الجهة هل هي قابلة للجعل الشرعي ، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى (١).
أمّا الجهة الثالثة وهي جهة البناء القلبي وعقد القلب فهي غير قابلة للجعل قطعاً ، فإنّها من الأفعال القلبية الاختيارية للقاطع. نعم يمكن التعبّد في هذه المرحلة بالأمر بالبناء وعقد القلب على أحد طرفي الشكّ ، والشارع بعد أمره بذلك البناء وعقد القلب يأخذه مفروض الوجود ، فيكون اللازم على المكلّف الجري العملي على طبق ذلك الاعتقاد والبناء القلبي ، لا من جهة أنّ الأمر به يكون مرجعه إلى الأمر بترتيب الأثر من باب الأمر لذلك الشاكّ بأن ينزّل نفسه منزلة المعتقد ، بل من جهة أنّ الأمر بذلك الاعتقاد يوجب تحقّقه في نظر الشارع ، ومع فرض تحقّقه يلتزم المكلّف قهراً بالجري العملي على طبقه ، فتأمّل فإنّ ذلك في غاية البعد.
والأولى الالتزام في أنّ المجعول في الأُصول الاحرازية هو نفس حجّية اليقين السابق والاحراز بالغاء الشكّ الطارئ ، ويكون الوجه في تقدّم الأمارة عليه ما عرفته من كون موضوعه الشكّ ، والوجه في عدم ترتيب اللوازم عليه بخلاف الأمارة هو إطلاق دليل الأمارة ، بخلاف الأصل الاحرازي فإنّ المنظور في جعل الاحراز فيه هو الجري العملي على طبق المحرز. ولا يخفى بعده.
والأولى أن يقال : المجعول فيه هو الأمر التعبّدي بالغاء احتمال الخلاف ، لكن لازمه هو الحكم بترتيب آثار المتيقّن السابق ، وسيأتي له مزيد توضيح في مباحث الاستصحاب (٢) إن شاء الله تعالى ، وينبغي مراجعة مبحث الجمع بين
__________________
(١) راجع الصفحة : ٨٢ وما بعدها.
(٢) راجع مبحث الأصل المثبت في المجلّد العاشر من هذا الكتاب ، خصوصاً الصفحة :