دعوى كونه نائباً عنهم كما نقله (١) عن الشيخ قدسسره في التخيير بين الخبرين المتعارضين بعد تكافئهما.
كما أنّه لا حاجة إلى ما تكلّفه صاحب الكفاية قدسسره في مبحث الاجتهاد والتقليد من توجيه رجوع المقلّد إلى المجتهد في موارد الأمارات في الشبهات ، بأنّه وإن كان ذلك المجتهد جاهلاً بالحكم الواقعي إلاّ أنّه عالم بموارد قيام الحجّة الشرعية على الأحكام ، فيكون من رجوع الجاهل إلى العالم (٢).
فإنّك قد عرفت أنّ رجوعه إليه في موارد الأمارات بل والأُصول التنزيلية إنّما هو رجوع إليه باعتبار إخباره عن الحكم الواقعي الذي أحرزه بذلك ، فإنّه يكون عالماً تنزيلاً بالحكم الواقعي بواسطة قيام الحجّة الشرعية عليه عنده ، لا من باب أنّه عالم بموارد الطرق والأمارات ، إذ همّ العامي إنّما هو السؤال عن الحكم الواقعي ، لا السؤال عمّا قامت عليه الأمارة والطرق.
ثمّ إنّه قدسسره لم يتعرّض لموارد الأُصول الشرعية ، بل انتقل من الكلام على الطرق والأمارات إلى الأُصول العقلية (٣) ، ولعلّ هذا مأخوذ ممّا أفاده في هذا المقام من جعل القسمة هنا ثنائية مردّدة بين القطع بالحكم الفعلي الشرعي الأعمّ من الواقعي والظاهري وعدم حصول القطع بذلك ، وأنّ المرجع على الثاني هو ما يستقلّ به العقل (٤) ، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على ذلك.
__________________
(١) راجع ما حرّره عن شيخه قدسسرهما في المجلّد الثاني عشر من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٧٠ وما بعدها.
(٢) كفاية الأُصول : ٤٦٥.
(٣) كفاية الأُصول : ٤٦٦.
(٤) كفاية الأُصول : ٢٥٧.