الجهة الثانية : هل أنّ هذه الجملة ـ أعني قول نزّل الأمارة منزلة العلم ـ يشمل العلم المأخوذ في الموضوع على نحو الصفتية ، أو أنّه لا يشمله؟ الظاهر الثاني ، لتوقّف الشمول على وجود القدر الجامع بين العلم المأخوذ على نحو الصفتية ، والعلم المأخوذ على نحو الطريقية ، وليس ذلك من قبيل الجمع بين اللحاظ الاستقلالي واللحاظ الآلي ، لما عرفت من أنّ أخذ العلم موضوعاً من حيث الطريقية لا يخرجه عن الاستقلالية في اللحاظ ، غايته أنّه لاحظه مستقلاً لكن لا بما أنّه صفة خاصّة ، بل بما أنّه كاشف عن متعلّقه ، فلا يكون اللحاظ في كلّ منهما إلاّ استقلالياً. نعم الملحوظ في الأوّل منهما استقلالي ، والثاني آلي مع كونه ملحوظاً استقلالاً ، فالأوّل منهما نظير قولك : ابتدائي السير من البصرة كان في أوّل الزوال ، والثاني نظير قولك : الابتداء المستفاد من لفظة « من البصرة » معنى حرفي ، فلاحظ وتأمّل ، وسيأتي لذلك مزيد توضيح إن شاء الله تعالى (١) ، وقد مرّت إليه الاشارة (٢) في التأمّل فيما ذكره شيخنا قدسسره من عدم إمكان أخذ العلم الطريقي تمام الموضوع ، فراجع وتأمّل.
وإن شئت فقل : إنّ اللحاظ والملحوظ في كلّ منهما استقلالي ، غير أنّ المحكي في الملحوظ الأوّل هو استقلالي ، والمحكي بالملحوظ الثاني آلي ، أعني به العلم في وجوده الخارجي للعالم ، فتأمّل.
الجهة الثالثة : وهي أنّ هذه الجملة بعد أن خرج عن مفادها القطع الطريقي الصرف والقطع الصفتي ، ولم يبق تحتها إلاّالقطع الموضوعي المأخوذ على نحو الطريقية ، هل تشمل ما يكون القطع فيه جزء الموضوع ، أو تشمله وما
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) في الحاشية المتقدّمة في الصفحة : ٢٠ ـ ٢٢.