الاصابة دون بعض ، كما يتفق إصابة أصحاب الفأل والزوج والفرد ، من غير أن يكون ذلك على أصل معتمد ، وأمر موثق به ، فاذا وقعت الاخبار منهم على هذا ، لم يوجب العلم ، ولم يكن معتمدا ، ولا علما معجزا ، ولا دالة على صدقهم ، ومتى كان على هذا الوجه الذي أصاب في الكل ، كان علما معجزا ودلالة قاطعة ، لان العادات لم تجر بأن يجري المخبر عن الغايبات فيتفق ويكون جميعها على ما أخبر به على التفصيل ، من غير أن تقع في شئ منها خلف أو كذب فمتى وقعت المخبرات كذلك كان دليل الصدق ، ناقضا للعادات ، فدلنا ذلك على أنه من عندالله خصه بعلمه ، ليجعله علما على نبوته ، وكذلك ما يظهر على يد وصي

١٦٨

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يكون شاهدا لصدقه ، فعلى هذا يكون أخبار النبي والائمة عن الغايبات أعلاما لصدقهم.

فصل : ومعنى الغيب ما غاب عن الحس ، أو ما غاب علمه عن النفس ، ولا يمكن الوصول إليه إلا بخبر الصادق الذي يعلم الغيوب ، وليس كل ما غاب عن الحس لا يمكن الوصول إلى علمه إلا بجبرئيل ، لان منه ما يعلم بالاستدلال عليه بما شوهد وما هو مبني على ما شوهد ، والنوع الذي كان الخبر عنه حجة مما لا دليل عليه من الشاهد ، وكذلك ، كان معجزا.

فان قيل : ما أنكرتم أن لا يدل خبره عن الغايبات على صدقه لان قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) حكم عليه بالخسران ، ولو آمن كان له أن يقول : إنما أردت أن يكون ذلك حكمه إن لم يؤمن كقوله : ( ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ) فان المراد منه إذا مات عليه ، ولم يقل إن أبا لهب يموت على كفره وكان ذلك. وعيدا له كما لسائر الكفار.

الجواب أن قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) يفارق لما ذكرتم ، لانه خبر عن وقوع العذاب به لا محالة ، وليس هذا من الوعيد الذي يفرق بالشريطة ، يدل عليه ( سيصلى نارا ذات لهب ) من حيث قطع على دخوله النار لا محالة ، فلما مات على كفره ، كان ذلك دليلا على نبوته.

فان قيل : إخباره عن خسران أبي لهب كان على حسب ما رأى من خسران الشرك جرت به العادة في أمثاله قلنا : كون خسرانه منه لا تدل على أن يغفل عنه إلى غيره.

ثم إن المنجم يخبر بما خبر ، حتى يقع واحد على ما قال صدقا ، وقد أخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نيفا وعشرين سنة ، وكان جميع ما أخبر به صدقا ، وأخبر عن ضماير قوم ، وكان كما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله.

باب آخر في مقالهم والكلام عليها في مقالات من يقول بصحة النبوة منهم على الظاهر ومن لا يقول ، والكلام عليها ، ومن الفلاسفة من يقال لمحاصلة أهل الاسلام أن الطريق إلى معرفة صدق المدعي للنبوة هو أن يعلم أن ما أتى به مطابق لما

١٦٩

يصلحون به في دنياهم ، ولاغراضهم التي بسببها يحتاجون إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يشترطوا ظهور معجزة عليه ، وذكر بعضهم أن ظهور المعجز عليه لا يوصل إلى العلم اليقيني أنه صادق لانه يظن في المعجز أنه سحر ، وأنه حيلة نحو انشقاق القمر فأما إذا علم مطابقة ما أتى به لمصالحهم الدنيا وية فهو طريق العوام والمتكلمين.

وأما العلم بمطابقة شرعه للمصالح الدنيا وية فهو طريقة المحققين ، وقد حكي عنهم أنهم قالوا إن صدق المدعي لصنعة من الصنايع إنما تظهر إذا أتى بتلك الصنعة التي ادعى العلم بها ، ومثله على الناقل بمن ادعى حفظ القرآن ثم قرء ، وادعى آخر حفظ القرآن فاذا قيل له : ما دليلك على أنك تحفظ القرآن قال دليلي أني اقلب العصاحية وأشق القمر نصفين ثم فعلهما ، ومن ادعى حفظ القرآن فاذا قيل له ما دليلك على حفظك له قرأ كله فان علمنا بحفظ هذا القرآن يكون أقوى من علمنا بحفظ الثاني للقرآن ، لانه يشتبه الحال في معجزاته ، فيظن أنه من باب السحر أو أنه طلسم ، ولا تدخل الشبهة في حفظ القاري للقرآن.

