والمفروض أنّ وجوب التصديق في حقّ الشيخ هو عين وجوب التصديق في حقّ المفيد ، فيكون الحاصل أنّ إجراء هذا الحكم في حقّ المفيد يتوقّف على نفسه.
لكن سيأتي إن شاء الله تعالى (١) ما يظهر منه عدم تمامية الدور المذكور حتّى لو قلنا بوحدة الحكم ، لأنّ جريان الحكم في حقّ المفيد وإن توقّف على كونه مخبراً ، إلاّ أنّ كونه مخبراً لا يتوقّف على جريان الحكم في حقّ الشيخ. نعم إنّ إحراز كونه مخبراً يتوقّف على ذلك لا كونه مخبراً في الواقع. وعلى كلّ حال ، فهاتان الجهتان راجعتان إلى الإشكال في الواسطة بالنسبة إلى من تأخّر عنه ، فلا تجريان في حقّ الشيخ.
الجهة الثالثة : أن نقول إنّ جريان صدّق العادل في حقّ الشيخ يتوقّف على أن يكون ما أخبرنا به الشيخ ذا أثر ، والمفروض أنّ ما أخبرنا به إنّما هو إخبار المفيد ، وأنّ أثره منحصر بهذا الحكم وهو صدّق العادل المفروض كونها في حقّ المفيد هي عين صدّق العادل في حقّ الشيخ ، فيكون جريان صدّق العادل في حقّ الشيخ متوقّفاً على نفسه.
وبتقريب آخر : أنّ جريان صدّق في حقّ الشيخ عبارة أُخرى عن الحكم بوجوب ترتيب الأثر الشرعي المجعول لما أخبرنا به ، فكان أثر ما أخبرنا به الشيخ موضوعاً للحكم في حقّه ، والمفروض أنّ ما أخبرنا به وهو إخبار المفيد لا أثر له إلاّ نفس هذا الحكم وهو صدّق الذي هو بمعنى رتّب الأثر ، وحيث إنّ صدّق في ناحية المفيد هي عين صدّق في ناحية الشيخ ، ينتهي الأمر بالأخرة إلى أنّ موضوع الحكم في حقّ الشيخ وهو الأثر الشرعي يكون عين الحكم ، فكان الحكم عين
__________________
(١) في الصفحة : ٤٣٢.