بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد فرغ إلى الخلق من احكام الهدى به ، فعظموا منه سبحانه ما عظم من نفسه ، فانه لم يخف عنكم شيئا من دينه ، ولم يترك شيئا رضيه أو كرهه إلا وجعل له علما باديا ، وآية محكمة تزجر عنه ، أو تدعو إليه ، فرضاه فيما بقي واحد ، وسخطه فيما بقي واحد (١).

٢١ ـ ومن خطبة طويلة له عليه‌السلام : ثم أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفا مصابيحه وسراجا لا يخبو توقده ، وبحرا لا يدرك قعره ، ومنها جا لا يضل نهجه ، وشعاعا لا يظلم ضوؤه ، وفرقانا لا يخمد برهانه ، وتبيانا لا تهد أركانه ، وشفاء لا تخشى أسقامه ، وعزا لا تهزم أنصاره ، وحقا لا تخذل أعوانه ، فهو معدن الايمان وبحبوحته وينابيع العلم وبحوره ، ورياض العدل وغدرانه (٢) وأثا في الاسلام وبنيانه وأودية الحق وغيطانه (٣) وبحر لا ينزفه المستنزفون ، وعيون لا ينضبها الماتحون (٤) ومناهل لا يغيضها الواردون ، ومنازل لا يضل نهجها المسافرون وأعلام لا يعمى عنها السائرون ، وآكام لايجوز عنها القاصدون ، جعله الله ريا لعطش العلماء ، وربيعا لقلوب الفقهاء ، ومحاج لطرق الصلحاء ، ودواء ليس بعده

____________________

(١) نهج البلاغة الرقم ١٨١ من الخطب.

(٢) الغدران جمع غدير ، وهو القطعة من الماء يغادرها السيل ، والاثافى جمع الاثفية ، وهى الاحجار الثلاثة التى يوضع عليه القدر ليطبخ.

(٣) الغيطان : جمع الغوط بالفتح وهو المطمئن الواسع من الارض يجتمع ويسيل اليه الماء من كل جانب كالغدير.

(٤) الماتح : الذى ينزع الماء من الحوض ، وفى بعض المائحون والمائح : الذى يدخل البئر لنزع الماء لعدم الرشاء أو لقلة الماء فيملاء الدلو بالاغتراف باليد ، والذى ينزع الدلو من فوق البئر يسمى ماتح ، وسئل الاصمعى عن المتح والميح فقال : الفوق للفوق والتحت للتحت ، يعنى أن المتح أن يستقى وهو على رأس البئر ، والميح أن يملاء الدلو وهو في قعرها ومن أمثالهم : هو أعرف به من المائح باست الماتح.

ويقال : نضب البئر ، أى غار ماؤها في الارض ، ومثله غاض.

٢١

داء ، ونورا ليس معه ظلمة ، وحبلا وثيقا عروته ، ومعقلا منيعا ذروته ، وعزا لمن تولاه ، وسلما لمن دخله ، وهدى لمن أئتم به ، وعذرا لمن انتحله ، وبرهانا لمن تكلم به ، وشاهدا لمن خاصم به ، وفلجا لمن حاج به ، وحاملا لمن حمله ومطية لمن أعمله ، وآية لمن توسم ، وجنة لمن استلام (١) ، وعلما لمن وعى وحديثا لمن روى ، وحكما لمن قضى (٢).

٢٢ ـ كتاب الامامة والتبصرة : عن سهل بن أحمد ، عن محمد بن محمد بن الاشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عدد درج الجنة عدد آي القرآن ، فاذا دخل صاحب القرآن الجنة قيل له : ارقأ واقرأ لكل آية درجة فلا تكون فوق حافظ القرآن درجة.

٢٣ ـ نهج : من خطبة له عليه‌السلام : واعلموا أنه ليس من شئ إلا ويكاد صاحبه يشبع منه ويمله إلا الحياة فانه لا يجد في الموت راحة ، وإنما ذلك بمنزلة الحكمة التي هي حياة للقلب الميت ، وبصر للعين العمياء ، وسمع للاذن الصماء ، وري للظمآن ، وفيها الغنا كله والسلامة.

كتاب الله تبصرون به وتسمعون به (٣) وينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض ، ولا يختلف في الله ، ولا يخالف بصاحبه عن الله ، قد اصطلحتم على الغل فيما بينكم ، ونبت المرعى على دمنكم (٤) وتصافيتم على حب الامال ، وتعاديتم في

____________________

(١) الجنة بالضم الدرقة أو كل ما به يتقى من الضرر ، واستلام : لبس اللامة وهى الدرع أوكل ما يحذر به من سلاح العدو ، ويتقى من بأسه ، فالقرآن جنة ودرع لمن أراد أن يظهر على الشبهات والضلالات.

(٢) نهج البلاغة الرقم ١٩٦ من الخطب.

(٣) يعنى أن كتاب الله هو الحكمة التى بها حياة القلب الميت تبصرون به كما تنتفعون بالحياة من أبصاركم وتسمعون به كما تنتفعون بالحياة من أسماعكم الخ.

(٤) يعنى كأنكم قد اتفقتم وأزمعتم على أن تغشوا فيما بينكم ويأخذ كل أحد متاع غيره في خفية خيانة ونفاقا ، ومعذلك الغش والنفاق والخيانة والغلول التى هى حاكمة على

٢٢

كسب الاموال ، لقد استهام بكم الخبيث ، وتاه بكم الغرور (١) والله المستعان على نفسي وأنفسكم (٢).

