على هذه الحكومة الواقعية وبيان عدم تماميتها وعدم إمكان الالتزام بلوازمها.
المسلك الثاني : هو ما قد يدّعى تفسير عبارة الكفاية به في مبحث الاجزاء ، ولا يبعد أن يكون هو مسلك شيخنا قدسسره أيضاً ، ومحصّله التنزيل وأنّ الشارع بقوله : المشكوك طاهر ، قد نزّل ما هو مشكوك الطهارة منزلة الطاهر الواقعي في ترتيب آثاره عليه ، فيكون حاله حال قوله : « الطواف بالبيت صلاة » (١) ومقتضاه الحكومة الواقعية ، لكن لمّا كان هذا التنزيل منوطاً بالشكّ وعدم العلم ، كانت حكومته على أدلّة الشروط حكومة ظاهرية ، فلا يكون مفاده إلاّالتوسعة الظاهرية لأدلّة الشرط لا التوسعة الواقعية كما في قوله : « الطواف بالبيت صلاة ».
ولا يخلو عن تأمّل ، لأنّ التنزيل بعد أن فرضناه راجعاً إلى الحكم بترتيب الأثر ، يكون مرجعه إلى الحكم بجواز الوضوء بالماء المشكوك جوازاً واقعياً ، وكون موضوعه الشكّ والجهل لا يوجب كونه ظاهرياً ، وأقصى ما فيه أنّه يكون هذا الجواز بلحاظ العنوان الثانوي.
نعم ، لو كان مفاد قاعدة الطهارة هو إحراز الطهارة الواقعية كالاستصحاب أو كالأمارة القائمة على الطهارة ، لصحّ لنا أن نقول إنّ الحكومة ظاهرية ، وإن كان التحقيق أنّه لا يصحّ ذلك حقيقة حتّى في الأمارة واستصحاب الطهارة ، إذ لا حكومة في البين لا ظاهرية ولا واقعية ، وإنّما أقصى ما في البين هو كون المكلّف محرزاً لما هو الشرط الواقعي بواسطة قيام الحجّة عليه التي هي حجّة إحرازية ، فلا يكون حاله من هذه الجهة إلاّحال القاطع بالطهارة في أنّه محرز لها ، إذ المفروض أنّ جعل الحجّية للأمارة وللأصل الاحرازي لا تعرض له لأدلّة الأحكام الأوّلية لا واقعاً ولا ظاهراً ، وإنّما أقصى ما فيه أنّ من قامت عنده الأمارة أو الأصل
__________________
(١) مستدرك الوسائل ٩ : ٤١٠ / أبواب الطواف ب ٣٨ ح ٢.