بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ثم إن بلوهر رجع إلى منزله واختلف إلى يوذاسف أياما حتى عرف أنه فتح له الباب ودله على السبيل ، ثم تحول من تلك البلاد إلى غيرها وبقي يوذاسف حزينا مغتما فمكث بذلك حتى بلغ وقت خروجه إلى النساك لينادي بالحق ويدعو إليه أرسل الله عزوجل ملكا من الملائكة فلما رأى منه خلوة ظهر له وقام بين يديه ، ثم قال له : لك الخير والسلامة أنت إنسان بين البهائم الظالمين الفاسقين من الجهال أتيتك بالتحية من الحق وإله الخلق بعتني إليك لابشرك وأذكر لك ما غاب عنك من امور دنياك وآخرتك ، فاقبل بشارتي ومشورتي ولا تغفل عن قولي ، اخلع عنك الدنيا وانبذ عنك شهواتها وازهد في الملك الزائل ، والسلطان الفاني الذي لا يدوم وعاقبته الندم والحسرة ، واطلب الملك الذي لا يزول والفرح الذي لا ينقضي والراحة التي لا يتغير وكن صديقا مقسطا ، فإنك تكون إمام الناس تدعوهم إلى الجنة.

فلما سمع يوذاسف كلامه خر بين يدي الله عزوجل ساجدا ، وقال : إني لامرالله تعالى مطيع وإلى وصيته منته ، فمرني بأمرك فإني لك حامد ولمن بعثك إلي شاكر فإنه رحمني ورؤف بي ولم يرفضني بين الاعداء فإني كنت بالذي أتيت له مهتما ، قال الملك : إني أرجع إليك بعد أيام ثم اخرجك فتهيأ للخروج ولا تغفل عنه ، فوطن يوذاسف نفسه على الخروج وجعل همته كله فيه ولم يطلع على ذلك أحدا حتى إذا جاء وقت خروجه أتى الملك في جوف الليل والناس نيام ، فقال له : قم فاخرج ولا تؤخر ذلك ، فقام ولم يفش سره إلى أحد من الناس غير وزيره فبينا هو يريد الركوب إذ أتاه رجل شاب جميل كان قد ملكهم بلاده فسجد له.

وقال أين تذهب : يا ابن الملك وقد أصابنا العسر أيها المصلح الحكيم الكامل :

وتتركنا وتترك ملكك وبلادك ، أقم عندنا فإنا كنا منذ ولدت في رخاء وكرامة ولم تنزل بنا عاهة ولا مكروه ، فسكته يوذاسف وقال له : امكث أنت في بلادك ودار أهل مملكتك فأما أنا فذاهب حيث بعثت وعامل ما امرت به فإن أنت اعنتني

٤٤١

كان لك في عملي نصيبا ، ثم ركب فسار ما قضى الله له أن يسير ، ثم إنه نزل عن فرسه ووزيره يقود فرسه ويبكي أشد البكاء ، ويقول ليوذاسف بأي وجه أستقبل أبويك؟ وبما أجيبهما عنك وبأي عذاب أو موت يقتلاني ، وأنت كيف تطيق العسر والاذى الذي لم تتعوده وكيف لا تستوحش وأنت لم تكن وحدك يوما قط؟ وجسدك كيف تحمل الجوع والظمأ والتقلب على الارض والتراب ، فسكته وعزاه ووهب له فرسه والمنطقة فجعل يقبل قدميه ويقول : لا تدعني وراءك يا سيدي اذهب بي معك حيث خرجت فإنه لا كرامة لي بعدك وإنك إن تركتني ولم تذهب بي معك خرجت في الصحراء ولم أدخل مسكنا فيه إنسان أبدا ، فسكته أيضا وعزاه ، وقال :

لا تجعل في نفسك إلا خيرا فإني باعث إلى الملك وموصيه فيك أن يكرمك و يحسن إليك.

ثم نزع عنه لباس الملك ودفعه إلى وزيره وقال له : البس ثيابي وأعطاه الياقوته التي كان يجعلها في رأسه ، وقال : انطلق بها معك وفرسي وإذا أتيته فاسجد له وأعطه هذه الياقوتة وأقرئه السلام ثم الاشراف وقل لهم : إني لما نظرت فيما بين الباقي والزائل رغبت في الباقي وزهدت في الزائل ولما استبان لي أصلي و حسبي وفضلت بينهما وبين الاعداء والقرباء رفضت الاعداء والقرباء وانقطعت إلي أصلي وحسبي ، فأما والدي فإنه إذا أبصر الياقوتة طابت نفسه ، فإذا أبصر كسوتي عليك ذكرني وذكر حبي لك ومودتي إياك ، فمنعه ذلك أن يأتي إليك مكروها.

ثم رجع وزيره وتقدم يوذاسف أمامه يمشي حتى بلغ فضاء واسعا فرفع رأسه فرأى شجرة عظيمة على عين من ماء أحسن ما يكون من الشجر وأكثرها فرعا وغصنا وأحلاها ثمرا ، وقد اجتمع إليها من الطير مالا يعد كثرة ، فسر بذلك المنظر وفرح به ، وتقدم إليه حتى دنامنه ، وجعل يعبره في نفسه ويفسره فشبه الشجر بالبشرى التي دعا إليها وعين الماء بالحكمة والعلم ، والطير بالناس الذين يجتمعون إليه ويقبلون منه الدين ، فبينا هو قائم إذ أتاه أربعة من الملائكة

٤٤٢

عليهم‌السلام يمشون بين يديه فأتبع آثارهم حتى رفعوه في جو السماء واوتي من العلم والحكمة ما عرف به الاولى والوسطى والاخرى ، والذي هو كائن ، ثم أنزلوه إلى الارض وقرنوا معه قرينا من الملائكة الاربعة فمكث في تلك البلاد حينا ثم إنه أتى أرض سولابط فلما بلغ والده قدومه خرج يسير هو والاشراف فأكرموه و قربوه ، واجتمع إليه أهل بلده مع ذوي قرابته وحشمه وقعدوا بين يديه وسلموا عليه وكلمهم الكلام الكثير وفرش لهم الايناس وقال لهم : اسمعوا إلي بأسماعكم وفرغوا إلي قلوبكم لاستماع حكمة الله عزوجل التي هي نور الانفس وتقروا بالعلم الذي هو الدليل على سبيل الرشاد ، وأيقظوا عقولكم وافهموا الفصل الذي بين الحق والباطل ، والضلال والهدى.