٢٤ ـ نهج : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : عليكم بكتاب الله فانه الحبل المتين ، والنور المبين ، والشفاء النافع ، والري الناقع ، والعصمة للمتمسك والنجاة للمتعلق ، لا يعوج فيقوم ، ولا يزيغ فيستعتب ، ولا تخلقه كثرة الرد ، وولوج السمع من قال به صدق ، ومن عمل به سبق (٣).

وقال عليه‌السلام : أرسله على حين فترة من الرسل ، طول هجعة من الامم ، وانتقاض من المبرم (٤) فجاءهم بتصديق الذي بين يديه ، والنور المقتدى به ، ذلك القرآن فاستنطقوه ، ولن ينطق ولكن اخبركم عنه ، ألا إن فيه علم ما يأتي ، والحديث عن الماضي ، ودواء دائكم ، ونظر ما بينكم (٥).

____________________

شئونكم وترى في أرجاء مجاميعكم وأفنية دور كم كالد من والارواث في المزبلة تظاهرون بالنصح والاخلاص والاصلاح فيما بينكم فكأن المرعى الخضر نبت على مزا بلكم هذه فسترها عن أعين الناس ، ولكن الرائحة الكريهة باقية بعد.

(١) استهام بكم أى ذهب بفؤادكم وعقولكم ، من هام يهيم هيما وهيمانا : يحير من العشق والحب الذى يذهب العقول فهو مستهام كالمجنون ، والخبيث هو الشيطان وهو المراد بالغرور بفتح الغين الذى تاه بالناس وحيرهم في الضلالات والشبهات والشهوات.

(٢) نهج البلاغة الرقم ١٣١ من الخطب.

(٣) نهج البلاغة الرقم ١٥٤ من الخطب.

(٤) الهجعة : النوم بعد ما أرخى الليل أسدال ظلماته ، وههنا كناية عن غفلتهم في ظلمات الجهالة والعمياء ، والمبرم هو حبل الله الذى ابرم واحكم في الكتب السماوية والاديان الالهية والنظامات الدينية ، لكنهم نقضوا هذا الحبل طاقة طاقة وحلوه بأهوائهم وآرائهم.

(٥) نهج البلاغة الرقم ١٥٦ من الخطب.

٢٣

وقال عليه‌السلام : واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش ، والهادي الذي لا يضل ، والمحدث الذي لا يكذب ، وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان : زيادة في هدى ، أو نقصان من عمى.

واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ، ولا لاحد قبل القرآن من غنى ، فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لاوائكم ، فان فيه شفاء من أكبر الداء ، وهو الكفر والنفاق والغي والضلال ، فاسألوا الله به ، وتوجهوا إليه بحبه ولا تسألوا به خلقه ، إنه ما توجه العباد إلى الله بمثله.

واعلموا أنه شافع مشفع ، وقائل (١) مصدق ، وإنه من شفع له القرآن يوم القامة شفع فيه ، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه ، فانه ينادي مناد يوم القيامة : ألا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله ، غير حرثة القرآن ، فكونوا من حرئته وأتباعه ، واستدلوه على ربكم ، واستنصحوه على أنفسكم ، واتهموا عليه آراء كم ، واستعشوا فيه أهواءكم وساق الخطبة إلى قوله : وإن الله سبحان لم يعظ أحدا بمثل هذا القرآن فانه حبل الله المتين ، وسببه الامين ، وفيه ربيع القلب ، وينابيع العلم ، وما للقلب جلاء غيره ، مع أنه قد ذهب المتذكرون ، وبقي الناسون والمتناسون ، إلى آخر الخطبة (٢).

٢٥ ـ شى : عن يوسف بن عبدالرحمن رفعه إلى الحارث الاعور قال : دخلت على أميرالمؤمنين علي بن أبيطالب عليه‌السلام فقلت : يا أميرالمؤمنين إنا إذا كنا عندك سمعنا الذي نسدبه ديننا ، وإذا خرجنا من عندك سمعنا أشياء مختلفة مغموسة ، لا ندري ماهي؟ قال : أو قد فعلوها؟ قلت : نعم ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أتانى جبرئيل فقال : يا محمد سيكون في امتك فتنة ، قلت : فما المخرج منها؟ فقال كتاب الله فيه بيان ما قبلكم من خير (٣) وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ، من

____________________

(١) الصحيح ( ما حل مصدق ) كما في سائر الخطب ، ويثبته ما يجئ بعده من قوله عليه‌السلام ( ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه ).

(٢) نهج البلاغة الرقم ١٧٤ من الخطب.

(٣) خبر ، ظ.

٢٤

وليه من جبار فعمل بغيره قصمه الله ، ومن التمس الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، لا تزيفه الاهواء ولا تلبسه الالسنة ، ولا يخلق عن الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا يشبع منه العلماء هو الذي لم تكنه الجن إذ سمعه ، أن قالوا : ( إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد ) من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم ، هو الكتاب العزيز ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (١).

٢٦ ـ شى : عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : خطبنا أميرالمؤمنين عليه‌السلام خطبة فقال فيها : نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بكتاب فصله ، وأحكمه وأعزه ، وحفظه بعلمه ، وأحكمبه بنوره ، وأيده بسلطانه ، وكلاه من لم يتنزه هوى أو يميل به شهوة ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، ولا يخلقه طول الرد ، ولا يفنى عجائبه ، من قال به صدق ، ومن عمل أجر ، ومن خاصم به فلج ، ومن قاتل به نصر ، ومن قام به هدي إلى صراط مستقيم.

