يكون تمام الموضوع؟ الظاهر شمولها لهما معاً.
أمّا الثاني فواضح. وأمّا الأوّل ، فلأنّ كونه جزء الموضوع كافٍ في تنزيل الأمارة منزلته وترتيب الأثر المترتّب على المجموع منه ومن الواقع ، على تأمّل في ذلك ، من جهة أنّه عند العلم بالواقع يكون الجزء الأوّل من الموضوع وهو العلم محرزاً بالوجدان ، والجزء الثاني منه وهو الواقع محرزاً بنفس العلم ، ومن الواضح أنّ هذا التنزيل لا يفي إلاّبتنزيل الأمارة منزلة العلم ، فيكون قيامها منزّلاً منزلة الجزء الأوّل من الموضوع ، ويبقى الكلام في الجزء الثاني وهو الواقع.
إلاّ أن يقال : إنّ تنزيل الأمارة منزلة الاحراز العلمي يوجب إحراز الجزء الثاني وهو الواقع. لكن هذا إنّما يتمّ على مسلك شيخنا قدسسره من جعل الاحراز للأمارة ، أمّا على هذا الوجه من أنّ مفاد الحجّية هو تنزيل الأمارة منزلة العلم ، يكون الجزء الثاني بلا محرز له.
إلاّ أن يدّعى أنّ تنزيلها منزلة العلم يستلزم تنزيل مؤدّاها منزلة الواقع ، على العكس ممّا قالوه بناءً على أنّ المجعول هو [ تنزيل ] مؤدّاها منزلة الواقع من أنّه يستلزم تنزيلها منزلة العلم (١) ، فتأمّل.
فقد ظهر لك من ذلك أنّ مفاد دليل اعتبار الأمارة لو كان هو تنزيلها منزلة العلم ، لم يكن مصحّحاً إلاّلقيامها مقام العلم الطريقي المأخوذ في الحكم الشرعي على نحو تمام الموضوع ، خلافاً لما يظهر من الكفاية (٢) من أنّه حينئذ يكون مصحّحاً لقيامها مقام القطع الطريقي. نعم لو لم يكن مفاده التنزيل ، بل كان مفاده مجرّد جعل الحجّية التي هي من مقولة الأحكام الوضعية ، لأمكن القول بأنّه لا
__________________
(١) [ في الأصل : منزلة الواقع ، والصحيح ما أثبتناه ].
(٢) كفاية الأُصول : ٢٦٣ ( الأمر الثالث ).