واعلموا أن هذا هو دين الحق الذي أنزله الله عزوجل على الانبياء والرسل عليهم‌السلام ، والقرون الاولى ، فخصنا الله عزوجل به في هذا القرن برحمته بنا ورأفته ورحمته وتحننه علينا وفيه خلاص من نار جهنم إلا أنه لا ينال الانسان ملكوت السماوات ولا يدخلها أحد إلا بالايمان وعمل الخير ، فاجتهدوا فيه لتدركوا به الراحة الدائمة والحياة التي لا تنقطع أبدا ومن آمن منكم بالدين فلا يكونن إيمانه طمعا في الحياة ورجاء ملك الارض وطلب مواهب الدنيا ، وليكن إيمانكم طمعا في ملكوت السماوات ورجاء الخلاص وطلب النجاة من الضلالة وبلوغ الراحة والفرج في الاخرة ، فإن ملك الارض وسلطانها زائل ، ولذاتها منقطعة ، فمن اغتر بها هلك وافتضح ، لوقد وقف على ديان الدين الذي لا يدين إلا بالحق ، فإن الموت مقرون مع أجسادكم وهو يتراصد أرواحكم أن يكبكبها مع الاجساد.

واعلموا أنه كما أن الطير لين يقدر على الحياة والنجاة من الاعداء من اليوم إلى غد هذه إلا بقوة من البصر والجناحين والرجلين ، فكذلك الانسان لا يقدر على الحياة والنجاة إلا بالعمل والايمان وأعمال الخير الكاملة ، فتفكر أيها الملك أنت والاشراف فيما تستمعون وافهموا واعتبروا ، واعبروا البحر مادامت السفينة ، واقطعوا المسافة مادام الدليل والظهر والزاد ، واسلكوا سبيلكم مادام المصباح ،

٤٤٣

وأكثروا من كنوز البر مع النساك ، وشاركوهم في الخير والعمل الصالح ، وأصلحوا التبع وكونوا لهم أعوانا وأمروهم بأعمالكم لينزلوا معكم ملكوت النور ، واقبلوا النور ، واحتفظوا بفرائضكم ، وإياكم أن تتوثقوا إلى أماني الدنيا وشرب الخمور وشهوة النساء من كل ذميمة وقبيحة مهلكة للروح والجسد واتقوا الحمية والغضب والعداوة والنميمة ، وما لم ترضوه أن يؤتى إليكم فلا تأتوه إلى أحد ، وكونوا طاهري القلوب ، صادقي النيات لتكونوا على المنهاج إذا أتاكم الاجل.

ثم انتقل من أرض سولابط وسار في بلاد ومدائن كثيرة حتى أتى أرضا تسمى قشمير فسار فيها وأحيا ميتها ومكث حتى أتاه الاجل الذي خلع الجسد ، وارتفع إلى النور ، ودعا قبل موته تلميذا له اسمه يابد الذي كان يخدمه ويقوم عليه ، وكان رجلا كاملا في الامور كلها ، وأوصى إليه وقال : إنه قد دنا ارتفاعي عن الدنيا ، واحتفظوا بفرائضكم ، ولا تزيغوا عن الحق ، وخذوا بالنسك ، ثم أمر يابد أن يبني له مكانا فبسطه هو رجليه وهيأ رأسه إلى المغرب ووجهه إلى المشرق ثم قضى نحبه.

٣٣

* ( باب ) *

* «( نوادر المواعظ والحكم )» *

١ ـ ل ، ن (١) : عن تميم القرشي ، عن أبيه ، عن أحمد بن علي الانصاري ، عن الهروي وقال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : أوحى الله عزوجل إلى نبي من أنبيائه إذا أصبحت فأول شئ يستقبلك فكله والثاني فاكتمه والثالث فاقبله والرابع فلا تؤيسه والخامش فاهرب منه ، قال : فلما أصبح مضى فاستقبله جبل أسود عظيم فوقف وقال : أمرني ربي عزوجل أن آكل هذا ، وبقي متحيرا ثم رجع إلى نفسه ، فقال إن ربي جل جلاله لا يأمرني إلا بما اطيق فمشى إليه ليأكله فلما

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٢٨ ، والعيون ص ١٥٢. وقد مربنصه في المجلد الاول ص ١٨.

٤٤٤

دنا منه صغر حتي انتهى إليه فوجده لقمة فأكلها فوجدها أطيب شئ أكله ، ثم مضى فوجد طستا من ذهب قال : أمرني ربي أن أكتم هذا فحفر له وجعله فيه وألقى عليه التراب ، ثم مضى فالتفت فإذا الطست قد ظهر ، فقال : قد فعلت ما أمرني ربي عزوجل ، فمضى فإذا هو بطير وخلفه بازي وطاف الطير حوله فقال : أمرني ربي عزوجل أن أقبل هذا ففتح كمه فدخل الطير فيه ، فقال له البازي : أخذت صيدي وأنا خلفه منذ أيام ، فقال : إن ربي عزوجل أمرني أن لا اويس هذا ، فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه ، ثم مضى ، فلما مضى فإذا هو بلحم ميتة منتن مدود ، فقال : أمرني ربي أن أهرب من هذا فهرب منه ، ورجع ورأى في المنام كأنه قد قيل له : إنك قد فعلت ما أمرت به فهل تدري ماذا كان؟ قال : لا ، قيل له :

أما الجبل فهو الغضب إن العبد إذا غضب لم ير نفسه وجهل قدره من عظم الغضب ، فإذا حفظ نفسه وعرف قدره وسكن غضبه كانت عاقبته كاللقمة الطيبة التي أكلتها وأما الطست فهو العمل الصالح إذا كتمه العبد وأخفاه أبى الله عزوجل إلا أن يظهره ليزينه به مع ما يدخر له من ثواب الاخرة.