فيه نبأ من كان قبلكم ، والحكم فيما بينكم ، وخبر معاد كم ، أنزله بعلمه وأشهد الملائكة بتصديقه قال الله جل وجهه ( لكن الله يشهد بما انزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا ) (٢) فجعله الله نورا يهدى للتي هو أقوم وقال : ( فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ) (٣) وقال ( اتبعوا ما انزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ) (٤) وقال : ( فاستقم كما امرت ومن تاب معك ولا تطفوا إنه بما تعملون بصير ) (٥).

____________________

(١) تفسير العياشى ج ١ ص ٣.

(٢) النساء : ١٦٦.

(٣) القيامة : ١٨.

(٤) الاعراف : ٣.

هود : ١١٢.

٢٥

ففي اتباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم ، وفي تركه الخطأ المبين ، قال ( إما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ) (١) فجعل في اتباعه كل خير يرجى في الدنيا والاخرة ، فالقرآن آمر وزاجر ، حد فيه الحدود ، وسن فيه السنن ، وضرب فيه الامثال ، وشرع فيه الدين ، إعذرا أمر نفسه وحجة على خلقه ، أخذ على ذلك ميثاقهم ، وارتهن عليه أنفسهم ، ليبين لهم ما يأتون وما يتقون ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة وإن الله سميع عليم (٢).

٢٧ ـ شى : عن أبي عبدالله مولى بني هاشم ، عن أبي سخيلة قال : حججت أنا و سلمان الفارسي من الكوفة فمررت بأبي ذر فقال : انظروا إذا كانت بعدي فتنة وهي كائنة فعليكم بخصلتين : كتاب الله وبعلي بن أبي طالب فاني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي عليه‌السلام : هذا أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصديق الاكبر ، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب المنافقين (٣).

٢٨ ـ شى : عن الحسن بن موسى الخشاب رفعه قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : لا يرفع الامر (٤) والخلافة إلى آل أبي بكر أبدا ، ولا إلى آل عمر ، ولا إلى آل بني امية ، ولا في ولد طلحة والزبير أبدا ، وذلك أنهم بتروا القرآن وأبطلوا السنن ، وعطلوا الاحكام.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : القرآن هدى من الضلالة ، وتبيان من العمى واستقالة من العثرة ، ونور من الظلمة ، وضياء من الاحزان ، وعصمة من الهلكة ، ورشد من الغواية ، وبيان من الفتن ، وبلاغ من الدنيا إلى الاخرة وفيه كمال دينكم ، فهذه صفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للقرآن ، وما عدل أحد عن القرآن

____________________

(١) طه : ١٢٣.

(٢) تفسير العياشى ج ١ ص ٧.

(٣) تفسير العياشى ج ١ ص ٤.

(٤) اى لا يبلغهم وفى بعض النسخ لا يرجع.

٢٦

إلا إلى النار (١).

٢٩ ـ شى : عن مسعدة بن صدقة قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن الله جعل ولا يتنا أهل البيت قطب القرآن ، وقطب جميع الكتب ، عليها يستدير محكم القرآن وبها يوهب الكتب ، ويستين الايمان ، وقد أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يقتدى بالقرآن وآل محمد ، وذلك حيث قال في آخر خطبة خطبها : إني تارك فيكم الثقلين : الثقل الاكبر والثقل الاصغر فأما الاكبر فكتاب ربي وأما الاصغر فعترتي أهل بيتي فاحفظوني فيهما ، فلن تضلوا ما تمسكتم بهما (٢).

٣٠ ـ شى : عن الحسن بن علي قال : قيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن امتك سيفتتن ، فسئل ما المخرج من ذلك؟ فقال : كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ، من ابتغى العلم في غيره أضله الله ، ومن ولي هذا الامر من جبار فعمل بغيره قصمه الله ، وهو الذكر الحكيم والنور المبين ، والصراط المستقيم ، فيه خبر ما قبلكم ، ونبأ ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ، وهو الذي سمعته الجن فلم تناها أن قالوا : ( إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ) لا يخلق على طول الرد ولا ينقضي عبره ، ولا تفنى عجائبه (٣).

٣١ ـ شى : عن سعد الاسكاف قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اعطيت الطوال مكان التوراة ، واعطيت المئين مكان الانجيل ، واعطيت المثاني مكان الزبور ، وفضلت بالمفصل : سبع وستين سورة (٤).

____________________

(١ ـ ٢) تفسير العياشى ج ١ ص ٥.

(٣) تفسير العياشى ج ١ ص ٦.

(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٥ ، وقال الطبرسى رحمه الله في المجمع : قد شاع في الخبر عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : اعطيت مكان التوراة السبع الطوال ، ومكان الانجيل المثانى ، ومكان الزبور المئين ، وفضلت بالمفصل ، وفى رواية واثلة بن الاسقع : أعطيت مكان الانجيل المئين ، ومكان الزبور المثانى ، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة

٢٧

٣٢ ـ شى : عن ابن سنان ، عمن ذكره قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن القرآن والفرقان ، أهما شيئا أو شئ واحد؟ فقال : القرآن جملة الكتاب والفرقان المحكم الواجب العمل به (١).

٣٣ ـ م (٢) : قوله عزوجل : ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهدائكم من دون الله إن كنتم صادقين * فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين * وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الانهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل واتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون ) (٣).

