إلاّ صورة الحكم الثانوي لفرض عدم تحقّق الحكم الواقعي الذي يكون الحكم الثانوي متمّماً له وطريقاً إليه.
وهاتان الجهتان أعني كون المجعول الثانوي بمنزلة الطريق إلى المجعول الأوّلي وكونه متمّماً له ، هما الفارقتان بين ما نحن فيه وبين ما لو كان الغرض من قبيل الملاكات كاختلاط المياه بالنسبة إلى العدّة ، وبهما يرتفع التنافي بين الحكم الواقعي وبين هذا الأمر الثانوي ، الذي هو بمنزلة الطريق إليه المتمّم لجعله في كونه موجباً لحفظ متعلّقه في حال الجهل به ، هذا كلّه فيما لو كان المجعول الثانوي من قبيل إيجاب الاحتياط أو أصالة التحريم.
ومنه يتّضح الحال فيما لو كان المجعول الثانوي هو الترخيص كما في البراءة الشرعية أو أصالة الحل ، فإنّ الغرض منهما هو المحافظة على الترخيص الواقعي في مورده ، فتكون بمنزلة الطريق إليه ، وهي متمّمة لجعله الواقعي ، فإن كان الحكم الواقعي هو الترخيص والإباحة اتّحد هذا الترخيص الثانوي معه ، وإن لم يكن الحكم الواقعي هو الترخيص لم يكن إلاّصورة الترخيص الثانوي ، وكان العقل حاكماً بالمعذورية عن مخالفة ذلك التكليف الواقعي ، لكونه مجهولاً غير واصل إلى المكلّف ، انتهى.
قلت : فكأنّ هذه الأُصول بمنزلة أصالة الاحتياط في كونها لحفظ الحكم الواقعي ، غير أنّ الاحتياط احتياط في الحكم الواقعي الالزامي. وهذه الأُصول احتياط في الحكم الواقعي الترخيصي ، فكأنّ الشارع يحبّ أن يجري حكم رخصه الواقعية على ما هي عليه واقعاً في مقام الشكّ فيها ( ولعلّ في مثل « كلّ شيء لك حلال » أو « لك طاهر » إيماءً إلى ذلك ) غير مبالٍ بمصادفة الحكم الواقعي الالزامي ، فهذا الترخيص إن صادف الواقع فهو ، وإلاّ بأن كان الحكم