وأما الطير فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة فاقبله واقبل نصيحته.

وأما البازي فهو الرجل الذي يأتيك في حاجة فلا تؤيسه.

وأما اللحم المنتن فهو الغيبة فاهرب منها.

٢ ـ لى (١) : عن ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن التفليسي ، عن السمندي قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام : يقول : كان في بني إسرائيل مجاعة حتى نبشوا الموتى فأكلوهم ، فنبشوا قبرا فوجدوا فيه لوحا مكتوبا : أنا فلان النبي نبش قبري حبشي : ما قدمناه وجدناه ، وما أكلناه ربحناه ، وما خلفناه خسرناه.

٣ ـ ل (٢) : عن ما جيلويه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن صالح يرفعه

____________________

(١) المجلس الثامن والثمانون ص ٣٦١.

(٢) الخصال ج ١ ص ١١٣.

٤٤٥

بإسناده قال : أربعة القليل منها كثير ، النار القليل منها كثير ، والنوم القليل منه كثير ، والمرض القليل منه كثير ، والعداوة القليل منها كثير.

٤ ـ ما (١) : عن المفيد ، عن الكاتب ، عن عبدالصمد بن علي ، عن محمد بن هارون ، عن أبي طلحة الخزاعي ، عن عمر بن عباد ، عن أبي فرات (٢) قال : قرأت في كتاب لوهب بن منبه ، وإذا مكتوب في صدر الكتاب : هذا ما وضعت الحكماء في كتبها : الاجتهاد في عبادة الله أربح تجارة ، ولا مال أعود من العقل ، ولا فقر أشد من الجهل ، وأدب تستفيده خير من ميراث ، وحسن الخلق خير رفيق ، والتوفيق خير قائد ، ولا ظهر أوثق من المشاورة ، ولا وحشة أوحش من العجب ، ولا تطمعن صاحب الكبر في حسن الثناء عليه.

٥ ـ ما (٣) : بالاسناد ، عن أبي قتادة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام : قال : وصية ورقة بن نوفل لخديجة بنت خويلد عليهما‌السلام إذا دخل عليها يقول لها : يا بنت أخي لا تمار جاهلا ولا عالما فإنك متى ماريت جاهلا أذلك ، ومتي ماريت عالما منعك علمه ، وإنما يسعد بالعلماء من أطاعهم ، أي بنية إياك وصحبة الاحمق الكذاب ، فإنه يريد نفعك فيضرك ، ويقرب منك البعيد ، ويبعد عنك القريب ، إن ائتمنته خانك ، وإن ائتمنك أهانك ، وإن حدثك كذبك ، وإن حدثته كذبك وأنت منه بمنزلة السراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ، واعلمي أن الشاب الحسن الخلق مفتاح للخير مغلاق للشر وأن الشاب الشحيح الخلق مغلاق للخير مفتاح للشر ، واعملي أن الاجر إذا انكسر لم يشعب ولم يعد طينا.

٦ ـ ما (٤) : عن ابن مخلد ، عن جعفر بن محمد بن نصير ، عن أحمد بن محمد بن

____________________

(١) الامالى ج ١ ص ١٨٥.

(٢) في المصدر «أبى تراب».

(٣) الامالى ج ١ ص ٣٠٨.

(٤) المصدر ج ٢ ص ٨.

٤٤٦

مسروق قال : أنشدني بعض أصحابنا.

اجعل تلادك في المهم من الامور إذا اقترب حسن التصبر ما استطعت فإنه نعم السبب لاتسه عن أدب الصغير وإن شكى ألم التعب ودع الكبير لشأنه كبر الكبير عن الادب لا تصحب النطف المريب فقر به إحدى الريب واعلم بأن ذنوبه تعدى كما يعدى الجرب

٧ ـ ل ، مع (١) : عن العطار ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن ابن عثمان ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن محمد بن وهب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام : قال : تبع حكيم حكيما سبعمائة فرسخ في سبع كلمات فلما لحق به قال له :

يا هذا ما أرفع من السماء؟ وأوسع من الارض؟ وأغني من البحر؟ وأقسى من الحجر؟ وأشد حرارة من النار؟ وأشد بردا من الزمهرير؟ وأثقل من الجبال الراسيات؟ فقال له : يا هذا إن الحق أرفع من السماء ، والعدل أوسع من الارض ، وغنى النفس أغنى من البحر ، وقلب الكافر أقسى من الحجر ، والحريص الجشع أشد حرارة من النار ، واليأس من روح الله عزوجل أشد بردا من الزمهرير ، والبهتان على البرئ أثقل من الجبال الراسيات.

٨ ـ لى (٢) : عن ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ابن حميد ، عن الثمالي قال : دعا حذيفة بن اليمان ابنه عنده موته فأوصى إليه وقال : يا بني أظهر اليأس مما في أيدي الناس فإن فيه الغنى ، وإياك وطلب الحاجات إلى الناس فإنه فقر حاضر ، وكن اليوم خيرا منك أمس ، وإذا أنت صليت فصل صلاة مودع للدنيا ، كأنك لا ترجع ، وإياك وما يعتذر منه.

٩ ـ ل (٣) : عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ،

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٥. والمعانى ص ١٧٧.

(٢) المجلس الثاني والخمسون ص ١٩٤.

(٣) الخصال ج ١ ص ٢١.