فصل : فيقال لهؤلاء : وبماذا علمتم مطابقة ما أتى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الشرايع للمصالح ، ونعرض الكلام في شريعة نبينا عليه‌السلام لانكم ونحن نصدقه في النبوة وصحة شرعه ، بطريقة عقليه علمتم المطابقة أم بطريقه سمعية؟ فان قالوا : بطريقة عقليه قيل لهم إن من جملة ما أتى به من الشرائع وجوب الصلوات الخمس ، وصوم شهر رمضان ، ووجوب أفعال الحج فما تلك الطريقة التي علمتم بها بمطابقتها للمصلحة أظفر تم بجهة وجوب لها في العقل وحمكتم لذلك بوجوبها أم ظفر تم بحكم في العقل يدل على وجوبها نحو أن تقول علمنا من جهة العقل أن من لم يصل هذه الصلوات بشروطها في أوقاتها فانه يستحق الذم من العقلاء ، كما يستحق الذم من لم يرد الوديعة على صاحبها ، بعد ما طولب بردها ولا عذر له في الامتناع عن ذلك.

والقول به باطل لانا لانجد في عقول العقلاء العلم بجهة وجوب شهر رمضان دون العيدين وأيام التشريق على وجه لا يجوز ولا لصلاة الظهر على شروطها بعد الزوال جهة

١٧٠

يقتضي وجوبها في ذلك الوقت دون ما قبله ، وقد قالوا إن في أفعال الحج مثل أفعال المجانين ، وقالوا في وجوب غسل الجنابة أنه مشقة وشبهوه بمن نجس طرف من أطراف ثوبه فوجب غسل كله فانه يعد سفها.

وقالوا في المحرمات الشرعية كشرب الخمر أو الزناء أنه ظلم ، إلى غير ذلك مما يقوله القائلون بالاباحة وغيرها ، كيف يمكن أن يدعى أن يمكن الوصول إلى معرفة وجوبها أو قبحها بطريقة عقلية ، فلا يمكن أن يعرف تلك المصالح بقول النبي إلا بعد العلم بصدقه من جهة المعجز ، فصح أنه لا طريق إلى العلم بذلك إلا من جهة المعجز.

فصل : وأما تشبيههم ذلك بمن ادعى حفظ القرآن أو صنعة من الصنايع الدنيوية إذا أتى بها على الوجه الذي حفظ غيره أو علم تلك الصناعة ، فليس بنظير مسئلتنا لان ذلك من جملة المعرفة بالمشاهدات ، لان بالمشاهدة تعلم الصنعة بعد وقوعها على ترتيب وإحكام ، ومطابقته لما سبق من العلم بذلك الصنعة ، والحفظ لذلك المقرو ، وليس كذلك ما أتى به النبي لانه لا طريق إلى المعرفة بكونه مصلحة في أوقاتها ، دون ما قبلها وما بعدها ، وفي مكان دون مكان ، وعلى شرائطها دون تلك الشرايط لا بمشاهدة ولا طريقة عقلية ، ألا ترى أن المخالفين من القائلين بالمعقولات المنكرين للنبوات والشرائع ، لما لم ينظروا في الطريقة التي سلكها المسلمون ، في تصديق الرسل ، من النظر في المعجزات ، دفعوا النبوة والقول بالشرائع ، لما لم يجدوا طريقة عقلية إلى معرفة شرائعهم ، ومطابقتها للمصالح الدنياوية.

فصل : وقولهم : المعرفة بصدقهم من جهة المعجزات معرفة غير يقينية لانه يجوز أن يكون فيها من باب السحر ، فيقال لهم : جوزتم في المعجزات أن يكون من باب السحر ، ولا يحصل لكم العلم اليقيني بصدق النبي ، فجوزوا فيمن قرأ القرآن أنه ساحر ، وفي كل صنعة من الصنائع أن صانعها ساحر لايحكمها.

