الأوّل ، فليس مبناه عدم انطباق التشريع على العمل ، بل مبناه هو التفصيل بين كون التشريع في ترك شيء والتشريع في فعله ، بدعوى عدم سراية الترك إلى العمل بخلاف الفعل ، فتأمّل انتهى.
قلت : وقوله أو بالأمر بالعمل على طبق ما شرّعه ، إشارة إلى الفتوى على طبق ما شرّعه.
وبالجملة : أنّ للتشريع مراتب :
الأُولى : مرتبة الاعتقاد القلبي ، وهذه لا أثر لها ، على إشكال في ذلك ، لأنّها فعل قلبي اختياري قابل للتحريم الشرعي ، فلا ينبغي الإشكال في حرمتها.
الثانية : مرتبة الحكاية والنسبة إليه تعالى ، وهذه هي الفتوى بعينها ، ولا إشكال في حرمتها ، إذ لا أقل من كونها كذباً عليه تعالى.
الثالثة : مرتبة الأمر بالعمل على طبقها ، وهي من مقولة الحكم ، كما في قول عمر : وأنا محرّمهما (١) ، ولا إشكال في حرمتها لكونها حكماً بغير علم.
الرابعة (٢) : هي مرتبة عمل الشخص نفسه على طبق ما شرّعه. ولعلّ الثالثة راجعة إلى هذه المرتبة الرابعة (٣) ، لأنّ إنشاء الحكم على طبق ما شرّعه من مقولة عمل الشخص نفسه.
وينبغي مراجعة ما علّقناه على ما أفاده قدسسره في باب النهي عن العبادة في
__________________
(١) راجع كنز العمّال ١٦ : ٥١٩ / ٤٥٧١٥ ، ٤٥٧٢٢ ، وفيه : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله أنهى عنهما وأُعاقب عليهما ، متعة النساء ومتعة الحجّ. وراجع أيضاً التفسير الكبير ١٠ : ٥٠.
(٢) [ في الأصل : الثالثة ، وهو من سهو القلم ].
(٣) [ في الأصل : ولعلّ الثانية راجعة إلى هذه المرتبة الثالثة ، والصحيح ما أثبتناه ].