كانت النافية ممّا علم إجمالاً بصدور بعضها ، ليكون مورد الاستصحاب المثبت في قبال الخبر النافي من قبيل أحد الأطراف التي قام الدليل في بعضها إجمالاً على انتقاض الحالة السابقة فيه ، مثاله ما لو قلنا باستصحاب نجاسة الماء المتغيّر بعد زوال التغيير ، ووردت رواية تدلّ على طهارته بذلك ، ومثله ما لو تنجّس الماء القليل وأتممناه كرّاً بطاهر ، فيجري استصحاب النجاسة ، ووردت رواية تدلّ على طهارته بذلك كما ادّعي دلالة قوله عليهالسلام : « إذا بلغ الماء قدر كر لم يحمل خبثاً » (١) بأن يكون المنفي هو مطلق الحمل حدوثاً وبقاءً. وبالجملة : يكون ذلك نظير جريان استصحاب النجاسة في أحد الأطراف النجسة التي قامت البيّنة على تطهير بعضها في الجملة. ومثال أصالة الاشتغال في قبال الخبر النافي ما لو قلنا بالاحتياط في موارد الشكّ في الأقل والأكثر الارتباطيين ، ووردت رواية من تلك الروايات تدلّ على عدم وجوب الجزء المشكوك. ومثاله أيضاً ما لو دار الأمر بين الجمعة والظهر في زمان الغيبة ، ووردت رواية تدلّ على عدم وجوب الجمعة في زمان الغيبة.
ثمّ لا يخفى أنّه إذا لم يكن في البين أصل مثبت للتكليف في قبال الخبر النافي ، لا يكون المقام من جواز العمل بالخبر النافي ، بل يكون من قبيل الاعتماد على الأصل النافي في تلك المسألة ، حيث إنّ المورد إذا لم يكن فيه محلّ للأصل المثبت يكون قهراً من موارد الأُصول النافية ، إذ لا أقل من البراءة الشرعية أو العقلية.
والحاصل : أنّه يرد على ما في الكفاية أوّلاً : أنّه لا يتمّ المنع من الاستصحاب المثبت في قبال الخبر النافي إلاّبعد فرض العلم الاجمالي بصدور
__________________
(١) مستدرك الوسائل ١ : ١٩٨ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٦ ( مع إضافة يسيرة ).