وكيف كان ، فإنّه قدسسره قد أفاد في مبحث الاجتهاد والتقليد أنّ المقلّد إنّما يرجع إلى المجتهد في فقد الأمارة ، فكأنّه يقلّده في ذلك لا في الحكم الشرعي أو العقلي (١) وقد عرفت أنّ رجوع المقلّد إليه في جميع موارد الشبهات الحكمية إنّما هو من باب الفحص عن الحجّة على التكليف ، وهي فتوى ذلك المجتهد ، فإذا فرضنا أنّ ذلك المجتهد لم تقم عنده الحجّة على إحراز التكليف ، كان ذلك العامي ممّن لم تقم عنده الحجّة على ذلك التكليف ، وحينئذ يكون شكّ ذلك العامي مصداقاً لما هو موضوع الأُصول الشرعية على التفصيل الذي حرّرناه ، من دون حاجة إلى الالتزام بأنّ العامي يكون مقلّداً للمجتهد في عدم قيام الأمارة على التكليف. على أنّك قد عرفت أنّه يمكنه أن يقلّده باخباره عن عدم ثبوت التكليف.
وما أفاده بعض سادة مشايخي قدسسرهم فيما حرّرته عنه من أنّه لا دليل على صحّة تقليده في ذلك ، يمكن الجواب عنه بالاستناد إلى إطلاقات التقليد أو مطلق لزوم رجوع الجاهل إلى العالم ، إذ يصدق على ذلك المجتهد أنّه عالم بأنّ ذلك التكليف غير ثابت ، وأنّه لم تقم عليه حجّة شرعية.
وأمّا ما أفاده قدسسره بقوله : وأمّا تعيين ما هو حكم العقل ، وأنّه مع عدمها هو البراءة أو الاحتياط ، فهو إنّما يرجع إليه الخ (٢) فقد [ تقدّم ] تفصيل الحال فيه فيما شرحناه في المقام الرابع (٣) ، فراجع وتأمّل.
وينبغي أن يعلم أنّ هذا الذي نقلناه عن الكفاية إنّما هو فيما فرضه من
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٦٦.
(٢) كفاية الأُصول : ٤٦٦.
(٣) في الصفحة : ٧.