والثاء.
لكن ينقدح إشكال آخر ، وهو أنّ التثبّت في أمثال هذه المقامات ممّا يعود إلى القتل والنهب لازم وإن أخبر به العادل ، لكن ذلك إشكال على مورد الآية ، وأنّه من قبيل الموضوعات ، بل لو قلنا بحجّية الخبر في الموضوعات لم نقل به في أمثال هذه المقامات من الارتداد وما يلزمه من القتل والغارة والنهب والأسر وغير ذلك.
قوله : فمن الإشكالات التي تختصّ بآية النبأ هو كون المفهوم فيها على تقدير ثبوته معارضاً بعموم التعليل في ذيل الآية ... الخ (١).
هذا الإشكال ذكره الشيخ الطوسي قدسسره في تفسيره التبيان ، فإنّه قال فيه ما هذا لفظه : وفي الآية دلالة على أنّ خبر الواحد لا يوجب العلم ولا العمل ، لأنّ المعنى إن جاءكم فاسق بالخبر الذي لا تأمنون أن يكون كذباً فتوقّفوا فيه ، وهذا التعليل موجود في خبر العدل ، لأنّ العدل على الظاهر يجوز أن يكون كاذباً في خبره ، فالأمان غير حاصل في العمل بخبره.
وفي الناس من استدلّ به على وجوب العمل بخبر الواحد إذا كان راويه عدلاً ، من حيث إنّه أوجب تعالى التوقّف في خبر الفاسق ، فدلّ على أنّ خبر العدل لا يجب التوقّف فيه. وهذا الذي ذكروه غير صحيح ، لأنّه استدلال بدليل الخطاب ، ودليل الخطاب ليس بدليل عند جمهور العلماء ، ولو كان صحيحاً فليست الآية بأن يستدلّ بدليلها على وجوب العمل بخبر الواحد إذا كان عدلاً بأولى من أن يستدلّ بتعليلها في دفع الأمان من أن يصاب بجهالة إذا عمل بها على أنّ خبر العدل مثله على أنّه لا يجب العمل بخبر الواحد وإن كان راويه عدلاً.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ١٧٠.