لزوم الدعاء وعدم وجوبه بقول مطلق ، على وجه يستغني المكلّف عن إجراء أصالة البراءة فيه ، بل أقصى ما يترتّب على الخبر المذكور هو عدم ثبوت وجوب الدعاء ، وهذا المقدار حاصل في الاستصحاب القائم على عدم حجّية الشهرة.
والحاصل : أنّ الثابت بالخبر المذكور بواسطة دلالته على عدم حجّية الشهرة هو عدم لزوم الدعاء الآتي من ناحية الشهرة ، وبعبارة أُخرى : الثابت بالخبر المذكور بواسطة دلالته على عدم حجّية الشهرة هو مجرّد عدم ثبوت الوجوب ، وهو حاصل بالاستصحاب ، لا ثبوت عدم الوجوب كي يقال إنّ الاستصحاب لا يحصّله ، فتأمّل.
وبالجملة : أنّ عدم ثبوت الوجوب من الآثار الوجدانية اللاحق لعدم العلم بالحجّية ، سواء كان من مجرّد الشكّ أو كان من العلم بالعدم ، فيكون حاله حال بقيّة الآثار ، أعني عدم صحّة النسبة وعدم صحّة الاستناد.
ثمّ إنّه قدسسره في الدورة الأخيرة تعرّض لكيفية توقّف الحجّية على العلم بها وإشكال الدور في ذلك ، لأنّ الحجّية وهي الوسطية في الاثبات تتوقّف على العلم بها ، والعلم بها يتوقّف عليها ، ضرورة توقّف العلم على المعلوم.
وأجاب : بأنّ الموقوف على العلم بالحجّية هو الحجّية الحقيقية ، أعني الوسطية في الاثبات ، والذي يتوقّف عليه العلم ليس هو الحجّية الحقيقية ، بل هو الحجّية الانشائية ، ومن الواضح أنّ الحجّية الانشائية لا تتوقّف على العلم بها ، فيكون الحاصل أنّ الذي يحصل العلم بعدمه عند الشكّ في الحجّية هو الحجّية الحقيقية أعني الوسطية في الاثبات ، والمشكوك إنّما هو الحجّية الانشائية. ونظّر المسألة بمسألة الايجاب والقبول في باب البيع ، فإنّ حقيقة البيع وإن توقّفت على القبول ، إلاّ أنّ القبول لا يتوقّف على البيع الحقيقي التامّ ، بل على البيع الانشائي