٤٤٧

عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قام أبوذر ـ رحمه‌الله ـ عند الكعبة فقال :

أنا جندب بن سكن ، فاكتنفه الناس فقال : لو أن أحدكم أراد سفرا لا تخذ فيه من الزاد ما يصلحه ، فسفر يوم القيامة أما تريدون فيه ما يصلحكم ، فقام إليه رجل فقال : أرشدنا ، فقال : صم يوما شديد الحر للنشور ، وحج حجة لعظائم الامور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور ، كلمة خير تقولها ، وكلمة شر تسكت عنها ، أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجو بها ، يا مسكين من يوم عسير ، اجعل الدنيا درهمين درهما أنفقته على عيالك ، ودرهما قدمته لاخرتك ، والثالث يضر ولا ينفع فلا ترده ، اجعل الدنيا كلمتين : كلمة في طلب الحلال ، وكلمة للاخرة ، والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها ، ثم قال : قتلني هم يوم لا أدركه.

جا (١) : عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن الوليد (٢) عن أبيه ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله.

١٠ ـ جا ، ما (٣) : عن المفيد ، عن الكاتب ، عن الزعفراني ، عن الثقفي عن حبيب بن بصير (٤) عن أحمد بن بشير ، عن هشام بن محمد ، عن أبيه محمد بن السائب ، عن إبراهيم بن محمد اليماني ، عن عكرمة قال : سمعت عبدالله بن العباس يقول لابنه علي بن عبدالله : ليكن كنزك الذي تدخره العلم ، كن به أشد اغتباطا منك بكثرة الذهب الاحمر ، فإني مودعك كلاما إن أنت وعيته اجتمع لك به خير أمر الدنيا والاخرة لا تكن ممن يرجو الاخرة بغير عمل ، ويؤخر التوبة الطول الامل ، ويقول في الدنيا قول الزاهدين ، ويعمل فيها عمل الرغبين إن اعطي منها لم يشبع وإن منع منها لم يقنع ، يعجز عن شكر ما اوتي ويبغي الزيادة فيما بقي ويأمر بما لا يأتي ، يحب الصالحين ولا يعمل عملهم ، ويبغض الفجار وهو أحدهم ، ويقول : لم أعمل فأتعني ألا أجلس فأتمني ، فهو يتمني المغفرة وقد دأب في المعصية قد عمر

____________________

(١) مجالس المفيد ص ١٢٥ و ١٢٦. (٢) في المصدر محمد بن محمد بن الوليد.

(٣) مجالس المفيد ١٩٥ ، والامالى ج ١ ص ١١٠.

(٤) في المجالس «حبيب بن نصر».

٤٤٨

ما يتذكر فيه من تذكر يقول فيما ذهب : لو كنت عملت ونصبت كان ذخرا لي ويعصي ربه تعالى فيما بقي غير مكترث ، إن سقم ندم على العمل (١) وإن صح أمن واغتر وأخر العمل ، معجبا بنفسه ما عوفي ، وقانطا إذا ابتلي ، إن رغب أشر ، وإن بسط له هلك ، تغلبه نفسه على ما يظن ولا يغلبها على ما يستيقن ، لا يثق من الرزق بما قد ضمن له ، ولا يقنع بما قسم له ، لم يرغب قبل أن ينصب ، ولا ينصب فيما يرغب ، إن استغنى بطر ، وإن افتقر قنط ، فهو يبتغي الزيادة وإن لم يشكر ، ويضيع من نفسه ما هو أكبر ، يكره الموت لا ساءته ولا يدع الاساءة في حياته ، إن عرضت شهوته واقع الخطيئة ثم تمنى التوبة ، وإن عرض له عمل الاخرة دافع ، يبلغ في الرغبة حين يسأل ، ويقصر في العمل حين يعمل ، فهو بالطول مدل وفي العمل مقل ، يبادر في الدنيا ، يعبأ بمرض فإذا أفاق واقع الخطايا ولم يعرض ، يخشى الموت ولا يخاف الفوت ، يخاف على غيره بأقل من ذنبه ، ويرجو لنفسه بدون عمله ، وهو على الناس طاعن ، ولنفسه مداهن ، يرجو الامانة ما رضي ويرى الخيانة إن سخط ، إن عوفي ظن أنه قد تاب وإن ابتلي طمع في العافية وعاد ، لا يبيت قائما ، ولا يصبح صائما ، يصبح وهمه الغذاء ، ويمسي ونيته العشاء وهو مفطر ، يتعوذ بالله من فوقه ولا ينجو بالعوذ منه من هو دونه ، يهلك في بغضه إذا أبغض ولا يقصر في حبه إذا أحب ، يغضب في اليسير ، ويعصي على الكثير ، فهو يطاع ويعصي الله ، والله المستعان.

١١ ـ ص (٢) : عن الصدوق ، عن محمد العطار ، عن الحسن بن إسحاق ، عن علي بن مهزيار ، وعن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن منذر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لما فارق موسى الخضر قال موسى أوصني ، فقال الخضر : ألزم ما لا يضرك معه شئ كما لا ينفعك من غيره شئ ، إياك واللجاجة والمشي إلى غير حاجة ، والضحك في غير تعجب ، يا ابن عمران لا تعيرن أحدا بخطيئته ، وابك على خطيئتك.

١٢ ـ ك (٣) : عن الحسن بن عبدالله ، عن علي بن الحسين بن إسماعيل ،

____________________

(١) كذا والظاهر «على ترك العمل».

(٢) مخطوط. (٣) كمال الدين ص ١٠١.

