المتّبع هو الظنّ الحاصل من الشهرة وإن لم يكن من دائرة الأخبار ، وهذا نصّ ما حرّرته عنه قدسسره : ثمّ إنّ الشيخ قدسسره أورد على الاستدلال المذكور ثانياً بأنّ لازمه العمل بالحكم الذي يظنّ بصدوره منهم عليهمالسلام ولو من الشهرة ونحوها ، ولا خصوصية للأخبار في ذلك ، فإنّ المدار على كون الحكم الشرعي قد صدر منهم عليهمالسلام بيانه حيث إنّ الأخبار إنّما وجب العمل بما هو الصادر منها لتضمّنه للحكم الواقعي الصادر منهم عليهمالسلام بيانه ، ولا خصوصية لكون ذلك في الأخبار ، انتهى.
وكيف كان ، فإنّك قد عرفت الإشكال على الشيخ قدسسره بأنّ الشهرة في الأوّل توجب عدم الظنّ بالصدور ، وفي الثاني توجب الظنّ بالصدور ، وأنّ هذا كلّه إنّما نشأ من الالتزام بتبعيض الاحتياط وقد تقدّم أنّه لا موجب له ، وأنّ اللازم هو العمل بجميع الأخبار المثبتة سواء كانت مظنونة الصدور أو مشكوكة الصدور أو موهومة الصدور ، وسواء كان مضمونها مظنون المطابقة أو مشكوكها أو موهومها. مضافاً إلى أنّ هذا لو تمّ فأقصى ما فيه هو لزوم العمل بمظنون الواقع من الأخبار الموجودة وعدم الخروج عن دائرتها ، وذلك مثل مظنون الصدور منها في أنّ العمل عليه مختصّ بالأخبار.
قوله : وأمّا هذا التقريب فهو مبني على وجوب العمل بنفس الأخبار الصادرة من حيث إنّها أخبار لكونها أحكاماً ظاهرية ، فلا تكون سائر الأمارات من أطراف هذا العلم الاجمالي ، لأنّ الأمارات الظنّية التي لم يقم دليل على اعتبارها ليست أحكاماً ظاهرية ، فدائرة العلم الاجمالي يتخصّص بالأخبار ، ونتيجته هي الأخذ بمظنون الصدور عند تعذّر تحصيل العلم التفصيلي بما صدر وعدم وجوب الاحتياط في الجميع ... الخ (١).
تقدّمت الاشارة (٢) إلى أنّه لا موجب لتبيعض الاحتياط والركون إلى مظنون
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٠٥.
(٢) في الحاشية المتقدّمة في الصفحة : ٤٧٠ وما بعدها.