فتكون حينئذ دالّة على حجّية سائر الإخبارات ، لوجود المناط فيها وهو الحكاية عن الواقع ، انتهى ما حرّرته عنه قدسسره.
والأولى أن يجاب بما أشرنا إليه ، وهو أنّ كلّ الرواة يفهمون معنى ما ينقلونه على وجه يسوغ لهم النقل بالمعنى ونسبته إلى المعصوم عليهالسلام بطريق القول كما حقّقه شيخنا قدسسره في الدلالة التصديقية (١).
ويكون نقلهم اللفظ مساوياً لنقلهم المعنى ، ويكون ما سمعه هو عين ما فهمه بالنسبة إلى غالب الرواة ، بل كلّهم. ولا فرق في ذلك بين أن يقال في مقام إبداء حجّية نقله : اعمل بما نقله وسمعه ، أو أن يقال : اعمل بما أنذرك به ممّا فهمه من لفظ المعصوم ، فإنّ فهم المعنى من اللفظ لأهل اللسان يعدّ من المحسوسات العرفية ، ويكون نقله عن المعصوم عليهالسلام كنقل نفس ما تلفّظ به عليهالسلام ، وحاصله
__________________
(١) والظاهر أنّ النقل عن النبي صلىاللهعليهوآله ومن بعده منهم عليهمالسلام كلّه من قبيل النقل بالمعنى ، كما هي عادة نقلة الفتاوى في زماننا. نعم لمّا جاء دور كتابة الحديث وهو في أواخر [ عصر ] الأئمّة المعصومين ، كان الغالب هو نقل الألفاظ وضبطها بالكتابة ، وقد ذكر الشيخ قدسسره في أثناء الكلام على الطوائف من الأخبار الدالّة على حجّية خبر الواحد أنّ : منها ما ورد في ترخيص النقل بالمعنى [ فرائد الأُصول ١ : ٣٠٨ ] وهذه المسألة ـ أعني مسألة النقل بالمعنى ـ قد تعرّض لها الأُصوليون منّا في ذيول مسألة حجّية خبر الواحد ، وتعرّض لها الرجاليون أيضاً ومنهم المرحوم الحاج الشيخ عبد الله المامقاني قدسسره في مقباس الهداية [ ٣ : ٢٢٧ ـ ٢٣٨ ] وذكر فيها أقوالاً ثمانية ، وذكر تلك الأخبار التي أشار إليها الشيخ قدسسره فراجعه.
وفي التقريرات عن الشيخ قدسسره [ مطارح الأنظار ٢ : ٤٣٣ ] في أوائل مسألة اشتراط الحياة في المفتي ما هذا لفظه : ومن هنا منع من الفتوى بعض من لم يمنع من الرواية معنى ، بل لعلّ النقل بالمعنى ممّا لم يقل بالمنع منه أحد من أصحابنا ، فإنّ المخالف في هذه المسألة أبو بكر الرازي وأتباعه ، فراجعه [ منه قدسسره ].