٤٤٩

عن محمد بن زكريا ، عن مهدي بن ساق ، عن عبدالله بن عباس ، عن أبيه قال : جمع قس بن ساعدة ولده فقال : إن المعا تكفيه البقلة وترويه المذقة ، ومن عيرك شيئا ففيه مثله ، ومن ظلمك وجد من يظلمه ، متى عدلت على نفسك عدل عليك من فوقك ، فإذا نهيت عن شئ فابدأ بنفسك ، ولا تجمع ما لا تأكل ، ولا تأكل مالا تحتاج إليه ، وإذا ادخرت فلا تكونن كنزك إلا فعلك ، وكن عف العيلة مشترك الغنى تسد قومك ، ولا تشاورن مشغولا وإن كان حازما ولا جائعا وإن كان فهما ، ولا مذعورا وإن كان ناصحا ، ولا تضعن في عنقك طوقا لا يمكنك نزعه إلا بشق نفسك ، وإذا خاصمت فاعدل ، وإذا قلت فاقتصد ، ولا تستود عن أحدا دينك وإن قربت قرابته فإنك إذا فعلت ذلك لم تزل وجلا ، وكان المستودع بالخيار في الوفاء بالعهد ، وكنت له عبدا ما بقيت ، فإن جنى عليك كنت أولى بذلك ، وإن وفى كان الممدوح دونك ، عليك بالصدقة فانها تكفر الخطيئة وكان قس لا يستودع دينه أحدا وكان يتكلم بما يخفى معناه على العوام ولا يستدركه إلا الخواص.

١٣ ـ صح (١) : عن الرضا عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : وجد لوح تحت حائط مدينة من المدائن مكتوب فيه أنا الله لا إله إلا أنا ، ومحمد نبيي ، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن ، وعجبت لمن اختبر الدنيا [ كيف ] يطمئن إليها ، وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف يذنب.

١٤ ـ جا (٢) : عن علي بن محمد القرشي ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن الحسن بن نصير ، عن أبيه ، عن عبدالغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن محمد ابن علي بن الحنفية قال : سمعته يقول : ما لك من عيشك إلا لذة تزدلف بك إلا حمامك ، ويقر بك إلى نومك ، فأي اكلة ليس معها غصص؟ أو شربة ليس معها شرق ، فتأمل أمرك فكأنك قد صرت الحبيب المفقود والخيال المخترم ، أهل الدنيا أهل سفر لا يحلون عقد رحالهم إلا في غيرها.

____________________

(١) مجالس المفيد ص ١٠.

(٢) صحفية الرضا : ص ٣٥.

٤٥٠

١٥ ـ جا (١) : عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن الاهوازي ، عن النضر ، وابن أبي نجران معا ، عن عاصم ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام إنه قال : إن أباذر ـ رحمة الله عليه ـ كان يقول :

يا مبتغي العلم كأن شيئا من الدنيا لم يكن شيئا إلا عملا ينفع خيره ويضر شره إلا من رحمه‌الله ، يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت من عندهم إلى غيرهم والدنيا والاخرة كمنزل نزلته ثم عدلت عنه إلى غيره ، وما بين الموت والبعث إلا كنومة نمتها ثم استيقظت منها ، يا مبتغي العلم قدم لمقامك بين يدي الله فإنك مرتهن بعملك وكما تدين تدان ، يا مبتغي العلم صل قبل أن لا تقدر على ليل ولا نهار تصلي فيه ، إنما مثل الصلاة لصاحبها بإذن الله كمثل رجل دخل على سلطان فأنصت له حتى فرغ من حاجته كذلك المرء المسلم مادام في صلاته لم يزل الله ينظر إليه حتى يفزع من صلاته ، يا مبتغي العلم تصدق قبل أن لا تقدر أن تعطي شيئا ولا تمنع منه ، إنما مثل الصدقة لصاحبها كمثل رجل طلبه القوم بدم ، فقال : لا تقتلوني واضربوا لي أجلا لاسعى في مرضاتكم ، كذلك المرء المسلم بإذن الله كلما تصدق بصدقة حل بها عقدة في رقبته ، حتى يتوفى الله أقواما وقد رضي عنهم ومن رضي‌الله‌عنه فقد عتق من النار ، يا مبتغي العلم إن قلبا ليس منه من الحق شئ كالبيت الخراب الذي لا عامر له ، يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر فاختم على قلبك كما تختم على ذهبك وورقك ، يا مبتغي العلم إن هذه الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون.

ما ـ (٢) : عن جماعة من أبي المفضل ، عن محمد بن القاسم بن زكريا ، عن عباد بن يعقوب ، عن عاصم بن حميد ، عن يحيى بن القاسم يعني أبا بصير عنه عليه‌السلام مثله وفيه : يا باغي العلم في المواضع وفي بعض الفقرات تقديم وتأخير.

١٦ ـ ما (٣) بإسناده عن موسى بن بكر ، عن العبد الصالح عليه‌السلام قال : بكى

____________________

(١) المصدر : ص ١٠٦. (٢) الامالى ج ٢ ص ١٥٧.

(٣) الامالى ج ٢ ص ٣١٣.

٤٥١

أبوذر من خشية الله تعالى حتى اشتكى بصره فقيل له : لو دعوت الله يشفي بصرك فقال : إني عن ذلك مشغول وما هو بأكبر همي قالوا : وما يشغلك عنه ، قال :

العظيمتان الجنة والنار.

١٧ ـ ما (١) : بإسناده ، عن موسى بن بكر ، عن العبد الصالح عليه‌السلام قال : سئل أبوذر ما مالك؟ قال : عملي ، قيل له : إنما نسألك عن الذهب والفضة ، فقال :

ما اصبح فلا امسي وما امسى فلا اصبح ، لنا كندوج نرفع فيه خير متاعنا ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «كندوج المؤمن قبره».

١٨ ـ ما (٢) : بإسناده ، عن موسى بن بكر ، عن العبد الصالح عليه‌السلام قال :

قال أبوذر ـ ره ـ : جزى الله عني الدنيا مذمة بعد رغيفين من الشعير أتغذى بأحدهما وأتعشى بالاخر ، وبعد شملتي الصوف أئتزر بإحديهما وأرتدي بالاخرى.