لكنه يرى السحرة أنه أحكمها ، وفي ذلك سد الطريق عليكم إلى معرفة صدق

١٧١

النبي ، وهذا لا يستقيم على اصولكم ، لانكم تقولون بصحة السحرو أن الساحر بفضل علومه يتمكن من إحداث ما لا يقدر عليه بشر مثله ، وقلتم إن هذا السحر هو علم قد كان ثم انقطع باحراق المسلمين كتب الاكاسرة التي صنفها الفلاسفة في علم السحر ، فمن يقول منكم بصحة النبوة هو أولى بأن يقول : إن الساحر نبي من الانبياء.

على أن قوله : من بلغ في علومه إلى أن يتمكن مما لا يتمكن عنه بشر مثله فانه يتمكن بفضل علومه أن يضع شرائع وسننا مطابقة لمصالح الناس يصلح بها دنياهم إذا قبلوا منهم ، فعلى هذا إذا أتى النبي بمعجزوجب القول بصدقه ، وحصول اليقين بنبوته.

فصل : قالوا علمنا بهذه الشرعيات ، واستعلمنا هذه العبادات ، فوجدناها راجعة إلى رياضة النفس ، والتنزه عن رذايل الاخلاق ، وداعية إلى محاسنها.

وإلى هذا أشار بعضهم فقال : إذا فهمت معنى النبوة فأكثر النظر في القرآن والاخبار يحصل لك العلم الضروري بكون محمد على أعلى درجات النبوة واعضد ذلك بتجربة ما قاله في العبادات ، وتأثيرها في تصفية القلوب ، وكيف صدق فيما قال : من عمل بما علم ورثه الله علم مالم يعلم ، وفي قوله : من أعان ظالما سلطه الله عليه ، وفي قوله : ن أصبح وهمه هم واحد (١) كفاه الله هموم الدنيا والاخرة قالوا : إذا جربت هذا في ألف وآلاف حصل لك علم ضروري لايتمارى فيه ، فمن هذا الطريق يطلب اليقين بالنبوة ، لا من قلب العصاحية ، وشق القمر ، هذا هو الايمان القوى العلمي والذي كالمشاهدة والاخذ تأكيد ولا يوجد إلا في طريق التصوف.

فصل : فيقال لهم إن من اعتقد في طريقة أنها حق ودين وزهد في الدنيا ، ورغبة في الاخرة ، وراض نفسه وسلك الطريق واستعمل نفسه بما يعتقده عبادات في ذلك التدين ، فانه يجد لنفسه تميزا ممن ليس في حاله من الاجتهاد

____________________

(١) يعنى هم الدين.

١٧٢

في ذلك التدين وعباداته واعتقاده في حقية ذلك التدين حقا كان ذلك أو باطلا فرهبان النصارى وأحبار اليهود يجتهدون في كفرهم الذي يعتقدونه حقا فيجدون لانفسهم تمييزا على عوامهم ومتبعيهم ، ويدعون لانفسهم صفاء القلوب والنسك والزهد في الدنيا ، وكذا عباد الاوثان إذا اجتهدوا في عباداتها ، فانهم يجدون أنفسهم خائفة مستحية من أوثانهم إذا تقدموا على ما يعتقدونه معصية لها.

ولهذا حكي عن الصابئين المعتقدين عبادة النجوم لا عتقادهم أنها المدبرة للعالم أنهم نحتوا على صورها أصناما ليعبد ونها بالنهار ، إذا خفيت تلك النجوم ، ويستقبحون أن يقدموا على رذايل الافعال ، ولم يزل ما يجدونه في أنفسهم على ما ذهبوا إليه في تدينهم أنه حق ، وكذا ما ذكر هؤلاء من العمل بشرايع نبينا لا عتقادهم في صدقه من دون نظر في معجزاته.

فصل : قالوا : حقيقة المعجز هو أن يؤثر نفس الشئ في هيولى العالم فيغير صورة بعض إخوانه إلى صورة اخرى ، بخلاف تأثيرات سائر النفوس ، وإذا كان هذا هو المعجز عندهم ، لزم أن يكون العلم به يقينيا وأن يعلم أن صاحب تلك النفس هو نبي ، فبطل قولهم إن العلم بالمعجز غير يقينى ، وأما على قول المسلمين فهذا ساقط لان للمعجز شروطا عندهم ، متى عرفت كانت معجزة صحيحة دالة على صدق المدعي ، منها أنها ليست من جنس السحر ، لان السحر عندهم تمويه وتلبيس يري الساحر ويخفي وجه الحيلة فيه ، فهو يري أنه يذبح الحيوان ثم يحييه بعد الذبح ، وهو لا يذبحه بل لخفة حركات اليدين به ولا يفعله ، ومن لم يعلم أن المعجزة ليست من ذلك الجنس لم يعلمها معجزة.