قال العالم موسى بن جعفر عليهما‌السلام : فلما ضرب الله الامثال للكافرين المجاهرين الدافعين لنبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والناصبين المنافقين لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والدافعين ما قاله محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في أخيه علي ، والدافعين أن يكون ما قاله عن الله عزوجل ، وهي آيات

____________________

من تحت العرش لم يعطها نبى قبلى ، وأعطانى ربى المفصل ناقلة.

فالسبع الطوال : البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والانعام والاعراف ، والانفال مع التوبة لانهما يدعيان القرينتين ولذلك لم يفصل بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم وقيل ان السابعة سورة يونس ، وانما سميت هذه السور الطوال لانها أطول سور القرآن ، وأما المثانى فهى السور التالية للسبع الطوال ، واولها يونس وآخرها النحل ، وانما سميت مثانى لانها ثنت الطول أى تلتها ، فكان الطول هى المبادى ، والمثانى لها ثوانى. وأما المئون فهى كل سورة تكون نحوا من مائة آية ، وهى سبع أولها سورة بنى اسرائيل وآخرها المؤمنون وقيل : ان المئين ماولى السبع الطول ثم المثانى بعدها وهى التى تفصر عن المئين وتزيد على المفصل ، وأما المفصل فما بعد الحواميم من قصار السور إلى آخر القرآن سميت مفصلا لكثرة الفصول بين سورها ببسم الله الرحمن الرحيم.

(١) تفسير العياشى ج ١ ص ٩ وقدمر.

(٢) في هامش الاصل بخط يده قده : أوردناه في باب اعجاز القرآن من كتاب الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٣) البقرة : ٢١ ٢٥.

٢٨

محمد ومعجزاته مضافة إلى آياته التي بينها لعلي بمكة والمدينة ، ولم يزداد وا إلا عتوا وطغيانا قال الله تعالى لمردة أهل مكة وعتاة أهل المدينة : ( إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ) حتى تجحدوا أن يكون محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأن يكون هذا المنزل عليه كلامي ، مع إظهاري عليه بمكة الباهرات من الايات كالغمامة التي كانت تظله بها في أسفاره ، والجمادات التي كانت تسلم عليه من الجبال والصخور والاحجار والاشجار وكدفاعه قاصديه بالقتل عنه ، وقتله إياهم وكالشجرتين المتباعدتين اللتين تلاصقتا فقعد خلفهما لحاجته ، ثم تراجعتا إلى أمكنتهما كما كانتا ، وكدعائه الشجرة فجاءته مجيبة خاضعة ذليلة ، ثم أمره لها بالرجوع فرجعت سامعة مطيعة ، ( فأتوا ) يا قريش واليهود ويا معشر النواصب المنتحلين الاسلام الذينهم منه براء ويا معشر العرب الفصحاء البلغاء ذوي الالسن ( بسورة من مثله ) من مثل محمد من مثل رجل منكم لا يقرأ ولا يكتب ولم يدرس كتابا ولا اختلف إلى عالم ولا تعلم من أحد وأنتم تعرفونه في أسفاره وحضره ، بقي كذلك أربعين سنة ثم اوتي جوامع العلم حتى علم علم الاولين والاخرين فان كنتم في ريب من هذه الايات فأتوا بسورة من مثل هذا الرجل مثل هذا الكلام ليتبين أنه كاذب كما تزعمون ، لان كل ما كان من عند غير الله ، فسيوجد له نظير في سائر خلق الله ، وإن كنتم معاشر قراء الكتب من اليهود والنصارى في شك مما جاءكم به محمد من شرائعه ومن نصبه أخاه سيد الوصيين وصيا بعد أن أظهر لكم معجزاته ، منها أن كلمته الذراع المسمومة وناطقه ذئب وحن إليه العود ، وهو على المنبر ، ودفع الله عنه السم الذي دسته اليهود في طعامهم ، وقلب عليهم البلاء وأهلكهم به ، وكثر القليل من الطعام ، فأستوا بسورة من مثله من مثل هذا القرآن من التوراة والانجيل والزبور وصحف إبراهيم والكتب المائة والاربعة عشر فانكم لا تجدون في سائر كتب الله سورة كسورة من هذا القرآن ، وكيف يكون كلام محمد المنقول أفضل من ساير كلام الله وكتبه ، يا معشر اليهود والنصارى.

ثم قال لجماعتهم : ( وادعوا شهدائكم من دون الله ) ادعوا أصنامكم التي

٢٩

تبعدونها أيها المشركون ، وادعوا شياطينكم يا أيها اليهود والنصارى ، وادعوا قرناء كم الملحدين يا منافقى المسلمين من النصاب لال محمد الطيبين ، وسائر أعوابكم على إرادتكم ( إن كنتم صادقين ) بأن محمدا يقول هذا من تلقاء نفسه ، لم ينزله الله عليه وأن ما ذكره من فضل علي عليه‌السلام على جميع امته وقلده سياسته ليس بأمر أحكم الحاكمين.

ثم قال عزوجل : ( فان لم تفعلوا ) أي لم تأتوا أيها المقرعون بحجة رب العالمين ( ولن تفعلوا ) أي ولا يكون هذا منكم أبدا ( فاتقوا النار التي وقودها ) حطبها ( الناس والحجارة ) توقد فتكون عذابا على أهلها ( اعدت للكافرين ) المكذبين بكلامه ونبيه ، الناصبين العداوة لوليه ووصيه قال : فاعلموا بعجزكم عن ذلك أنه من قبل الله تعالى ولوكان من قبل المخلوقين لقدرتم على معارضتي فلما عجزوا بعد التقريع والتحدي قال الله عزوجل : ( قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولوكان بعضهم لبعض ظهيرا ) (١).

قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : قوله عزوجل : ( وإن كنتم ) أيها المشركون واليهود وسائر النواصب من المكذبين لمحمد في القرآن في تفضيله عليا أخاه المبرز على الفاضلين ، الفاضل على المجاهدين ، الذي لا نظير له في نصرة المتقين ، وقمع الفاسقين ، وإهلاك الكافرين ، وبث دين الله في العالمين ( إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ) في إبطال عبادة الاوثان من دون الله ، وفي النهي عن موالاة أعداء الله ومعاداة أولياء الله وفي الحث على الانقياد لاخي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله واتخاذه إماما واعتقاده فاضلا راجحا لا يقبل الله عزوجل إيمانا ولا طاعة إلا بموالاته ، وتظنون أن محمدا تقوله من عنده ، ونسبه إلى ربه ( فأتوا بسورة من مثله ) مثل محمد امي لم يختلف قط إلى أصحاب كتب وعلم ، ولا تتملذ لاحد ولا تعلم منه ، وهو من قد عرفتموه في حضره وسفره لم يفارقكم قط إلى بلد ليس معه منكم جماعة يراعون

____________________

(١) تفسير الامام ص ٧٣ ٧٤ في ط وص ٥٨ ٥٩ في ط.

٣٠

أحواله ، ويعرفون أخباره ، ثم جاءكم بعد بهذا الكتاب المشتمل على هذه العجائب.

فان كان متقولا كما تزعمونه فأنتم الفصحاء والبلغاء والشعراء والادباء الذين لا نظير لكم في ساير الاديان ، ومن ساير الامم ، فان كان كاذبا فاللغة لغتكم ، وجنسه جنسكم وطبعه طبعكم وسيتفق لجماعتكم أو بعضكم معارضة كلامه هذا بأفضل منه أو مثله لان ما كان من قبل البشر لا عن الله فلا يجوز إلا أن يكون في البشر من يتمكن من مثله ، فأتوا بذلك لتعرفوه وساير النظار إليكم في أحوالكم أنه مبطل مكذب على الله ( وادعوا شهدائكم من دون الله ) الذين يشهدون بزعمكم أنكم محقون وأن ما تجيؤون به نظير لما جاء به محمد ، وشهداءكم الذين يزعمون أنهم شهداؤكم عند رب العالمين لعبادتكم لها ، وتشفع لكم إليه ( إن كنتم صادقين ) في قولكم أن محمدا تقوله.

ثم قال الله عزوجل : ( فان لم تفعلوا ) هذا الذي تحديتكم به ( ولن تفعلوا ) أي ولا يكون ذلك منكم ولا تقدرون عليه ، فاعلموا أنكم مبطلون وأن محمدا الصادق الامين ، المخصوص برسالة رب العالمين المؤيد بالروح الامين ، وأخيه أميرالمؤمنين ، وسيد الوصيين ، فصد قوه فيما يخبر به عن الله من أوامره ونواهيه ، وفيما يذكره من فضل علي وصيه وأخيه ( واتقوا ) بذلك عذاب ( النار التي وقودها ) وحطبها ( الناس والحجارة ) حجاره الكبريت أشد الاشياء حرا ( اعدت ) تلك النار ( للكافرين ) بمحمد والشاكين في نبوته والدافعين لحق أخيه علي والجاحدين لا مامته (١).

٣٤ ـ م : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن هذا القرآن هو النور المبين ، والحبل المتين ، والعروة الوثقى ، والدرجة العليا ، والشفاء الاشفى ، والفضيلة الكبرى والسعادة العظمى ، من استضاء به نوره الله ، ومن عقد به اموره عصمه الله ، ومن تمسك به أنقذه الله ، ومن لم يفارق أحكامه رفعه الله ، ومن استشفى به شفاه الله ، ومن آثره على ما سواه هداه الله ، ومن طلب الهدى في غيره أضله الله ، ومن جعله

____________________

(١) تفسير الامام ص ٩٧ ٩٨.

٣١

شعاره ودثاره أسعده الله ، ومن جعله إمامه الذي يقتدى به ومعوله الذي ينتهي إليه ، آواه الله إلى جنات النعيم ، والعيش السليم ، فلذلك قال : ( وهدى ) يعني هذا القرآن هدى ( وبشرى للمؤمنين ) (١) يعني بشارة لهم في الاخرة ، وذلك أن القرآن يأتي يوم القيامة بالرجل الشاحب يقول لربه عزوجل : يا رب هذا أظمأت نهاره ، وأسهرت ليله ، وقويت في رحمتك طمعه ، وفسحت في مغفرتك أمله ، فكن عند ظني فيك وظنه ، يقول الله تعالى : أعطوه الملك بيمينه ، والخلد بشماله ، واقرنوه بأزواجه من الحور العين ، واكسوا والديه حلة لا يقوم لها الدنيا بما فيها.

فينظر إليهما الخلائق ، فيعظمونهما وينظر إلى أنفسهما فيعجبان منها فيقولان : يا ربنا أنى لنا هذه ولم تبلغها أعمالنا؟ فيقول الله عزوجل : ومع هذا تاج الكرامة ، لم ير مثله الراؤون ، ولم يسمع بمثله السامعون ، ولا يتفكر في مثله المتفكران ، فيقال : هذا بتعليمكما ولد كما القرآن ، وبتصيير كما إياه بدين الاسلام ، وبريا ضتكما إياه على حب محمد رسول الله وعلي ولي الله صلوات الله عليهما وتفقيهكما إياه بفقههما ، لانهما اللذان لا يقبل الله لاحد عملا إلا بولايتهما ، ومعاداة أعدائهما ، وإن كان ما بين الثرى إلى العرش ذهبا ، يتصدق به في سبيل الله.

