حجّية النقل بالمعنى.
أمّا المثال الذي ذكره وكذلك المثال الذي ذكرناه فهما من الأفراد النادرة التي لا عبرة بها ، فلابدّ من إلحاقهما بغيرهما من الغالب الكثير الشائع ، وإجراء الحجّية عليهما بالنسبة إلى المتن المنقول ، والإعراض عن كون الراوي لم يفهم منه شيئاً ، أو أنّه قد فهم منه ما هو خلاف ما فهمناه نحن ، فتأمّل.
ومن جميع ذلك يظهر لك أنّ ما في الكفاية وكذلك فيما حرّرناه عن شيخنا قدسسره في تحرير إشكال الشيخ قدسسره ليس كما ينبغي ، فإنّ عمدة إشكال الشيخ قدسسره هو ما عرفت من جهتي الإنذار في نقل الرواية ، وأنّ الآية الشريفة إنّما هي مسوقة للحجّية من الجهة الأُولى ، أعني جهة إنذاره الراجعة إلى فهمه من الرواية ، دون الجهة الثانية الراجعة إلى النقل المحض. وليس مراد الشيخ قدسسره أنّ الراوي لا إنذار في روايته كي يجاب بأنّه يمكنه الإنذار وحاله حال نقلة الفتوى كما في الكفاية (١) وكما في درر المرحوم الشيخ عبد الكريم (٢) ، أو أنّ إخباره بالرواية الدالّة على الوجوب إنذار كما حرّرناه عن شيخنا قدسسره ، بل إنّ جلّ إشكال الشيخ قدسسره هو ما عرفت من الجهتين في الراوي المنذر ، وأنّ الآية متكفّلة بالحجّية من الجهة الأُولى وهي جهة الرأي ، دون الثانية وهي جهة النقل والحكاية الصرفة.
والذي ينبغي في الجواب عنه هو ما عرفت من أنّ هذه الجهة ـ أعني الجهة الأُولى ـ ليست براجعة إلى الفتوى ، بل هي راجعة إلى نقل المضمون الذي نعبّر عنه بالنقل بالمعنى ، وهي بواسطة سهولة فهم المعاني للمخاطبين من أهل اللسان تكون عبارة أُخرى عن النقل والحكاية ، ولا تخرجه عن حيّز الناقلين إلى منزلة
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٢٩٩.
(٢) درر الفوائد ١ ـ ٢ : ٣٩١.