وحينئذ لا يكون الأمر منتهياً إلى اجتماع الضدّين ، ولا إلى عدم القدرة ، بل يكون عمدة الإشكال هو لزوم اللغوية. نعم بناءً على أنّ ذلك من قبيل العناوين الأوّلية والثانوية يكون اللازم في صورة المماثل هو الالتزام بالتأكّد ، فتأمّل (١).
هذا كلّه مبني على أنّ الحكم الآتي من ناحية القطع في الصورة الثانية غير متأخّر في الرتبة عن الحكم الواقعي للموضوع الذي تعلّق به القطع المذكور وحينئذ يكون مورداً للتأكّد لو كان الحكم الثاني مماثلاً للأوّل ، وللكسر وللانكسار لو كان مضادّاً له ، بخلاف الصورة [ الأُولى ] فإنّ الحكم الثاني الآتي من ناحية القطع لمّا كان متأخّراً في الرتبة عن الحكم الذي تعلّق به القطع المذكور ، لم يمكن الالتزام فيه بالاندكاك والتأكّد فيما لو كان مماثلاً ، ولا بالكسر والانكسار لو كان مضادّاً ، لأنّهما لأجل اختلافهما في الرتبة لا يعقل فيهما الاندكاك والتأكّد ، ولا
__________________
(١) [ وجدنا هنا ورقة منفصلة ذكر قدسسره فيها ما يلي : ] وخلاصة البحث : أنّ العلم المتعلّق بحكم أو بموضوع ذي حكم لا يمكن جعله موضوعاً لحكم آخر مماثل لمتعلّقه أو لحكم متعلّقه ولا مضادّ له ، للزوم اجتماع المثلين أو الضدّين ، واختلاف الرتبة لا يدفع الغائلة. ولو التزمنا بالتأكّد في المثلين كان ذلك تخريجاً على العناوين الثانوية بالنسبة إلى العناوين الأوّلية ليكون قولنا إذا قطعت بحرمة الخمر حرمت عليك ، أو إذا قطعت بأنّ هذا خمر الذي هو حرام واقعاً حرم عليك ، من قبيل حرمة شرب النجس ، وأنّه لو كان مغصوباً كان شربه حراماً. وإذا ألحقنا ما نحن فيه بذلك الباب أعني باب العناوين الأوّلية ، كان اللازم هو الالتزام بالكسر والانكسار في صورة كون الحكم الآخر مضادّاً للحكم الأوّل ، وحينئذ يكون جعل الحكم الأوّل لغواً ، لأنّه لا أثر له عند عدم العلم ، وعند العلم به يتأكّد بالحكم الآخر أو يرتفع بذلك الحكم الآخر. نعم يمكن ذلك في الجهل بالنسبة إلى الحكم الأوّلي المجعول للذات ، بجعل الجهل عنواناً ثانوياً رافعاً لحكم الذات ، ولا يكون موجباً للغوية جعل الحكم الأوّل ، لتحقّقه وترتّب الأثر عليه عند العلم به ، فلاحظ وتأمّل.