فتلك البشارات التي يبشرون بها ، وذلك قوله عزوجل : ( وبشرى للمؤمنين ) شيعة محمد وعلي ومن تبعهما من أخلافهم وذراريهم (٢).

٣٥ ـ د : قال الحسن بن علي عليهما‌السلام : إن هذا القرآن فيه مصابيح النور وشفاء الصدور ، فليجل جال بصره ، وليلحم الصفة (٣) فكره ، فان التفكر حياة قلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.

٣٦ ـ نهج : قال عليه‌السلام : في القرآن نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم

____________________

(١) البقرة : ٩٧.

(٢) تفسير الامام ص ٢٠٣ ٢٠٤.

(٣) كذا في نسخة الاصل بخط يده قدس سره مكتوبا عليها ( كذا ) وفى نسخة الكافى ج ٢ ص ٦٠٠ ( ويفتح للضياء نظره ) وقدمر عن النوادر ص ١٧ ( وليبلغ النصفة نظره ).

٣٢

ما بينكم (١).

وقال عليه‌السلام في خطبة طويلة يذكر فيها بعثة الانبياء عليهم‌السلام قال عليه‌السلام : إلى أن بعث الله سبحانه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله لا نجاز عدته ، وتمام نبوته ، مأخوذا على النبيين ميثاقه ، مشهورة سماته (٢) كريما ميلاده ، وأهل الارض يومئذ ملل متفرقة وأهواء منتشرة ، وطرائق متشتتة ، بين مشبه لله بخلقه ، أو ملحد في اسمه ، أو مشير إلى غيره ، فهداهم به من الضلالة ، وأنقذهم بمكانه من الجهالة.

ثم اختار سبحانه لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لقاء ورضي له ما عنده ، فأكرمه عن دار الدنيا ، ورغب به عن مقام البلوى ، فقبضه إليه كريما ، وخلف فيكم ما خلفت الانبياء في اممها ، إذ لم يتركوهم هملا ، بغير طريق واضح ، ولا علم قائم كتاب ربكم مبينا حلاله وحرامه ، وفرائضه وفضائله ، وناسخه ومنسوخه ورخصه وعزائمه ، وخاصه وعامه ، وعبره وأمثاله ، ومرسله ومحدوده ، ومحكمه ومتشابهه ، مفسرا جملته ، ومبينا غوامضه.

بين مأخوذ ميثاق علمه ، وموسع على العباد في جهله ، وبين مثبت في الكتاب فرضه ، معلوم في السنة نسخه ، وواجب في السنة أخذه ، مرخص في الكتاب تركه وبين واجب بوقته ، وزائل في مستقبله.

ومباين بين محارمه ، من كبير أو عد عليه نيرانه ، أو صغير أرصد له غفرانه وبين مقبول في أدناه ، وموسع في أقصاه (٣).

وقال عليه‌السلام : وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه ، وبين لا تهدم أركانه ، وعز لا تهزم أعوانه (٤).

____________________

(١) نهج البلاغة الرقم ٣١٣ من الحكم.

(٢) السمات جمع سمة : العلامة ، وهى التى ذكرت في الكتاب السالفة المبشرة به.

(٣) نهج البلاغة في أواخر الخطبة الاولى.

(٤) نهج البلاغة الرقم ١٣١ من الخطب.

٣٣

٢

* ( باب ) *

* ( ( فضل كتابة المصحف وانشائه وآدابه ) ) *

* ( ( والنهى عن محوه بالبزاق ) ) *

١ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن اليقطيني ، عن محمد بن شعيب ، عن الهيثم بن أبي كهمش ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ست خصال ينتفع بها المؤمن من بعد موته : ولد صالح يستغفر له ، ومصحف يفرأ منه ، وقليب يحفره ، وغرص يغرسه ، وصدقة ماء يجريه ، وسنة حسنة يؤخذ بها بعده (١).

٢ ـ ب : علي : عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل [ هل يصلح له أن ] يكتب المصحف بالاحمر قال : لا بأس (٢).

٣ ـ لى : في مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى أن يمحى شئ من كتاب الله عزوجل بالبزاق أو يكتب منه (٣).

٤ ـ منية المريد : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال لبعض كتابه : ألق الدواة وحرف القلم ، وانصب الباء ، وفرق السين ، ولا تعور الميم ، وحسن الله ، ومد الرحمن ، وجود الرحيم ، وضع قلمك على اذنك اليسرى ، فانه أذكر لك.

وعن زيد بن ثابت أنه ال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كتبت بسم الله الرحمن الرحيم فبين السين فيه.

وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تمد الباء إلى الميم حتى ترفع السين.

وعن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كتب أحدكم بسم الله الرحمن

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٥٦.

(٢) قرب الاسناد ص ١٦٤.

(٣) أمالى الصدوق ص ٢٥٤.

٣٤

الرحيم فليمد الرحمن.

وعنه عليه‌السلام أيضا : من كتب بسم الله الرحمن الرحيم فجوده تعظيما لله غفر الله له.

وعن علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنه قال : تنوق رجل في بسم الله الرحمن الرحيم فغفرله.

