الحكم الواقعي والظاهري في أوائل حجّية الظنّ (١).
ثمّ إنّه بعد القول بجعل الاحراز في الأمارات والأُصول الاحرازية نقول : إنّ قيامها مقام القطع الموضوعي المأخوذ في الموضوع من حيث الكشف والطريقية لا يتوقّف على كون المؤدّى بنفسه ذا أثر شرعي ، كي يخرج بذلك ما لا يكون له أثر أصلاً مع فرض كون القطع فيه تمام الموضوع عن صلاحية قيام الأمارة والأصل الاحرازي فيه مقام ذلك القطع ، لما سيجيء منه قدسسره (٢) من أنّ مجرّد جعل الحجّية والاحراز يكون كافياً في ترتيب أثر القطع الموضوعي.
نعم يتوجّه هذا الإشكال على القول بأنّ مفاد الحجّية هو تنزيل المؤدّى منزلة الواقع ، إذ يتّجه الإشكال حينئذ بأنّه لو فرض كون الواقع المؤدّى لا أثر له في حدّ نفسه ومع ذلك كان القطع تمام الموضوع ، لم يكن ذلك الواقع قابلاً لجريان دليل الأمارة والأصل فيه ، حتّى لو قلنا بأنّ تنزيل المؤدّى منزلة الواقع يلزمه تنزيل الأمارة والأصل منزلة القطع ، لما عرفت من توقّف جريانهما في المورد على كون الواقع فيه ذا أثر في حدّ نفسه ، وبعد تمامية جريانهما فيه نقول : إنّ تنزيل المؤدّى يلزمه تنزيل الأمارة أو الأصل منزلة القطع ، لأنّ هذه الملازمة المدعاة إنّما تتمّ فيما لو كان الواقع له في حدّ نفسه أثر ولو باعتبار كونه جزء الموضوع ، أو باعتبار كونه في حدّ نفسه موضوع أثر شرعي ثابت له في حدّ نفسه ، مثل حرمة شرب الخمر ،
__________________
٨٧ وما بعدها وهي حاشيته قدسسره في ذلك المبحث على قوله في فوائد الأُصول ٤ : ٤٨٦ : نعم المجعول في باب الأُصول العملية مطلقاً ....
(١) راجع الحاشية الآتية في الصفحة : ٢٩٩ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٢١ ـ ٢٥.