١٩ ـ الدرة الباهرة (٣) : أوصى آدم ابنه شيث عليه‌السلام بخمسة أشياء وقال له : اعمل بها وأوص بها بنيك من بعدك ، أولها : لا تركنوا إلى الدنيا الفانية فإني ركنت إلى الجنة الباقية فما صحب لي واخرجت منها ، الثانية لا تعملوا برأي نسائكم فإني عملت بهوى امرأتي وأصابتني الندامة ، الثالثة إذا عزمتم على أمر فانظروا إلى عواقبه فإني لو نظرت في عاقبة أمري لم يصبني ما أصابني ، الرابعة إذا نفرت قلوبكم من شي ء فاجتنبوه فإني حين دنوت من الشجرة لاتناول منها نفر قلبي فلو كنت امتنعت من الاكل ما أصابني ما أصابني.

نقل من خط الشهيد ـ قدس الله روحه ـ ينسب إلى محمد بن الحنفية : من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا.

٢٠ ـ دعوات الراوندى (٤) : أوحى الله إلى عزير عليه‌السلام يا عزير إذا وقعت في معصية ، فلا تنظر إلى صغرها ولكن انظر من عصيت ، وإذا اوتيت رزقا مني فلا تنظر إلى قلته ولكن انظر إلى من أهداه ، وإذا نزلت بك بلية فلا تشك إلى

____________________

(١) و (٢) الامالى ج ٢ ص ٣١٣.

(٣) و (٤) مخطوط.

٤٥٢

خلقي كما لا أشكوك إلى ملائكتي عند صعود مساويك وفضائحك.

٢١ ـ عدة الداعى (١) : أوحى الله تعالى إلى داود عليه‌السلام يا داود إني وضعت خمسة في خمسة ، والناس يطلبونها في خمسة غيرها فلا يجدونها : وضعت العلم في الجوع والجهد وهم يطلبونه في الشبع والراحة فلا يجدونه ، وضعت العز في طاعتي وهم يطلبونه في خدمة السلطان فلا يجدونه ، ووضعت الغنى في القناعة وهم يطلبونه في كثرة المال فلا يجدونه ، ووضعت رضاي في سخط النفس وهم يطلبونه في رضا النفس فلا يجدونه ، ووضعت الراحة في الجنة وهم يطلبونها في الدنيا فلا يجدونها.

٢٢ ـ كتاب المسلسلات : حدثني أبوالقاسم علي بن محمد بن علي العلوي قال : سمعت محمد بن أحمد السناني ، سمعت محمد العلوي العريضي يقول : سمعت عبدالعظيم بن عبدالله الحسني ، يقول : سمعت أحمد بن عيسى العلوي يقول : سمعت أبا صادق يقول : سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : تمثيل لابي ذرالغفاري ـ ره ـ

أنت في غفلة وقلبك ساه

نفد العمر والذنوب كما هي

جمة حصلت عليك جميعا

في كتاب وأنت عن ذاك ساهي

لم تبادر بتوبة منك حتى

صرت شيخا وحبلك اليوم واهي

عجبا منك كيف تضحك جهلا

وخطاياك قد بدت لالهى

فتفكر في نفسك اليوم جهدا

واسل عن نفسك الكرى ياتاهي (٢)

٢٣ ـ كتاب الغايات (٣) : عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : كان أحد ما أوصى به الخضر موسى بن عمران أنه قال : لا تعيرن أحدا بذنب فإن أحب الامور إلى الله ثلاثة القصد في الجدة والعفو في المقدرة ، والرفق لعبادالله ، وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلا رفق الله له يوم القيامة ، ورأس الحكمة مخافة الله.

٢٤ ـ ختص (٤) : عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام قال : قال سلمان الفارسي :

____________________

(١) المصدر : ص ١٢٦. (٢) الكرى : النعاس.

(٣) مخطوط.

(٤) الاختصاص ص ٢٣٠. ورواه الصدوق في الخصال ج ١ ص ١٥٨.

٤٥٣

عجبت بست ، ثلاثة أضحكتني وثلاثة أبكتني ، فأما التي أبكتني ففراق الاحبة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهول المطلع والوقوف بين يدي الله عزوجل ، وأما التي أضحكتني فطالب الدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ، وضاحك ملء فيه ولا يدري أرضي له أم سخط.

٢٥ ـ ختص (١) : عن سعد بن عبدالله رفعه قال : تبع حكيم حكيما تسع مائة فرسخ فلما لحقه قال : يا هذا ما أرفع من السماء؟ وما أوسع من الارض؟ وما أغنى من البحر؟ وما أقسى من الحجر وما أشد حرارة من النار وما أشد بردا من الزمهرير ، وما أثقل من الجبال الراسيات؟ فقال : الحق أرفع من السماء ، والعدل أوسع من الارض ، وغنى النفس أغنى من البحر ، وقلب الكافر أقسى من الحجر ، والحريص الجشع أشد حرارة من النار ، واليأس من قريب أشد بردا الزمهرير ، والبهتان عن البرئ أثقل من الجبال الراسيات.

٢٦ ـ كنز الكراجكى (٢) : قيل لبعضهم : كيف حالك؟ فقال : كيف حال من يفنى ببقائه ، ويسقم بسلامته ، ويؤتى من مأمنه.

وقيل لبعض حكماء العرب : من أنعم الناس عيشا؟ قال : من تحلى بالعفاف ورضي بالكفاف ، وتجاوز ما يخاف إلى ما لا يخاف ، وقيل : فمن أعلمهم؟ قال :

من صمت فادكر ، ونظر فاعتبر ، ووعظ فازدجر.

وروي أن الله تعالى يقول : يا ابن آدم في كل يوم يؤتى رزقك وأنت تحزن ، وينقص عمرك وأنت لا تحزن ، تطلب ما يطغيك وعندك ما يكفيك.

