الكشف والطريقية ، وفي هذه الصورة تارة يأخذه الحاكم موضوعاً أو جزء الموضوع كما لو قال : الخمر المعلوم الخمرية حكمه النجاسة ، وأُخرى يأخذه طريقاً صرفاً كما لو قال : إذا علمت بخمرية المايع حرم عليك شربه ، مع فرض كون الحرمة لاحقة لنفس الخمر من دون دخل فيها للعلم به ، وفي كلا الحالتين لم يأخذه الحاكم إلاّبلحاظ طريقيته وكشفه الذي نعبّر عنه بلحاظ كونه آلة في الخارج يكون وصلة للنظر إلى متعلّقه ، وإنّما لم يمكن الجمع بينهما في مثل نزّل الأمارة منزلة العلم ، أو نزّل مؤدّاها منزلة المعلوم ، لأنّ الأوّل ـ أعني نزّل الأمارة منزلة العلم ـ لو كان المقصود به كلا الأثرين ، يكون من قبيل الجمع بين المعنى الكنائي والمعنى الحقيقي ، والثاني أعني نزّل مؤدّى الأمارة منزلة المعلوم ، لو كان المقصود به كلا الأثرين ، يكون من قبيل أخذ العنوان الواحد وهو المعلومية دخيلاً في الموضوع وغير دخيل فيه.
وأين هذه الإشكالات من إشكال الجمع بين لحاظ العلم استقلالاً ولحاظه آلة ، فإنّ الجمع بين الأثرين المذكورين في العبارة المذكورة لا يكون موجباً لذلك ، لما عرفت من أنّ العلم لم يلاحظه الحاكم في كلّ من الأثرين إلاّمن حيث الكشف والطريقية ، وأنّ العلم يستحيل أن يكون آلة في لحاظ الحاكم ، وإنّما يكون آلة في وجوده الخارجي للعالم في مرتبة عروضه عليه ، أمّا الحاكم فلا يوجد العلم في ذهنه إلاّمعنى اسمياً أعني مستقلاً. نعم هو يلاحظه من حيث كونه باعتبار وجوده الخارجي آلة (١)
__________________
(١) ويشهد بذلك ما لو قيل : هل تقوم الأمارة مقام القطع الطريقي سواء كان قد أخذ موضوعاً أو لم يؤخذ ، بل يمكن تصوير الجامع بين الصفتي والطريقي بجميع أنواعه ، بأن نقول هل تقوم الأمارة مقام القطع بجميع أنواعه أو لا [ منه قدسسره ].