ومن ذلك يظهر أنّ الأصل غير الاحرازي الذي يكون مفاده الترخيص في مخالفة التكليف الواقعي كبرى لا صغرى لها.
وأمّا ما أفاد شيخنا المحقّق الأُستاذ العراقي قدسسره في وجه الجمع بين الحكم في الأُصول النافية والحكم الواقعي ، بأنّ المكلّف به بالتكليف الواقعي ربما كان على وجه لا يرضى المولى بتركه مطلقاً ، بحيث كانت جميع أنحاء عدمه مبغوضة له ، وأُخرى يكون بعض أنحاء عدمه غير مبغوض له ، كالعدم المستند إلى الجهل والشكّ فيه. وعلى الأوّل يلزمه الجعل في مورد الشكّ ، وعلى الثاني يكون الترخيص في تركه غير منافٍ للحكم الواقعي. وقد أطال الكلام في هذا التوجيه ، وقد حرّرته عنه فيما كتبته عن درسه تحريراً مفصّلاً.
وفيه : ما لا يخفى ، فإنّ مرجع الأوّل إلى الجواب بالاختلاف بحسب الرتبة ، وقد تعرّضنا لذلك في بعض مباحث القطع (١). كما أنّ الأُستاذ الأعظم قدسسره أشار إلى جوابه في طي كلماته الشريفة بما حرّرناه عنه قدسسره.
أمّا الثاني فإن كان راجعاً إلى ما عرفت من الاختلاف بحسب الرتبة ، فقد عرفت الجواب عنه ، وإن كان ـ كما هو ظاهر كلامه ـ راجعاً إلى تسويغ عدم الاتيان بالمكلّف به إذا كان عدمه مستنداً إلى الجهل به والشكّ فيه ، ففيه : أنّ هذا عين الالتزام باختصاص التكليف الواقعي بمن لم يكن جاهلاً به ، وهو خلاف أدلّة الاشتراك ، فيعود محذور التصويب ، ولازمه القول بالاجزاء فيما لو شكّ في جزئية شيء وتركه استناداً إلى البراءة ، لأنّ مرجع ذلك الترخيص إلى أنّ المولى يرضى بعدم ذلك الجزء في حال الشكّ فيه ، ويكون لازم ذلك هو عدم كونه جزءاً في ذلك الحال ، ويكون مقتضاه عدم الاعادة لو انكشف الخلاف كما لو
__________________
(١) راجع الحاشية المتقدّمة في الصفحة : ٤٠ وما بعدها.