وقيل : أغبط الناس؟ من اقتصد فقنع ، ومن قنع فك رقبته من عبودية الدنيا وذل المطامع.

وقيل : الفقير من طمع ، والغني من قنع.

وقيل : من كان له من نفسه واعظ كان عليه من الله حافظ.

____________________

(١) المصدر : ص ٢٤٧.

(٢) المصدر : ص ١٣٩.

٤٥٤

وقيل : لا يزال العبد بخير مادام له واعظ من نفسه ، وكانت محاسبته من همه ، ووعظ رجل فقال : عباد الله الحذر الحذر فوالله لقد ستر حتى كأنه قد غفر ، ولقد أمهل حتى كأنه قد أهمل.

وقيل : العجب لمن يغفل وهو يعلم أنه لا يغفل عنه ، ولمن يهنئه عيشه وهو لا يعلم إلى ماذا يصير أمره.

وقيل : إن للباقي بالفاني معتبرا ، وللاخر بالاول مزدجرا ، فالسعيد لا يركن إلى الخدع ، ولا يغتر بالطمع.

وقال آخر : كيف أؤخر عملي ولست أدري متى يحل أجلي ، أم كيف تشتد حاجتي إلى الدنيا وليست بداري ، أم كيف أجمع وفي غيرها قراري ، أم كيف لا امهد لرجعتي قبل انصراف مدتي.

وقال عمر بن الخطاب لابي ذر ـ ره ـ : عظني : قال له : ارض بالقوت ، وخف الفوت ، واجعل صومك الدنيا وفطرك الموت.

وقال آخر : عجبا لمن يكتحل عينه برقاد والموت ضجيعها على وساد.

وقال آخر : نظرنا فوجدنا الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذاب الله.

وقال آخر : عجبا لمن يحتمي من الطيبات مخافة الداء ، ولا يحتمي من الذنوب مخافة النار.

وقيل : كيف يصفو عيش من هو مسؤول عما عليه ، مأخوذ بما لديه ، محاسب على ما وصل إليه.

وقال آخر : عجبا لمن يحسر عن الواضحة (١) وقد يعمل بالفاضحة.

وقيل : إذا فللت (٢) فارجع ، وإذا أذنبت فاقلع ، وإذا أسأت فاندم ، وإذا ائتمنت فاكتم.

وقال المسيح عليه‌السلام : تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ، ولا تعملون

____________________

(١) الواضحة مقدم الاضراس. (٢) في المصدر : «اذا زللت».

٤٥٥

للاخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بعمل.

وقال عليه‌السلام : إذا عملت الحسنة فأله عنها فإنها عند من لا يضيعها ، وإذا عملت السيئة فاجعلها نصب عينك.

وقيل لحكيم : لم تدمن (١) إمساك العصا ولست بكبير ولا مريض قال :

لاعلم أني مسافر.

وقيل : من أحسن عبادة الله في شيبته لقاه الله الحكمة في بلوغه أشده وذلك قوله سبحانه : «ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين (٢)» ولا بأس أن يعذل المقصر المقصر (٣).

وقال بعضهم : لا يمنعكم معاشر السامعين سوء ما تعلمون منا أن تقبلوا أحسن ما تسمعون منا.

قال الخليل بن أحمد : اعمل بعلمي ولا تنظر إلى عملي ينفعك علمي ولا يضرك تقصيري ، نعوذ بالله أن يكون ما علمنا حجة علينا لا لنا ، انظر يا أخي إلى نفسك ولا تكن ممن جمع علم العلماء وطرائف الحكماء وجرى في العمل مجرى السفهاء.

وروي أن (٤) امرأة العزيز وقفت على الطريق فمرت بها المواكب حتى مر يوسف عليه‌السلام ، فقالت : الحمدلله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته ، والحمدلله الذي جعل الملوك عبيدا بمعصيته.

وذكروا أن المتمناة ابنة النعمان بن المنذر دخلت على بعض ملوك الوقت فقالت : إنا كنا ملوك هذه البلدة يجبى إلينا خراجها ويطيعنا أهلها فصاح بنا صائح الدهر فشق عصانا وفرق ملانا ، وقد أتيتك في هذا اليوم أسألك ما أستعين به على صعوبة الوقت ، فبكى الملك وأمر لها بجائزة حسنة فلما أخذتها أقبلت بوجهها

____________________

(١) ادمن الشئ : أدامه.

(٢) يوسف : ٢٣. (٣) العذل : اللوم.

(٤) الكنز : ص ١٤٥.

٤٥٦

عليه فقالت : إني محييك بتحية كنا نحيى بها فأصغى إليها ، فقالت : شكوتك يدا افتقرت بعد غنى ، ولاطلتك (١) يدا استغنت بعد فقر ، وأصاب الله بمعروفك مواضعه ، وقلدك المنن في أعناق الرجال ، ولا أزال الله عن عبد نعمة إلا جعلك السبب لردها عليه والسلام. فقال اكتبوها في ديوان الحكمة.

وعن محمد بن علي الازدي البصري (٢) رفعه إلى أبي شهاب قال : قد بلغني أن عيسى بن مريم عليه‌السلام قال للدنيا : يا امرأة كم لك من زوج؟ قالت : كثير ، قال :

فكلهم طلقك ، قالت : لا ، بل كلهم قتلت ، قال : هؤلاء الباقون لا يعتبرون بإخوانهم الماضين كيف توردينهم المهالك واحدا واحدا فيكونوا منك على حذر؟ قالت : لا.

وبلغنا (٣) أن كلام الله تعالى الذي أنزله على بني إسرائيل إني أنا الله لا إله إلا أنا ذوبكة مفقر الزناة ، وتارك تاركي الصلاة عراة.