٥ ـ عدة الداعى : عن الصادق عليه‌السلام قال : وقع مصحف في البحر فوجدوه قد ذهب ما فيه الاهذه الاية : ألا إلى الله تصير الامور.

٣

باب

* ( ( كتاب الوحى وما يتعلق بأحوالهم ) ) *

الايات : الانعام : ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال اوحي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سا نزل مثل ما أنزل الله (١).

١ ـ فس : ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال اوحي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سانزل مثل ما أنزل الله ) فانها نزلت في عبدالله بن سعد بن أبي سرح وكان أخا عثمان من الرضاعة.

حدثني أبي ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن عبدالله بن سعد بن أبي سرح أخو عثمان من الرضاعة أسلم وقدم المدينة ، وكان له خط حسن ، وكان إذا نزل الوحي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعاه فكتب ما يمليه عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكان إذا قال له رسول الله (ص) : ( سميع بصير ) يكتب ( سميع عليم ) وإذا قال : ( والله بما تعملون خبير ) يكتب ( بصير ) ويفرق بين التاء والياء وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : هو واحد ، فارتد كافرا ورجع إلى مكة وقال لقريش : والله ما يدري محمد ما يقول ، أنا أقول مثل ما يقول ، فلا ينكر على ذلك ، فأنا انزل مثل ما ينزل ، فأنزل على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك ( ومن

____________________

(١) الانعام : ٩٣ والاية ساقطة عن نسخة الكمبانى.

٣٥

أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال اوحي إلى ولم يوح إليه شئ ومن قال سانزل مثل ما أنزل الله ).

فلما فتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مكة أمر بقتله فجاء به عثمان قد أخذ بيده ورسول الله في المسجد ، فقال : يا رسول الله اعف عنه ، فسكت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم أعاد فسكت ثم أعاد فقال : هو لك ، فلمامر قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لاصحابه : ألم أقل من رآه فليقتله؟ فقال رجل : عيني إليك يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن تشير إلي فأقتله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الانبياء لا يقتلون بالاشارة ، فكان من الطلقاء (١).

٢ ـ مع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعاوية يكتب بين يديه وأهوى بيده إلى خاصرته بالسيف : من أدرك هذا يوما أميرا فليبقرن خاصرته بالسيف ، فرآه رجل ممن سمع ذلك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما وهو يخطب بالشام على الناس فاخترط سيفه ثم مشى إليه فحال الناس بينه وبينه ، فقالوا : يا عبدالله مالك؟ فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أدرك هذا يوما أميرا فليبقر خاصرته بالسيف ، قال : فقالوا : أتدري من استعمله؟ قال : لا ، قالوا : أميرالمؤمنين عمر ، فقال الرجل : سمعا وطاعة لاميرالمؤمنين.

قال الصدوق رضوان الله عليه : إن الناس شبه عليهم أمر معاوية بأن يقولوا : كان كاتب الوحي ، وليس ذاك بموجب له فضيلة ، وذلك أنه قرن في ذلك إلى عبدالله ابن سعد بن أبي سرح فكانا يكتبان له الوحي ، وهو الذي قال : ( سانزل مثل ما أنزل الله ) فكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يملي عليه ( والله غفور رحيم ) فيكتب ( والله عزيز حكيم ) ويملي عليه ( والله عزيز حكيم ) فيكتب ( والله عليم حكيم ) فيقول له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : هو واحد ، فقال عبدالله بن سعد : إن محمدا لا يدري ما يقول إنه يقول ، وأنا أقول غير ما يقول ، فيقول لي : هو واحد هو واحد ، إن جاز هذا فاني سانزل مثل ما أنزل الله ، فأنزل الله فيه ( ومن قال سانزل مثل ما أنزل الله ).

____________________

(١) تفسير القمى ص ١٩٨.

٣٦

فهرب وهجا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من وجد عبدالله بن سعد بن أبي سرح ولو كان متعلقا بأستار الكعبة فليقتله ، وإنما كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له فيما يغيره هو واحد هو واحد لانه لا ينكتب ما يريده عبدالله إنما كان ينكتب ما كان يمليه عليه‌السلام فقال : هو واحد غيرت أم لم تغير لم ينكتب ما تكتبه بل ينكتب ما امليه عن الوحي وجبرئيل عليه‌السلام يصلحه.

وفي ذلك دلالة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ووجه الحكمة في الستكتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الوحي معاوية وعبدالله بن سعد وهما عدو ان هو أن المشركين قالوا : إن محمدا يقول هذا القرآن من تلقاء نفسه ، ويأتي في كل حادثة بآية يزعم أنها انزلت عليه وسبيل من يضع الكلام في حوادث يحدث في الاوقات أن يعير الالفاظ إذا استعيد ذلك الكلام ، ولا يأتي به في ثاني الامر وبعد مرور الاوقات عليه إلا مغيرا عن حاله الاولى لفظا ومعنى ، أو لفظا دون معنى ، فاستعان في كتب ما ينزل عليه في الحوادث الواقعة بعدوين له في دينه عدلين عند أعدائه ليعلم الكفار والمشركون أن كلامه في ثاني الامر كلامه في الاول غير مغير ، ولا مزال عن جهته ، فيكون أبلغ للحجة عليهم ، ولو استعان في ذلك بوليين مثل سلمان وأبي ذر وأشباههما لكان الامر عند أعدائه غير واقع هذا الموقع ، وكانت يتخيل فيه التواطى والتطابق فهذا وجه الحكمة في استكتابهما واضح مبين والحمدلله (١).