فصل : ثم اعلم أن بين المعجزة والمخرقة والشعوذة والحيل التي تبقى فروقا ، ما يوصل إلى العلم بها بالنظر والاستدلال في ذلك إلا أن يوقف أولا على ما يصح مقدورا للبشر ومالا يصح ، وأن يعلم أن العادة كيف جرت في مقدورات البشر ، وعلى أي وجه يقع أفعالهم ، وأن ما يصح أن يقدروا عليه من أي نوح

١٧٣

يجب أن يكون ، وكيف يكون حالهم إذا خرجوا من القدرة عليه ، وهل يصح أن يعجز البشر عما يصح أن يقدروا عليه ، وينظر فيما يمكن أن يتوصل إليه بالحيلة ، وخفة اليد ، ويعلم ما السبب المؤدي إليه وما لا يمكن ذلك فيه.

فمن ذا أحاط علمه بهذه المقدورات عرف حينئذ ما يظهر من المعجزة عليهم فيفصل بين حالها وبين ما يجي مجرى الشعوذة والمخرقة ، كالعجل الذي صاغه السامري من ذهب لبس به على الناس ، فكانت له صوت وخوار ، إذ احتال بادخال الريح فيه من مداخله ومجاريه ، كما نقل هذه للالات التي تصوت بالحيل أو صندوق الساعات ، أو طاس الفصد الذي بعلم به مقدار الدم ، وإنما أضاف مقال الصوت إليه لانه كان محله دخول الريح في جوفه.

فصل : واعلم أن الفلاسفة أخذوا اصول الاسلام ثم أخرجوها على آرائهم فقالوا في الشرع والنبي : إنما اريدا كلاهما لا صلاح الدنيا ، فالانبياء يدبرون للعوام في مصالح دنياهم ، والشرعيات تهذب أخلاقهم ، لا أن الشارع والدين كما يقول المسلمون ، من أن النبي يراد لتعريف مصالح الدين تفصيلا ، وإن الشرعيات ألطاف في التكليف العقلي ، فهم يوافقون المسلمين في الظاهر ، وإلا فكل ما يذهبون إليه هدم للاسلام ، وإطفاء لنور شرعه ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون (١).

____________________

(١) راجع مختار الخرائج ص ٢٦٧ ٢٧٤ ، ولنا في هذا الباب كلام في المقدمة راجعه.

١٧٤

١٦

* ( باب ) *

* ( ( المسافة بالقرآن إلى أرض العدو ) ) *

١ ـ ما : ابن مخلد ، عن عمر بن الحسن الشيباني ، عن محمد بن شداد المسمعي عن يحيى بن سعيد القطان ، عن عبدالله بن عمر [ و ] عن نافع ، عن ابن عمر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو (١).

١٧

* ( باب ) *

* ( ( الحلف بالقرآن ، وفيه النهى عن الحلف بغير الله تعالى ) ) *

١ ـ لى : في مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى أن يحلف الرجل بغير الله ، وقال : من حلف بغير الله فليس من الله في شئ ، ونهى أن يحلف الرجل بسورة من كتاب الله ، وقال : من حلف بسورة من كتاب الله فعليه بكل آية منها يمين ، فمن شاءبر ، ومن شاء فجر (٢).

١٨

* ( باب ) *

* ( ( فوايد آيات القرآن والتوسل بها ) ) *

الايات : الرعد : ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الارض أو كلم به الموتى بل لله الامر جميعا (٣).

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٩٢.

(٢) أمالى الصدوق ص ٢٥٣.

(٣) الرعد : ٣١.

١٧٥

اسرى : وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا (١).

أقول : سيجئ ما يتعلق بهذا الباب في أبواب فضائل السور وآياتها.

١ ـ مكا : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله.

وقال الصادق عليه‌السلام : من قرأ مائة آية من أي آي القرآن شاء ثم قال سبع مرات : يا الله ، فلودعا على الصخور فلقها.

عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : إذا خفت أمرا فاقرأ مائة آية من القرآن من حيث شئت ، ثم قل : اللهم اكشف عني البلاء ثلاث مرات (٢).

عدة الداعى ودعوات الراوندى : مثله.

٢ ـ مكا : عن أبي إبراهيم عليه‌السلام أنه قال : من استكفى بآية من القرآن من المشرق إلى المغرب كفي ، إذا كان بيقين (٣).

عدة الداعى : روى الحسين بن أحمد المنقري عنه عليه‌السلام مثله.

٣ ـ مكا : وقال العالم عليه‌السلام : في القرآن شفاء من كل داء (٤).

٤ ـ دعوات الراوندى : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : القرآن هو الدواء.

٥ ـ عدة الداعى : قال الصادق جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام رفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه شكى إليه رجل وجعا في صدره فقال عليه‌السلام : استشف بالقرآن فان الله عزوجل يقول : ( وشفاء لما في الصدور ) (٥).

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : شفاء امتي في ثلاث : آية من كتاب الله أو لعقة من عسل أو شرطة حجام.

____________________

(١) أسرى : ٨٢.

(٢ ـ ٤) مكارم الاخلاق ص ٤١٨.

(٥) يونس : ٥٧.

١٧٦

١٩

* ( باب ) *

* ( ( فضل حامل القرآن وحافظه وحامله ) *

( ( والعامل به ، ولزوم اكرامهم ، وارزقهم ) )

* ( وبيان أصناف القراء ) *

١ ـ ثو (١) لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل ، عن الصادق عليه‌السلام قال : الحافظ للقرآن ، العامل به ، مع السفرة الكرام البررة (٢).

٢ ـ مع (٢) ، ل (٤) ، لى : محمد بن أحمد البردعي ، عن عمرو بن أبي غيلان الثقفي وعيسى بن سليمان القرشي معا عن أبي إبراهيم الترجماني ، عن سعد بن سعيد الجرجاني ، عن نهشل بن سعيد ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أشراف امتي حملة القرآن ، وأصحاب الليل (٥).

٣ ـ مع (٦) ، ل : الاسدي ، عن أبيه وعلي بن العباس والحسن بن علي ابن نصير جميعا ، عن محمد بن عبدالرحمان ، عن أبي شنان العائذي ، عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حملة القرآن عرفاء أهل الجنة (٧).

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ٩٢.

(٢) أمالى الصدوق ص ٣٦.

(٣) معانى الاخبار ص ١٧٧.

(٤) الخصال ج ١ ص ٧.

(٥) أمالى الصدوق ص ١٤١.

(٦) معانى الاخبار ص ٣٢٣.

(٧) الخصال ج ١ ص ١٦.

١٧٧

نوادر الراوندى : باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (١).

٤ ـ لى : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عبيس بن هشام ، عن غير واحد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قراء القرآن ثلاثثة : رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة ، واستدر به الملوك ، واستطال به على الناس ، ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه ، وضيع حدوده ، ورجل قرأ القرآن ووضع دواء القرآن على دائه ، وأسهر به ليله ، وأظمأ به نهاره ، وأقام به في مساجده ، وتجافى به عن فراشه فباولئك يدفع الله عزوجل البلاء ، وباولئك يديل الله من الاعداء ، وباولئك ينزل الله الغيث من السماء ، فوالله لهؤلاء في قراء القرآن أعز من الكبريت الاحمر (٢).

٥ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن البرقي ، عن إسماعيل بن مهران مثله وفيه استدر به الملوك ويدفع الله العزيز الجبار البلاء (٣).

٦ ـ ما : التمار ، عن محمد بن القاسم الانباري ، عن محمد بن علي بن عمر عن داود بن رشيد ، عن الوليد بن مسلم ، عن عبدالله بن لهيعة ، عن المرج بن هامان عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يعذب الله قلبا وعى القرآن (٤).

٧ ـ لى : ابن المغيرة ، عن جده ، عن السكوني ، عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم الاسلام قال : صنفان من امتي إذا صلحا صلحت امتي ، وإذا فسدا فسدت امتي : الامراء والقراء (٥).

نوادر الراوندى : باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام مثله (٦).

____________________

(١) نوادر الراوندى ص ٢٠.

(٢) أمالى الصدوق ص ١٢٢.

(٣) الخصال ج ١ ص ٦٩.