وقال ابن عباس ـ ره ـ (٤) خمس خصال تورث خمسة أشياء : ما فشت الفاحشة في قوم قط إلا أخذهم الله بالموت ، وما طففت قوم الميزان إلا أخذهم الله بالسنين ، وما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم ، وما جار قوم في الحكم إلا كان القتل بينهم ، وما منع قوم الزكاة إلا سلط الله عليهم عدوهم.

وقال لقمان الحكيم لابنه في وصيته : يا بني أحثك على ست خصال ، ليس منها خصلة إلا وهي تقربك إلى رضوان الله عزوجل ، وتباعدك من سخطه : الاولى أن تعبدالله لا تشرك به شيئا ، والثانية الرضا بقدر الله فيما أحببت أو كرهت ، والثالثة أن تحب في الله وتبغض في الله ، والرابعة أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك ، والخامسة تكظم الغيظ وتحسن إلى من أساء إليك ، والسادسة ترك الهوى ومخالفة الردى.

____________________

(١) في المصدر «ولا ملكتك». (٢) الكنز : ص ١٥٩.

(٣) المصدر : ص ٢٧١.

(٤) المصدر : ص ٢٧٢.

٤٥٧

٢٧ ـ أعلام الدين (١) : وصية لقمان لولده قال : يا بني أقم الصلاة فإنما مثلها في دين الله كمثل عمود الفسطاط فإن العمود إن استقام استقام الاطناب والاوتاد والظلال ، وإن لم يستقم لم ينفع وتد ولا طنب ولا ظلال ، أي نبي صاحب العلماء وجالسهم وزرهم في بيوتهم لعلك أن تشبههم فتكون منهم.

اعلم يا نبي إني قد ذقت الصبر وأنواع المر فلم أجد أمر من الفقر ، فإذا افتقرت يوما فاجعل فقرك بنك وبين الله ، ولا تحدث الناس بفقرك فتهون عليهم ، ثم سل في الناس هل من أحد وثق بالله فلم ينجه ، يا نبي توكل على الله ثم سل في الناس من ذا الذي أحسن الظن بالله فلم يكن عند حسن ظنه به ، يا نبي من يرد رضوان الله يسخط نفسه كثيرا ، ومن لا يسخط نفسه لا يرضى ربه ، ومن لا يكظم غيظه يشمت عدوه ، يا نبي تعلم الحكمة تشرف بها فإن الحكمة تدل على الدين ، وتشرف العبد على الحر ، وترفع المسكين على الغني ، وتقدم الصغير على الكبير ، وتجلس المسكين مجالس الملوك ، وتزيد الشريف شرفا ، والسيد سؤددا ، والغني مجددا ، وكيف يظن ابن آدم أن يتهيأ له أمر دينه ومعيشته بغير حكمة ولن يهيئ الله عزوجل أمر الدنيا والاخرة إلا بالحكمة ، ومثل الحكمة بغير طاعة مثل الجسد بغير نفس ومثل الصعيد بغير ماء ، ولا صلاح للجسد بغير نفس ولا للصعيد بغير ماء ولا للحكمة بغير طاعة.

قدتم كتاب الروضة من كتاب بحار الانوار ويتلوه كتاب الطهارة والصلوة إن شاء الله تعالى والحمدلله وحده.

____________________

(١) مخطوط.

إلى هنا تم المجلد السابع عشروتم ما علقت عليه. وأرجو من المولى سبحانه القبول.

وأشكر الاستاذ المعظم السيد جلال الدين المحدث الارموى أبقاه الله تعالى علما للحق حيث تفضل بارسال نسختين مخطوطتين من الكتاب حين وقوفه على طبعه وذلك بعد ما خرج من الطبع ما جاوز الثلث من الكتاب فالواجب علينا أن نسدى جمل الثناء اليه والشكر له.

وأنا الاقل على أكبر الغفارى ١٣٨٦ هـ

٤٥٨

كلمة المصحح :

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمدك اللهم على التوفيق ، ونصلي على رسولك وآله هداة الطريق.

أما بعد : فاني لمغتبط بهذه الفرصة التي اتيحت لي لتصحيح هذا الجزء الذي هو في أجزاء الكتاب كالكواكب الدري ، وفي نظام هذا السلك المنضد كالدر ـ الوضئ. لما فيه من عقائل الادب ، وكرائم الخطب ، وينابيع الحكم ، والمواعظ والزواجر والعبر ، ومحاسن الكتب والاثر ما يشفي الغليل من غلته ، ويبرئ عليل من علته ، ويطهر النفوس عن درن الرذائل ، ويرحض القلوب عن ظلمة ـ الآثام ، فمن امتثل أوامره وائتمر ، وانتهى عن نواهيه وازدجر ، واتعظ بمواعظه واعتبر ، فهو أفضل من تقمص وائتزر.

والكتاب بما في غضونه من الدروس الراقية يغنينا عن سرد جمل الثناء عليه أو تسطير الكلم في إطرائه ، غير أنه لم يخرج في زمان مؤلفه الفحل والبطل ، وسارع إلى رحمة ربه الكريم ولم يمهله الاجل. فبقي مسودة دون تصحيح ألفاظه ، وتفسير غرائبه ولغاته.

فهو مع كونه جؤنة مشحونة بنفائس الاعلاق ، ذوحظ وافر من الاسقاط والاغلاط ، فقاسيت ما قاسيت في تصحيحه ، ولم آل جهدا في تحقيقه ، وتحملت المشاق في توضيحه ، ولم أرم الاطناب في تعليقه. مع أن الباع قصير ، والامر خطير.

ولست بمستعظم عملي ، ولا مستكثر جهدي ، وما ابرء نفسي ، وأنا معترف بأن الذي خلق من عجل قلما يسمل من الخطأ والزلل ، فالمرجو من أساتذتي العظام أن يمروا على هفواتي مر الكرام ، فان العصمة لله الملك العلام ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه انيب.

على اكبر الغفارى

٤٥٩
٤٦٠