٣ ـ شى : عن الحسين بن سعيد ، عن أحدهما قال : سألته عن قول الله : ( أو قال اوحي إلى ولم يوح إليه شئ ) قال نزلت في ابن سرح : الذي كان عثمان ابن عفان استعمله على مصر ، وهو ممن كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكة هدر دمه ، وكان يكتب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاذا أنزل الله عليه ( فان الله عزيز حكيم ) كتب ( فان الله عليم حكيم ) [ فيقول له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : دعها فان الله عليم حكيم ] (٢) وقد كان ابن أبي سرح يقول للمنافقين : إني لاقول الشئ مثل ما يجئ به هو

____________________

(١) معانى الاخبار ص ٣٤٦.

(٢) الزيادة من نسخة الكافى.

٣٧

فما يغير على فأنزل الله فيه الذي أنزل (١).

٤ ـ كا : أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام مثله (٢).

أقول : في خبر المفضل بن عمر الذي مضى بطوله في كتاب الغيبة أنه قال الصادق عليه‌السلام : يا مفضل إن القرآن نزل في ثلاث وعشرين سنة ، والله يقول : ( شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن ) (٣) وقال : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين * فيها يفرق كل أمر حكيم * أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين ) (٤) وقال : ( لولانزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ) (٥).

قال المفضل : يا مولاي فهذا تنزيله الذي ذكره الله في كتابه ، وكيف ظهر الوحي في ثلاث وعشرين سنة؟ قال : نعم يا مفضل أعطاه الله القرآن في شهر رمضان وكان لا يبلغه إلا في وقت استحقاق الخطاب ، ولا يؤديه إلا في وقت أمر ونهي فهبط جبرئيل عليه‌السلام بالوحي فبلغ ما يؤمر به وقوله : ( لا تحرك به لسانك لتعجل به ) (٦) فقال المفضل : أشهد أنكم من علم الله علمتم ، وبقدرته قدرتم وبحكمه نطقتم ، وبأمره تعملون (٧).

____________________

(١) تفسير العياشى ج ١ ص ٣٦٩.

(٢) الكافى ج ٨ ص ٢٠٠.

(٣) البقرة : ١٨٥.

(٤) الدخان : ٣ ٥.

(٥) الفرقان : ٣٢.

(٦) القيامة : ١٨.

(٧) راجع ج ٥٣ ص ١ من هذه الطبعة الحديثة.

٣٨

٤

* ( باب ) *

* ( ( ضرب القرآن بعضه ببعض ومعناه ) ) *

١ ـ ثو (١) مع : ابن الوليد ، عن ابن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر عن القاسم بن سليمان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض إلا كفر (٢).

سن : أبي عن النضر مثله (٣).

شى : عن القاسم مثله (٤).

قال الصدوق رحمه الله : سألت ابن الوليد عن معنى هذا الحديث فقال : هو أن تجيب الرجل في تفسير آية بتفسير آية اخرى (٥).

٥

( باب )

( ( أول سورة نزلت من القرآن وآخر سورة نزلت منه ) )

١ ـ ن : أحمد بن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن معبد ، عن ابن خالد ، عن الرضا ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : أول سورة نزلت ( بسم الله الرحمن الرحيم إقرأ باسم ربك ) وآخر سورة نزلت ( إذا جاء نصر الله والفتح ) (٦).

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ٢٤٩.

(٢) معانى الاخبار ص ١٩٠.

(٣) المحاسن ص ٢١٢.

(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ١٨.

(٥) قاله في كتاب معانى الاخبار.

(٦) عيون الاخبار ج ٢ ص ٦.

٣٩

٦

* ( باب ) *

* ( ( عزائم القرآن ) ) *

١ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن العزائم أربع اقرأ باسم ربك الذي خلق ، والنجم ، وتنزيل السجدة ، وحم السجدة (١).

٧

* ( باب ) *

* ( ( ما جاء في كيفية جمع القرآن وما يدل على تغييره ) ) *

* ( وفيه رسالة سعد بن عبدالله الاشعري القمي في أنواع آيات القرآن أيضا ) *

١ ـ أقول : قد مضى في كتاب الفتن في باب غصب الخلافة من كتاب سليم بن قيس راويا عن سلمان رضي الله عنه أن أميرالمؤمنين صلوات الله عليه لما رأى غدر الصحابة وقلة وفائهم ، لزم بيته وأقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه فلم يخرج من بيته حتى جمعه وكان في الصحف والشظاظ والاسيار والرقاع (٢) فلما جمعه كله وكتبه بيده تنزيله وتأويله ، والناسخ منه والمنسوخ ، بعث إليه أبوبكر أن اخرج فبايع فبعث إليه أني مشغول فقد آليت على نفسي يمينا ألا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى اؤلف القرآن وأجمعه فسكتوا عنه أياما فجمعه في ثوب واحد وختمه ، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنادى علي عليه‌السلام بأعلى صوته :

أيها الناس إني لم أزل منذقبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مشغولا بغسله ، ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب الواحد ، فلم ينزل الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله آية من القرآن إلا وقد جمعتها ، وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلمني تأويلها ، ثم قال

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٢٠.

(٢) الشظاظ : خشبة عقفاء تدخل في عروتى الجوالق ، والاسيار جمع سير : قدة من الجلد مستطيلة ، والرقاع جمع الرقعة : القطعة من الورق.

٤٠