العبد وامتثال ما علم أنّ مولاه قد أمر به ، مع أنّ وجوب الاطاعة حكم عقلي لا شرعي.
وعلى هذا فيكون الحاصل من مجموع كلامه قدسسره في ذلك المقام أنّه بصدد بيان أنّ القطع الموضوعي يمكن أن يكون مطلقاً ، ويمكن أن يكون مقيّداً بسبب خاصّ ، والحكم في كلّ منهما تارةً يكون حكماً شرعياً ، وأُخرى يكون حكماً عقلياً ، فتكون الصور أربعاً.
وقد مثّل لكلّ واحدة منها بمثال ، فمثال الصورة التي يكون الحكم فيها عقلياً ويكون القطع الموضوعي مطلقاً ، هو ما ذكره من حكم العقل بحسن امتثال ما قطع العبد أنّه أمره به المولى وبقبح عصيانه.
ومثال الصورة التي يكون الحكم فيها شرعياً مع كون القطع الموضوعي مطلقاً ، هو ما ذكره من مثال العلم بالخمرية بالنسبة إلى الحكم الشرعي بالنجاسة على رأي بعضهم.
ومثال الصورة التي يكون الحكم فيها عقلياً ، مع كون القطع الموضوعي مقيّداً بسبب خاصّ ، هو ما ذكره من جواز العمل بالقطع في الشرعيات ، بناء على ما ذهب إليه بعض الأخباريين من اختصاص القطع المذكور بما إذا كان ناشئاً من الكتاب أو السنّة ، فإنّ الجواز المذكور حكم عقلي ، وموضوعه هو القطع المقيّد بكونه حاصلاً من الكتاب والسنّة ، فيكون مراده بالحكم في قوله : وقد يدلّ دليل الحكم على ثبوته لشيء بشرط حصول القطع به الخ ، هو نفس جواز العمل بالقطع المتعلّق بالشرعيات لا الشرعيات نفسها ، والمراد بالشيء في قوله : على ثبوته لشيء ، هو أحد الأُمور الشرعية ، والضمير في قوله : بشرط حصول القطع به ، راجع إلى الشيء لا إلى الحكم.