المعلوم ، كان ذلك موجباً لقيامها مقام العلم المأخوذ بنحو تمام الموضوع لا جزءاً له ، هذا كلّه لو حملت الجملة المذكورة على المعنى الثاني.
أمّا حملها على المعنى الأوّل فهو في غاية البعد ، لأنّ الظاهر من أخذ العنوان في موضوع الحكم هو مدخليته في ذلك الحكم.
وكيف كان ، فلا يمكن أن يقال : إنّ هذه الجملة شاملة لكلا المعنيين ، لما عرفت من أنّ لازمه الجمع بين لحاظ الآلية والاستقلالية ، ومرادنا من الآلية في هذا المقام هو أخذ عنوان المعلومية معرّفاً لذات الموضوع ، ومن الاستقلالية هو أخذه دخيلاً في الموضوع ، ومن الواضح أنّ ذلك لا دخل له بلحاظ الآلية والاستقلالية بلحاظ العلم طريقاً ولحاظه موضوعاً ، لما عرفت من كون لحاظه طريقياً على التقديرين ، بل لا دخل له بما تقدّم ذكره في الوجه الثاني (١) من لحاظه كناية عن متعلّقه ولحاظه في نفسه ، فلاحظ وتأمّل.
وبالجملة : أنّ أخذ العلم كناية عن الواقع كما في الوجه الثاني ، أو أخذ المعلوم صفة معرّفة لما هو الموضوع كما في هذا الوجه الرابع ، لا دخل له بأخذ العلم آلة أعني لحاظه آلياً ، فإنّ ذلك ـ أعني كون العلم آلة لمتعلّقه ـ لا يكون إلاّمن نفس العالم في مرتبة طروّ العلم عليه ، فإنّ العلم في تلك المرتبة يكون وجوده آلة للنظر إلى متعلّقه ، لا أنّه يكون ملحوظاً آلة ، فإنّه في تلك المرتبة ـ أعني مرتبة عروضه على العالم ـ لا يكون ملحوظاً أصلاً حتّى باللحاظ الآلي ، بل أقصى ما في البين هو أنّ وجوده آلة للحاظ ورؤية متعلّقه. وأمّا كيفية لحاظ الحاكم لذلك العلم فتارةً يلاحظه بنفسه ونعبّر عنه بالصفتية ، وأُخرى يلاحظه باعتبار كونه عند عروضه للعالم يكون آلة للنظر إلى متعلّقه ، ونعبّر عنه بلحاظ العلم من حيث
__________________
(١) في الصفحة : ٦٨ ـ ٦٩.