(٤) أمالى الطوسى ج ١ ص ٥.

(٥) أمالى الصدوق ص ٢٢٠.

(٦) نوادر الراوندى ص ٢٧.

١٧٨

٨ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن معروف ، عن ابن همام عن ابن غزوان ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تكلم النار يوم القيامة ثلاثة : أميرا وقاريا وذاثروة من المال فتقول للامير : يا من وهب الله له سلطانا فلم يعدل ، فتزدرده كما يزدرد الطير حب السمسم ، وتقول للقاري : يا من تزين للناس ، وبارز الله بالمعاصي ، فتزدرده ، و تقول للغني : يا من وهب الله له دنيا كثيرة واسعه ، فيضا ، وسأله الحقير اليسير قرضا ، فأبى إلا بخلا فتزدرده (١).

٩ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ابن اذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس قال : سمعت أميرالمؤمنين عليه‌السلام يقول : احذروا على دينكم ثلاثة : رجلا قرأ القرآن حتى إذا رأيت عليه بهجته اخترط سيفه على جاره ، ورماه بالشرك ، قلت : يا أميرالمؤمنين أيهما أولى بالشرك؟ قال : الرامي ، ورجلا استخفته الاحاديث كلما حدثت احدوثة كذب مدها بأطول منها ، ورجلا آتاه الله عزوجل سلطانا فزعم أن طاعته طاعة الله ، و معصيته معصية الله ، وكذب لانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لا ينبغي للمخلوق أن يكون حبة لمعصية الله ، فلا طاعة في معصيته ، ولا طاعة لمن عصى الله ، إنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الامر ، وإنما أمر الله عزوجل بطاعة الرسول لانه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية الله ، وإنما أمر بطاعة اولي الامر لانهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته (٢).

١٠ ـ ل : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : القراء ثلاثة : قارى قرء ليستدر به الملوك ، ويستطيل به على الناس ، فذاك من أهل النار ، وقارى قرأ القرآن فحفظ حروفه ، وضيع حدوده فذاك من أهل النار ، وقارى قرء فاستتر به تحت برنسه ، فهو يعمل بمحكمه

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٥٥.

(٢) الخصال ج ١ ص ٦٨.

١٧٩

ويؤمن بمتشابهه ، ويقيم فرايضه ، ويحل حلاله ، ويحرم حرامه ، فهذا ممن ينقذه الله من مضلات الفتن ، وهو من أهل الجنة ويشفع فيمن شاء (١).

١١ ـ ل : أحمد بن محمد بن الحسين البزاز ، عن أحمد بن محمد بن حمويه عن أحمد بن سعيد قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : من دخل في الاسلام طائعا وقرأ القرآن ظاهرا فله في كل سنة مائتا دينار في بيت مال المسلمين ، إن منع في الدنيا أخذها يوم القيامة وافية ، أحوج ما يكون إليها (٢).

١٢ ـ ل : أبي ، عن الحميري ، عن هارون ، عن ابن زياد ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام أن عليا عليه‌السلام قال : إن في جهنم رحى تطحن أفلا تسألوني ما طحنها؟ فقيل له : فما طحنها يا أميرالمؤمنين؟ قال : العلماء الفجرة ، والقراء الفسقة والجبابرة الظلمة ، والوزراء الخونة ، والعرفاء الكذبة ، الخبر (٣).

ثو : ما جيلويه ، عن عمه ، عن هارون مثله (٤).

١٣ ـ لى : في مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : من قرأ القرآن ثم شرب عليه حراما أو آثر عليه حبا للدنيا وزينتها ، استوجب عليه سخط الله إلا أن يتوب ألا وإنه إن مات على غير توبة حاجه القرآن يوم القيامة ، فلا يزايله إلا مدحوضا (٥).

١٤ ـ ثو : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن إبراهيم بن هاشم عن الحسن بن أبي الحسين ، عن سليمان الجعفري ، عن السكوني ، عن الصادق عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أهل القرآن في أعلا درجة من الادميين ما خلا النبيين والمرسلين ، فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم ، فان لهم من الله

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٧٠.

(٢) الخصال ج ٢ ص ١٥٠.

(٣) الخصال ج ١ ص ١٤٢.

(٤) ثواب الاعمال ص ٢٢٧.

(٥) أمالى الصدوق ص ٢٥٦.

١٨٠