السيرة العقلائية على الأخذ بالظهور مثلاً ، من دون حاجة إلى إثبات الرضا والامضاء. فالأولى أن يقال : إنّ الحجّية الامضائية خارجة عن محلّ الكلام ، فإنّ جريان السيرة مع عدم الردع مخرج للأمارة عن كونها مشكوكة الحجّية ، ويكون ذلك ـ أعني السيرة المقرونة بعدم الردع ـ من أدلّة حجّية ما قامت السيرة العقلائية على حجّيته.
وفيه تأمّل واضح ، فإنّ السيرة محتاجة إلى الامضاء ، فراجع ما حرّرنا في حاشية ص ٦٩ (١) وتأمّل.
قوله : والحجّية وإن كانت من الأحكام الوضعية ـ إلى قوله ـ والآثار المترتّبة عليها ، منها : ما يترتّب عليها بوجودها العلمي ، ككونها منجّزة للواقع عند الاصابة وعذراً عند المخالفة. ومنها ما يترتّب على نفس الشكّ في حجّيتها ، كحرمة التعبّد بها وعدم جواز إسناد مؤدّاها إلى الشارع ... الخ (٢).
إدراج حرمة التعبّد في هذه الآثار لا يخلو من خدشة ، لإمكان القول بأنّ جواز العمل أو وجوبه وحرمته من الآثار التابعة للحجّية بوجودها الواقعي. لكن الأمر سهل ، لأنّ المراد من حرمة التعبّد هو حرمة الأخذ بمودّاها على أنّه هو الواقع فيكون عبارة أُخرى عن حرمة الاسناد الذي هو التشريع ، وحاصل المراد هو أنّ المنجّزية وصحّة الاسناد لا تتبع الحجّية بوجودها الواقعي ، وإنّما هي تابعة للعلم بالحجّية ، وإذا انتفى العلم بالحجّية فقد حصل القطع بانتفاء موضوع هذه الآثار ويلزمه القطع بعدم ترتّب تلك الآثار ، وحينئذ فلا يكون الركون إلى استصحاب
__________________
(١) وهي عدّة حواشٍ ، فراجع الحاشية الآتية في الصفحة : ٤٥٤ وما بعدها ، وكذا الحاشية الآتية في الصفحة : ٤٦٦ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ١٢٩.