الخلاف غير قابلة للجعل الشرعي إلاّباعتبار التنزيل وترتيب الأثر ، وهو قدسسره لا يقول به ، لأنّ مرجع ذلك إلى تنزيل الأمارة منزلة العلم الوجداني ، وهو قدسسره لا يرى مفاد دليل الاعتبار إلاّجعل الاحراز والحجّية ، دون غيره ممّا يرجع إلى التنزيل وجعل الآثار.
وبالجملة : أنّ نفس الأمارة لا تخلو في حدّ ذاتها عن الاحراز الوجداني ومن الواضح أنّ ذلك المقدار من الاحراز وجداني غير قابل للتعبّد الشرعي ، وترقية ذلك الاحراز إلى مرتبة العلم المنفي فيه احتمال الخلاف غير قابل للجعل الشرعي ، لأنّه من الأُمور الواقعية غير القابلة للجعل الشرعي إلاّبالتنزيل الراجع إلى الحكم بترتيب الأثر ، الذي أقل ما يرد عليه هو عدم إمكان الجمع على ما تقدّم تفصيله في الوجوه المتقدّمة (١) المحتملة في مفاد دليل اعتبار الأمارة ، فمن أين لنا الحكم بالحكومة الظاهرية على أدلّة الأحكام الشرعية اللاحقة للقطع الموضوعي سواء كان تمام الموضوع أو جزأه.
ومن ذلك يظهر التأمّل فيما أفاده في التحريرات المطبوعة في صيدا بقوله : والحاصل أنّ تحقّق الواقع بعد قيام البيّنة مثلاً إنّما هو من جهة إعطاء الشارع صفة المحرزية والكاشفية للبيّنة ، التي هي ليست بمحرزة تامّة للواقع ، فصفة المحرزية إنّما هي المجعولة أوّلاً وبالذات ، وكون الواقع محرزاً إنّما هو بتبعها ، فقيامها بعد اتّصافها بهذه الصفة المجعولة مقام القطع الوجداني في كونه جزءاً للموضوع أولى من قيام المؤدّى منزلة الواقع الخ (٢).
فإنّ ذلك كلّه مبني على جعل الاحراز التامّ للأمارة ، وقد عرفت أنّه غير قابل
__________________
(١) في الصفحة : ٦٧ وما بعدها.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٢٨.