فلا يكون الحكم الشرعي المستكشف به إلاّطريقياً. نعم قد يؤخذ الظنّ بالضرر أو احتماله موضوعاً في بعض الأحكام ، مثل وجوب الاتمام ولزوم التيمّم ولزوم الافطار ونحو ذلك ، وذلك كلّه أجنبي عن الحكم الشرعي المستكشف بطريق الملازمة من حكم العقل بلزوم الفرار من الضرر.
ومنه يظهر لك أنّه لا وجه لتقدّمه على الاستصحاب. نعم لو قلنا إنّه موضوعي وأنّه بملاك واحد ، كان حاله حال التشريع ، وحينئذ يكون مقدّماً على استصحاب الضرر ، كما يقدّم حرمة التشريع على استصحاب عدم الحجّية ، لكن يكون حاله بالنسبة إلى استصحاب عدم الضرر كحال حرمة التشريع بالنسبة إلى استصحاب الحجّية في كون الاستصحاب مقدّماً عليه ، كما مرّ الكلام في ذلك في أوائل مبحث الظنّ (١).
لكن سيأتي منه قدسسره في الايراد الثالث على الشيخ قدسسره في أوّل ص ٨٢ (٢) أنّ حكم العقل بدفع الضرر المظنون وارد أو حاكم على البراءة والاستصحاب ، سواء كان موضوعياً أو كان طريقياً ، وقد عرفت أنّه لا وجه لحكومته أو وروده على الاستصحاب فيما لو كان طريقياً (٣) ، وكذلك لا وجه لحكومته أو وروده على استصحاب عدم الضرر فيما لو قلنا إنّه موضوعي. والمراد من استصحاب عدم الضرر في المقام هو استصحاب عدم التكليف ، فإنّه يحكم بعدم الضرر ، وهكذا
__________________
(١) في الصفحة : ٣٦٦ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤.
(٣) وينبغي ملاحظة ما أفاده في الجزء الثاني ص ١٦٨ وما علّقناه هناك [ منه قدسسره. راجع فوائد الأُصول ٤ : ٤٥٧ ، وراجع الحاشية على ذلك ، الآتية في المجلّد التاسع من هذا الكتاب الصفحة : ٤٩٢ وما بعدها ].