ومن هذا القبيل ما لو استدان من أحد الشخصين ـ زيد أو عمرو ـ درهماً ، ثمّ علم إجمالاً بأنّه بعد ذلك قد استدان من أحدهما غير من استدان منه أوّلاً أو من بكر ، فإنّ مقتضى ما ذكرناه أنّه يلزمه دفع ثلاث دراهم. وكذا لو علم أنّه في السنة الأُولى قد رضع من لبن أحد عمّيه ، ثمّ علم أنّه في السنة الثانية قد رضع من لبن خاله أو لبن الآخر منهما الذي لم يكن قد رضع عنده أوّلاً ، فإنّه كما يجب عليه اجتناب بنات عمّيه نظراً للعلم الاجمالي الأوّل ، فكذلك يلزمه اجتناب بنات خاله نظراً للعلم الاجمالي الثاني. ويظهر أثر ذلك فيما لو علم تفصيلاً من رضع عنده من عمّيه ، فإنّه بناءً على ما ذكرناه من تأثير العلم الثاني يلزمه اجتناب بنات عمّه الآخر وبنات خاله ، للعلم إجمالاً بحرمة إحداهما عليه ، وكذلك لو فقدت بنات أحد عمّيه قبل رضاعه الثاني (١) ، هذا.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ الشرقيات لمّا كان مقتضى العلم الاجمالي الأوّل هو لزوم الاجتناب عنها ، لم يكن فيها أثر للعلم الاجمالي الثاني بتنجّس الطاهر الواقعي منها أو أحد الغربيات ، إذ لا أثر لهذا العلم بالنسبة إلى الشرقيات إلاّ وجوب الاجتناب عقلاً ، والمفروض أنّها قد وجب الاجتناب عنها عقلاً بحكم العلم الاجمالي الأوّل ، ومجرّد تلف أحد الشرقيات قبل حصول المعلوم الثاني لا يوجب ذلك ، كما أنّ حصول العلم التفصيلي بما هو النجس بينها لا يوجب ذلك ، فتأمّل (٢)
__________________
(١) ومثل ذلك ما لو علم بأنّ عليه قضاء إحدى الصلاتين من العشاء أو الصبح ، ثمّ علم إمّا ببطلان ما كان صلاّه أو حدوث آية توجب الصلاة [ منه قدسسره ].
(٢) لو كان لنا في الجانب الشرقي من الدار عشرة أواني ، وكان خمسة أُخرى في الجانب